إن قتل القنصل… إعدموه

التقينا على فنجان من القهوة في بلاد بعيدة في الغربة، وصرنا نقلّب صفحات الماضي، كعادتنا في تلك البلدان، ربما من باب التملص أو رفع العتب عن الذات، لاننا لا نستطيع جلدها بشكل دائم، وربما من باب الشعور أن وراءنا ماض نعتز به، وربما نوعاً من الهروب للأمام بأننا كان لنا ماضٍ، وكنا ذات يوم مناضلين وكان لنا شأن…

لا أريد أن أقحم نفسي في الموضوع بهذا الشكل المباشر الفج، فأنا لم أكن مثل صديقي “كامل”، فهو من كان السجن بيته وليس أنا، وهو الذي كان يأكل “العصي” كما يقولون، ومثلي لم يستطع حتى عدّها، لكن لكل منا دوره في هذه الحياة، وأن تفعل شيئاً مهما كان بسيطاً، أفضل بكثير من أن تقيد يديك وتحملق في سقف الغرفة، وكما ترون أنا الذي أخط شيئاً من كلماته لتعرفونها، فهو يعتبر قصصه هذه لا تعني الشيء الكثير، ولكنني أراها تعني ولو القليل، ولهذا سأخطها كما هي، دون زيادات تجميلية، بل من باب أمانة النقل وليس فلسفته، قال لي:

ـ ربما لا تعرف والدي…لك أن تتخيل رجلاً عاش ما يقارب القرن، لكنه لم يُسئ يوماً لأحدٍ في حياته!!!لم يُغضب أحداً!!! كان يقسو علينا إن أسأنا بقدر حنو أب وعطف أم وحنانها ويزيد، ولا يستطيع فهم إنسان لديه قدرة على أن يُغضب أحداً ويكون قادراً على أن يغلق، في ظلمات الليل، عينيه وينام…

وتابع وهو ينظر في اللاشيء، وكأنه يرى والده أمامه:

ـ إنه إنسان بسيط، بسيط طيب إلى درجة السذاجة في عيون البعض، لكنه رجل حكيم في رأيي أنا، ربما لأنه والدي! وربما لأنني أُصنّف نفسي بسيطاً مثله، فأرى في كلماته حِكَمَاً، لذلك بالنسبة لي فالأمر لا يخضع لنقاش أو جدال…

كان الوقت عصراً عندما التقينا، والمقاهي في هذه البلدان مكتظة بالناس، والغيوم في هذا الوقت من السنة تكون منفلتة سارحة في فضاءات السماء مثل قطيع خراف، وصل لتوه من الصحراء الى حقول خضراء معشوشبة دون نهايات، فانطلق في كل الأماكن متبعثراً في أماكن متجمعاً في أخرى، متحركاً في كل الأماكن والإتجاهات على غير هدى، هدّه التعب لكن الجوع اكثر، فصار يقطع بأسنانه العشب مسرعاً متخوفاً من انتهائه قبل أن يسد جوعه، وكن النساء في المقهى يحتسين كاسات النبيذ أو الجعة وقد نزعن حِمْل الملابس الثقيل من فوق أذرعهن العارية أو نصف العارية، معلنات، دون ضجيج، عن درجات حرارة النهار المرتفعة في ذلك النهار الربيعي، الذي يسير، دون توقف، إلى نهايته الأكيدة، يقابلهن حبيباً أو صديقاً أو زوجاً أو رفيق، تعلو قليلاً أو تهبط ثرثراتهم، و”كامل” وأنا، نشرب القهوة على طاولة منزوية بعيدة في أقصى المقهى، وكلماته تنز من حلقه، ليقذف بها لسانه مباشرة في أذنيّ، وعقلي يسجلها بقلم مخبئ في ثناياه دون أن يراه “كامل” الذي ظل يتابع، عندما رآني أنظر إليه بإهتمام دون أن أقاطعه:

ـ كان المرحوم أبي يظل يحدثني عن “بيت عفّا”، قريتنا المنسية في جنوب فلسطين، مؤكد أنك لم تسمع بها، “تُحيط بها العديد من القرى والمدن الفلسطينية، مثل عراق السويدان وعبدس وبربرة وحمامة وجولس والسوافير والجلدية وبيت داراس، وكرتيا  وعشرات من القرى الأخرى، وكانت على مرمى العصا من المجدل والفالوجة، وأصوات الرصاص تُسمع من بعيد، والثوار يتجمعون ليدفعوا العصابات بعيداً عن أراضيهم، تلك العصابات التي أتت من بعيد بمساعدة الإنجليز، فلجأ الثوار لبيع “ذهبات” نسائهم ليشتروا حفنة رصاص أو بندقية عتيقة ما زال بها بقية حياة، فالناس كانوا مُوَحَدين متضامنين، قلوبهم على قلوب بعض”، قال والدي وأكمل:

ـ هل هناك ما يمكن أن يوحدهم أكثر من الدفاع عن قراهم؟!!!

قال “كامل” وتابع، و”أكمل والدي الحديث متأثراً بما سيقول، وكأن تأثير ما سيقوله يداهمه بشكل مسبق”:

ـ حاولوا اقتحام القرية أكثر من مرة، لكن الرجال يابني لا يُفرطون في شرفهم، وهل هناك شرف يطغى على شرف القرية؟ حتى عندما احتلوها من أيدي الثوار، حررها الرجال من جديد، ولما عادوا لإحتلالها بصعوبة كبيرة في المرة الثانية، حررها الرجال مرة أخرى، دفعوا مقابل ذلك دماً وأسرى ذبحتهم عصاباتهم كالخراف، كان يمكن تلخيص الرجل آنذاك بالجرأة، فمن لم يكن مقداماً مواجهاً شجاعاً لم يكن يُعد من بين صفوف الرجال، ولما عادوا واستقدموا المئات من رجال عصاباتهم وسلاحهم الجديد واحتلوها، حررها رجال مصر هذه المرة، رغم السلاح الفاسد الذي ورّدوه لهم، عندما كان المرحوم عبد الناصر يقود غرفة عملياته ويقاتل في المجدل، مُدركاً أن إحتلال فلسطين مقدمة لإحتلال مصر والعالم العربي كله، وأن فلسطين لم تكن أبداً الهدف الوحيد، بل هي العنوان الذي يُغطي الأهداف الحقيقية المُخبأة في أدراج السياسة، لذلك ظل يقاتل ويرفض الأوامر القادمة من خلف جدران القصور…

وكان والدي يتابع:

ـ كان لنا هناك بضعة دونمات يابني، وصيتكم بها، لا تتركونها في أيدي هؤلاء، عملنا أنا وجدك وشقينا لشرائها، سجلنا بعضها باسم أعمامك الذين كانوا صغاراً حينئذٍ، وسجلنا القليل منها باسمي واسم جدك، لم يكن أحد يفرق بين نفسه وبين أخيه أو عائلته…

ثم استدار بوجهه نحوي وكأن كلمات الملكية هذه لم تكن إلا مقدمة ضرورية لما سيقول:

ـ احفظ ما سأقوله لك…

وصار يُسمي لي المناطق التي اشترى منها، جعلني أسجل أسماء الناس الذي اشترى منهم، رغم أن بعضهم صاروا في “دنيا الحق”، وتابع:

ـ عليكم الرجوع إلى هناك، مهما كانت الصعوبة عليكم الرجوع، أعرف أن الطريق صعب وطويل، لكن “لا يحرث الأرض غير عجولها”، مدوا أياديكم واقتلعوهم من أرضنا، من لا أرض له لن يجد مكاناً لتقف عليه قدميه في هذا العالم، تظل وقفته خاوية ضعيفة معرضة لتطيح بها حفنة من رياح، تشبثوا بها واحضنوا أشجار المكان لئلاّ تنتزعكم العواصف، من لديه جذوراً سابحة في طيات التراب ليس من السهل إنتزاعه، وإن انتزعوه برعمت جذوره من جديد، أعرف انهم لم يُبقوا غير بضع شجرات من الجميز والصبار، وأنهم اقتلعوا البيوت وحدائق المنازل والعمران كله ، وأهالوا التراب في بئر الماء الوحيد بعد أن سمموا مياهه كي لا نعود، معتقدين أنهم مسحوا آثارنا، لكن تلك الشجيرات نحن من زرعها وسقاها وكبرها، هي شهادة لنا، فبصمات أيدينا مازالت على كل غصن ووريقة منها، لذلك يابني وصيتكم بيت عفّا…أتفهم بيت عفّا…لأننا سنبنيها من جديد…

فقلت له:

ـ كنت أعتقد أنك ستقول لي “وصيتك فلسطين يا أبي وليس بيت عفّا…”

لم أره يلبسه الغضب إلى هذه الدرجة، قال:

ـ وهل تكتمل فلسطين دون بيت عفّا ياولد؟ ألم أُعَلِّمك أن من يفرط في بيت عفّا يفرط بفلسطين؟ لا تصدق أحداً مهما علا شأنه يُفرط ببيته مدعياً أنه يريد تحرير فلسطين بدلاً عنه، مَنْ لا خير منه لبيته، لبلدته، لقريته، لمدينته، لا خير يرجى منه لفلسطين، ومن لا خير منه لأهله لا خير منه للآخرين، أفهمت الآن؟!!!…

قبلت رأسه كعلامة إعتذار، وقبل إعتذاري بقلبه الواسع بصعوبة، علّه أراد أن لا أنسى هذا الدرس أبداً، وكما ترى فأنا لم أنسه.

وسكت كامل عن الحديث، فقلت كي لا أظل صامتاً مثل أخرس:

ـ وما الذي ذكرك به الآن؟

قال بتأكيد شديد:

ـ لعلني لم أنسه أبداً ، خاصة عندما أكون محتاجاً لحِكَمه، وأكاد أجزم أنه يحضر هو بذاته ليعلمني درسا جديدا في كل مرة…لكني تذكرت الآن أمراً مما استوجب حضوره من جديد.

ـ ما هو؟

سألت وقد راودني الفضول، فقال:

ـ كنت في التحقيق بعدما أنهيت سنوات دراستي، وكان التحقيق جاداً، كونهم، كما استخلصت، كان لديهم أسباباً تستدعي سجني في عرف دولتهم…

وضحك “كامل” ورسم بشاهديه علامة قوسين، وكأنه أراد أن يخبرني بجملة معترضة وسط كلامه وقال:

ـ لعلني يجب أن أخبرك أن أبي يعرف كلمة “القنصل”، وربما لا يعرف معناها بالضبط، كما لا يعرف عمل أو وظيفة القنصل، لكنه يجزم بينه وبين نفسه أنها الوظيفة الأرفع في التاريخ، ومَنْ يصل إليها يكون قد أتم كل شيء، ويكون قد وصل إلى درجة الكمال، يعني “ختم العلم” كما نقول نحن المثقفون هازئين…

واتسعت ابتسامته التي ظلت متشبثة بشفتيه رافضة النزول، وأكمل:

ـ ولما استعصيت عليهم في التحقيق، واقتنعوا أن الصخرة التي بين يديهم لن تنز ماء أبداً، قرروا أن يلجأوا لوسائل ضغط علي، فأحضروا والدي…

كان “كامل” يسحب أنفاساً من سيجارته وينظر إلى السماء، وكأن والده ينظر الينا من علوّه هناك مناشداً ابنه التمسك بالحقيقة فقط، وتابع:

ـ أجلسه ضابط التحقيق مقابله، وبدأ بإقناعه أن يحدثني ويقنعني بالتجاوب معهم، وقال له:

ـ إن لنا عند ولدك دين ياحاج، وجاء الوقت لسداده، فإنْ أبى التسديد حاكمناه وسجناه، وإن سدد تجده في بيتك قبل أن تصل له، هذا إذا لم تأخذه بيدك وأنت مغادر من هنا…

اقترب أبي بكرسيه من الضابط وسأل، بكل ما فيه من غضب، بإستهزاء:

ـ وهل تأكدتم أن ابني هو مَنْ قتل “القنصل”؟

كان استغراب الضابط كبيراً، فسأل أبي يريد أن يعرف أكثر، واعتقد أن هناك صيد ثمين، مادام الحديث يجري عن عملية قتل، فقال:

ـ القنصل؟! عن أي قنصل تتحدث ياحاج؟

فقال أبي مؤكداً:

ـ القنصل… وكم قنصل في هذه البلد؟

ـ آه أفهم، قل أنت لأتذكر، لا بأس مادمت تريد تسديد دينه…قل…

قال ليجعل والدي يتحدث عن عملية “القتل”، ورن على جرس من تحت مكتبه حتى إذا جاء أحد الجنود طلب كأسين من الشاي، وتابع:

ـ قل كل ما تعرف، وليقدرني الله على عمل الخير لإخراج إبنك من محنته…

استغرب الحاج هذه اللغة الناعمة، لكنه لم يفكر بالأمر كثيراً، فهو رجل بسيط كما تعلم، لكن ذهنه ظل مشدودا لما يريد قوله فقط، فقال:

ـ أنا الذي يعرف؟ أنتم تدّعون المعرفة، وأنا أقول لكم إن كان ابني قد قتل “القنصل” إعدموه…

دخل الجندي بكأسي شاي ووضعهما على الطاولة، وقدم الضابط الشاي بنفسه لأبي، فأرجعها والدي من أمامه للخلف كمن يرجع بكفه فاحشة تتقرب منه، وكان قد تذكر كلماتي، برفض التعاطي مع رجال المخابرات لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بأي شيء آخر، فظل متذكراً المبدأ لكنه نسي الأسباب والمبررات، وقال:

ـ عندي السكر… لا أشرب الشاي… ولا غيره

قال جملته الأخيرة كي لا يعود الضابط ليعزمه على مشروب آخر، وقال الضابط الحانق مفتعلاً الهدوء:

ـ كما أخبرتك ياحاج، عليك مساعدتنا بإسترجاع دَينَنا، أرأيت مديوناً طليقاً دون أن يسدد دينه؟

فقال والدي جازماً:

ـ طبعاً رأيت ، ألم تسرقوا “بيت عفّا” ولم ترجعوها بعد؟

ـ “بيت” مَنْ؟… عفّا؟ وما هذه ال”بيت عفّا”؟!!!

فقال والدي معتقداً أن الضابط  يستهزئ به:

ـ أنسيت بيت عفّا الآن؟ “بطلت” تعرفها؟ قريتي في الثمانية واربعين، أم نسيت هذه أيضاً؟!!!

وضرب صدره بكفه ليأكد أنها قريته، ووقف على قدميه وقال:

ـ هيا أرونيه كي أخبره أن لا ينسى “بيت عفّا” التي سرقتموها ولم ترجعوها بعد، وما دام الأمر يتعلق بالديون لنرى مَنْ لديه عند الآخر ديناً!!! وكيف سيتم تسديده…

فاستدعى الضابط الجندي غاضباً، صارخاً أن يوصلوه مباشرة للباب الخارجي، قائلاً:

” ألم تنسوا بعد كل هذه السنين؟”أخرجوا هذا المجنون برّه…بــــــرّه

وأخرجوه، وهو يسأل:

ـ ننسى؟ أننسى ماذا؟ربما تقصد بيت عفّا؟ ماذا تقول أيها المجنون؟

وأخرجوه ختى باب السجن الخارجي، وبقيت جاهلاً بالأمر ولا أعلم عنه شيئاً حتى خروجي من التحقيق…

وظل ينظر كامل في حقول السماء، الى الغيمات المبعثرة على أطرافه كقطيع خراف متفلّت متبعثر، وقلت له لمّا رأيت ضجيج سكوته يسيطر في المكان:

ـ أتذكر خالد؟

ودون أن أنتظر إجابة، أكملت، حيث أن خالد صديق لكل أفراد العائلة:

ـ صديق عائلتكم، أخبرني ذات يوم أنه كلما رأى والدك كان يرى فيه رجل تلك اللوحة، لوحة سليمان منصور، جمل المحامل، الذي يحمل فيها القدس على ظهره…

لم ينظر نحوي لئلا أرى دمعتي عينيه المترقرقتين، فيخجل او يشعر بالحرج، لكنه قال:

ـ لعله كذلك… رحمه الله…

وظل يتابع بعينيه خراف السماء

محمد النجار

آخر أيام الرئيس…

استلمت على بريدي الإلكتروني هذه الرسالة، لأخذ رأيي الأدبي والسياسي فيها، رغم أن الكاتب لم يُذيِّل رسالته سوى بحرفين بدلاً من الإسم، ويعطيني الحق بنشرها إذا رأيتها تناسب النشر… وجاء في هذه الرسالة: ” عزيزي السيد محمد النجار المحترم، أرسل إليك هذه المسرحية، لعلها تكون مناسبة للنشر، رغم معرفتي المسبقة أنك لم تكتب يوماً مسرحية، ولا أعلمك ناقداً أدبياً، وأن ما تكتب يزخر بالأخطاء الإملائية والقواعدية، لكني رأيت نفسي أرسلها لك، لا تسألني لماذا، لأنك لن تحظى بالإجابة الشافية، كوني أصلاً لا أعرفها، لذا لندخل إلى صلب الموضوع:

بصراحة لا أعرف إن كانت هذه مسرحية فعلاً، أو قصةقصيرة، أو حتى أحلام يقظة، أو هلوسات يائس، ربما عليك أن تحدد ذلك بعد قراءتها… من جانبي أعتبرها مسرحية والباقي لا يهم…

قبل البدء، يجدر الإشارة ألى أن هذه المسرحية هي عمل متخيل فقط، لا يوجد إلا في عقل كاتبه، وليس له أي علاقة بالواقع، لا من قريب ولا بعيد، حيث وكما أعتقد، لا يمكن أن يوجد لها هناك سنداً أو مُسوغاً حقيقيا، لا في الوقائع ولا الأماكن ولا الأحداث ولا الشخوص، حيث، بالعقل وبالمنطق، لا يمكن أن تجد أنذالاً وحقراءاً وأذلّاء، ولا فاقدين للرجولة والوطنية والحياء داخل أي شعب، ولا قيادة بهذا “الخصاء”، بالشكل الوارد أدناه في المسرحية، فما بالك على رأس شعب كشعب فلسطين أو داعميه من شعوب عربية، وعليه، فإن أي تشابه في الأسماء والأماكن أو الأحداث أو الشخوص، ما هو إلّا بمحض الصدفة، الصدفة فقط، وليس مقصود بأي حال من الأحوال، وبالتالي فإن الكاتب أو الناشر أو حتى القارئ، لا يتحملون أي مسؤولية قانونية أو أخلاقية أو مادية، لذا وجب التوضيح…

“مسرحية من فصل واحد

آخر أيام الرئيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس

تُفتح الستارة، ليظهر حقل واسع ممتد، بؤر وكتل رملية متفرقة، متقاربة ومتباعدة، بها ما يشبه آبار البترول، قطعان من الإبل والخراف والماعز وجموع من الخيول، محاطة بطائرات حربية ودبابات وأسلحة ثقيلة، وفي وسط هذه الكتلة توجد منطقة تتركز فيها آلات الحرب، وفيها كتلتين بشريتين مفصولين عن بعضهما البعض، وقطعان من الخراف والماعز والخيول، وفوق كل كتلة منهما يتربع بضعة أشخاص، بعضهم بعمامات فوق الرؤوس وبعضهم ببدلات ورباطات عنق، يأكلون المناسف، وقد “شمروا أياديهم إلى ما فوق الكوع”، ويبدوا أنهم يفضلون اللحم على الأرز، ويأسفون على حبيبات الأرز المتساقطة فوق رؤوس العوام، وكان الناس المركوبين عاجزين عن الحركة على ما يبدو أو خائفين، كي لا يزعجون الراكبين، وفي أحيان كثيرة إذا تحرك شخص ما، يتم لكمه ممن يركبه، وأحياناً يتم وضعه دخل سجن بدون إضاءة ولا طعام ولا ماء، الهدف منه إضعاف الأيادي وإخراس الألسنة، يتم إطفاء الأضواء عن المسرح كله، إلا الجزء الأمامي منه، حيث ينتهي أولئك لابسوا البدلات ورباطات العنق من الأكل، لكنهم لا ينزلون عن أكتاف الناس، ولا عن ظهر القطيع، يتم تكبير المشهد أكثر وأكثر، فتصبح وجوه الأكَّالين واضحة وتختفي صور المركوبين، فيظهر تكتل من شخوص بأسماء مختلفة، لا نستطيع أن نكتب أسماءهم حسب الظهور على خشبة المسرح، لأن ظهورهم يكون دفعة واحدة، فتظهر الشخوص المتخيلة بالأسماء التالية:  الرئيس محمود عباس، كبير المفاوضين صائب عريقات، يحيى رباح، عزام الأحمد، الهباش، جبريل الرجوب، محمد الدحلان، الرئيس عبدالفتاح السيسي بجانب قدمه أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، يطل من شباك في بناية مجاورة،  والملك سلمان أمام قصر خلف الجميع، ونتنياهو وآخرون أقرب ما يكون من عباس ومن معه، في مراقبة للمشهد كله…

يقول الرئيس محمود عباس، بعد أن غسل يديه، وبدأ يمسحهما بمنشفة:

ـ الحمد لله… الفاتحة على روح المرحوم بيريس…

يقرأ المجتمعون الفاتحة، ويضيف عباس:

ـ لا تلقوا بقايا الطعام في سلة المهملات، حرام، أعطوه للكلاب، أغسلوا الأطباق وضعوه أمامها، كما لا تنسونهم من العظم… وزّع “السادة” يا عزام…

يقول صائب عريقات، حينما بدأ عزام بتوزيع القهوة السادة:

ـ حاضر يا سيادة الرئيس، هكذا نفعل دائماً بالفتات والعظام…

الرئيس:                                                                                                                               ـ هكذا تقول في كل مرة، لأكتشف أنك تعطيهم العظام بعد أن “تمصمصها” كاملة وتجردها من الدسم، إترك شيئاً لغيرك يا صائب…”الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته”

يقول صائب مفتعلاً الغضب، وكأنه ضحية أو مظلوم:

ـ حاضر سيدي الرئيس، لكن الأمور ليست كما وصلتك

الهباش متألماً:

ـ ما يقوله سيادة الرئيس صحيحاً، حتى أن بعض الكلاب لم تر العظام منذ شهور، لكنها صابرة من أجل عيون الرئيس… “اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، اللهم زد من حسناته وأقلل من سيئاته، اللهم اجمعنا معه في جناتك…”

يقول الرجوب موضحاً للرئيس ومعقباً على دعوات الهباش:

ـ ربما لولا خدمتنا لصاحب الجلالة الملك سليمان طال عمره، لأصبحنا نحن أيضاً مثل بقية الكلاب الضالة… ، وأنت يا هباش “قل بعد عمر طويل يا أخي… لا يجوز…”

يظهر الإمتعاض على الرئيس، ويأتي صوت الدحلان من مكان بعيد:

ـ نعم صحيح، والرئيس السيسي لم يُقصِّر أيضاً…

يرد يحيى رباح ليشعر الرئيس أنه الأقرب اليه حتى من صائب نفسه:

ـ لا تزيدوا هم الرئيس أكثر، فالرئيس لا يستطيع إطعام كل الكلاب، الضالة وغير الضالة، “يادوب يقوم بنا”، مهامه تتعدى مجرد رعاية بعض الكلاب…

يسكته الرئيس بحركة من يده ويسأل:

ـ ما هي آخر المستجدات يا صائب؟

صائب:

ـ كل شيء كما تريد ياسيادة الرئيس، لكن الأمر لا يخلو من منغصات هنا وهناك، فمثلاً لم يشعر أحد بإهانتك عندما رفض كيري وضع يده في يدك، لكن البعض إلتقط الصورة، وأنزلها على وسائل التواصل الإجتماعي…

الرئيس:

ـ أوقفوا وسائل التواصل الإجتماعي إذن…

عزام الأحمد “مُتأتئاً مُتفتفاً”:

ـ لا نستطيع سيدي الرئيس، لكن من الأفضل أن نقول لمعترضي “فتح” أنك ذهبت لجنازة المرحوم بيريس باسم السلطة وليس بإسم “فتح”، ونقول للبقية بأنك ذهبت باسم “فتح” وليس السلطة… كما كنا نُعمل سابقاً، ونحمل كل شيء على ظهر “المرحومة”منظمة التحرير … قبل أن ندفنها…هه هه هه

الرئيس مبتعداً بوجهه عن الأحمد، كي يبتعد عن بصاقه الخارج مع كلماته:

ـ كم مرة قلت لك أن لا تتحدث في وجي؟ أدر وجهك على الجانب الآخر ياأخي، ماذا بك؟ أمعتقد فعلاً أنك فيلسوف؟ تُعيد هذه الجملة في كل مرة وكأنك إكتشفت الماء، غير وبدل ياأخي، وابتعد بفمك عن وجهي، أنا أسأل لماذا لا نستطيع وقف وسائل التواصل الإجتماعي؟

يقطع الهباش غضب الرئيس ثم يقول:

ـ إنه يتحدث بإرتياح سيدي الرئيس، فكل مناقصات السلطة بين يديه، ماذا يهمه؟

يجيب جبريل مبتسماً على سؤال الرئيس، متخطياً كلمات الهباش:

ـ لأن الأمر بيد إسرائيل، ونحن كما تعلم سلطة بالإسم، يعني أشبه بروابط القرى، يعني كما تعلم سيدي الرئيس، أنك ورغم كونك رئيساً، إلّا أنك وكما يقول المأثور الشعبي “زي الدجاج ـ بلا مؤاخذة ـ لا تستطيع التحكم حتى ببيضاتك”…

الرئيس غاضباً:

ـ “الملافظ سعد يا جبريل، حسِّن ملافظك”..

صوت الدحلان من نفس المكان:

ـ إنه يقصد إهانتك يا سيادة الرئيس…

الرجوب:

ـ أنت تخرس ولا تتدخل بيني وبين الرئيس

الرئيس للمكان الذي أتى منه صوت الدحلان:

ـ كل الناس تحكي أما أنت فاسكت، كلنا نعرف تبعيتك لمن، فاسرائيل من وراءك وأمريكا من جانبك والسيسي وسلمان مغطيين كل حركاتك…

يتنحنح السيسي والملك سلمان كل من مكانهما، فيعتذر الرئيس قائلاً:

ـ والله “بكسر الهاء” أنني لم أقصد إغضابكما، فأنا كما تعلمان بدونكما “لا أساوي ملات أذني نخالة”، فأنا أعرف قدري طال عمركما، و”رحم الله إمرء عرف قدر نفسه”.

صوت الدحلان غاضباً، وكأنه صار بينهم، ويبدو غير راغب بتمرير شيء للرئيس:

ـ وما الفرق بيننا يا سيادة الرئيس؟  كما يقول المثل” لا تعايرني ولا أعايرك، الهم طايلني وطايلك”، فنحن الإثنان محاطان بأمريكا وإسرائيل وبقية من ذكرت، وأنت تقدمت بتصريح وانتظرت ليسمحوا لك بحضور جنازة المرحوم بيريس، لكنهم دعوني ورفضت كي لا أحرجك، كما أنني أكثر منك جرأة، ولدي إستعداد على التوقيع مباشرة على ما يريدون، أما أنت فتريد التأجيل قليلاً…

صوت الملك سلمان ومن خلفه السيسي:

ـ اتركوا الدحلان ويكفي تجاوزات، “الزلمة زلمتنا وزلمة حبايبنا”، واللي ما عملته أنت سيعمله هو”، اتركوه أم نوقف العلف؟

يقول الهباش هامساً في أذن الرئيس:

ـ المسامح كريم يا سيادة الرئيس، والصلح خير… وأنت تعرف محبتي لك وإخلاصي، فقد وضعتك في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل شبهته بك، لكن كيف بربك هذه الفتوى، والله لم تخطر على بال إنس ولا جان، “لو كان النبي محمد موجود لذهب لجنازة بيريس”كيف ياسيادة الرئيس؟ ألا أستحق علاوة مالية على هذه الفتوى؟…

فقال صائب للهباش متخوفاً غيوراً:

ـ ولو كان الدحلان أو أيٍ كان لفعلت الأمر نفسه، فأنت دائماً مع الواقف، ولا تعتقدن أن تملقك يمر على الرئيس، ثم أنك بفتواك هذه مجدت بيريس وليس الرئيس.

فقال الهباش مدافعاً عن نفسه:

الله وحده يعلم ما في القلوب، و”نيال مظلوم وعند الله بريء”، الله يسامحك يا صائب، رغم أنك لم تكن يوماً “صائباً” في شيء

صائب غاضباً من كلمات المفتي:

ـ يسامحني أنا؟ أنا أقوم بكل أوامر الرئيس ومن هم خلف الرئيس أيضاً، أما أنت فتُحمِّل الرئيس “جميلة”على مجرد فتوى واحدة أخذت ثمنها منذ سنين!!! لو كنت مكانك لفتوت كل يوم فتوى لصالح الرئيس، أقلة ما “تهبش” من الرئيس ياهبّاش؟ يا رجل خاف ربك، فأنت تقبض بالدولار!!!

الهباش:

ـ من يسمعك يظنك تعمل متطوعاً!!! أنا لا آخذ أربعين ألف دولاراً في الشهر الواحد مثلك…

صائب:

ـ الله أكبر الله أكبر من عينك الحاسدة، عين الحسود فيها عود، من شر حاسد إذا حسد، وهل هذا المبلغ يكفي؟يعلم الله أنه لا يكفي حتى منتصف الشهر، إسألوا اولاد الرئيس، والله لولا ما أتقاضاه من “مصاريف البروتوكولات” وتجارة الأراضي من تبديل بين b و c مع “الأخوة اليهود”، لما استطعت أن آكل الخبز ، كما أنني أقبل بحكم أبناء الرئيس، إن كان يكفيهم أربعين ألفاً مصاريف شهرية، فإنني سأضع حذاءً في فمي وأخرس…

فهم الرئيس رسالة “صائب”، قال له هامساً:

ـ إخرس الآن ولا تفضحنا أكثر، سأردفك بعشرة آلاف أخرى من هذا الشهر، لكن اسكت الآن..

صائب عريقات مبسوطاً لكنه أكثر طمعاً:

ـ لا تكفي ياسيادة الرئيس، إجعلها عشرين…

يبدأ الرئيس بالغضب، وينظر لصائب الذي “إختصر” وكف عن الحديث بالأمر، يقول الرئيس:

ـ آه يا صائب، أخبرني عن ردات الفعل على مشاركتي جنازة المرحوم…

يجيب صائب:

ـ على الصعيد الدولي جيدة يا سيادة الرئيس، أما على الصعيد العربي فممتازة…

يقترب من أذن الرئيس ويقول:

ـ وصلتك مكافأة على ذلك “مخلاة علف” من تاج رؤوسنا ملوك وأمراء “آل سعود” و”سطل” عظم من مملكات ومشيخات أخرى…

ومن بعيد بانت نيوب الملك سلمان ضاحكاً، وقال الرئيس السيسي غاضباً لأبي الغيط:

ـ ألم نكن نحن أبدى بالعلف والعظم؟!!!

يقول الرئيس سائلاً:

ـ وكيف هي الأمور على الصعيد المحلي؟

صائب مجيباً مبتعداً عن الموضوع:

ـ لا جديد سيادة الرئيس… كما هي دائماً…

الرئيس:

ـ فسّر يا صائب، فصّل…

صائب شارحاً:

ـ قوى اليسار جميعها تشجذب وتستنكر…

الرئيس:

ـ أوقفوا مخصصاتهم المالية فوراً، وأدخلوا قياداتهم التي لا تريد السكوت السجن…

صائب مكملاً:

ـ حاضر سيدي الرئيس، وكل فصائل الإسلام السياسي أيضاً، بإختصار سيدي الرئيس، كل فصائل العمل الوطني تستنكر…

الرئيس مكابراً:

ـ لا يهمني شيئاً ما دامت “فتح” خلفي…

صائب:

ـ حتى فتح ليست كما في الماضي سيدي الرئيس، معظمهم صار لا يريدك… نحن فقط وبعض الآخرين الذين ما زلنا مؤمنين بك وبقيادتك، نحن فقط المخلصون، نحن ســ…

الرئيس مقاطعاً:

ـ أعلفوهم…

صائب:

ـ معظمهم لا يُعلفون سيدي الرئيس، كما أنه لا يوجد علف لكل هذه “الأمة”، فكما يقول المأثور الشعبي:”قالوا عند الغولة عرس، قالوا يدوب يكفيها ويكفي أولادها” ، يعني إذا علفناهم لن يتبقى علف لا لك ولا لنا سيدي الرئيس…

الرئيس متعثراً بصوته مستعملاً يده لتوضيح كلمته:

ـ إذن فالبنادق والهراوات… ما فائدة البنادق إن كنا لا نستعملها، خاصة بنادقنا المصممة خصيصاً للإطلاق للخلف؟

يتدخل الرجوب شارحاً مقاطعا :

ـ هذا هو الصحيح، كيف تكون رئيساً مهيوباً، إن كنت ستسمح للرعاع أن يعترضوا على قراراتك؟!!! أظن أنهم متحالفون مع جماعة “الماري كريسمس” سيدي الرئيس…

الرئيس لصائب، متجاوزاً كلمات الرجوب:

أكمل يا صائب…

يحيى رباح مقاطعاً:

ـ ألم أقل لك سيدي الرئيس “أن ثلثي الشعب الفلسطيني حثالات”؟

صائب مكملاً وغير معلقاً على تصريح يحيى رباح:

ـ هناك بعض الضباط الذين أعلنوا معارضتهم على الملأ سيدي الرئيس…

الرئيس:

ـ إفصلوهم من وظائفهم…

صائب:

ـ فعلنا سيدي الرئيس، وهناك قادة طلابيين أيضا…

الرئيس:

ـ استبدلوهم، فعلاً كلهم حثالات….

صائب:

ـ إستبدلناهم سيدي، لكن خرجت بعض المخيمات أيضاً….

الرئيس:

ـ أخرجوا “السحيجة” مقابلهم إلى الشوارع، ألم تعلموا بعد أن “السحيجة” نصف السلطة؟…

يهمس عزام الأحمد، متلعثماً ومتفتفتاً من بين كلماته مجدداً، للرئيس:

ـ هؤلاء يسحجون لمن “يعلف” أكثر، ومنذ فترة ليست بقصيرة، لم يُقدم لهم  سوى القليل من “العلف” سيدي الرئيس…

الرئيس مبتعداً بوجهه عن فم الأحمد، قائلاً:

ـ الله لا يشبعكم، أكلتم “أعلاف” السحيجة أيضاً؟!!! لا تُوفرون شيئاً، تأكلون الأخضر واليابس؟!!!

يبدأ كرسي الرئيس بالتحرك من تحته، وكأن الناس تريد إسقاطه من على أكتافهم، عندما تبدأ الأصوات تصل إلى أذنيه من الأسفل، حيث لا تُسلط عليهم الأضواء، ولا يعلم الرئيس من أين تتساقط الكلمات في أذنيه:

ـ جردوا جالب العار هذا من فلسطينيته، ضموه لجوقة الصف الطويل الذاهب بقدميه الى مزبلة التاريخ، لكل من فقدوا عروبتهم وصاروا جزءا من سيف الإحتلال…

ـ لقد باع وزمرته الوطن ودمروا القضية، وسلموا رقابنا للإحتلال، ربما لأنهم يعرفونه جيداً لم يقترب منه أحد رغم إغتيالهم لمعظم قادة المنظمة، رغم وجوده في نفس المنطقة في تونس…

قبر “السيد المسيح” يتحرك ويصرخ ألماً، اطردوا “يهوذا الأسخريوطي” الجديد، الذي يريد تسليم رأس “مسيحنا”، من جديد، لأعداء الإنسانية.

ـ أبعدوا هذا “الرجس” عن ظهر الشعب الصابر، أبعدوا هذه “النتانة” عن هذه الأرض الطاهرة.

ـ أبعدوا هذه “العاهرة” التي تريد الرقص طرباً، حاملة رأس يوحنا المعمدان…

يظهر الغضب الحاقد على وجه نتنياهو، والأصوات ما تزال تتعالى منطلقة نحو السماء، فيرى الجمهور نتنياهو، مرة بجانب السيسي الذي يشدد في إغلاق “معبراً” بين يديه، ومرة بجانب الملك سلمان الغاضب، وهو يلوح ب”مخلاة علف” في الهواء، وسط الأصوات القادمة في غير مكان من أوساط العتمة:

ـ هؤلاء لم يكونوا يوماً عرباً، من دمر وطناً ليس بعربي، ومن يحاصر شعباً ليس بعربي، ومن يتعاون مع محتله ضد شعبه ليس بعربي…أكنسوهم الى المزابل…

فقاعات ضوء كأنما نبع ماء ضعيف، يبدأ بالظهور من أوساط الناس المركوبة” منذ سنين، تبدأ الإحتجاجات، الهتافات في غير منطقة وشارع ومدينة ومخيم، في كثير من الأرياف التي أغتصبت أرضها وأشجارها من بيريس ومن تربوا على يديه، وعباس الذي بدأ يشعر أن كرسيه قد بدأ يهتز، وأنه ربما يسقط من على ظهور الناس لتحت أقدامهم، قال مستعيناً بالمرحوم بيريس:

ـ رحمك الله يا بيريس، لا يبقى غير وجه الله والعمل الصالح، ومن أكثر منك أصلاً عمل صالحاً وساعدنا؟!!!

ثم عاد للحديث معاتباً:

ـ ألم تقولوا أنكم “إستحمرتم” الشعب؟ ما هذه الأصوات التي أسمعها إذن؟

الهباش:

ـ هناك من ما زال يرفض “الإستحمار” سيدي الرئيس، لكن لا يهمنك شيء، سأجد لك فتوى جديدة “تُدجنهم” من جديد…

يصرخ الملك سلمان من بعيد:

ـ إهتزاز “كرسيك” يعني إهتزاز عروشنا أيضاً… القطيع يجب أن يظل قطيعاً، ألم أقل لك عليك بثقافة “بول البعير”؟

عليك الآن بالعصا، “العصا لمن عصا”…

الرئيس مقرراً:

ـ إقمعوا رجالهم واغتصبوا نساءهم ليعرفوا ان السلطة خط أحمر، وليعلم القاصي والداني أن الخروج عن “القطيع” يؤدي الى الذبح…

يهتز كرسي الملك سلمان قليلاً وكرسي السيسي أيضاً، وتستنفر قوى الأمن في بلادهما، يقول السيسي لأبي الغيط:

ـ  وهل وضعتك على رأس الجامعة العربية بغير فائدة؟إعمل “حاجة”

يستدعي أبو الغيط الجامعة العربية التي تتداعى بنفس اللحظة لدورة على مستوى القمة، لتنقذ القضية الفلسطينية من “مغامرات” شعبها غير المحسوبة، شعبها الذي يرفض “التدجين”، ويرفض أن يظل “قطيعاً”…

يستدعي عباس حليفه “جيش الدفاع الإسرائيلي”، من خلال لجان التنسيق الأمنية، ويأمر جيشه بتجهيز البنادق، نفس البنادق التي لا تُطلق إلاّ للخلف، فتلك الأصوات خطيرة وتهدد الأمن العام، وتجعل السلطة في مهب “ريح التطرف”.

ومن بعيد، يكون راكبي أكتاف البشر، من أصحاب “العمائم”، ولابسي اللباس الأفغاني هذه المرة، يلحسون أصابعهم من بقايا اللحم العالقة بها، ينظرون الى الرئيس ويضحكون، ويرسلون فروض الطاعة للملك سلمان وبعض جاراته من مشايخ وإمارات، ويتجاذبون أطراف الحديث، عن الطريقة الأمثل ليظل “القطيع قطيعا” في مناطقهم المحاصرة…

تمت

م .ن

”   عزيزي السيد م . ن المحترم:

قرأت ما أسميته أنت مسرحية من فصل واحد، والتي كما تقول أنت لا علاقة لها بالواقع، وأنها من نسج خيالك، وإليك تعليقي:

  • إن مقطوعتك هذه لا علاقه لها لا بالأدب ولا بالشعر ولا  بالزجل ولا بالنظم ولا بالنثر ولا بأي نوع من أنواع الفنون.

  • إنها كالخمر “ملعون كاتبها وناشرها وساردها”، وتودي بصاحبها وقارئها إلى طريق لا يعلم غير الله أين يمكن أن ترمي به، وأنا رجل، طوال حياتي، أمشي بجانب الحائط طالباً السترة من الله وجده.

*وأنا الذي لا أعرفك، وابتليتني بهذه الأمانه لأقرأها وأعلق عليها وأنشرها، حاصداً شرها دون خيرها، حيث لا توجد لها غنائم أو فوائد، لا أريد حتى أن أعرفك ولا أن أقرأك ولا أريدك أن تراسلني بعد الآن، وأنا بريء منك ومن كتاباتك إلى يوم الدين، و”حدّ الله” ما بيني وبينك.

  • وكوني لا أعرف كيف أعيد إليك رسالتك بعد أن أغلقت حسابك الإلكتروني، وعملاً برد الأمانة إلى أصحابها، أنشر لك رسالتك، كما هي دون تعليق ولا حتى إبداء رأي، والساتر هو الله…

محمد النجار

الإسلام الأمريكي وأدواته في المنطقة

لم يكن تفجير الضاحية الجنوبية بالأمس، إلا مجرد هروب للأمام للتغطية على ما يدور في المنطقة كاملة من هزائم للمحور الرجعي العربي ، بقيادة آل سعود، وفي نفس الوقت محاولة يائسة للفتنة والتفتيت للتحالف اللبناني الفلسطيني، ، الأمر الذي يجعل حق العودة في مهب الريح، . وإذا أردنا الدخول في بعض التفاصيل نورد التالي:

* ما يدور على الجبهة السورية من انتصارات متتالية وسريعة في كامل الجبهات، الشمال والوسط والجنوب والقلمون و”الحبل على الجرار”، ما يعني أن الجبهة الرئيسية المستهدفة تخرج من بين أيدي هؤلاء الحثالات والدول الرجعية المتصهينة التي تقف خلفهم بقيادة آل سعود، الأداة الأكثر طاعة للصهاينة والإمبريالية الأمريكية، لذلك نرى كل هذا الإستكلاب الأمريكي وقصفه المتتالي للبنى التحتية السورية وتدمير لمنشآت النفط السورية، الأمر الذي لم يفعله وهي تحت سيطرة داعش والنصرة وأخواتهما، ونفطها يُسرق ويهرب عبر تركيا ويُباع للكيان العبري. والأمر كذلك بالنسبة لقاعدة الإمبريالية المتقدمة في المنطقة. الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من هذه الحرب الكونية على سوريا، والمنطقة عموماً سواء في العراق أو اليمن او مصر والجزائر وليبيا، فدوره في العراق من خلال أعماله الإرهابية الممولة من آل سعود وتقتيله لعلماء العراق، وتهديمه لبنيتة الأساسية (الإنسان العراقي والجيش العراقي) لم  ننساها بعد. وكذلك الحال لحكومة “الإخوان المسلمين” (العثمانية الجديدة)، الذين يريدون قضم الأراضي السورية، والذين يشكلون الذراع المتقدمة لحلف الناتو بعد اسرائيل، وكلهم بقيادة الإمبريالية الأمريكية.

* كذلك الحال في العراق، حيث الحشد الشعبي والجيش العراقي يتقدم ، لكن تقدماً بطيئاً لأنه يصطدم بالعرقلة الأمريكية دائما وأبداً، حيث لم يكتفِ الأمريكي بعدم إعطاء الجيش العراقي الأسلحة التي دفع ثمنها مسبقا، بعد أن فتّت جيشه وأضعفه وجرده من سلاحه، وفرض على العراق دستور بليمر الطائفي، ويرفضون السماح بتغيير الدستور الى دستور حداثي بعيدا عن الطائفية، فإن طائراتهم  أيضاً تقوم بإلقاء الأسلحة لحثالات الأرض من الدواعش والنصرة وخلف خطوطهم، وتعرقل الحشد وتقدمه لتنقذ قادة داعش وتنقلهم الى أماكن أكثر أمنا (كما حصل في تكريت، ليكونوا احتياطاً لهم في مشروعهم التدميري للوطن العربي والذي لم ينهزم بعد)،  وتم بعث المئات منهم في طائرات تركية وقطرية الى الجنوب اليمني ، وكما تم في ما أسموه عملية تحرير الاسرى  الأكراد من سجن عراقي، وكذلك من خلال طائرات الشحن العملاقة التي نقلت السلاح لتلك الحثالات في “تلعفر” في الموصل، وما زالت تعرقل قوات الحشد الشعبي وتحاربه بكل قوة وتحرض عليه طائفياً ومذهبياً وإعلامياً من خلال إعلام آل سعود و الشيخة “موزة” في حارة قطر، التي موّل أولادها وأحفادها حثالات الأرض الدواعش ب 32 الف سيارة تيوتا رباعية الدفع في سوريا فقط ، عدا السلاح والأموال، وما زالت، هذا عدا ملوك الرمال في مملكة آل سعود، والتركي الذي فتح أبواب بلاده لعشرات الآلف من الإرهابيين بأموال سعودية قطرية، وبأوامر أمريكية اسرائيلية.

*كذلك الأمر في اليمن، حيث يتم دك مواقع آل سعود وتحالفهم وكل مرتزقتهم سواء في باب المندب أو تعز أو المدن اليمنية المحتلة من آل سعود، والذي يتوج كل يوم بإحراق عشرات الاليات والجنود، من جنود آل سعود ومرتزقتهم، والغريب الطريف في ذات الوقت فإن الأمريكي وأتباعه لا يريدون أن يروا تمدد داعش والقاعدة في حضرموت وعدن وبقية مدن الجنوب، فأولئك رغم كونهم قاعدة لكنهم ليسوا ارهابيين ولا يجب محاربتهم، لأنهم في المكان الصحيح!!! واليمن الذي يعوم على ما يقارب ال35% من النفط العالمي والمحروم من استثماره بسبب آل سعود وتأثيراتهم المتتالية على حكومات اليمن، حد التبعية المطلقة، كما الحال في المعادن المختلفة والكثير من المواد الخام مطلوب أن يبقى مطية لآل سعود وأسيادهم من الكيان العبري الذي يدك المدن اليمنية بطائراته مع الإمبريالية لأمريكية ، ليبقى اليمن فقيراً هزيلاً تابعاً لا يستطيع التحكم لا بخيراته ولا بموقعه الإستراتيجي.

* والأمر يتكررفي فلسطين، كون القضية الفلسطينية هي المستهدف الرئيس مما جرى ومن كل ما يجري، وكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من كل ما يجري.، لذلك فانطلاق الإنتفاضة الفلسطينية من جديد رغم كل محاولت إيقافها وقمعها وطمس فاشية المحتل في التعامل  معها، ورغم ضغوط الرجعيات العربية المتصهينة على قيادة السلطة، هذه القيادات التي تقود الجامعة العربية المخصية والتي ما قدمته على مدار عمر القضية الفلسطينية كلها في القرن الأخير لم يصل إلى عُشر ما قدمته للحثالات البشرية في سنة واحدة، الأمر الذي يتطلب حرف وابعاد التركيز العربي والدولي عنها مادام ليس مقدور ايقاف فعالياتها. لذلك كله يجب التفجير والقتل ما أمكن في محور المقاومة، المحور الذي يقف ببسالة ضد حثالات الأرض وأسيادهم الصهاينة والأمبريالليين وتوابعهما من رجعيات عربية متهالكة متصهينة، وليكن في المكان الذي لم يستطيعوا تدميره، لبنان، وتحديدا ضاحيته الجنوبية حيث حزب الله، قائد حركة التحرر الوطني العربية بامتياز، والترويج أن من قام بذلك هم فلسطينيون، ليشتبك المخيم مع المقاومة اللبنانية ويصبح حق العودة نفسه مهدداً وبأيدي الثوار أنفسهم من لبنانيين وفلسطينيين. وأمام تحقيق أهدافهم في تفتيت الأوطان كان لا بد من استخدام ذخيرتهم الرئيسية في ذلك ، وهم “الإخوان المسلمين” ومرجعيتهم الأساسية أردوغان وحزبه العثماني الجديد، فكانوا هم خميرة تدمير سوريا، وهم خميرة تدمير اليمن من خلال حزب الإصلاح، وكذلك في تونس ومحاولات الفتنة الداخلية من خلال سياسة الأغتيالات ضد اليسار التونسي والذي اتهم فيها حزب النهضة الإخواني، وكذلك الأمر في مصر ومحاولة تدمير الدولة هناك ،رغم موقفنا الواضح من نظام السيسي، لكن هذا لا يبرر تدمير الجيش وتقتيل الوطن، والأمر نفسه كان قد تم في الجزائر من خلال جماعة عباس مدني، وما أوصلوا إليها ليبيا باسم ديمقراطية الناتو التي لم يؤمنوا بها يوماً لكنهم يدمرون باسمها الأوطان، وكيف قسموا السودان باسم الدين الأمر الذي لم يقم به أي نظام ديكتاتوري بما في ذلك نظامي عبود ونميري. وهاهم باسم الدين أيضاً برسلون جنود السودان الفقراء ليَقتلوا ويُقتَلوا في اليمن تحت أوامر آل سعود الذي يعتبر نفسه قد استأجر بضعة عجول لا أكثر، في الوقت الذي ينهار فيه السودان كوطن ومواطن تحت ذات القيادة التي تتاجر بالوطن والمواطن وأوصلت السودان الى الحضيض على كافة المستويات. وفي فلسطين حيث تحاول بعض قياداتهم توقيع هدنة طويلة مع الكيان الصهيزني من خلف ظهر الشعب كما فعلت تماماً قيادات أوسلو، فداعش ليس هدفاً أمريكياً، والقاعدة كذلك، وإن كان يضرب هذا القائد الميداني أم ذاك بين وقت وآخر لذر الرماد في العيون، فالسيدة كلنتون تعلن مجاهرة في الكونغرس “أنهم كانوا مضطرين لدعم  القاعدة”، ويعلن توني بلير “أن بلاده وأمريكا خلف ظهور داعش” ويعلن أوباما بكل صفاقة “أن داعش خرجت عن السيطرة” الأمر الذي يدلل على طبيعة العلاقة التي تربطهما، رغم كل ما يحاولون ترويجه من أكاذيب حول محاربتهم للإرهاب…  وفي النهاية، فهذا جزء من ضريبة النضال والمقاومة، فعلى الشهداء الرحمة والشفاء للجرحى والصبر لأههاليهم ولكل جمهور المقاومة.

محمد النجار

شهاب الدين وأخوه

الأمر ليس بجديدٍ على الشعب الفلسطيني، فمشكلته قديمة جديدة، فدائمًا يكون في قمة عطائه وقيادته في قمة مساومتها وتبعيتها وتنازلاتها، والأمر لم يعد محصوراً بعائلات الإقطاع التي قادته في ثوراته وانتفاضاته الفاشلة القديمة، بل والحديثة أيضاً، لذلك ينطبق عليه المأثور الشعبي بأسطع تجلياته،” طول عمرك يازبيبة في …. عود”… وكيلا نتوه في التاريخ ونبتعد عن جوهر موضوعنا، سنركز موضوعنا في قيادات الشعب الفلسطيني التي قادت الثورة الفلسطينية الحديثة، حيث ابتدأت قيادة الثورة البرجوازية الصغيرة، في قمة عنفوانها وعطائها الثوري، فساهمت في رسم الميثاق الوطني وحددت البرنامج الإستراتيجي والتكتيكي، وحملت البندقية وناضلت وقاتلت…لكنها تدريجياً أخذت تتماهى مع الرجعية العربية، وارتضت أن تزرع بها الأنظمة رجالاتُها، وقبلت بالمال المشروط، وأخذت تتذاكى لنراها مرة مع الأنظمة الوطنية ومرات مع الرجعية، وبنت “ترسانة” مالية ضخمة، تجاوزت الميزانية السنوية لبعض الدول العربية، حتى أنها أقرضت بعض الدول العربية أكثر من مرة، لتذهب هذه الترسانة المالية إلى يد أرملة الرئيس وكأنها أمواله الخاصة!!!، وكون المال لم يُستخدم لخدمة القضية الوطنية بشكل صحيح، فقد أضعفتها قوة المال فهانت دماء الشهداء وآهات شعبها، فتراجعت عن شعاراتها نفسها، وبدل المراجعة النقدية تاهت بين هدفها الإستراتيجي والتكتيكي، وغلبت التكتيك على الإستراتيجيا، وتنازلت عن الإستراتيجيا والتكتيك معاً، وأخذت هذه القيادة تتذاكى أكثر، فاتصلت بالصهاينة متجاوبة مع سماسرة الصهاينة ووعودهم فتنازلت عن الميثاق الوطني، وزيادة في التذاكي ساومت من خلف الشعب ودون علمه متنازلة عن كل ثوابته، وجلبت اتفاق أوسلو  بكل مآسيه للشعب الفلسطيني، محملاً بالتنسيق الأمني واعتقال المناضلين، ناشرة الفساد والإفساد، وثقافة البؤس والإستهلاك بدل الثقافة الثورية والوطنية، محاولة تحطيم المعنويات والتجهيل والتعتيم والمضايقة والملاحقة الأمنية، والسجن للوطن والناس، تاركة عملاء الإحتلال يصولون ويجولون دون رادع ولا حتى سؤال. هذا ما حصل مع قيادة حركة فتح ، وهو ما يتكرر ويحصل اليوم مع قيادة حركة حماس، فبعد أن انطلقت مع بداية الإنتفاضة الأولى في قطاع غزة، وبعد عام كامل من بدء الإنتفاضة في الضفة الفلسطينية، جاءتنا بشعارها الأول “حماس هي الأساس”، حتى أنها لم تعتبر نفسها امتداداً لقوى الثورة الفلسطينية كما يفعل حزب الله مثلاُ، بل اعتبرت نفسها بديلاً عن المنظمات جميعها، فمن حيث المبدأ لم تكن هي الأساس ، فهي جاءت بعد أربع عقود تقريبا من عمر الثورة الحديثة بشهدائها وجرحاها وأسراها، وفي الوقت الذي كانت فصائل المقاومة تقدم الشهداء وتثبت القضية الوطنية على “أجندات” العالم، وبغض النظر عن الأخطاء والخطايا التي تمت، فإن حركة الإخوان المسلمين في فلسطين، كانت ترفع شعار” لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها” وفي محاولات الهروب للأمام كانت تطرح”تحرير الأندلس قبل فلسطين”، ولم تقدم على مدى عمر الثورة حتى الإنتفاضة أسيراً واحداً فما بالك بالشهداء !!! وهي بذلك لم تختلف عن حركة الإخوان المسلمين العامة التي لم تقم يوما بتأييد أي حركة ثورية في العالم العربي، بل كانت دائماً وأبداً مع الثورة المضادة في أي مكان تواجدت به، والمثال الساطع وقوفها في وجه ثورة الشعب المصري التي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في الوقت الذي دعمت به كل الأنظمة الرجعية!!!… والشعار الثاني الذي رفعته كان “الإسلام هو الحل”، الأمر الذي يعني في أحسن صوره تحييد مسيحيوا فلسطين وإبعادهم عن النضال، ثم أنهم بذلك جعلوا من أنفسهم أوصياء على الدين واختزال الدين بمفهومهم له، وفي سياق الإنتفاضة خاصة سنواتها الأولى، لم نر منهم اسلاماً وأكاد أقول ولا مسلمين أيضاً، فهم مثلاً لم يوافقوا يوماً على برامج مشتركة مع القيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة، ولم يوافقوا على بيان مشترك ، ولم يوافقوا على فعالية مشتركة، وكانت بياناتهم مربكة لحركة الشارع كونها كانت وفي معظم الأحيان في تناقض مع بيانات وبرامج القيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة!!! ولم تُجدي كل المحاولات، وفشلت كل الجهود لتوحيد جهودهم مع العمل الإنتفاضي، لدرجة أن الشعور العام الذي كان سائداّ آنئذٍ،  أن هؤلاء جاؤوا للإلتفاف على وحدانية تمثيل م.ت. ف. بدعم أمريكي لخدمة الكيان الصهيوني…

ومع محاولات القيادة المتنفذة في المنظمة، جني ثمار الإنتفاضة قبل نضوجها، بعد مهاجمة العراق من الإمبريالية الأمريكية، وعلى أثر اعتقال الآلاف من مناضلي الإنتفاضة وتحديداً من حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتحديداً الإعتقال الإداري، وفشل مشروع الجبهة لنقل الإنتفاضة إلى العمل العسكري الذي كانت قد بدأته في أوائل سنوات التسعينات من القرن الماضي لأسباب لم توضحها حتى الآن، ابتدأت حركة حماس الأعمال النوعية المميزة ، والأعمال الإستشهادية التي ازدادت وتنامت بعد رجوع المئات من مبعدي الحركة من الجنوب اللبناني، والتي كانت جهود حزب الله وبصماته واضحة على كل أعمالها تقريبا، في نفس الوقت الذي أخذت تظهر بجلاء مساومات القيادة الفردية وممارساتها وفسادها وما تقوم به من شراء للذمم ودعم البرجوازية التجارية ذات الطابع التكاملي مع الإحتلال، ومع الإعتقالات الهائلة لمناضلي اليسار وقياداته والتي كانت تعمل من تحت الأرض، بعد أن تم اكتشافها بعد عشرات السنين من نضالها، إضافة إلى شعارات حماس التي ركزت على الهدف الإستراتيجي من جديد، وبتحالفاتها مع حزب الله والدعم الإيراني والسوري لها، أخذ جزء مهم من جسمها التنظيمي ينحاز للعمل المسلح ويزيد من قدراتها، وأخذ يزداد إلتفاف الجماهير حولها الأمر الذي مكنها من كسب الإنتخابات لاحقاً وتشكيل حكومتها ، والإنتصار على محاولات” فتح” الإنقلاب عليها في غزة، من خلاال محمد دحلان المدعوم من أكثر من دولة رجعية عربية، ومن فتح نفسها بالطبع، وبعد أن أخذت تتفولذ حركة القسام وتزداد تجربة ومعرفة، وتتعمق تحالفاتها مع حزب الله وإيران وسوريا، كان جزء من القيادة السياسية بقيادة خالد مشعل وموسى أبومرزوق (الذي سرعان ما يلبس ثوب المفتي بعد أن يقلع ثوب المناضل، “أفتى بأن التفاوض مع الكيان الصهيوني لا يخالف الشرع، ومن يدري فربما يفتي لاحقاً بأن من لا يُفاوض الكيان يُخالف الشرع)، والمقيم في مصر (رغم معاداة النظام المصري لبندقية الثورة المنتصرة في غزة والتي تسبب له إحراجاً كبيراً)، والذين”مشعل ـ أبو مرزوق” أهم ما يميزهما “مع آخرين من القيادة السياسية، هو سياسة التذلل المالي والسياسي، وبناء “ترسانة” مالية كما فعلت قيادة فتح واستغلالها في الضغط على حركتهم نفسها لفرض مواقفهم التي ليس لها علاقة بالعمل الثوري، رغم أنهم تسلقوا وبشكل انتهازي على ظهر  إنتصارات “القسام” التي حققها بالدم والجهد والمثابرة، لتحقيق مآربه ومصالحه، مبقين الحركة مرتبطة مع المحور الرجعي العربي، ومع قيادات الإخوان المسلمين الرجعية التي لا تستطيع الحياة سوى في المياه الآسنة، ومع العثماني الجديد أردوغان. ويزداد تذاكيهم من خلاال خالد مشعل، الذي تفوق على قيادة م ت ف في “تبويس” اللحى وفي النفاق، فإيران وحزب الله تدعم وتدرب وتنقل التكنولوجيا في تصنيع الصواريخ، وينتصر الشعب الفلسطيني في القطاع، وخالد مشعل يوزع الشكر على “والي” قطر ووالي السودان وأردوغان وملك آل سعود، مبتعداً وبشكلٍ متعمد عن محور المقاومة، ليصل إلى اللقاءات غير المباشرة من خلال”مُدمر العراق” طوني بلير، واصلاً إلى حيث وصلوا بدعم ما تقدم من دول رجعية لن توصل شعبنا إلّا إلى “أوسلو جديد”، والشعارات نفسها كما كانت مع قيادة المنظمة، فك الحصار وبناء الميناء وإعادة الإعمار، مجمَلاً بشعارات تحرير كل فلسطين من هذا الزعيم أم ذاك، ألا يُذكرنا هذا بنفس أسلوب قيادة م ت ف والتي ما زال بعض قادتها يستعملونه حتى الآن؟!!!

والمهم إذا كان اتفاق أوسلو قد أوصل شعبنا إلى الهاوية، فإن الهدنة المقترحة ستمزق ما تبقى من وطن ومواطن، وواهم من يعتقد أن بمثل هذه المساومات الرخيصة وبموازين القوى هذه، أن يكون هناك أي مرفأ أو مكان دون رقابة إسرائيلية، أو أن يظل السلاح الفلسطيني كما هو وأن يتطور، أو أن لا يسلم مشعل ـ مرزوق السلاح كما فعلت قيادة فتح،  وفي الحالتين تفريغ الوطن من مصادر قوته ومن سلاحه!!! وغزة لن تصبح “سنغافورة” كما أن الضفة لم تصبح “هونغ كونغ” إقتصادية. فقيادة حماس ستصبح صورة مسخ عن قيادة المنظمة، فستعتقل (وهي تفعل)، وستُفسد وترشي وستكون الوساطة هي أساس التعامل ، وستتهم الآخرين بكل شيء وأي شيء لتُنَمّي مصالحها الطبقية، وكما أن “الطاسة ضايعة” لدى السلطة، بين قيادة حركة فتح وقيادة السلطة” عندما يعجبهم ففتح التي فعلت وعندما تكون الرائحة تزكم الأنوف، لا علاقة لفتح والسلطة المذنبة”، وكذلك الحال بين قبادة حماس وحكومة غزة، فالوساطة والبيروقراطية والفساد هي أساس الملك، ولا مَنْ يحاسِب أو يحاسَب ، وستصبح الديمقراطية “بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار”، وتداول السلطة خروجاً عن طاعة الله وزندقة وفجور، وحرية الرأي والتعبير وحق الإختيار والتعبير “رجس من عمل الشيطان”، يعني كما هو الحال في الضفة الفلسطينية، وستُبنى الشركات المكملة وستُسوّق بضائع المصانع الإسرائيلية، وستأخذ الحكومة الموقرة حصتها من الضرائب… أليس الأمر مُشجعاً على التفاوض وقبول الإسرائيلي كجار لا بد منه في المنطقة؟!!!

فحركة الإخوان المسلمين كانت في كل أماكن تواجدها حركة منافقة ، مناوئة للثورات، مع الأنظمة الفاسدة، وها نحن نراهم في سوريا، كيف أدخلوا حثالات الأرض الدواعش القاعدة”النصرة”، وكانوا مصنعاً لتفريخهم، ورأيناهم خلال سنة كاملة في مصر وما زلنا، وكيف كان رئيسهم يناشد بيرس ويناغيه ويصفه بالرجل العظيم، وكيف قادوا سياسة التجهيل ورفض الآخر والهجوم على لقمة الشعب والإستدانة من البنك الدولي والصفقات مع العم سام، ورأينا مشعل نفسه يوعز لمرافقيه لتأسيس”أكناف بيت المقدس” التي استجلبت النصرة لمخيم اليرموك وأفرغته من سكانه، كما في الكثير من المخيمات الأخرى، في الوقت الذي كانت الصواريخ السورية تتدفق إلى غزة!!!، ورأيناهم في تونس وحالات الإغتيالات السياسية لليسار وقادته، وأنزلهم الشعب عن العرش كما في مصر، وها هم في السودان حيث قسّموا السودان بمساعدة مشيخة قطر وصحّروه وجوعوا شعبه، وها هم قسّموا ليبيا فعلياً بمساعدة “الأطلسي”، وفي اليمن يؤيدون عدوان أمريكا ـ  آل سعود ويحاربون ثورة الشعب اليمني بقوة السلاح، لكنهم لم يحركوا ساكناً في أي دولة رجعية في المنطقة. النقطة الوحيدة المضيئة لهم “القسّام” يريدون إطفاءها بكل السبل وبدعم عثماني وأموال قطرية سعودية وبإتفاق مع الكيان الصهيوني. وفي النهاية، إن القيادتين متشابهتان حد التطابق، والشعارات لوحدها لا تحرر أوطاناً، وسيظل “شهاب الدين أظرط من أخيه”…

لذلك، وكون محور المقاومة جاداً في دعم قضية فلسطين، فعليه فعل ذلك كما يجب وبشكل مكثف، وأعتقد أنه لا يجب أن يظل أسيراً في تكثيف دعم التيارات الدينية فقط، أو أكثر من اليسارية، فهو خير من يعلم أن “ليس كل ما يلمع ذهباً”، بل إن تكثيف دعم اليسار الفلسطيني وبقوة حاجة ضرورية ومستعجلة وماسة، فلدى رأس اليسار من الخبرة والإستعداد والإرادة ما يجعله ربما الأقدر على القيام بهذه المسؤلية، وهو بالتأكيد الأكثر أصالة ووفاء، بجانب حركة الجهاد الإسلامي، رغم ما أصاب بعض أطراف جسده من ترهل، لأنه يدرك جيداً أن هذا الزمن ” لا كما يتخيلون…. بمشيئة الملّاح تجري الريح… والتيار يغلبه السفين” كما قال الشاعر الكبير محمود درويش ذات يوم، وتاريخه حافل بالإبداع والمبادرات، وهو لم يهن يوماً وعمل وما يزال يعمل على أن ينفض طائر العنقاء “الفلسطيني” الرماد عن نفسه ويُحلّق من جديد ، ممزقاً إتفاقاتهم وراميها في مزابل التاريخ.

محمد النجار

ماذا لو؟!!!

منذ البدء، أرادت قوى الظلام في المنطقة، مدعومة إمبريالياً وصهيونياً، من شيطنة إيران، ومن تفجير حرباً مذهبية “سنية ـ شيعية”، لكنها بدأتها بالحرب العراقية الإيرانية التي إستمرت ثماني سنوات كاملة، فأزهقت أرواح مئات آلاف البشر من الدولتين،  ودمرت بنيتهما التحتية وذهبت بمئات مليارات الدولارات، مدمرة إقتصادهما. وكانت تلك الأنظمة قد إكتشفت لتوها، ياسبحان الخالق، مباشرة بعد سقوط الشاه،” شيعية” إيران و”رافضي”تها!، فأصبح الحديث عن إيران خارج نطاق الشيطنة ليس أكثر من “عمالة للفرس” ونوع من أنواع التشيع، ولا يجد له أي مكان في إعلام ألئك المتخلفون المرتهنون لأعداء الشعوب العربية جمعاء، لدرجة أن المرحوم، الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم أعلن ذلك في إحدى قصائده صارخاً محتجاً:

كلامنا عن إيران                                     ملوش طبعاً مكان

في إعلام الخيانة                                   وصوت الأمريكان

فماذا لو لم يكتشف الأعراب “شيعية” إيران و”رافضي”تها؟ وماذا لو امتدت يد التعاون والصداقة مع النظام الجديد في إيران بدل تلك الحرب المدمرة؟!!!  وماذا لو اُستُغِلَّت تلك الأرواح والأموال في بناء الحضارة وتطويرها لمصلحة المنطقة وشعوبها بدلاً من تدمير الحضارات والبشر والبنى التحتية، وتبدبد ثروات الشعوب لمصلحة الشركات الإمبريالية العالمية؟!!!

بالطبع حاولت الإمبريالية إحتواء الثورة، لتفريغها من مضمونها، لتظل إيران جزءً من المحيط التابع للغرب ولكن بشعارات إسلامية، “مثلما فعلت بنظامي مرسي في مصر والغنوشي في تونس”، فما دامت مصالحهم مؤَمَّنة لا فارق لديهم من يحكم لينفذ هذه السياسة إن كان يلبس عمامة أم بدلة وربطة عنق. لكن وجود قيادة ثورية على رأس الثورة الإيرانية، مدعومة بتأييد عشرات الملايين من الشعب الإيراني، كما إستحضار هذه القيادة لتاريخ شعبها ـ وربما لتجارب الشعوب الأخرى مع الإمبرياليةـ ولتاريخها الحديث الذي لم يمر عليه وقت طويل، عندما إنتخب الشعب الإيراني رئيس وزراء له”محمد مصدق” مرتين في غضون ثلاث سنوا ت”1951ـ 1953″، وبمجرد أن ابتدأ بخطواته الإصلاحية وعلى رأسها الإصلاح الزراعي، وتوّجها بتأميم شركات النفط، تم الإنقلاب عليه من المخابرات البريطانية الأمريكية، وسجنه لسنوات وفرض الإقامة الجبرية عليه حتى موته… إنها ديقراطية الإمبريالية عندما يتعلق الأمر بمصالحها !!! فماذا لو كانت قيادة الثورة الإيرانية قيادة رجعية متخلفة مثل قيادات دول الخليج العربي، أكان يمكن لإيران أن تتطور بهذا الشكل ولتصل إلى ما وصلت إليه؟ أكانت دولة تصنيع وتطوير زراعي وإصلاحات إجتماعية ومن ثم دولة نووية؟!!! مَنْ يمكن أن يعتقد أن قيادات الوطن العربي وخاصة الخليجية قادرة أن تُنتج تطوراً فإعتقادي أن واهم، وربما جاهل بها، ففاقد الشيء لا يعطيه، فهي في نهاية المطاف قيادات بحكم الوراثة وليس بحكم المواهب والتطور والعلم والمعرفة، وتربّت على أن تكون خادمة مطيعة خانعة، راضية بحمايتها وبما يقدمه لها الأحتلال الأمريكي الذي يملأ أراضيها بقواعده العسكرية، مقابل ثروات البلاد وحرية شعوبها، وفي نفس الوقت تزداد قساوة وتكبر وتجبر على شعوبها وقواها الحية،كيلا تفكر بإزالة عروشها الهشة، وفي آخر النهار تملأ أمعاءها “كبسة”،وتتآمر على بعضها وعلى إرادات شعوب المنطقة وتنام مالئة القصور شخيراً وكوابيس.

منذ البدء وحتى يومنا هذا، استمرت محاولات إسقاط ثورة إيران والعودة بها إلى سياسات الشاه لكن بقوالب جديدة، فكانت التفجيرات ومن ثم المظاهرات ومن ثم الإحتجاج على نتائج الإنتخابات مترافقة مع أعمال العنف،”ألا تجدون تشابه مع ما تم ويتم الآن وفي هذا الوقت بالذات مع فنزويلا اللاتينية حد التطابق، ومع دول لاتينية أخرى سابقة وربما لاحقة؟!!!”، وسرعان ما لبس الذئب جلد الحمل، فقُدمت الإغراءات وعروض البنك الدولي، وأيضاً لم تنجح، فعاد الحمل ذئباً من جديد، ففرضت المقاطعة، وازدادت وتطورت، وابتدأت حملة التلويح بالحل العسكري، وأيضاً لم ترضخ إيران، وأمام كل ذلك أبقت يدا ممدودة لجيرانها واستمرت في تطوير قدراتها الدفاعية ودعمت شعوب المنطقة وقواها الثورية المناضلة بالمال والسلاح والمعرفة، وصعّدت حالة العداء للصهاينة والإمبريالية، وانتصرت من خلال حلفائها في أكثر من جبهة ومعركة ومكان، وأسست بذلك لمحور مقاومة ابتدأ يكون قوة ذات شأن في المنطقة والإقليم أيضاً. فماذا لو  رضخت إيران، خوفاً من تهديدٍ أو رغبة في إغراءات، أتعتقدون أنها تظل دولة شيعية ورافضية عند الأعراب خاصة ودويلات الخليج و”حظيرة”آل سعود؟ أتقوم ضدها الدنيا والإعلام وتحارب كل هذه المحاربة؟ أكانت ستصل إلى ما وصلت إليه من تطور غلى كافة الأصعدة أم ستكون نسخة كربونية مسخة عن دولة آل سعود؟ وماذا لو ساومت إيران على شعوب المنطقة؟ أكان حزب الله يستطيع تحرير الجنوب اللبناني في نفس المدة؟ أكان يستطيع التأسيس والقدرة لتشكيل حالة ردع ل”إسرائيل” تحمي لبنان واللبنانيين؟ أكان يمكن أن يكون لبنان وجنوبه في هذا المأمن والأريحية من القصف اليومي الإسرائيلي؟ أكان لبنان بمنأى عن الإستيطان الإسرائيلي؟ أكانت مياهه لشعبه أم للمستوطنين داخل لبنان وفلسطين المحتلة؟ أم تعتقدون أن آل  الحريري والحريريون، ومن يقودهم من آل سعود سيذودون عن لبنان واللبنانيين؟ من يدري فربما وجدوا في الإستيطان الإسرائيلي مشروع إستثماري مربح ليشاركون به!!! ماذا كان يمكن أن يفعل “الثوار” التكفيريون بلبنان وشعب لبنان لولا قدرات حزب الله التي جاء معظمها من إيران؟. وماذا كان يمكن أن يحصل مع فلسطين وشعب فلسطين وتحديداً في غزة لولا دعم إيران ماديا وعسكرياً وخبرات تصنيع؟ أكان يمكن أن تصمد؟ أكان يمكن أن تصنع صاروخاً لو بدائياً أو حتى “عبثياً” كما وصف رئيس السلطة محمود عباس ذات يوم؟  أم أن مملكة آل سعود كانت ستقوم “بالواجب” مستعينة بالله وبخبرتها العلمية المهولة وبقرارات قيادتها الثورية وبنصائح حليفتها أمريكا “أطال الله عمرها” وتسد هذا الفراغ؟!!! أو ربما ترسل طائراتها كما تفعل في اليمن لتقضي على شيعة فلسطين؟ وتوعز للرئيس السيسي لفتح معبر رفح امام الجرحى والمرضى والدعم بالمال والغذاء والسلاح وكل ما يلزم القطاع وتفك عنه الحصار؟!!!

وكون أن البقاء للأقوى كما يؤكد “داروين”، والعالم يعيش في “غابة” تخضع لهذا القانون، الذي عززته الرأسمالية الشرسة الشرهة، وايران فهمت أن أسباب غزو العراق هو ضعفه وليس إمتلاكه للقوة، ورأت أن أسباب عدم مهاجمة كوريا الشمالية مثلاً هو إمتلاكها ل”لعضلات النووية”، وأن الرأسمالية لا تهاجم إلاّ الضعفاء، وكانت قد رأت في تراجع “إسرائيل” عن مهاجمة لبنان بعد أن امتلك حزب الله لقوة ردعه درساً يُعاد عن ذات العقلية ومنها، فقد ابتدأت ببناء قدراتها الدفاعية وبشكل ذاتي، وابتدأت بإمتلاك المعرفة النووية بشكل ذاتي أيضاً، إعتماد على شعبها وقدراته ورغبته في التطور والتحرر، إعتماد على إرادته الصلبة التي سقاها واستقاها من قيادته ولقيادته” فالأمر جدلي بالطبع”، وبدأ مفاوضته للرأسمالية المتوحشة كند وليس كضعيف أو تابع، ندُ يريد الإتفاق لكن ليس بأي شكل ولا بأي طريقة ولا بأي ثمن، قالها بوضوح”إن أردتم إتفاقاً عليكم أخذ الخطوط الحمر الإيرانية بعين الإعتبار، وإلاّ نحن مستمرون في برنامجنا النووي السلمي”، وحققوا معظم ما يريدون، وأخذت تتدفق عليهم الشركات والدول حتى قبل أن يصادق مجلس الأمن على الإتفاق، ويرجوا “التاجر” الفرنسي الذي يلبس لباس وزير الخارجية إيران أن تنسى الموقف الفرنسي الحاد أثناء المفاوضات لأنه انتهى عند التوقيع!!!، ومجدداً تنتصر إيران، ويسعد شعبها بإنتهاء العقوبات الأمبريالية الظالمة. فماذا لو رضخت إيران للغرب بالتخلي عن برنامجها النووي دون رفع العقوبات حالاً مثلاً، أكانت سترفع العقوبات يوماً؟ ماذا لو لم تكن نداً صلباً يضع الهدف الإستراتيجي صوب عينيه وكل ما يفعل من تكتيكات تصب في نهر تلك الإستراتيجيا، أكانت وصلت إلى ما وصلت إلية؟ وبالأصل ماذا لو أن إيران لم تمتلك شروط القوة أكانت وصلت الى نفس النتيجة؟ وأبعد من ذلك ماذا لو كانت إيران ضعيفة أكان الغرب يحاورها أساسأ؟ أظن أنها لو لم تكن كما هي عليه لرأينا مثالاً آخراً لأفغانستان والعراق. ويبقى سؤال في ذهني كفلسطيني، ماذا لو فاوضت إيران بطريقة المنظمة  ممزقة ميثاقها الوطني متخلية عن برنامجها الوطني واستراتيجيتها السياسية، ومن وراء شعبها ودون علمه ولا حتى استشارته أو استشارة قواه الوطنية، أو بطريقة السلطة بعد أن غيرت إتجاه أسلحتها، و نسّقت أمنياً وسلّمت مناضليها للإحتلال أو وضعتهم في السجون ، فربما وجدنا القادة الإيرانيين يلزمهم هم أيضاً تصريحاً عند مغادرة مكان الإقامة أو عند السفر من مدينة إلى أخرى لا تبعد سوى كيلومترات عدة من الإمبريالية، كما يحتاج الرئيس الفلسطيني وقيادة السلطة من الصهاينة، ويفاوضون منذ ربع قرن على أقل من رُبع فلسطين فحصدوا الريح بجدارة.

محمد النجار

معركة القلمون … بداية النهاية لحثالات الأرض

بدايةً، يجدر التأكيد بأن وصف هؤلاء الأنذال بالحثالات، هو من منطلق إنساني وليس سياسي، فسياسياً هم مجموعات إرهابية تكفيرية، تعمل تحت سقف وبرامج أعداء الأمة العربية من امبريالية وصهيونية ورجعية عربية وإسلامية، في محاولة لتحقيق برامج هؤلاء الأعداء، ولأسباب مختلفة ، منها العقائدي أو الكسب المالي، أو الإرتباط الأمني المخابراتي. لكن البداية الأكيدة كانت بإطلاق سراح المئات منهم من السجون العربية حيث كانوا محكومين بجرائم القتل والإغتصاب والسرقة و…، وتحديداً من سجون آل سعود مقابل القتال في سوريا …..إلخ. أما الجانب الإنساني فيتعلق بالجرائم المقززة من قتل البشر ذبحاً وحرقاً وأكل قلوبهم وأكبادهم بطرق حيوانية بهيمية مقرفة ومقززة، وخاصة الضعفاء منهم من نساء وأطفال وشيوخ وأسرى وجرحى من مخلفات المعارك، كما قتل الآخر المخالف لهم في الرأي أو العقيدة أو التفكير، عدا الصهاينة بالطبع، كون مشروعهم يصب في صميم مصالحه، وامتهان إنسانية البشر من سبي النساء وبيعهن في أسواق نخاستهم، وأخذ الأطفال من أحضان أمهاتهم ليكونوا أدوات قتل وتفجيرات انتحارية ضد الآخر، بعد اللعب بعقولهم القاصرة، وفرض الجزية على منتسبي الديانة المسيحية والذين هم سكان المنطقة الأساس وأصل حضارتها، بما يعني ذلك من امتهان إنسانيتهم ومسخها بهذا اشكل الفج، كما تدميرهم للكنائس والمساجد والمقامات، وتدمير الآثار وحضارات المنطقة، والإتجار بهذه الحضارة بتفكير ملتو ” الآثار حرام لكن التجارة بها مع الإسرائيلي والغربي حلال”، كما التجارة بالأعضاء البشرية على نطاق واسع وفي جزء كبير منها والبشر أحياء، مع الإسرائلي “وغيره”، صاحب الخبرة الأوسع في هذا المجال….

*من الواضح أن من أهم أهداف الحرب الكونية على سوريا، عدا عن ضرب الجيش السوري وإضعافه وتفتيته، كمقدمة لقسيم سوريا إلى دويلات طائفية ومذهبية، لما لهذا الأمر من انعكاسات على محور المقاومة والدور الإيراني الثوري على هذا الصعيد، هو ضرب المقاومة اللبنانية بعد عزلها، كمقدمة ضرورية للقضاء عليها كبداية لا بد منها للقضاء على المحور نفسه. إذن فالموضوع هو عزل وقطع امدادت وتسليح ثم استنزاف مستمر وإضعاف للقضاء على المقاومة نهائيا، كمقدمة للقضاء على المحور نفسه. والأمر لا يتطلب ذكاءً كبيراً ليدرك المرء أن المستفيد الأكبر من الموضوع هو الكيان الصهيوني، المنخرط في الحرب بشكل لوجستي ـ مخابراتي ـ مزود بالأسلحة ـ والمساعدة العسكرية المباشرة أحيانا، لهذه الحثالات البشرية في داعش والنصرة وأخواتهما والتي كان آخر إنجازاتها المُمْتثله لنصائح الصهاينة (ليدخل الصهاينة على الخط كمنقذ للدروز)  هي المجزرة ضد دروز سوريا في الجنوب السوري، ولهذا السبب أولاً كان تسللهم (بمساعدة أقطاب من 14 آذار وبعضهم أعوان وتابعين للكيان الصهيوني) إلى منطقة القلمون كمنطقة حدودية بين لبنان وسوريا، ولولا تواجد حزب الله لدخلوا لبنان كله منذ زمن، ولأخذ اللبنانيون بكافة طوائفهم ومذاهبهم ودياناتهم نصيبهم من “خيرات” داعش والنصرة خاصةً الطائفة السنية كما جرى في غير مكان.

  • بعد ان إتخذت المقاومة والجيش السوري قرار طرد هؤلاء الحثالات من جرود القلمون، تم الهجوم ـ المعركة وبدأ الحثالات هؤلاء بالتراجع والفرار تاركين خلفهم رؤوس الجبال والأسلحة الثقيلة كالجرذان تماماً، الأمر الذي جعل المقاومة والجيش السوري يحققون إنجازات هائلة وفي ظرف قياسي وبأقل الخسائر.

  • في محاولة يائسة قام المحور الأمريكي ـ الصهيوني ـ الرجعي بفتح معارك جديدة،( مُستجلباً الآلاف من هؤلاء الحثالات البشرية القرغيزية والأفغانية وبدعم تركي مباشر، وبتسليح أمريكي بأموال آل سعود وحارات الخليج، بعد أن إستبدلوا لهم المسواك بمعجون الأسنان، وأطلقوا الشوارب واللحى وليس اللحى وحدها، وألبسوهم البنطال بدل الدشداش، فأصبحت داعش والنصرة قوات الفتح، وأضحت معارضة معتدلة)، في كل من الشمال والجنوب السوري، محققاً إنجازاتٍ مهمة، في محاولة لتخفيف الضغط عنهم في القلمون، إن لم يكن من أجل أن يسحب الجيش السوري قواته من تلك المنطقة وإرسالها للدفاع عن تلك المناطق.

  • ذات المواقع التي دخلها الحثالات وبعد أن إنشغل عنها أردوغان قليلاً بعد تراجعه المهم في انتخاباته الأخيرة، يتهاوى بعضها ويهرب “أبطال داعش والنصرة” منها أمام تقدم الجيش السوري. فنتائج الإنتخابات التركية ستنعكس سلباً على جنود أردوغان هؤلاء ومشروعه العثماني الفاشي الجديد في المنطقة.

  • سيحاول النظام الأردني أن يلعب الدور التركي وبصفاقة الآن، فهذا النظام الوظيفي والذي وُجد لأهداف وظيفية مُحددة في خدمة المشروع الصهيوني، وضرب حركة التحرر في كامل بلاد الشام والعراق، لن يستطيع رفض ما يُطلب منه أمريكياً أو صهيونيا أو من مملكة آل سعود وتحالفها الخليجي، فهو لم يوجد ليؤخذ رأيه، بل وُجد لينفذ مشاريع الإمبريالية في المنطقة، وبالتالي فغرفة العمليات “موك” الموجودة هناك” الأمريكية ـ الصهيونية ـ السعودية ـ الأردنية” بدأت دورها من خلال تجنيد بعض أعضاء العشائر السورية وتدريبهم، وبدأت فعلاً في إيصال حثالاتها على الأرض السورية، وبطرق عدة أهمها تقوية عدد وعدة الفتح ـ النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) في المناطق الفاصلة بين الكيان الصهيوني والدولة السورية، لإستمرار إستنزاف سوريا وجيشها وإضعاف دورها في المنطقة، إن كان من الصعب إلغاؤه، ومحاولة تحقيق حلم الصهاينة في خلق حزام أمني يمتد على طول الحدود السورية .

  • إن إمكانية تقليص الدور التركي الأردوغاني في سوريا أمر وارد على ضوء الإنتخابات الأخيرة، وبالتالي فتقليص إستجلاب تلك الحثالات البشرية للأراضي السورية عبر تركيا أمر وارد، الأمر الذي يزيل العقبة الأهم من أمام الجيش السوري وحلفاؤه، ويلغي الطموح العثماني الأردوغاني الفاشي الوقح، ويزيل إمكانية ما يُسمى بالمناطق العازلة والطرق “الإنسانية التي كانت طرق امدادات تسليحية لتلك العصابات كما أظهرت الكثير من الوثائق”، والغاء حتى التفكير في إقتطاع جزءاً من الشمال السوري الذي تم نهب مصانعه ومعامله وتخريب اقتصاده من نظام أردوغان صاحب شعار “صفر مشاكل”، وهذا لن يلغي أن الأمر سيتم بشكل متدرج وليس دفعة واحدة بأي حال، وأيضاً بشكل صعود وهبوط، يعني ربما تحقق هذه العصابات بعض الإنتصارات في هذا الطريق الطويل !!!

  • وعليه، فإنتصارات الجيش والمقاومة في جبال القلمون وجروده، ستكون البداية الحقيقية لبداية التخلص من هذه القاذورات البشرية، وستجعل من المصالحات الوطنية التي تقوم بها الدولة السورية أكثر سهولة وإمكانية، وستزيد من إمكانية الإلتفاف أكثر حول الجيش السوري من خلال اللجان الشعبيةالمقاتلة المحيطة به، وسيجعل إمكانية واقعية للإتفاق على برنامج وطني بين الدولة السورية وكل أطياف المعارضة الوطنية أو معظمها، وبدستور جديد يُشارك به ويتفق عليه الجميع، تُبقي سوريا دولة علمانية مدنية، وتجعلها دولة لكل مواطنيها، وليس دولة هذا الحزب أو ذاك….. فهذا الشعب السوري يستحق ما هو الأفضل، وبناء الدولة بحاجة الى كل الجهود من قوى سياسية ومنظمات مدنية حكومية وغير حكومية وأفراد.

محمد النجار

آل سعود …حكام الأمة الحكماء

من قال أن أمتنا العربية الكبيرة الممتدة من المحيط الى الخليج ، بدون قيادة؟ إن الجهلاء ـ مثلي ـ هم وحدهم من ظنوا ذلك، وهم وحدهم من لا يعلمون، وكون أن بعض الظن إثم، فقد إستغفرت ربي، وصمت يومي إثنين وخميس، وأطعمت مسكينا ، ليتوب الله علي ويغفر لي شر شكوكي وظنوني . وكون عدم المعرفة أو الجهل بالشيء لا يعني نفيه، لذلك فعدتُ واكتشفت ما فاتني حتى ولو متأخراً، أن لهذا الشعب قيادة، هي قيادة الملوك والأمراء من آل سعود، أطال الله عمرهم، ومن حولهم من حارات وزواريب خليجية، ومن لف لفهم من رؤساء وملوك أخرين، وأن لهذه القيادة حِكْمة لا توازيها حكمة، من أي طرف أو أيٍ كان، وللمتشككين في هذا الحديث أسوق الإثباتات التالية لوجه الله غير طالب لا حمداً ولا شكوراً، بعد أن كلفني ما كلفني إكتشافها بحمد الله وفضله، ومنته علي بإكتشافها:
* بعد عاصفة الحزم التي شنها أصحاب الجلالة والسمو على “شيوعيوا وملحدوا” اليمن من جماعة أنصار الله وتحالفاتهم، وبعد أن حققوا كل ما رسموه وخططوا له، بدءاً بإعادة الشرعية وصولااً الى تثبيت الدستور اليمني الديمقراطي مثل ديمقراطية بلادهم المشهود لها في العالم أجمع، قرروا وبدأوا في مرحلة إعادة الأمل، ورغم أن المغرضين قالوا أن إعادة الأمل هذه من أجلهم هم، وليس من أجل الشعب اليمني، إلاّ أنني أأكد عكس ذلك، فما حاجتهم هم للأمل ما داموا دمروا اليمن فوق رؤوس أهله”الكفرة”، ودمروا تراثه وحضارته ومساجده وأضرحته ومدارسه التي تُعلم الكفر والإلحاد والتشيع، “وتركوا المدارس الأخرى دليل دقتهم وعقلهم النيِّر”، كما أنهم ليسوا بحاجة للأمل ما دام الأمل موجود بدعم الحلفاء الأمريكان والإسرائيليين، الأمر الذي يدلل على تحالفات الديانات السماوية الثلاث ضد كفرة اليمن ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين أيضاً، التي خُدعوا على مدار عقود بتأييدها، دون أن يعلموا مدى إلحاد شعبها وكفره وعناده أيضاً. كما أنهم مصممون على إعادة عروبة اليمن إلى أهله وشعبه وناسه وأرضه وصخره وكل شيء فيه، ولو بالتضحية بالجنود السنيغاليين إنشاء الله.
* عندما قصفت الطائرات “الإسرائيلية” السودان، وأسقطت السودان طائرة إستطلاع لهم، ورغم أن أحداً لم يسمع أي إعتراضٍ منهم ، إلاّ أنهم عنّفوا وبهدلوا ووبخوا السودان “حكومة ورئاسة”بشدة، كونه أولاً أعلن الخبر، وخصموا عليه جزءاً من أجرته التي وعدوه بها لينضم الى عاصفة الحزم، كونه أسقط طائرة أحد الحلفاء والتي قد تؤدي الى إضعاف الحلف نفسه، غير مدرك لأهمية الحلف ولأهمية أن يُدير خده الأيسر إذا ضربه أحد الحلفاء على خده الأيمن، وأحياناً يُمكن أن يُدير مؤخرته لتستوعب “شلاليط” الحلفاء أيضاً، خاصة إن كان هذا الحليف من علية القوم، أو من شعب الله المختار.
* ان هذه القيادة أكدت مراراً وتكراراً كذب إدِّعاءات المغرضين، الذين قالوا أن الملك الأعظم أو “الشاه الجديد حتى عودة القديم أو من ينوب عنه” ـ وهنا تجدر الملاحظة كي لا يُحوِّر المحرفون والمغرضون كلامنا، أن كلمة الشاه هنا لا تعني العنزة بأي حال من الأحوال، بل تعني ملك الملوك، والله من وراء القصد،بأن ملك آل سعود كلهم لم يذهب لأمريكا نتيجة مرض الزهايمر، أو المشي أثناء النوم، ولا خوفا من أن يضيع في صحراء كامب ديفيد، أو بين غرف القصر، بل كونه لم يُرد أن يُوبخ الرئيس الحليف في بيته وأمام قومه، الأمر الذي تأباه الشهامة العربية، وحكمة طويل العمر.
* إن دخول الكفرة الملحدين من جماعة أنصار الله والمتحالفين معهم إلى المناطق الحدودية السعودية، ما هو إلاّ تكتيك ياجهلة، وأن طويل العمر نائب الملك ونائب نائبه، بعقليهما الراجحين كما مليكهما ومليكنا جميعاً، مدركون أن هذه الأرض هي يمنية، وبالتالي خسئوا أنصار الله من أن يدخلوا مناطق المملكة، فالحرب ما زالت على أرض اليمن، ورغم ذلك سيعرف طويلوا العمر كيف يسترجعون تلك الأرض. أما المحرضون والمغامرون الذين يُطالبون صاحب الجلالة ـ طال عمره ـ بتحرير الجزر التي تحتلها إسرائيل، فيقول لهم وزير الدفاع طال عمره، “أننا لن ننجر الى القتال مع حليفنا من أجل جزيرتين صغيرتين في البحر الأحمر، وأن القول بأن الملك طال عمره نسيهما كلام كاذب، لأنه طال عمره لم يعرف بهما أصلاً، فعقله ليس دفتراً ليتذكر كل مناطق المملكة الواسعة، وعندما عرف بالأمر وقبل أن يمرض ويفقد خمسة أرباع عقله، قرر التصدُق بهما لحليفه اسرائيل، والصدقة يجب أن تبقى سرية ، فلا تعرف اليد اليمنى ما قدمت اليسرى، ولهذا فهو وأبناؤه وعائلته لا يتحدثون بأمرهما أبداً.
* ومن الحِكَم التي يجب تعميمها أن صاحب الجلالة اكتشف أن الحل بين الفلسطينيين والإسرائليين ممكن جداً وبيسر وبساطه، وأنه لتحقيق ذلك يجب كسر تعنت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإغداق المال عليه وعلى خالد مشعل، ومن تستطيع شراءه يسهل ترويضه، وأن الحُجج التي يقولها الطرف الفلسطيني واهية جداً، فلا الإستيطان ولا القتل والسجون وهدم البيوت يمكن أن تمنع السلام، وألإكتشاف الأكبر الذي يوازي إكتشاف قانون القيمة الزائدة، أو كروية الأرض، أن المسجد الأقصى يمكن زيارته وهو تحت الحكم الإسرائيلي أيضاً، فلماذا كل هذا الضجيج إذن؟
* إن أصحاب الجلالة إكتشفوا التشابه بين قضايا الكفرة في المنطقة من اليمن الى فلسطين، وعليه قرروا أن يُحاربوا بنفس الأسلوب الذي حارب به حليفهم الإسرائيلي، ولذلك وبعد أن دكوا اليمن كما دُكت غزة وجنوب لبنان قبلها، فإنهم قرروا أيضاً محاصرة اليمن براً وبحراً وجواً، تماماً كما تحاصر “إسرائيل” غزة، ليرى ويعلم شعب اليمن الكافر “أن الله حق” بعد أن يجوع ويعرى ويحفى، الأمر الذي يُؤدي لإستسلامه. وأن أصحاب الجلالة بذلك يُشبهون حليفهم، ومن شابه حليفه ما ظلم…
* يؤكد طويلوا العمر جميعاً، أن المنطقة مترابطة مع بعضها البعض، وأن ما يتم في كل الدول المحيطة يصب في نفس الهدف كما يقولون، وكيف لا يعرفون وهم الذين نظروا ونظموا ومولوا وسلحوا؟ فالأهداف الكبرى تستحق التضحية، وعلى أعضاء الحلف الذي يقودونه أصحاب الجلالة والسمو أن يتعلم من التاريخ ومن حلفائه ومن أعدائه أيضاً،” ليس من الأعداء اللدودين مثل ما يسمونه بمحور المقاومة… ونسميه محور إيران”، وعليه ورغم هروب جبهة النصرة كالجرذان في القلمون ، إلاّ أن الملك سلمان عتب على “ولد الشيخة موزة وتربيته وتربية أبيه من قبله”، فتربية تميم وِلْد حمد الصغير بانت إنها تربية ضعيفة “وعودها طري”، الأمر الذي جعل صاحب الجلالة يصمم على أن يبعث بالدواعش “جماعته وترباته”، ليقومون بالواجب، ويرون حمد وولده أصول التربية، ويُوَرُّون حزب الله العميل الإيراني الذي يرفض الهزيمة والهريبة، ويشكل أحد أذرع الأخطبوط الإيراني، ولا يريد الإستسلام أمام الحليفين الكبيرين “مالة”طويلوا العمر، أميركا وإسرائيل، حتى تصبح المنطقة خالية من “شي إسمه المقاومة والمقاومين في القرن القادم” بعون الله.
* يؤكد أصحاب الجلالة والسمو ، أنهم يستحضرون التاريخ دائما في قتالهم، فكما فعلت الدولة الآسلامية العثمانية العظيمة، ضمن ما فعلت في حروبها، من سلب الأطفال من أحضان أمهاتهم لتجييشهم والمقاتلة بهم، فها هم من قام طويل العمر بتربيتهم مع أصحابه الأمراء ومع العثماني الجديد أردوغان، من دواعش يسلبون الأطفال ويخطفونهم من أمهاتهم، كما فعلوا مع الأزيديين وبعض الديانات والملل والمذاهب الأخرى سائرين على طريق الأسبقين المؤمنين من العثمانيين القدماء في دولة الإسلام، وعلى طريق من سبق هؤلاء أيضاً من الوهابيين…وإلاّ كيف يمكن إنتاج كل هذا العدد الضخم من الإنتحاريين من أجل تحقيق النصر على كل هؤلاء الظَلَمة؟
* كما أن عقل أُلي الأمر واسع وكبير، ولأن المعركة معركة حاسمة بين الإيمان والكفر في المنطقة بأسرها، فإنهم أعطوا للإعلام حقه، فبه يمكن أن تنتصر دون نصر، وتهزم دون جيش أحياناً،وبه تُحرِّض وتُمجد، وبه تشتم وتسب وتقذح وتمدح وتذم، وبه تُحرض كي لا تترك أي من الأعداء يقول ما لا تريد، ويعلم الناس ما لا يجب إعلامهم به، مثل بعض نواب الكويت الذين عارضوا خطط أصحاب الجلالة في اليمن، فسلط عليهم كما على غيرهم طويل العمر الملك ذات نفسه، من يعلمهم الأدب والإحترام وزج بعضهم في المحاكم والسجون.
وبذات الوقت حرّض اإعلام على الرئيس المصري والذي يعتبره طال عمره بوجهين، رافعاً بوجهه الدراهم والريالات مرة، ومرة أخرى نشرة أخبار تقول فيها مثلا : “الحكم بالإعدام على شهداء فلسطين، وإعدامات لأسرى فلسطينيون في سجون الإحتلال منذ عشرين عاما، أو الإعدامات لفلسطينيين لم يدخلوا يوماً مصر”، وكل ذلك كلام حق يُراد به باطل كما هو معروف، وسيبقون يتكتكون فيه حتى تحين لحظة التخلي عنه، “وبعدها الله لا يرده، لأنه هو اللي جابه لحاله”.كما ويعطون الملك وأبناؤه مثالاً بارزاً لما ساقوه لاحقاً، وهو كيف شيطنوا الحشد الشعبي في العراق، وزرعوا اسفيناً بينه وبين الحكومة في العراق، لتستطيع أمريكا أن تُخلي الطريق أمام داعش ليقتحم الأنبار، وهم حاولوا أن يفعلوا الشيء نفسه مع الكفرة من حزب الله في القلمون وتخويفهم ولكنهم فهموا اللعبة قاتلهم الله هؤلاء الأبالسة الزناديق.
* إن أصحاب الجلالة والسمو وعلى رأسهم سارق… أقصد خائن …(عفواً أقصدخادم الحرمين وليس ما سقط سهواً سابقاً)، أقسموا الأيمان الغلاظ على أن يستمروا في أهدافهم المُعلنة ” بتجميع القوى السنية ومواجهة الكفرة والملحدين والشيعة والنصارى وأصحاب الكتاب “ما عدى فريق واحد ليس المجال لذكره الآن”،وأهدافهم السرية أيضاً والتي لا يمكن كشفها والبوح بها الآن وفي هذه المرحلة، بل يجب أن تُترك للتاريخ ليفعل ذلك، رغم عدم تفضيلهم لهذا ولا ذاك، لكن ما باليد حيلة… وعودة على بدء يقول أصحاب السمو أنهم سيدافعون عن الإسلام السني وبعض الديانات الحليفة له، والتي لن يبوحوا بها في هذه المرحلة، أو يهلكوا دونه، وأنهم يُعلمون القاصي والداني، أنهم وإن كانوا ما زالوا يجاهدون بأموالهم وبأيدي الغير حتى الآن وبهذه الشراسة، فكيف بهم إن حلت ساعة الصفر الحقيقية، وتطلب الأمر أن يجاهدوا بأموالهم وأيديهم أيضا؟!!! فقط الله وحده يعلم ماذا سيفعلون!!!
محمد النجار

معبر رفح… إلى متى؟ ومسؤولية مَنْ؟

رغم كل شيء يظل معبر رفح مُغلقاً، فالسيادة والأمن الإقليمي من وجهة نظر “السيسي”، لا علاقة لها بغزة أو فلسطين والعياذ بالله، بل بعيداً هناك، وفي اليمن على وجه التحديد، حيث “اليهود” وتوراتهم وأصلهم وفصلهم (كما أكد وبقدرة رائعة وإثباتات علمية، تعتمد على الوقائع والأحداث والأنساب والآثار السيد كمال الصليبي في كتابه الرائع {التوراة جاءت من جزيرة العرب})،ورغم توقعنا أن “السيد الرئيس “لم يقرأ الكتاب، إلّا أنه نقل لنا الأمن القومي المصري الى هناك، بفطرته وعبقريته!!!، مبتعداً قدر إستطاعته عن فلسطين وما يخص فلسطين، ومعتقداً أن “اليهود” الذين إحتلوا فلسطين قاموا بالأمر هناك وليس على حدوده، ونحن بالمناسبة لا نوجه له دعوة لفلسطين كقضية، ولا برفع سلاحه لحمايتها أو إستعادتها، وذلك أولاً لأن “للبيت رب يحميه”، مُشَكَّلاً من أبنائه وأبناء جلدته من عرب بما فيهم مصريين، لكن من الوطنيين الغيورين على قضايا شعبهم، من العارفين أن خنق شعب فلسطين بالحصار ليس له علاقة بعرب أو عروبيين، وفاعليه ليس لديهم ذرة كرامة أو وطنية، كون أبناء فلسطين هم خط الدفاع الأول عن مصر والعرب جميعاً، شاؤوا ذلك أم أبوا، وكون ما يتم الآن من محاولات تفتيت في البلاد العربية للوطن والمواطن والجيوش، بما فيها مصر نفسها، هو في خدمة المشروع الصهيوني وأسياده الإمبرياليين، الذي تشير كل المؤشرات الى تحالفه معهم، وحتى لو أغمض أعينه عمّا يتم في بلده فهذا لن يُغيِّر من الواقع شيئا، وإن علم ـ كما في حالتنا ـ وتجاهل فالمصيبة أكبر، والأمر الثاني كونه من الأساس لم يُمزق إتفاقيات الخيانة الوطنية التي قام بها مثيله السادات، والثالث ما نراه من تملُّق وتعهدات وبيع للشعب وحضارته وحقوقه للبرجوازية الطفيلية التي ما تزال ثحكم مصر، وآخر دليل تبرئتها في المحاكم الهزلية بكل ما سرقت ونهبت من أملاك الشعب المصري وأمواله المسلوبة على مدار عقود…. ومحاولته الرخيصة الفهلوية على حكام الخليج ليرشوه ببعض المليارات، وكأنه لا يعرف أن من يرتمي في أحضان أعداءه ليحموه لن يكون أمره بيده، ولا بقرار مستقل. كما هم وهو على خُطاهم… وأن إقتصاد مصر وتطورها ونموها بالتأكيد ليس من الشحادة لأموال الخليج، راكعاً أمام أبوابهم، بل بتصنيع الدولة، وتطوير زراعتها وحمايتها، بتطوير تعليمها وأبحاثها وملاحقة أموال الشعب من اللصوص الذين يرشوهم ويُبرئهم، وبمحاربة الفساد والإفساد وملاحقة البيروقراطية، بإعطاء الشعب الديمقراطية الكاملة وبكل حقوقه من حق الكلام والتعبير والإختيار والتظاهر وتشكيل الأحزاب وحرية الصحافة والتداول السلمي للسلطة، ونسج الثحالفات مع قوى الثورة العالمية والمنطقية، وعلى رأس كل ذلك العداء بكل الأشكال للصهيونية ووليدتها إسرائيل وداعميها الدوليين. لكن الأمر الأخطر ما يتم الآن من سلب لمنتجات ثورة 25 يناير وثورة الشعب المصري على حُثالات الإسلام السياسي ” الإخوان المسلمين “، في 30 يونيو التي يدعي السيسي محاربتها وهو يُنفذ سياساتها وتحالفاتها وقوانين دكتاتوريتها، بشكل مشين!
وللحق لم يُفاجئني يوماً موقف رئيس مصر، حتى من قبل إنتخابه، وذلك ليس كوني مُنجماً أو عرّافاً كما لدى آل سعود في القصور، بل كونه لم يمتلك يوماً برنامجاً كاملاً واضحاً في أي شيء، وكان يتخبط منذ ظهوره ويتملق ويفتعل الهدوء والحرص على الشعب دون أن يقول شيئاً ولا ماذا يُريد. فيتحدث طويلاً ولا يقول شيئاً، والسؤال الذي يلح على كل مُراقب هو: ما مصلحة مصر وشعبها من المشاركة في حصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ فمبيع المواد ـ أي موادـ كطعام وشراب ودواء وكساء ومواد بناء هو أولاً وأخيراً لصالح الشعب المصري، ولمصلحة إقتصاده الهش، وكذلك سفر الأفراد والبضائع وما يدفعون من نقود في المشافي، كلها لمصلحة الشعب المصري، وإن كان النظام لا يعمل ولا يريد العمل لمصلحة شعبه، فلمصلحة من إذن؟ ومن المستفيد من هذا الحصار، غير عدو الشعب المصري “إسرائيل”، والدليل أنها عدوكم هو أن دماء أسراكم لم تجف بعد، ومدرسة حوض البقر ماثلة في الأذهان، ومشاركتهم الفاعله مع بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على بلدكم لتأميم الرئيس المرحوم عبد الناصر قناة السويس أكبر دليل وبرهان، وإن كان هذا تقادم من وجهة نظركم، فما قولكم بتنظيم الشباب المصري نفسه وغيره للتجسس على أمن مصر الآن، وما بالكم بتخريب أراضيكم بالمواد السرطانية التي قتلت عشرات آلاف الهكتارات لعشرات السنين؟ (للاسف، في غهد تأثير أموال النفط صار من الضرورة إقناع البعض بأن إسرائيل ما تزال عدواً، وليس الشعب الفلسطيني) يا لمساخر الأقدار…!!!
هذا على الجانب المصري، لكن للموضوع جانب آخر، ألا وهو السلطة الفلسطينية، هذه السلطة التي رغم إغلاق المعبر طوال الوقت وعدم فتحه على مدار عمر هذه السنة سوى أيام لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، فهي لم تعترض يوماً أو تطالب بفتحه، رغم قربها من برامج السلطة المصرية، ورغم أنهما “والنظام المصري” قارئين عند شيخ واحد وراقصين على دفٍ واحد، وكأن الشعب الفلسطيني في القطاع ليس جزءاً من الشعب الفلسطيني الذين يدّعون تمثيله، ربما معهم حق أن مثل هذا الشعب لا يتشرّف بأمثالهم، وأنه لن يستجديهم ليفكوا الحصار الناجم عن “الجغرافيا” وضغوط أمريكا وإسرائيل عليه، وأنه يعلم تمام العلم أن الذين يتخلون عن مُخيم اليرموك ولم يفعلوا شيئاً لإيقاف تذبيح سكانه، وتهجيرهم، ليمحوا بذلك رمزيته كأحد أكبر التجمعات الفلسطينية في الشتات الذي يرفع كبقية الشعب شعار حق العودة الذي يزعجهم ويدق مضاجعهم، وها هم يسكتون لما يُحاك من نفس الأطراف من مؤامرات ولنفس الأسباب لمخيم عين الحلوة في لبنان، وسيسكتون مقابل حفنة مال من قطر ومن آل سعود، ولا فرق كبير بينهم وبين إخوان المسلمين الحمساويين الذين استجلبوا “القاعدة” لتذبح وتُدمر وتُهجر في المخيم بصناعتها لفصائل مسلحة مثل “أكناف بيت المقدس”، وأيضاً بأموال قطر وآل سعود… وهؤلاء يدّعون حرصهم على الثورة، تماماً كما ادّعت ذلك قيادة المنظمة وسلّمت رؤوس شعبها وشهدائها وجرحاها، ووظفتها عند آل سعود، والنتيجة أوسلو… والسجون ملأى، والأرض تُهود وتُصادَر ،والقدس يحاولون مصادرته بما فيه الأقصى والقيامة وكل المقدسات، وحائط البراق الذي أصبح حائط المبكى دون إعتراض جدي من أحد منهم أو من الأنظمة التي تدعمهم بالمال …والمال فقط، وعلى كل حال، لن نقول لكم هنيئاً لكم بما فعلتم، بل سنقول أن شعبنا الفلسطيني خاصة، والعربي عموماً، والذي أذهل العالم بصموده رغم فساد قياداته، سيعرف كيف يفك حصاره بنفسه، وبمساعدة قوى الثورة العربية والعالمية، مهما طال الزمن أو قصر…
محمد النجار

إنها لحظة الحقيقة 14

يتسابق الإعلام الرجعي، والخليجي على رأسه، بشكل هستيري، في استحضار عدو جديد مفتعل، بدلاً من عدو حقيقي قائم ، يحتل أرض فلسطين كلها وأجزاءاً من الوطن العربي، وهو الكيان الصهيوني، في محاولة لتحويل العداء، وليصبح العدو الحقيقي لاحقاً حليفاً طبيعياً معلناً وليس شبه علني كما هو عليه الآن، ولإبعاد الناس وحركة الجماهير التي ترى ودون جهد، وحركات التحرر العربية بما فيها الفلسطينية،وتعميها عن رؤية داعميه في صراعه مع حليف هذه الأنظمة الأساسي، و حرف البوصلة من جديد. وما يميز هذه الحملة الجائرة، أنواع عديدة من المثقفين يتزعمهم مثقفوا الإخوان المسلمين، والذين ما إنْ ذكّرتهم بالعدو الحقيقي حتى يهبون بك”ما الذي حشر فلسطين في موضوع اليمن؟”، وإن تمعنت وفكرت وقرأت مايقولون ويقول حكام تلك الدول وعلى رأسها حكام آل سعود، سيدهشك أن أصل الأمر يتعلق بسوريا وليس في اليمن، “رغم أهمية اليمن لآل سعود، الذي سيكون المسمار الأول في نعش آل سعود، والدلائل بدأت”،حيث أن الإخوان المسلمين الذين عقدوا الصفقات مع أمريكا،” من خلف الحركات الجماهيرية التي بدت وفي كل الدول على حق وبمطالب مشروعة”، من خلال تركيا وقيادات الجماعة في مصر، لحكم الوطن العربي بعثمانية جديدة تقودها تركيا منتزعة الموصل وما حواليه من العراق، وحلب وما حواليها من سوريا، وضمهما الى أراضيها، مسلمة الجولان المحرر ليكتمل مع أخيه المحتل للكيان الصهييوني، مدمرةً مقسمةً مصر الى كيانات مختلفة، ومعلنة عن ولايات تابعة يقودها آل سعود والإخوان المسلمين، ولما استطاعت سوريا صد العدوان بمساعدة ايران، قدّر هؤلاء أنه لولا ايران لما صمدت سوريا، ولكان أُنجز مشروعهم، ومن هنا كل الغضب الإخواني على إيران وتحميلها مسؤولية ما يجري من تصد للثورة المضادة التي يقودونها، لدرجة أنهم حاولوا وما زالوا أن ينكروا دعم ايران لكتائب القسام في غزة، من خلال أكاذيب بعض قيادييهم وعلى رأسهم خالد مشعل ربيب الحلف القطري التركي السعودي،ورفيقه أبو مرزوق صاحب برنامج الهدنة طويلة الأمد مع الكيان الصهيوني. لولااعترافات قادة القسام نفسها التي كذّبتهم وعلى الملأ.
اذن، يصرخون وبكل وقاحة الإخوان المعروفة، ويرغون ويزبدون، لماذا استحضار فلسطين؟ طبعاً لماذا؟ فأكثر ما يزعجهم أن تظل البوصلة في اتجاهها الصحيح، وكأن فلسطين قد غابت يوماً عن أجندة القوى الثورية والوطنية؟
أما الأمر الذي لايريدون الإعتراف به، بغض النظر أنك مؤيد أو معارض للنظام في سوريا، أنه لو لم يكن للنظام حاضنته الشعبية وجماهيريته، لما استطاع الصمود أربعة شهور وليس أربع سنوات، ولما استطاعت لا ايران ولا روسيا ولا العالم كله انقاذه، والأمر الأهم الآخر أن السوريين رأوا من يريد “تحريرهم” ،هم أصحاب “الخلطة العفنة النتنة الوهابية” والتي دعموها بأموالهم وأسلحتهم وبمخططات أمريكا وإسرائيل لهم، ولا يمكن اتمامها بدون انتاج وتصنيع واستجلاب الإخوان وتحالفاتهم من حثالات البشر في العالم أجمع، من شيشان وأفغان وما في سجون آل سعود وتونس ومصر وليبيا وعشرات الدول الأخرى،{وأهم ما يميز الإخوان أنهم لا عهود لهم ولا وثوق، لم يصدقوا بكلمة أو بوعد وإن كانت آية المنافق ثلاث، فهم بثلاثة عشر،وما دامت الأموال قادمة، فهم أكثر المُشرّعين والأصحاب لهؤلاء الحكام “وبستعشر ملّة” ومن يعترض فليقرأ}وعندما تسأل لماذا لم تقدموا أنتم وآل سعود و”حارة” قطر، وتركيا ومن لف لفكم لفلسطين عُشر ما قدمتموه لسوريا، يهبون بك ما الذي استحضر فلسطين؟!!! لماذا لم تتخذوا قراراً”مجرد قرار” جريئاً من أجل فلسطين ما دامت عندكم هذه الرجولة لهذا الحشد في اليمن، يصرخون بك العدو هو ايران، {وللحق فمعهم كل الحق ما داموا ملتزمون بقرارات أسيادهم،”قلق اسرائيلي أمريكي” من تنامي قدرة انصار الله، التي تشكل خطراً مكملاً لخطر حزب الله}،وسرعان ما ينتقلون لمحاولة ايران تشييع العرب، ناسين أو متناسين أن الأئمة الإثنى عشر هم عرب بالأساس، عرب يا عملاء العصر الجهلاء، تبعتهم ايران وتشيعت وليس العكس، وأن الشيعة شئنا أم أبينا مسلمون، ولا يعلم الأّ ربك في نهاية الأمر من المحق في تفسيره للدين، والقيم على الدين ليس لا آل سعود ولا الشيخة موزة، ولا الإخوان المسلمين، في نهاية النهايات.
وها هم ما زالوا يبشروننا بالعثمانية الجديدة، التي لم ننسَ علقم قديمها بعد، فبعد أن كنا في مقدمة العالم، أصبحنا في مؤخرته بعد ما يزيد عن أربعمائة عام من “اسلامهم الذي يؤيده الإخوان”، وخرجوا من بلادنا ليسلموها للإستعمارين الإنجليزي والفرنسي، بعد أن تركونا أكثر سوءاً وتخلفاً وجهلاً مما دخلوا، وبعد أن نهبوا بلادنا وثرواتنا وقتلوا رجالنا في حروبهم التي لم يستفد منها أحد غير تركيا، واقتطعوا في نهاية الأمر لواء الإسكندرون وضموه لبلادهم. وها هم مع الإخوان يدمرون سوريا وطنا وشعبا، وأصبح النظام”البعبع الذي أخافونا منه، والذي لم ندافع عن أخطائه أبدأ ولن نفعل” هو المدافع عن شعبه ووطنه ، لا بل والأمة العربية جميعها من غزو كوني غير مسبوق.
وما داموا مصرين على أن العدو هو ايران، ارتأينا أن نقوم بمقارنة سريعة بينهم وبين ايران، فربما توضح ما لا يريدون أن يتضح، منوهين أن ايران ليس مثال الدولة بالنسبة لنا، رغم انبهارنا بما استطاعت تحقيقه وهي محاصرة من العالم وفي مقدمتهم الإمبريالية وتوابعهم في المنطقة، إمّعات آل سعود ومن لف لفهم:
* في عصر شاه ايران وشاههم الذي كان يأمرهم بحذائه”نحن لا نشتم هنا بل نصف فقط”،كان التدخل الإيراني في شؤون الدول الخليجية على أشده، لتحديد أسعار النفط، والتبعية الممنهجة له من خلال قرارات السافاك ـ الموساد ، ومن خلال فرض كل ما تريده ايران، وحروبها التي شنتها على حركات التحرر في المنطقة، خاصة على الجبهة الشعبية لتحرير ظفار والخليج العربي، وتدمير قواعدها وأسلحتها وأماكن تواجدها في الجبال، وضرب ينابيع مياهها وتجفيفها، وقصف كل معالم الحياة لديها من أشجار وحيوانات، لم نسمع أن هذا تعدٍ على الدول العربية، وأنها قادرة على خلع شوكها بأيديها كما نسمع الآن.
* ان شاه ايران هو من احتل الجزر الثلاث من الإمارات، ولم نسمع احتجاجات رجال آل سعود الّا بعد انتصار الثورة، وليس من باب الحوار حولها بل من باب التحريض على الأمر.
* كان لدى إيران برنامجاً نووياً مدعوماً صهيونياً، لم نسمع صوت آل سعود محتجين لا همساً ولا علناً.
* ظلت إيران الشاه تتابع والموساد الثورة الفلسطينية وكادراتها وتصفيهم متى استطاعت، دون أن نسمع “لذكور” آل سعود حساً أو محاولات كلام.
* منذ سقوط الشاه، ونجاح الثورة الإسلامية، التي هي ثورة شعبية بإمتياز، احتضنها عشرات الملايين من البشر، تحت قيادة ثورية صادقة أمينة،”سواء اتفقت معها أم لم تتفق”، أول ما فعلته هذه الثورة تحويل سفارة آل صهيون الى سفارة دولة فلسطين، مقدمة الدعم لهذه الثورة من اليوم الأول لأنتصار الثورة الإسلامية، ومنذ ذلك الحين إبتدأ عداؤكم لهذه الثورة المجيدة، “وبالمناسبة ازداد تحالف آل سعود مع كافور مصر الجديد الذي خان توجهات ملايين الشعب المصري الذين ارتأوا به بطلاً مثل ناصر، لمّا شاهدوا أنه لم يمزق اتفاقات كامب ديفيد، والتي حافظت على الإلتزام بها أيضا قيادة الإخوان المسلمين، بإتفاق مع الأمريكان ضمن صفقة تدمير الوطن العربي وقيادته منهم ومن أردوغان،ولما لم يقم بخطوات اقتصادية لمصلحة هذا الشعب”.
* على الفور قمتم بدعم الرئيس العراقي صدام حسين لشن حرب على ايران،بمئات المليارات من الدولارات، وبالأسلحة والدعم الغربي، بحرب استمرت ثماني سنوات، دمرت العراق وإيران ومزقت جيشهما وشعبهما وإقتصادهما.
* لما أُوقفت الحرب، ورفع الرئيس العراقي شعار نفط العرب للعرب، وازداد تأييداً لقضية فلسطين، استعديتموه وافتعلتم له شرك الكويت التي أخذت بسرقة نفطه، واستجلبتم التحالف الغربي لينهي العراق جيشا ووطناً، وحاولتم مع امريكا واسرائيل تمزيقه وما زلتم، واستجلبتم له حثالات الأرض وفجرتم شعبة وحضارته ودمرتم ثروته، بعد أن حاصرتموه سنواتٍ وقتلتم ما يزيد عن مليون ونصف المليون من أطفاله.
* ورغم ذلك، بنت إيران نظاماً ديمقراطياً، ينتخب المواطن فيه بلديته وبرلمانه ورئيسه، ومهما قلتم فيه فهو نظام المواطنة المتساوية،وخير منكم حيث لا دستور للبلاد والعباد،ولا وجود لقيادة لأي شيء خارج العائلة المالكة، وحيث البشر لديكم ليسوا سوى قطيع من الماعز، وحيث التمييز بين المواطنين داخل بلدكم نفسه،فالمناطق الشرقية حيث تسلبون النفط لا يتمتع سكانه سوى بالفقر المدقع بفضل قيادتكم.
* حاصرتم إيران مع حلفائكم وداعمي نظامكم، ورغم ذلك، ورغم أن ايران لا تمتلك نفطاً قدر كميات نفطكم، فقد قاومت الحصار معتمدة على شعبها وبنت ضمن ما بنت ترسانة عسكرية متطورة جدا، وبقيتم أنتم أكبر مستورد للسلاح في العالم.
* تابعت إيران تطورها العلمي فأرسلت مراكب فضائية للفضاءالخارجي، وأصبحت دولة نووية سلمية، وأنتم لاتجرؤون حتى أن تطلبوا هذا الأمر، لأن اسرائيل حليفكم ستعارض ذلك، كونها واثقة أن نظام دولتكم سيسقط وسيمسك شعب نجد والحجاز بعناصر قوته وسيكون بالتأكيد مناوئاً لهم، وأنتم تعلمون سر رفضهم هذا، لكنكم تصرخون مع الكيان الصهيوني، “سلاح” ايران النووي!!! أليس الأجدر بكم أن تحاولوا أن تعرفوا ما لديكم في الربع الخالي، ما دمتم لا تملكون حق النظر الى الفضاء؟!!!
* طورت ايران اقتصادها، رغم الحصار، ولم تعد تعتمد على النفط فقط فيه بأكثر من 30%، وب 70% منه يعتمد على الصناعة والزراعة، وأنتم تعتمدون بنسبة ما يزيد عن 95% في اقتصادكم على النفط، والفرق أن ايران تستفيد من نفطها كله، لأنه ملك للشعب، أما نفطكم فلا تأخذون منه سوى 25% والباقي للشركات الأمريكية ، التي ما زلتم تبوسون أقدامها، وما زلتم وبقية دويلات خليجكم تستوردون خضاراً من أمريكا لوحدها،ب30 مليار دولار سنوياً، أيها الكسالى الأوباش، هذا عدا عن استيرادكم لنفس المادة من الدول الأخرى، كما عدا المواد الإستهلاكية الكثيرة التي يستحيل تعدادها بهذه العجالة، وهكذا دواليك، وايران تعد 90 مليون وأنتم 20 لا بارك الله فيكم،وتبيع أقل من ربع ما تبيعون من النفط، وتجرؤون على اتهامها ومحاولة محاربتها، فوالله لو أرادت ايران أن تبصق في وجوهكم لأغرقتكم ومتم غير مأسوف عليكم وقت قيلولتكم الطويلة.
* طورت ايران نظام التعليم فيها وجعلت الدين كما يجب أن يكون، في خدمة الإنسان، واجتهدت فألغت”للرجل مثل حق الأنثيين”، وأعطت للمرأة كما الرجل تماماً في العمل المتشابه المتساوي، ولم تجعل من الدين مادة لتجميع حثالات الأرض كما فعلتم في سوريا والعراق، وكما فعلتم بها أيضاً من تفجيرات وقتل بعد أن أعلنت ثورتها بمعاداة الصهاينة، أم أردتم أن تلعب لعبتكم لتساعدكم وحلفاؤكم في تصعيد صراع سني ـ شيعي ليس له أي مصوغ ومعروف المستفيد الأكبر منه :اسرائيل”، نقول طورت التعليم وأصبحت نسبةالأمية تكاد تكون صفراً%،وأنتم ـ ياماشاء الله عليكم ـ وبكل أموالكم لديكم ما يفوق ال40%، وتحديداً في مملكة آل سعود، وجعلتم من الدين بؤرة تخلف وعصا في أيدي مطوعيكم، وأموالاً لتفتي كذباً برغباتكم من شيوخ الضلال العُجّز الكسالى مثلكم.
* نظام الصحة والطبابة في ايران، ورغم الحصار تطور على مستوى المهنية وليس الأجهزة، وهو نظام يكاد يغطي معظم جوانب الحياة الصحية، وأصبحت من أوائل الدول التي تعتمد على تسخير الطبيعة في العلاجات وصناعة الأدوية، أما أنتم فإن آلمتكم خصيتكم أيها المخصيون، فتحجون الى أمريكا، فهناك يحلو العلاج، وشعوبكم تموت فقراً ومرضاً وجهلاً، وتُجبرون على شراء اللقاحات من انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير غير الموجودة في بلادكم “إذا إستثنينا العلئلة الحاكمة أجلكم الله”، بمئات الملايين من الدولارات كي لا يغضب العم سام ويفرك آذانكم
* ان ما ترصده ايران للتطوير العلمي في السنة الواحدة، يزيد عما ترصده الدول العربية مجتمعة في عشر سنين، ويزيد عما ترصدونه أنتم ياآل سعود ـ رغم ترسانتكم المالية ـ بنصف قرن، “رغم أن لديكم فائضاً مالياً ثلاثة تريليون دولار،في بنوك العم سام ودون فائدة ربحية،”لأن الربا حرام” يامتخلفوا العصر والتاريخ، وشعوبكم تموت ليس جوعاً فقط بل عطشاً أيضا،” لكنكم لا تجرؤون أن تسحبوا منها شيئاً دون اذن أمريكي ومعرفة أين سيصرف المبلغ المذكور!!! لكنكم وللحق طورتم كيفية طبخ اللحم والفتيت،وهداكم الله لأكلها بشيء اسمه الملعقة، وها أنتم تُخَفِضون أسعار النفط الى اقل من سعرها الأصلي، لتضربوا اقتصاد ايران وروسيا وفنزويلا” العدو الجديد لكم كونه معادٍ لللإمبريالية وإسرائيل”، وكأن النفط ملك شخصي لكم، ورثتموه عن آبائكم، وليس ثروة شعوب المنطقة!!!، وعملتم بمبدأ”جَكَرْ في الطهارة شخ في لباسه”، فأنتم تخسرون أضعاف ما تخسر ايران.
أمّا بالملموس، فلدينا التالي:
* اسرائيل العدو الحقيقي للمنطقة، ودولة فاشية عنصرية مثلها لا يمكن إلّا أن تكون عدوةً لللإنسانية جمعاء، ولا تزال تحتل أرض فلسطين وأراض بعض الدول العربية التي ـ كما قلنا في غير مكان ـ أرض جزركم ياآل سعود جزءاً منها، جزيرتي تيران وصنافير” نخبركم بأسمائهما اللتين نسيتموهما دون شك، كما نسي حليفكم في العدوان على اليمن ـ النظام الأردني ـ أم الرشراش، مثلكم، وها أنتم لم تجرؤوا على تسميته بالعدو الاّ مجبرين في بيانات واهية مثلكم.
* ايران ما زالت تحرض وتدعو لأيام تضامن مع الشعب الفلسطيني، مثل يوم القدس، وتطالب الدول والمنظمات بذلك، وأنت لم تدعوا يوماً لا ليوم قدس و لا لرام الله، والقدس يُدَمّر كبشر وحجر وكثالث الحرمين،وكنائسه تُسرق أراضيها وتستباح، والمدافعين عن القدس يبادوا ويُقتلوا ويُحرقوا أحياء أمام عيونكم، ماذا فعلتم أنتم يا أصحاب “الحزم” في اليمن؟!!!
* ايران دعمت المقاومة اللبنانية بالسلاح والمال، حتى استطاعت تحرير معظم أراضي لبنان من العدو الإسرائيلي، قلتم أنها مقاومة شيعية، وقبل ذلك نعتم المقاومة بالشيوعية كيلا تدعمونها، ولما دعمتم بعض فصائلها حرضتموها على الآخرين من أجل الإقتتال الفلسطيني الداخلي، مادمتم تتذرعون مرة شيعي ومرة شيوعي، لماذا لا تدعمون سنة العرب ولبنان بالمال والسلاح لمحاربة اسرائيل كما دعمتم حثالات الأرض للحرب في سوريا والعراق وليبيا ومصر، والآن في اليمن؟!!!
* وعندما دعمت ايران “سنة فلسطين” لماذا تآمرتم مع اسرائيل لشن عدة حروب متتالية عليها؟ وطالبتم اسرائيل بإستمرار الحرب ليتم القضاء عليها، بدل دعمها والوقوف بجانبها؟ أم أن الفلسطينيين تشيعوا أيضاً؟ أم أن كل مَن يقاوم “اسرائيلكم” بالضرورة أن يكون شيعياً، طوبى للشيعة والله إذن، ويا له من شرف خسئتم أن تمتلكوه، لأنه يريد شرفاء ليحملوه وأنتم لستم أهلاً لذلك، ولم تكونوا يوماً!!!
* ظل قطاع غزة محاصراً مدة ثمانية أعوام، وليس لديه حتى مياه شرب نظيفة، ولم نسمع منكم اعتراضاً أو مساعدة، ولما هبت ايران للمساعدة بالمال وتكنلوجيا تطوير الصواريخ ليستطيع الناس الدفاع عن أنفسهم، رفعتم من وتيرة الحصار عليهم من خلال “كافور” مصر الجديد الذي اشتريتم نظامه بحفنة مال، فأصبح حليفكم المؤتمن، مغلقاً المعابر، مدمراً للأنفاق،ضاغطاً لتصفية المقاومة بإستمرار الحرب عليها، والضغط بمزيدٍ من قتل الأطفال.!!!
* حاصرتم الشعب اليمني منذ عشرات السنين، ووضعتم الحكام، واشتريتم الذمم، وأفسدتم، وحرمتم الشعب من استغلال ثرواته، وأبقيتم قراره السياسي بأيديكم، ورحّلتم مواطنيه وسرقتم أتعابهم، وسلمتم عنقه الى البنك الدولي، ولما ثار الشعب ضد سياستكم وجرعتكم النفطية، وضد سياستكم وتجبركم، وأياديكم القذرة من آل الأحمر وغيرهم ، قلتم آه… انه الحوثي، وكأن الحوثي ليس مكوناً أساسياً من الشعب اليمني، ثم صرختم …إنها إيران… الشيعية، محاولين إيجاد عدو وهمي، والحقيقة الساطعة أنكم أنتم الأعداء، أعداء شعبكم وأعداء شعب فلسطين ولبنان ، أعداء كل الشعوب العربية، أعداء الشعوب المعادية للإمبريالية وإسرائيل، أعداء السنة و الشيعة مجتمعين، ماذا تعرفون أنتم عن الدين، فالإسلام يحوي عشرات الملل والمذاهب، كما الديانات الأخرى، أتريدون أن تحارب فئاته بعضها البعض لتفنى ويجلس آل سعود على أطلاله وبقايا جثثه؟!!! هذا لن يتم يآل سعود ولن ينفعكم منظروا الإسلام السياسي من الإخوان المسلمين، فها هم مجرد سنة واحدة في حكم مصر،وهووا كما لم يهوِ أحد من قبل، تقولون إنقلاباً، ربما ، لكنه مدعوم بعشرات الملايين من البشر، رغم محاولة”حليفكم الجديد” سرقة آمالهم وأحلامهم وربط قرار أرض الكنانة بذيول آل سعود، و في تونس أيضاً وبإنتخابات ديقراطية هوى بهم شعب تونس من أعلى السلطة، بعد أن بدأوا بممارسة الإغتيالات التي يعرفون ممارستها عن ظهر قلب، بإغتيالهم للمناضل شكري بلعيد ومحمد البراهمي…
وفي النهاية فالشعب كما الله، تعلم من خالقه مالم تعرفون، تعلم أن يمهل ولكنه لن يهمل ….أبدا….

محمد النجار

أيها اليمنيون لا تعتبوا….. لقد ضلوا… فأخطأوا الإتجاه…

لقد ضلوا فضاعت الطريق من بين أيدي صاحب الجلالة، ملك آل سعود، وبقية الرؤساء والأمراء والملوك العرب، و “ما أكثرهم وأقل بركتهم “، كما كانت تؤكد أماً فلسطينية دائماً، والضلال هنا ليس من ضل، يضل، فهو ضال، لا سمح الله ولا قدّر، بل من فقدان الرؤى والإتجاهات، والحمد لله، الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه. لذا اقتضى التنويه…
* هي البوصلة نفسها، استعملها ملك آل سعود، أطال الله عمره، وعمر زوجاته، وإماته، وجواريه، وما ملكت أيمانه، كما وأبنائه، وبناتة، وأبناء عمومته، البوصلة التي تشير الى كل الإتجاهات، عدا اتجاه واحدٍ وحيد، كون هذا الإتجاه يسبب لجلالته الإمساك حيناً، والإسهال أحياناً، و الحساسية وطفح الجلد، ويرفع ضغط دم جلالته ويصيبه بشلل الأطفال أحياناً، فيفقد أعصابه ويخف عقلة، لذا كسر المؤشر الذي يشير الى شيء اسمه فلسطين، والحمد لله، ومحاه بسهولة من مخيلته ونساه، لأنه لم يكن لا في صدره ولا في ضميره، وأكد جلالته أن هذه ليست إملاءات أمريكية، فأمريكا التي يحبها ويقدرها، ولولا خوفه أن يقع بالشرك لعبدها بجانب الله، أو حتى بدلاً منه، أو لو كانت امرأة لتزوجها وطلق كل زوجاته، ولتبرأ من كل عائلته وأولاده، وهو لم يكن يوماً خادماً لها ـ لا قدّر الله ـ فهو خادم الحرمين الشريفين فقط لا غير، وأن شربه للخمر مع رئيسها ليس إلّا من باب المجاملة، وليس من باب الإدمان…
* لقد شكك البعض بهذه الرواية وبصحتها، و قالوا أن من يريد التأكد بأن طويل العمر يحب فلسطين، عليه أن يسأل الرئيس الفلسطيني البطل محمود عباس، “محرر اتفاق أوسلو العظيم، وبطل التنسيق الأمني”، أو حتى خالد مشعل، رئيس الإخوان المسلمين في حركة حماس، الخادم الأمين لإبن حمد الصغير في “حارة قطر”، {الذين يُتهمان زوراً وبهتاناً بأنهما يعبدان المال أكثر من الله سبحانه وتعالى}، وأن كل ما في الأمر أن صاحب الجلالة، ملك آل سعود، لم يكن يدري أن فلسطين محتلة، وأن من سبقه من ملوك وأمراء ـ سامحهم الله ـ أخفوا عنه الحقيقة، لأنهم يعرفون شجاعته واقدامه، وشهامته وعدم قبوله الضيم، لكنه بسبب رجاحة عقله ووضوح رؤياه، شعر أن شيئاً ما ليس على ما يُرام، فأحضر “عرّافة القصر”، أم احدى زوجاته السابقات، ففتحت الفناجين وفردت الأوراق، وأحضرت الجن وشاورته واستشارته، وأخبرت صاحب الجلالة ملك آل سعود، بحقيقة وجود فلسطين، فحار وثار، وعتب وغضب، وصال وجال، وحمل سيفه ورمحه، وتوجه الى مؤتمر قمة العرب غاضباً، وسلّم وبسمل عن ظهر قلب، حتى دون حاجة للتهجئة من ورقته وقراءتها، وتقدم طائراته، لولا أن أقنعه الحاضرين بأن يبعث بالطائرات فقط، وأن لاحاجة لذهابه أمامها، فنزل عند رغبتهم، وبعث طائراته لتقصف اليمن…
* وفي رواية ثالثة، تؤكد أن طويل العمر، أطال الله عمره، لم يخطر بباله أبداً أن يسيء لليمنيين، وأنه ليس كسابقيه الذين جرّدوا ما يزيد على مليونين من اليمنيين من أملاكهم، وأموالهم التي كدّوا من أجلها، وحمّلوهم بالشاحنات مثل الأغنام، ملقينهم على الحدود، بل جُل ما أراده طويل العمر، أن يبعث بالمساعدات لشعب اليمن، فطيبة قلبه، ورهافة روحه، ورجاحة عقله، لا تسمح له بغير ذلك، لكن “العبيد والخدم” الذين بعث بهم لقيادة الطائرات للمساعدة، ضلّوا طريقهم وأخطأوا، وظنوا أنهم قاصدين فلسطين ليحررونها مرة والى الأبد من آل صهيون، فحمّلوا الصواريخ بدل الحرامات، والقنابل بدل زيت الزيتون والزعتر، والقذائف بأشكالها المختلفة بدل اللحمة والدجاج والطحين والفريكة، وألقوها عليهم، ولشد ما غضب طويل العمر، لكن بعد فوات الأوان، وأنه إذ يؤكد أنهم خطّاؤون مثل الآخرين، وأنه ليس أول من أخطأ ولا آخرهم، فها هي أمريكا سيدة العالم كله، تُخطئ هي أيضاً وتقذف بالصواريخ التي تقتل الجيش العراقي والحشد الشعبي، وتُنزل المساعدات الى داعش، وأنه إذ يعترف بذلك، من باب أن ” الإعتراف بالذنب فضيلة “، سيجازيه الله عليها خيراً، “حين لا ينفع مال ولا بنون”، وسرعان ما تلعثم وتعكر دمه مجدداً، وارتفع ضغطه من جديد، وتساءل مع نفسه: كيف لا ينفع مال ولا بنون؟ وبمثل هذه الحال ماذا سيفعل بجبال المال وتلالها، التي فكر أن يبدأ بتهريبها الى قبره القادم سرا منذ الآن، وماذا سيفعل بكل أولئك الأولاد الذين تزوج من أجلهم العشرات من النساء؟!!!
* وفي رواية رابعة، قيل أن طويل العمر هب من نومه مذعوراً فزعاً، مرتجفاً خائفاً، وكان يصرخ ويرتعش، ورأى فيما يرى النائم، ان حفنة من الأمراء، كانوا ينفّذون مؤامرة ضده، بدعم من اليمنيين والفلسطينيين ودولة السويد الفاسقة، التي ما تزال تؤ يد حقوق الإنسان و” الحريم”، أعزكم الله، وكونه ينام عميقا نوم “كلب أهل الكهف”، أحس أن له ذنباً ـ معاذ الله ـ أطول من ذيل البراق، وكونه مريضاً بالضبط مثل مرض الزعيم الكبير التاريخي “نبوخذ نصر”، الذي كان يرى نفسه ذئباً متوحشاً، كان لطويل العمر المرض نفسه، لكنه كان يرى نفسه نعجة خانعة ضالة في صحراء الربع الخالي، فأسرع دون أن يخبر أحداً الى منام “العرّافة” لتفسر له حلمه، ولمّا رأته، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم،وكأنها، والعياذ بالله، رأت قرداً، وأخذت من تحت وسادتها كيس “زعوط”، واستنشقت من ثقبي أنفها قليلاً منه، رافضة الهروين، الذي يقدمه لها الأمراء، قائلة أن التغيير يسبب لها السعال، وفردت كل ما لديها من أدوات، واستنجدت بجنيٍ أمريكيٍ موثوق، وقالت “قدامك سكة سفر حربية، ستحارب أمنا الغولة في اليمن، وأبو رجل مسلوخة في فلسطين”… وكونه ظل يرتعش طوال حياتة من الغولة وأبو رجل مسلوخة، التي طالما أخافته والدته منهما، (غيرُ عالِمةٍ أن هذا المرض سيلاحقه طوال عمره، ولن يجد منه فكاكاً أبداً، لا بعلاج عضوي، ولا حتى نفسي، حتى أن الفترة التي قضاها في مستشفى الأمراض النفسية في الرياض، لم تفده أبداً، ولا حتى دعاءها الدائم قد قدم في علاجه شيئا)، وبعد تفكير وتدبير، وإستشارات مع قادة الجن وملوكهم ومشعوذيهم، نصحتة أن يُصدّر أزمته للخارج، لكنه بقلبه الكبير لم يُرد ايذاء شعوب المنطقة، وقرر الهجوم على الشيعة فقط، فهاجم اليمن، وسيهاجم فلسطين بعد اليمن، وبلاد بني الأصفر في السويد الشيعية، بعد هاتين الدولتين المارقتين، وعندما أخبرته العرّافة بأن الشيعة هم في اليمن والسويد فقط، وأن الفلسطينيين هم سنة، وأن الجني الأمريكي لا يكذب، قال جازماً “إن هؤلاء شيعة، وان افتعلوا التسنن…” لكن عندما قرأوا له في التوراة عن العمالقة، وأكدوا له أن هؤلاءالموجودون في فلسطين هم أحفادهم، سرعان ما وكّل بهم :اسرائيل ” السنية” !!!، قائلاً في نفسه: “ابعد عن الشر وغني له…”.
* وقيل أن الخطأ نفسه ارتكبه رئيس الدولة المصرية، المتهم ببيع دم الجيش المصري بأبخس الأثمان، وأنه يمكن أن يبيع دم الشعب كله بحفنة دولارات من أموال نفط آل سعود، لكنه نفى شديد النفي كل ذلك، وقال أنه ليس مثل الرؤساء الآخرين الذين سبقوه، فهو رئيس مؤمن، مثل رمزه أنور السادات، لذلك لم ولن يُمزق اتفاقية كامب ديفيد، بل زاد عليها اتفاقية الغاز الجديدة، وكما رفع السادات الدعم عن المواد الرئيسية، رفعها هو أيضاً، وأضاف عليها رفع الدعم عن المحروقات، وأنه بعث بجيشه المغوار الى فلسطين، والى غزة تحديدا، منذ الحرب الماضية، وأنه ظن أن انتصار غزة بدعم من جيشه، فألحق بالجيش السفن الى اليمن، متفقداً باب المندب والخليج العربي، مراقباً القاعدة الأمريكية في جيبوتي، قاصفاً الإستعمار اليمني في عدن… وهول المفاجأة كان كبيراً عند الرئيس، لما علم أن جيشه لم يصل الى غزة، فدقق في الأمر، وإكتشف أن جيشه وسفنه تاهت في الصحراء، مثلما تاه قوم موسى، وأنهم ضلوا طريقهم، ووصلوا الى اليمن. وأن الأقوال بأنهم يستقوون على الشعب اليمني الفقير، ليدخلونه “بيت الطاعة” التابع لآل سعود، ليس له أساساً من الصحة، (لكنه يصلي كي لا يباد جيشه، لأنه يعلم ماذا يمكن أن يفعل الفقراء للدفاع عن كرامتهم وأوطانهم)… وأن كل ما يريده الحفاظ على عروبة المنطقة، وتعريب اليمن على وجه الخصوص، ورغم اندماجه وحرصه وتركيزه، الاّ أنه أخطأ، و”جل من لا يسهو”، فقد ظن الرجل أن قبائل عدنان وقحطان العربية الأصيلة، هي على جانبه، في البلد الجار “اسرائيل”، وأن قبائل مائير وشامير وبيغن وبيريز، موجودة في اليمن، لذلك بعث جيشه ليحاربها.
وأنه وصاحب الجلالة، ملك آل سعود، أطال الله عمرهما، مُصرّون على تعريب الشعب اليمني ولو بالجيش الباكستاني!!! وأنهم سيأخذون برأي رئيس الجامعة العربية، نبيل العربي، الذي ليس به من النبل شيئا ولا من العروبة إلّا اسمه، وسيشكلون قوات تدخل سريع، ل”تطول الزير من البير”، ويغزون بها اليمن ، وقطاع غزة، وجنوب لبنان، هذه المناطق الشيعية، ويحررونها ويعربونها ويعيدونها أصيلة مثلهم تماماً. وبعدها سيحاصرون ايران التي تريد تشييع بلاد العرب، ويقضون على مخططاتها، ويُفشِلون ترسانتها النووية، والتسليحية، والإقتصادية والعلمية، ويجعلوا منها دولة سنية نموذجية كدولهم، أو دولة شيعية بقيادة شاه جديد لهم وللعرب، بل ولأمة محمد أجمعين.
ولقد توصل طويل العمر، وكافور مصر، بعد “ضلالهم” وخطأهم في الإتجاه، بأن يعودا ل”عرافة ” القصر الملكي في الرياض، خانعين مستشيرين، لتدلهم على فعل الخير، وهكذا فعلوا، فأخبرتهم أن لا خيار أمامهم الّا استجلاب المناضل سعود الفيصل، أطال الله عمره، وخفف أعباءه وأمراضه، لأنه ذو خبرة طويلة في اقتفاء الآثار، فهو أشد ملاحظة من أي “سلق” في تتبع الأثر، ولا بأس أيضاً من استشارة الشيخة موزة في حارة “قطر”، وهكذا فعلوا، وأعادوا الكرّة مرة واثنتين وثلاث، وكانت كل الطرق والمؤشرات تقود الى اليمن…
لذلك أكد المجتمعون، وعلى رأسهم طويل العمر ملك المال والنفط والغاز والرمل، ملك البلاد والعباد، ملك آل سعود، ووزرائهم وشيوخهم وأولادهم ونسائهم، أن ما ذكره السيد حسن نصرالله، ذلك المُغامر الأكبر، وهم ما زالوا يذكرون مغامرته سنة 2006، بأنهم :”تنابل وكسالى ولا يستخدمون عقولهم”، أنه كلام حق يُراد به باطل، وأنهم ومن باب التواضع يؤكدون،أنهم وان كانوا تنابل فهم لا يتخيرون عن تنابل السلطان عبد الحميد، وأنهم لا يستخدمون عقولهم لأن هناك من يستخدم عقله عنهم، يوجههم ويدلهم ويقودهم، ويتأكدون من صحة توجيهاته من “عرافة القصر الملكي” حماها الله ورعاها وأطال في عمرها، وكيف لهم أن يعلموا أنهم ان استخدموا عقلهم أن لا يضر ذلك بصحتهم! لأن التفكير يضر أكثر ما يضر بالصحة، وعليه:
فانهم لن يردوا على السيد نصر الله، بل سيتركون الأمر الى مواطنة من بلده ترد عليه وتقول”ما بسمحلك …ما بسمحلك……….”

محمد النجار