آخر أيام الرئيس…

استلمت على بريدي الإلكتروني هذه الرسالة، لأخذ رأيي الأدبي والسياسي فيها، رغم أن الكاتب لم يُذيِّل رسالته سوى بحرفين بدلاً من الإسم، ويعطيني الحق بنشرها إذا رأيتها تناسب النشر… وجاء في هذه الرسالة: ” عزيزي السيد محمد النجار المحترم، أرسل إليك هذه المسرحية، لعلها تكون مناسبة للنشر، رغم معرفتي المسبقة أنك لم تكتب يوماً مسرحية، ولا أعلمك ناقداً أدبياً، وأن ما تكتب يزخر بالأخطاء الإملائية والقواعدية، لكني رأيت نفسي أرسلها لك، لا تسألني لماذا، لأنك لن تحظى بالإجابة الشافية، كوني أصلاً لا أعرفها، لذا لندخل إلى صلب الموضوع:

بصراحة لا أعرف إن كانت هذه مسرحية فعلاً، أو قصةقصيرة، أو حتى أحلام يقظة، أو هلوسات يائس، ربما عليك أن تحدد ذلك بعد قراءتها… من جانبي أعتبرها مسرحية والباقي لا يهم…

قبل البدء، يجدر الإشارة ألى أن هذه المسرحية هي عمل متخيل فقط، لا يوجد إلا في عقل كاتبه، وليس له أي علاقة بالواقع، لا من قريب ولا بعيد، حيث وكما أعتقد، لا يمكن أن يوجد لها هناك سنداً أو مُسوغاً حقيقيا، لا في الوقائع ولا الأماكن ولا الأحداث ولا الشخوص، حيث، بالعقل وبالمنطق، لا يمكن أن تجد أنذالاً وحقراءاً وأذلّاء، ولا فاقدين للرجولة والوطنية والحياء داخل أي شعب، ولا قيادة بهذا “الخصاء”، بالشكل الوارد أدناه في المسرحية، فما بالك على رأس شعب كشعب فلسطين أو داعميه من شعوب عربية، وعليه، فإن أي تشابه في الأسماء والأماكن أو الأحداث أو الشخوص، ما هو إلّا بمحض الصدفة، الصدفة فقط، وليس مقصود بأي حال من الأحوال، وبالتالي فإن الكاتب أو الناشر أو حتى القارئ، لا يتحملون أي مسؤولية قانونية أو أخلاقية أو مادية، لذا وجب التوضيح…

“مسرحية من فصل واحد

آخر أيام الرئيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس

تُفتح الستارة، ليظهر حقل واسع ممتد، بؤر وكتل رملية متفرقة، متقاربة ومتباعدة، بها ما يشبه آبار البترول، قطعان من الإبل والخراف والماعز وجموع من الخيول، محاطة بطائرات حربية ودبابات وأسلحة ثقيلة، وفي وسط هذه الكتلة توجد منطقة تتركز فيها آلات الحرب، وفيها كتلتين بشريتين مفصولين عن بعضهما البعض، وقطعان من الخراف والماعز والخيول، وفوق كل كتلة منهما يتربع بضعة أشخاص، بعضهم بعمامات فوق الرؤوس وبعضهم ببدلات ورباطات عنق، يأكلون المناسف، وقد “شمروا أياديهم إلى ما فوق الكوع”، ويبدوا أنهم يفضلون اللحم على الأرز، ويأسفون على حبيبات الأرز المتساقطة فوق رؤوس العوام، وكان الناس المركوبين عاجزين عن الحركة على ما يبدو أو خائفين، كي لا يزعجون الراكبين، وفي أحيان كثيرة إذا تحرك شخص ما، يتم لكمه ممن يركبه، وأحياناً يتم وضعه دخل سجن بدون إضاءة ولا طعام ولا ماء، الهدف منه إضعاف الأيادي وإخراس الألسنة، يتم إطفاء الأضواء عن المسرح كله، إلا الجزء الأمامي منه، حيث ينتهي أولئك لابسوا البدلات ورباطات العنق من الأكل، لكنهم لا ينزلون عن أكتاف الناس، ولا عن ظهر القطيع، يتم تكبير المشهد أكثر وأكثر، فتصبح وجوه الأكَّالين واضحة وتختفي صور المركوبين، فيظهر تكتل من شخوص بأسماء مختلفة، لا نستطيع أن نكتب أسماءهم حسب الظهور على خشبة المسرح، لأن ظهورهم يكون دفعة واحدة، فتظهر الشخوص المتخيلة بالأسماء التالية:  الرئيس محمود عباس، كبير المفاوضين صائب عريقات، يحيى رباح، عزام الأحمد، الهباش، جبريل الرجوب، محمد الدحلان، الرئيس عبدالفتاح السيسي بجانب قدمه أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، يطل من شباك في بناية مجاورة،  والملك سلمان أمام قصر خلف الجميع، ونتنياهو وآخرون أقرب ما يكون من عباس ومن معه، في مراقبة للمشهد كله…

يقول الرئيس محمود عباس، بعد أن غسل يديه، وبدأ يمسحهما بمنشفة:

ـ الحمد لله… الفاتحة على روح المرحوم بيريس…

يقرأ المجتمعون الفاتحة، ويضيف عباس:

ـ لا تلقوا بقايا الطعام في سلة المهملات، حرام، أعطوه للكلاب، أغسلوا الأطباق وضعوه أمامها، كما لا تنسونهم من العظم… وزّع “السادة” يا عزام…

يقول صائب عريقات، حينما بدأ عزام بتوزيع القهوة السادة:

ـ حاضر يا سيادة الرئيس، هكذا نفعل دائماً بالفتات والعظام…

الرئيس:                                                                                                                               ـ هكذا تقول في كل مرة، لأكتشف أنك تعطيهم العظام بعد أن “تمصمصها” كاملة وتجردها من الدسم، إترك شيئاً لغيرك يا صائب…”الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته”

يقول صائب مفتعلاً الغضب، وكأنه ضحية أو مظلوم:

ـ حاضر سيدي الرئيس، لكن الأمور ليست كما وصلتك

الهباش متألماً:

ـ ما يقوله سيادة الرئيس صحيحاً، حتى أن بعض الكلاب لم تر العظام منذ شهور، لكنها صابرة من أجل عيون الرئيس… “اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، اللهم زد من حسناته وأقلل من سيئاته، اللهم اجمعنا معه في جناتك…”

يقول الرجوب موضحاً للرئيس ومعقباً على دعوات الهباش:

ـ ربما لولا خدمتنا لصاحب الجلالة الملك سليمان طال عمره، لأصبحنا نحن أيضاً مثل بقية الكلاب الضالة… ، وأنت يا هباش “قل بعد عمر طويل يا أخي… لا يجوز…”

يظهر الإمتعاض على الرئيس، ويأتي صوت الدحلان من مكان بعيد:

ـ نعم صحيح، والرئيس السيسي لم يُقصِّر أيضاً…

يرد يحيى رباح ليشعر الرئيس أنه الأقرب اليه حتى من صائب نفسه:

ـ لا تزيدوا هم الرئيس أكثر، فالرئيس لا يستطيع إطعام كل الكلاب، الضالة وغير الضالة، “يادوب يقوم بنا”، مهامه تتعدى مجرد رعاية بعض الكلاب…

يسكته الرئيس بحركة من يده ويسأل:

ـ ما هي آخر المستجدات يا صائب؟

صائب:

ـ كل شيء كما تريد ياسيادة الرئيس، لكن الأمر لا يخلو من منغصات هنا وهناك، فمثلاً لم يشعر أحد بإهانتك عندما رفض كيري وضع يده في يدك، لكن البعض إلتقط الصورة، وأنزلها على وسائل التواصل الإجتماعي…

الرئيس:

ـ أوقفوا وسائل التواصل الإجتماعي إذن…

عزام الأحمد “مُتأتئاً مُتفتفاً”:

ـ لا نستطيع سيدي الرئيس، لكن من الأفضل أن نقول لمعترضي “فتح” أنك ذهبت لجنازة المرحوم بيريس باسم السلطة وليس بإسم “فتح”، ونقول للبقية بأنك ذهبت باسم “فتح” وليس السلطة… كما كنا نُعمل سابقاً، ونحمل كل شيء على ظهر “المرحومة”منظمة التحرير … قبل أن ندفنها…هه هه هه

الرئيس مبتعداً بوجهه عن الأحمد، كي يبتعد عن بصاقه الخارج مع كلماته:

ـ كم مرة قلت لك أن لا تتحدث في وجي؟ أدر وجهك على الجانب الآخر ياأخي، ماذا بك؟ أمعتقد فعلاً أنك فيلسوف؟ تُعيد هذه الجملة في كل مرة وكأنك إكتشفت الماء، غير وبدل ياأخي، وابتعد بفمك عن وجهي، أنا أسأل لماذا لا نستطيع وقف وسائل التواصل الإجتماعي؟

يقطع الهباش غضب الرئيس ثم يقول:

ـ إنه يتحدث بإرتياح سيدي الرئيس، فكل مناقصات السلطة بين يديه، ماذا يهمه؟

يجيب جبريل مبتسماً على سؤال الرئيس، متخطياً كلمات الهباش:

ـ لأن الأمر بيد إسرائيل، ونحن كما تعلم سلطة بالإسم، يعني أشبه بروابط القرى، يعني كما تعلم سيدي الرئيس، أنك ورغم كونك رئيساً، إلّا أنك وكما يقول المأثور الشعبي “زي الدجاج ـ بلا مؤاخذة ـ لا تستطيع التحكم حتى ببيضاتك”…

الرئيس غاضباً:

ـ “الملافظ سعد يا جبريل، حسِّن ملافظك”..

صوت الدحلان من نفس المكان:

ـ إنه يقصد إهانتك يا سيادة الرئيس…

الرجوب:

ـ أنت تخرس ولا تتدخل بيني وبين الرئيس

الرئيس للمكان الذي أتى منه صوت الدحلان:

ـ كل الناس تحكي أما أنت فاسكت، كلنا نعرف تبعيتك لمن، فاسرائيل من وراءك وأمريكا من جانبك والسيسي وسلمان مغطيين كل حركاتك…

يتنحنح السيسي والملك سلمان كل من مكانهما، فيعتذر الرئيس قائلاً:

ـ والله “بكسر الهاء” أنني لم أقصد إغضابكما، فأنا كما تعلمان بدونكما “لا أساوي ملات أذني نخالة”، فأنا أعرف قدري طال عمركما، و”رحم الله إمرء عرف قدر نفسه”.

صوت الدحلان غاضباً، وكأنه صار بينهم، ويبدو غير راغب بتمرير شيء للرئيس:

ـ وما الفرق بيننا يا سيادة الرئيس؟  كما يقول المثل” لا تعايرني ولا أعايرك، الهم طايلني وطايلك”، فنحن الإثنان محاطان بأمريكا وإسرائيل وبقية من ذكرت، وأنت تقدمت بتصريح وانتظرت ليسمحوا لك بحضور جنازة المرحوم بيريس، لكنهم دعوني ورفضت كي لا أحرجك، كما أنني أكثر منك جرأة، ولدي إستعداد على التوقيع مباشرة على ما يريدون، أما أنت فتريد التأجيل قليلاً…

صوت الملك سلمان ومن خلفه السيسي:

ـ اتركوا الدحلان ويكفي تجاوزات، “الزلمة زلمتنا وزلمة حبايبنا”، واللي ما عملته أنت سيعمله هو”، اتركوه أم نوقف العلف؟

يقول الهباش هامساً في أذن الرئيس:

ـ المسامح كريم يا سيادة الرئيس، والصلح خير… وأنت تعرف محبتي لك وإخلاصي، فقد وضعتك في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل شبهته بك، لكن كيف بربك هذه الفتوى، والله لم تخطر على بال إنس ولا جان، “لو كان النبي محمد موجود لذهب لجنازة بيريس”كيف ياسيادة الرئيس؟ ألا أستحق علاوة مالية على هذه الفتوى؟…

فقال صائب للهباش متخوفاً غيوراً:

ـ ولو كان الدحلان أو أيٍ كان لفعلت الأمر نفسه، فأنت دائماً مع الواقف، ولا تعتقدن أن تملقك يمر على الرئيس، ثم أنك بفتواك هذه مجدت بيريس وليس الرئيس.

فقال الهباش مدافعاً عن نفسه:

الله وحده يعلم ما في القلوب، و”نيال مظلوم وعند الله بريء”، الله يسامحك يا صائب، رغم أنك لم تكن يوماً “صائباً” في شيء

صائب غاضباً من كلمات المفتي:

ـ يسامحني أنا؟ أنا أقوم بكل أوامر الرئيس ومن هم خلف الرئيس أيضاً، أما أنت فتُحمِّل الرئيس “جميلة”على مجرد فتوى واحدة أخذت ثمنها منذ سنين!!! لو كنت مكانك لفتوت كل يوم فتوى لصالح الرئيس، أقلة ما “تهبش” من الرئيس ياهبّاش؟ يا رجل خاف ربك، فأنت تقبض بالدولار!!!

الهباش:

ـ من يسمعك يظنك تعمل متطوعاً!!! أنا لا آخذ أربعين ألف دولاراً في الشهر الواحد مثلك…

صائب:

ـ الله أكبر الله أكبر من عينك الحاسدة، عين الحسود فيها عود، من شر حاسد إذا حسد، وهل هذا المبلغ يكفي؟يعلم الله أنه لا يكفي حتى منتصف الشهر، إسألوا اولاد الرئيس، والله لولا ما أتقاضاه من “مصاريف البروتوكولات” وتجارة الأراضي من تبديل بين b و c مع “الأخوة اليهود”، لما استطعت أن آكل الخبز ، كما أنني أقبل بحكم أبناء الرئيس، إن كان يكفيهم أربعين ألفاً مصاريف شهرية، فإنني سأضع حذاءً في فمي وأخرس…

فهم الرئيس رسالة “صائب”، قال له هامساً:

ـ إخرس الآن ولا تفضحنا أكثر، سأردفك بعشرة آلاف أخرى من هذا الشهر، لكن اسكت الآن..

صائب عريقات مبسوطاً لكنه أكثر طمعاً:

ـ لا تكفي ياسيادة الرئيس، إجعلها عشرين…

يبدأ الرئيس بالغضب، وينظر لصائب الذي “إختصر” وكف عن الحديث بالأمر، يقول الرئيس:

ـ آه يا صائب، أخبرني عن ردات الفعل على مشاركتي جنازة المرحوم…

يجيب صائب:

ـ على الصعيد الدولي جيدة يا سيادة الرئيس، أما على الصعيد العربي فممتازة…

يقترب من أذن الرئيس ويقول:

ـ وصلتك مكافأة على ذلك “مخلاة علف” من تاج رؤوسنا ملوك وأمراء “آل سعود” و”سطل” عظم من مملكات ومشيخات أخرى…

ومن بعيد بانت نيوب الملك سلمان ضاحكاً، وقال الرئيس السيسي غاضباً لأبي الغيط:

ـ ألم نكن نحن أبدى بالعلف والعظم؟!!!

يقول الرئيس سائلاً:

ـ وكيف هي الأمور على الصعيد المحلي؟

صائب مجيباً مبتعداً عن الموضوع:

ـ لا جديد سيادة الرئيس… كما هي دائماً…

الرئيس:

ـ فسّر يا صائب، فصّل…

صائب شارحاً:

ـ قوى اليسار جميعها تشجذب وتستنكر…

الرئيس:

ـ أوقفوا مخصصاتهم المالية فوراً، وأدخلوا قياداتهم التي لا تريد السكوت السجن…

صائب مكملاً:

ـ حاضر سيدي الرئيس، وكل فصائل الإسلام السياسي أيضاً، بإختصار سيدي الرئيس، كل فصائل العمل الوطني تستنكر…

الرئيس مكابراً:

ـ لا يهمني شيئاً ما دامت “فتح” خلفي…

صائب:

ـ حتى فتح ليست كما في الماضي سيدي الرئيس، معظمهم صار لا يريدك… نحن فقط وبعض الآخرين الذين ما زلنا مؤمنين بك وبقيادتك، نحن فقط المخلصون، نحن ســ…

الرئيس مقاطعاً:

ـ أعلفوهم…

صائب:

ـ معظمهم لا يُعلفون سيدي الرئيس، كما أنه لا يوجد علف لكل هذه “الأمة”، فكما يقول المأثور الشعبي:”قالوا عند الغولة عرس، قالوا يدوب يكفيها ويكفي أولادها” ، يعني إذا علفناهم لن يتبقى علف لا لك ولا لنا سيدي الرئيس…

الرئيس متعثراً بصوته مستعملاً يده لتوضيح كلمته:

ـ إذن فالبنادق والهراوات… ما فائدة البنادق إن كنا لا نستعملها، خاصة بنادقنا المصممة خصيصاً للإطلاق للخلف؟

يتدخل الرجوب شارحاً مقاطعا :

ـ هذا هو الصحيح، كيف تكون رئيساً مهيوباً، إن كنت ستسمح للرعاع أن يعترضوا على قراراتك؟!!! أظن أنهم متحالفون مع جماعة “الماري كريسمس” سيدي الرئيس…

الرئيس لصائب، متجاوزاً كلمات الرجوب:

أكمل يا صائب…

يحيى رباح مقاطعاً:

ـ ألم أقل لك سيدي الرئيس “أن ثلثي الشعب الفلسطيني حثالات”؟

صائب مكملاً وغير معلقاً على تصريح يحيى رباح:

ـ هناك بعض الضباط الذين أعلنوا معارضتهم على الملأ سيدي الرئيس…

الرئيس:

ـ إفصلوهم من وظائفهم…

صائب:

ـ فعلنا سيدي الرئيس، وهناك قادة طلابيين أيضا…

الرئيس:

ـ استبدلوهم، فعلاً كلهم حثالات….

صائب:

ـ إستبدلناهم سيدي، لكن خرجت بعض المخيمات أيضاً….

الرئيس:

ـ أخرجوا “السحيجة” مقابلهم إلى الشوارع، ألم تعلموا بعد أن “السحيجة” نصف السلطة؟…

يهمس عزام الأحمد، متلعثماً ومتفتفتاً من بين كلماته مجدداً، للرئيس:

ـ هؤلاء يسحجون لمن “يعلف” أكثر، ومنذ فترة ليست بقصيرة، لم يُقدم لهم  سوى القليل من “العلف” سيدي الرئيس…

الرئيس مبتعداً بوجهه عن فم الأحمد، قائلاً:

ـ الله لا يشبعكم، أكلتم “أعلاف” السحيجة أيضاً؟!!! لا تُوفرون شيئاً، تأكلون الأخضر واليابس؟!!!

يبدأ كرسي الرئيس بالتحرك من تحته، وكأن الناس تريد إسقاطه من على أكتافهم، عندما تبدأ الأصوات تصل إلى أذنيه من الأسفل، حيث لا تُسلط عليهم الأضواء، ولا يعلم الرئيس من أين تتساقط الكلمات في أذنيه:

ـ جردوا جالب العار هذا من فلسطينيته، ضموه لجوقة الصف الطويل الذاهب بقدميه الى مزبلة التاريخ، لكل من فقدوا عروبتهم وصاروا جزءا من سيف الإحتلال…

ـ لقد باع وزمرته الوطن ودمروا القضية، وسلموا رقابنا للإحتلال، ربما لأنهم يعرفونه جيداً لم يقترب منه أحد رغم إغتيالهم لمعظم قادة المنظمة، رغم وجوده في نفس المنطقة في تونس…

قبر “السيد المسيح” يتحرك ويصرخ ألماً، اطردوا “يهوذا الأسخريوطي” الجديد، الذي يريد تسليم رأس “مسيحنا”، من جديد، لأعداء الإنسانية.

ـ أبعدوا هذا “الرجس” عن ظهر الشعب الصابر، أبعدوا هذه “النتانة” عن هذه الأرض الطاهرة.

ـ أبعدوا هذه “العاهرة” التي تريد الرقص طرباً، حاملة رأس يوحنا المعمدان…

يظهر الغضب الحاقد على وجه نتنياهو، والأصوات ما تزال تتعالى منطلقة نحو السماء، فيرى الجمهور نتنياهو، مرة بجانب السيسي الذي يشدد في إغلاق “معبراً” بين يديه، ومرة بجانب الملك سلمان الغاضب، وهو يلوح ب”مخلاة علف” في الهواء، وسط الأصوات القادمة في غير مكان من أوساط العتمة:

ـ هؤلاء لم يكونوا يوماً عرباً، من دمر وطناً ليس بعربي، ومن يحاصر شعباً ليس بعربي، ومن يتعاون مع محتله ضد شعبه ليس بعربي…أكنسوهم الى المزابل…

فقاعات ضوء كأنما نبع ماء ضعيف، يبدأ بالظهور من أوساط الناس المركوبة” منذ سنين، تبدأ الإحتجاجات، الهتافات في غير منطقة وشارع ومدينة ومخيم، في كثير من الأرياف التي أغتصبت أرضها وأشجارها من بيريس ومن تربوا على يديه، وعباس الذي بدأ يشعر أن كرسيه قد بدأ يهتز، وأنه ربما يسقط من على ظهور الناس لتحت أقدامهم، قال مستعيناً بالمرحوم بيريس:

ـ رحمك الله يا بيريس، لا يبقى غير وجه الله والعمل الصالح، ومن أكثر منك أصلاً عمل صالحاً وساعدنا؟!!!

ثم عاد للحديث معاتباً:

ـ ألم تقولوا أنكم “إستحمرتم” الشعب؟ ما هذه الأصوات التي أسمعها إذن؟

الهباش:

ـ هناك من ما زال يرفض “الإستحمار” سيدي الرئيس، لكن لا يهمنك شيء، سأجد لك فتوى جديدة “تُدجنهم” من جديد…

يصرخ الملك سلمان من بعيد:

ـ إهتزاز “كرسيك” يعني إهتزاز عروشنا أيضاً… القطيع يجب أن يظل قطيعاً، ألم أقل لك عليك بثقافة “بول البعير”؟

عليك الآن بالعصا، “العصا لمن عصا”…

الرئيس مقرراً:

ـ إقمعوا رجالهم واغتصبوا نساءهم ليعرفوا ان السلطة خط أحمر، وليعلم القاصي والداني أن الخروج عن “القطيع” يؤدي الى الذبح…

يهتز كرسي الملك سلمان قليلاً وكرسي السيسي أيضاً، وتستنفر قوى الأمن في بلادهما، يقول السيسي لأبي الغيط:

ـ  وهل وضعتك على رأس الجامعة العربية بغير فائدة؟إعمل “حاجة”

يستدعي أبو الغيط الجامعة العربية التي تتداعى بنفس اللحظة لدورة على مستوى القمة، لتنقذ القضية الفلسطينية من “مغامرات” شعبها غير المحسوبة، شعبها الذي يرفض “التدجين”، ويرفض أن يظل “قطيعاً”…

يستدعي عباس حليفه “جيش الدفاع الإسرائيلي”، من خلال لجان التنسيق الأمنية، ويأمر جيشه بتجهيز البنادق، نفس البنادق التي لا تُطلق إلاّ للخلف، فتلك الأصوات خطيرة وتهدد الأمن العام، وتجعل السلطة في مهب “ريح التطرف”.

ومن بعيد، يكون راكبي أكتاف البشر، من أصحاب “العمائم”، ولابسي اللباس الأفغاني هذه المرة، يلحسون أصابعهم من بقايا اللحم العالقة بها، ينظرون الى الرئيس ويضحكون، ويرسلون فروض الطاعة للملك سلمان وبعض جاراته من مشايخ وإمارات، ويتجاذبون أطراف الحديث، عن الطريقة الأمثل ليظل “القطيع قطيعا” في مناطقهم المحاصرة…

تمت

م .ن

”   عزيزي السيد م . ن المحترم:

قرأت ما أسميته أنت مسرحية من فصل واحد، والتي كما تقول أنت لا علاقة لها بالواقع، وأنها من نسج خيالك، وإليك تعليقي:

  • إن مقطوعتك هذه لا علاقه لها لا بالأدب ولا بالشعر ولا  بالزجل ولا بالنظم ولا بالنثر ولا بأي نوع من أنواع الفنون.

  • إنها كالخمر “ملعون كاتبها وناشرها وساردها”، وتودي بصاحبها وقارئها إلى طريق لا يعلم غير الله أين يمكن أن ترمي به، وأنا رجل، طوال حياتي، أمشي بجانب الحائط طالباً السترة من الله وجده.

*وأنا الذي لا أعرفك، وابتليتني بهذه الأمانه لأقرأها وأعلق عليها وأنشرها، حاصداً شرها دون خيرها، حيث لا توجد لها غنائم أو فوائد، لا أريد حتى أن أعرفك ولا أن أقرأك ولا أريدك أن تراسلني بعد الآن، وأنا بريء منك ومن كتاباتك إلى يوم الدين، و”حدّ الله” ما بيني وبينك.

  • وكوني لا أعرف كيف أعيد إليك رسالتك بعد أن أغلقت حسابك الإلكتروني، وعملاً برد الأمانة إلى أصحابها، أنشر لك رسالتك، كما هي دون تعليق ولا حتى إبداء رأي، والساتر هو الله…

محمد النجار