“قوة الرئيس في ضعفه”…

جاءني الكهل أبو عمر مُجَدداً، حاملاً بيده، كعادته، لعبة صغيرة لإبنتي، وجريدة لم أعد أذكر إسمها، رماها أمامي على الطاولة وهو يضحك بدموع مدرارة، لم أدرك حينها أبسبب الفرحة الكبيرة أم الحزن اللامتناهي، فأزحت الجريدة جانباً من أمامي، وشكرته على هديته، وأصغيت لما يريد قوله، غير مدرك أن الجزء الأساس فيما يريد قوله ينام متمددا في بطن “جريدته” تلك، ولما رآني أزحتها جانباً، أوقف ينبوع ضحكاته وأبقى على دموعه تتسايق للوصول إلى تجاعيد وجهه، قبل أن يُوزّعها على مساحة وجهه بظاهر يده، وقال وكأنه جاء مُصادفة فقط، وليس خصيصاً ليراني، ويُروّح قليلاً عن نفسه:

ـ ما هي آخر الأخبار يا أستاذ؟

تربطني بهذا الكهل علاقة غريبة نوعاً ما، فلا صلة قرابة بيننا ولا صداقة ربطتني، في سابق الأيام، مع أولاده الذين هم بمثل سني ومن جيلي، ولست من مخيمه القابع على مدخل المدينة لإستقبال كل قادم وزائر إليها، وكل ما في الأمر أننا إلتقينا مرة واحدة، واحدة فقط، في زيارة لأحد السجون، هو لزيارة حفيده الشاب وأنا لزيارة أخي، تجالسنا في مقعدين متجاورين في باص الصليب، دردشنا في أمور شتى، في السياسة، في أمور الناس المعيشية، في ظروف وحاجات الأسرى وهمومهم، وكان أكثر ما شرح صدره حينها، كما أذكر، تلك الإرادة “الهائلة”، كما سمّاها، لبناتنا ونسائنا، اللواتي يُهربن السائل المنوي من رجالهن لينتصرن على مشروعهم القاتل، بمشروعنا الحياتي الإنساني، وهن ، كما قال، يستطعن الإنفصال والزواج والإنجاب، بعيداً عن كل هذه الهموم، دون أن يخشين لائمة أو عتاب، ولما قلت له “أنها االإرادة والتحدي التي طالما إنتصرت على القمع والقهر وكل مشاريع الموت، التي تنتهجها “هذه الدولة” ودول العرب جميعها”، نظر إليّ مستغرباً بعض الشيء وقال: “إنه الإخلاص والأصالة قبل ذلك كله”، ثم التقط جرعة هواء وأضاف: ” إنهما الأصل في كل ذلك، لولاهما لما كان ما ذكرت أبداً”.

وسرعان ما إلتقينا بعدها في المدينة، وكنت قادماً لمكتبي الهندسي، ولا أعرف ما الذي إستحضره في تلك اللحظة بالذات، وما أن رأيته حتى توجهت إليه ودعوته لمكتبي ليشرب شيئاً، فهو من الكهول الذين لا تملّ أبداً من الجلوس معه، ولا يغادرك ولو مرة واحدة دون أن يترك أثراً أو بصمة، كما أنه من القلائل الذين لا يمكنك نسيانهم بسهولة.

وقبل دعوتي شاكراً “لطفي”، وكانت دعوتي تلك جسرا يربط بيننا، وصارت أحاديثنا تُمتّن هذه العلاقة وتقوي الجسر، بعد أن تكررت زياراته لي بشكل متباعد، وفي كل مرة كان يحمل شيئاً ليخبرني به، كما لعبة صغيرة لإبنتي مها، التي أخبرته عنها وعن عمرها في لقائنا الأول… ولم يأت يوماً لمكتبي بيدٍ فارغةٍ أبداً.

قلت وقد مددت يدي بكأس عصيرٍ أمامه:

ـ الأخبار كثيرة يا أبا عمر، ولا أدري كيف يحتملها الناس؟!!!

فقال مؤكداً قولي:

ـ صدقت والله يا أستاذ، كيف يحتملها الناس فعلاً؟!!! إن كل ما فعلوه لم يريدوا منه سوى خلق حفنة من المرتزقة المسحجين للرئيس وحاشيته، وشعب من البُلداء وغير المبالين، الذين لا يعرفون أكثر من “شعار” اللهم نفسي، ونجحوا في الأولى كما ترى، لكنهم فشلوا في الثانية وإن بدا أحياناً أن الناس مُحبطين… أم بماذا يمكن أن تُسمي تصريح الرئيس بأن” مُنفذ عملية تل أبيب إرهابياً ويجب إعدامه”؟!!!، هذا الكلام لم يقله الرئيس عن أي مجرم منهم، ولم يطالب يوماً بإعدام من أحرقوا أطفالنا ولا من قتلوا نساءنا وأولادنا… وتجد المرتزقة والطفيليين يسحجون ويكررون كالببغاوات ما يقول، ويبررون أقاويله ويفسرونها ويشرحونها وكأنهم يفسرون “القرآن الكريم”، معتقدين أن الشعب سيبتلع تفاهاتهم ويظل بالعاً لسانه ومقيداً يديه إلى الأبد.

كعادته، إبتدأ أبو عمر الحديث مباشرة ودون مراوغة، فهو، كما بدا لي، لم يتجنب يوماً قول الحقيقة مهما بدت قاسية ومهما كان ارتدادها عليه سلباً، وإلا كيف يمكنك تفسير أن إنساناً يُعتقل إدارياً في مثل سنه؟!!! وأكمل وكأنه لم ينهِ حديثه بعد:

ـ وها هو نفسه يبعث مندوباً عن منظمة التحرير بجانب مندوب عن “الجيش الحر” وبعض الدول العربية، للمشاركة في “مؤتمر هرتسيليا للمناعة القومية” الصهيوني، يبعث أو يؤيد أو يتغاضى، لا فرق، عضو لجنة تنفيذية للمنظمة، أتتخيل ذلك يا أستاذ؟ منذ متى “المناعة القومية للصهاينة كانت مفيدة لفلسطين والفلسطينيين؟!!!

وسرعان ما ابتدأت تتسع فتحة فمه وتظهر عدة أسنان متباعدة في فمه، لتلد ضحكة مصاحبة لبضع دموع من عينيه مجدداً، وقال:

ـ منظمة التحرير؟!!! أما زالت تُدعى كذلك يا أستاذ؟ ألم يُغيروا إسمها بعد؟!!! قال التحرير قال!!!

سكت قليلاً وأطلق ضحكة جديدة وزخة دموع، وأكمل متهكماً:

ـ منظمة التحرير والجيش الحر!!! كلاهما حراً وللتحرير… أرأيت المصادفة يا أستاذ؟!!!

قلت عندما أبعد دموع عينيه وأوقف ضحكته:

ـ لكن الرئيس إحتج على تصريحات حاخاماتهم ودعوتهم “لتسميم” مياه الفلسطينيين…

فقال وكأنه يحتج على كلامي:

ـ وهل المطلوب أن يسكت على ذلك أيضاً؟ السؤال الصحيح ياأستاذ، لماذا لم يقدم شكوى للمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان بسبب ذلك وغيره أيضاً، أليس ذلك “أضعف الإيمان”؟ فبالنسبة لهم إن إحتج الرئيس أو لم يحتج، إن قال أو لم يقل، فالأمر سيّان، يعني كما قال المأثور الشعبي” قروا أبناء يعبد والّا لعمرهم قرروا”، الأمر ليس في القول أو الإحتجاج، هل رأيت يوماً طريق عودة مرصوفاً بالكلمات؟ السواعد هي الأساس ياأستاذ، مهما كانت هذه الكلمات منمقة أو ملونة أو جميلة!!!

سكتنا قبل أن يرتشف شيئاً من كأس العصير الذي ظل واقفاً أمامه مثل صنم، وسألني وكأنه يريد أن يفتح باباً لتعليقاته أكثر من محاولات معرفة الخبر:

ـ ماذا جرى في مؤتمرهم ذاك؟

فقلت فاسحاً له المجال ليعلق كما يريد، ربما تقديراً لسني عمره أو لإعجابي بتعليقاته:

ـ “كبيرهم كيسنجر”مذعور على مستقبل إسرائيل، خاصة بعد أن صارت يد “حزب الله” تُناطح مخرزهم وتنتصر عليه أيضاً، ورغم كل جبروتهم لا يستطيعون كسرها…

فقال مباشرة ودون تردد:

ـ ليبقى مذعوراً إذن، وما دام هذا مذعور، عليهم أن يقلقوا فعلاً بشأن مستقبل دولتهم…. وماذا أيضاً ياأستاذ؟

ـ يقول قادتهم أنهم لن يسمحوا للجيش السوري بالإنتصار على الدواعش والقاعدة في سوريا، فهؤلاء لم يفعلوا شيئاً ضد إسرائيل، ولن يستبدلونهم بإيران وحزب الله كما يقولون…

قلت مكملاً ما بدأته، وانتظرت تعليقاته من جديد:

ـ طبعاً يا أستاذ، أم لماذا تعتقد أن أمريكا تحاول إدراج “جبهة النصرة، تنظيم القاعدة في بلاد الشام، ضمن ما تُسميهم التنظيمات المعتدلة؟ ولماذا كل هذا التدفق بالسلاح النوعي والآلاف من المرتزقة والأموال من آل سعود والحدود التركية المفتوحة، في الوفت الذي يُحاولون فيه تجفيف كل منابع حزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية،  المالية والتسليحية ؟ ولماذا التدريب والعلاج من “إسرائيل”وفيها؟ أم أنك تعتقد ان كل ذلك عملاً خيّراً؟ هؤلاء لم يكونوا يوماً جمعيات خيرية، إنهم قساة الأرض ومجرموها، لكن ما داموا يعلنون ذلك على الملأ، هناك سببان ياأستاذ، أولهما كونهم لم يعودوا يحسبون حساباً لشعوبنا، معتقدين أنهم ليسوا أكثر من قطيع غنم أو ماعز، وهذا ما يؤلمني، لكنهم في نفس الوقت يستشعرون خطراً جدياً على مشروعهم التكفيري في المنطقة، الأمر الذي يعني أن في هذه الأمة بقايا رجال، تغرق على أبواب سواعدهم كل هذه الحثالات.

قال واقترب بالجريدة ووضعها أمامي مجدداً:

ـ أرأيت هذا يا أستاذ؟

أخذت الجريدة من يده، وبدأت أقرأ الخبر الذي كان يتصدر الجريدة، وكان يبدو مكتوباً من أحد “المسحجين” الذين شغلهم الشاغل “إستحمار” البشر ، ووضع أنفسهم في مكان المكتشفين أو الفلاسفة. وبإختصار شديد، كان الموضوع يتغنى بالرئيس، ليس من حيث طوله أو عرضه، ولا عن “عبقريته” في التوصل إلى إتفاق “أوسلو”، ولا “شطارته” وجمعه لكل ثروته، ولا عن عمله ليلاً نهاراً ليشكل كل هذه الشركات لأولاده وأحفاده وبكل رأس المال هذا …لا…لا … لا، بل كونه “أخطر رجل دبلوماسي على إسرائيل”!!! أتلاحظ معي؟ الأخطر دون جدال أو منافسة، فعلاقات إسرائيل “السيئة” مع أصدقائها بسبب حنكته!!! وتنازلاتهم للفلسطينيين دون أي مقابل بسبب سياسته!!! وتقهقر وضعها الأمني بسبب هذه السياسة أيضا!!!

شعرت وأنا أقرأ أننا نحن من ندخل مدنهم ونقتل أطفالهم، وأننا نحن من نصادر أراضيهم ونبني مكان زيتونهم “مستوطناتنا”، وأن أمريكا ودول الغرب الإستعمارية تضغط عليهم لإرضائنا، ولوهلة ظننت أن الرئيس أخطر من كل الفصائل المقاومة، وأنه أخطر من الصواريخ والمدافع والرصاص.

ونظرت إلى أبي عمر الذي كان، على ما يبدو، يتدارس تضاريس وجهي، وأخذت أبتسم، وتتسع إبتسامتي لتصبح ضحكة تتعالى، وسرعان ما التقت بضحكة أبو عمر، التي إنطلقت مجدداً مفجرة لحفنة دموع، سرعان ما أزاحها قبل أن تنزلق في الهاوية ما بين نهاية خديه وجسده الضعيف، وأوقف ضحكته فجأة وقال محدثني بحكاية من حكاياته، فقال لكن من نهاية القصة هذه المرة:

ـ كان الرجل يحدث زوجته عن معركته مع خصمه اللدود في الحارة، وعلائم الهزيمة على وجهه وجسده، لكنه لن يعترف لها بهزيمته فقال لها متباهياً متنافخاً:” تعاركنا… فلاحني ولحته… ومن شدة قوتي أصبحت تحته… وانظري لعروق رقبتي من كثر ما خنقته…”!!!

وقام أبو عمر مودعاً، وكان قد أوقف ينبوع ضحكاته لكنه لم يستطع أن يوقف نزيف دمعاته.

محمد النجار

الإسلام الأمريكي وأدواته في المنطقة

لم يكن تفجير الضاحية الجنوبية بالأمس، إلا مجرد هروب للأمام للتغطية على ما يدور في المنطقة كاملة من هزائم للمحور الرجعي العربي ، بقيادة آل سعود، وفي نفس الوقت محاولة يائسة للفتنة والتفتيت للتحالف اللبناني الفلسطيني، ، الأمر الذي يجعل حق العودة في مهب الريح، . وإذا أردنا الدخول في بعض التفاصيل نورد التالي:

* ما يدور على الجبهة السورية من انتصارات متتالية وسريعة في كامل الجبهات، الشمال والوسط والجنوب والقلمون و”الحبل على الجرار”، ما يعني أن الجبهة الرئيسية المستهدفة تخرج من بين أيدي هؤلاء الحثالات والدول الرجعية المتصهينة التي تقف خلفهم بقيادة آل سعود، الأداة الأكثر طاعة للصهاينة والإمبريالية الأمريكية، لذلك نرى كل هذا الإستكلاب الأمريكي وقصفه المتتالي للبنى التحتية السورية وتدمير لمنشآت النفط السورية، الأمر الذي لم يفعله وهي تحت سيطرة داعش والنصرة وأخواتهما، ونفطها يُسرق ويهرب عبر تركيا ويُباع للكيان العبري. والأمر كذلك بالنسبة لقاعدة الإمبريالية المتقدمة في المنطقة. الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من هذه الحرب الكونية على سوريا، والمنطقة عموماً سواء في العراق أو اليمن او مصر والجزائر وليبيا، فدوره في العراق من خلال أعماله الإرهابية الممولة من آل سعود وتقتيله لعلماء العراق، وتهديمه لبنيتة الأساسية (الإنسان العراقي والجيش العراقي) لم  ننساها بعد. وكذلك الحال لحكومة “الإخوان المسلمين” (العثمانية الجديدة)، الذين يريدون قضم الأراضي السورية، والذين يشكلون الذراع المتقدمة لحلف الناتو بعد اسرائيل، وكلهم بقيادة الإمبريالية الأمريكية.

* كذلك الحال في العراق، حيث الحشد الشعبي والجيش العراقي يتقدم ، لكن تقدماً بطيئاً لأنه يصطدم بالعرقلة الأمريكية دائما وأبداً، حيث لم يكتفِ الأمريكي بعدم إعطاء الجيش العراقي الأسلحة التي دفع ثمنها مسبقا، بعد أن فتّت جيشه وأضعفه وجرده من سلاحه، وفرض على العراق دستور بليمر الطائفي، ويرفضون السماح بتغيير الدستور الى دستور حداثي بعيدا عن الطائفية، فإن طائراتهم  أيضاً تقوم بإلقاء الأسلحة لحثالات الأرض من الدواعش والنصرة وخلف خطوطهم، وتعرقل الحشد وتقدمه لتنقذ قادة داعش وتنقلهم الى أماكن أكثر أمنا (كما حصل في تكريت، ليكونوا احتياطاً لهم في مشروعهم التدميري للوطن العربي والذي لم ينهزم بعد)،  وتم بعث المئات منهم في طائرات تركية وقطرية الى الجنوب اليمني ، وكما تم في ما أسموه عملية تحرير الاسرى  الأكراد من سجن عراقي، وكذلك من خلال طائرات الشحن العملاقة التي نقلت السلاح لتلك الحثالات في “تلعفر” في الموصل، وما زالت تعرقل قوات الحشد الشعبي وتحاربه بكل قوة وتحرض عليه طائفياً ومذهبياً وإعلامياً من خلال إعلام آل سعود و الشيخة “موزة” في حارة قطر، التي موّل أولادها وأحفادها حثالات الأرض الدواعش ب 32 الف سيارة تيوتا رباعية الدفع في سوريا فقط ، عدا السلاح والأموال، وما زالت، هذا عدا ملوك الرمال في مملكة آل سعود، والتركي الذي فتح أبواب بلاده لعشرات الآلف من الإرهابيين بأموال سعودية قطرية، وبأوامر أمريكية اسرائيلية.

*كذلك الأمر في اليمن، حيث يتم دك مواقع آل سعود وتحالفهم وكل مرتزقتهم سواء في باب المندب أو تعز أو المدن اليمنية المحتلة من آل سعود، والذي يتوج كل يوم بإحراق عشرات الاليات والجنود، من جنود آل سعود ومرتزقتهم، والغريب الطريف في ذات الوقت فإن الأمريكي وأتباعه لا يريدون أن يروا تمدد داعش والقاعدة في حضرموت وعدن وبقية مدن الجنوب، فأولئك رغم كونهم قاعدة لكنهم ليسوا ارهابيين ولا يجب محاربتهم، لأنهم في المكان الصحيح!!! واليمن الذي يعوم على ما يقارب ال35% من النفط العالمي والمحروم من استثماره بسبب آل سعود وتأثيراتهم المتتالية على حكومات اليمن، حد التبعية المطلقة، كما الحال في المعادن المختلفة والكثير من المواد الخام مطلوب أن يبقى مطية لآل سعود وأسيادهم من الكيان العبري الذي يدك المدن اليمنية بطائراته مع الإمبريالية لأمريكية ، ليبقى اليمن فقيراً هزيلاً تابعاً لا يستطيع التحكم لا بخيراته ولا بموقعه الإستراتيجي.

* والأمر يتكررفي فلسطين، كون القضية الفلسطينية هي المستهدف الرئيس مما جرى ومن كل ما يجري، وكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من كل ما يجري.، لذلك فانطلاق الإنتفاضة الفلسطينية من جديد رغم كل محاولت إيقافها وقمعها وطمس فاشية المحتل في التعامل  معها، ورغم ضغوط الرجعيات العربية المتصهينة على قيادة السلطة، هذه القيادات التي تقود الجامعة العربية المخصية والتي ما قدمته على مدار عمر القضية الفلسطينية كلها في القرن الأخير لم يصل إلى عُشر ما قدمته للحثالات البشرية في سنة واحدة، الأمر الذي يتطلب حرف وابعاد التركيز العربي والدولي عنها مادام ليس مقدور ايقاف فعالياتها. لذلك كله يجب التفجير والقتل ما أمكن في محور المقاومة، المحور الذي يقف ببسالة ضد حثالات الأرض وأسيادهم الصهاينة والأمبريالليين وتوابعهما من رجعيات عربية متهالكة متصهينة، وليكن في المكان الذي لم يستطيعوا تدميره، لبنان، وتحديدا ضاحيته الجنوبية حيث حزب الله، قائد حركة التحرر الوطني العربية بامتياز، والترويج أن من قام بذلك هم فلسطينيون، ليشتبك المخيم مع المقاومة اللبنانية ويصبح حق العودة نفسه مهدداً وبأيدي الثوار أنفسهم من لبنانيين وفلسطينيين. وأمام تحقيق أهدافهم في تفتيت الأوطان كان لا بد من استخدام ذخيرتهم الرئيسية في ذلك ، وهم “الإخوان المسلمين” ومرجعيتهم الأساسية أردوغان وحزبه العثماني الجديد، فكانوا هم خميرة تدمير سوريا، وهم خميرة تدمير اليمن من خلال حزب الإصلاح، وكذلك في تونس ومحاولات الفتنة الداخلية من خلال سياسة الأغتيالات ضد اليسار التونسي والذي اتهم فيها حزب النهضة الإخواني، وكذلك الأمر في مصر ومحاولة تدمير الدولة هناك ،رغم موقفنا الواضح من نظام السيسي، لكن هذا لا يبرر تدمير الجيش وتقتيل الوطن، والأمر نفسه كان قد تم في الجزائر من خلال جماعة عباس مدني، وما أوصلوا إليها ليبيا باسم ديمقراطية الناتو التي لم يؤمنوا بها يوماً لكنهم يدمرون باسمها الأوطان، وكيف قسموا السودان باسم الدين الأمر الذي لم يقم به أي نظام ديكتاتوري بما في ذلك نظامي عبود ونميري. وهاهم باسم الدين أيضاً برسلون جنود السودان الفقراء ليَقتلوا ويُقتَلوا في اليمن تحت أوامر آل سعود الذي يعتبر نفسه قد استأجر بضعة عجول لا أكثر، في الوقت الذي ينهار فيه السودان كوطن ومواطن تحت ذات القيادة التي تتاجر بالوطن والمواطن وأوصلت السودان الى الحضيض على كافة المستويات. وفي فلسطين حيث تحاول بعض قياداتهم توقيع هدنة طويلة مع الكيان الصهيزني من خلف ظهر الشعب كما فعلت تماماً قيادات أوسلو، فداعش ليس هدفاً أمريكياً، والقاعدة كذلك، وإن كان يضرب هذا القائد الميداني أم ذاك بين وقت وآخر لذر الرماد في العيون، فالسيدة كلنتون تعلن مجاهرة في الكونغرس “أنهم كانوا مضطرين لدعم  القاعدة”، ويعلن توني بلير “أن بلاده وأمريكا خلف ظهور داعش” ويعلن أوباما بكل صفاقة “أن داعش خرجت عن السيطرة” الأمر الذي يدلل على طبيعة العلاقة التي تربطهما، رغم كل ما يحاولون ترويجه من أكاذيب حول محاربتهم للإرهاب…  وفي النهاية، فهذا جزء من ضريبة النضال والمقاومة، فعلى الشهداء الرحمة والشفاء للجرحى والصبر لأههاليهم ولكل جمهور المقاومة.

محمد النجار

حُط في الخُرج

لم أره يوماً إلّا والسيجارة بين اصبعيه أو بين شفتيه، كان يُدخن مثل قطار، وفي أحيانٍ كثيرة يُشعل السيجارة من أختها، وفي كثيرمن المرات يتركها تحرق نفسها بين شفتيه، وعندما يضايقه دخانها المتصاعد نحو عينيه، يُغمض إحدى عينيه، يسحب نفساً عميقاً وكأنه يريد الإنتقام من رئتيه اللتين تبدآن بإطلاق زخات من السعال كمشط رصاص إنعتق لتوه وتحرر نحو عدو أكيد، ثم يأخذ ما تبقى من سيجارته بين أصبعين من يده اليمين، يتابع السعال ويعود ليسحب نفساً جديداً حتى تكاد أصابع” يديه أن تحترق، قبل أن يجد لها مكاناً يدفنها فيه بين صُحيباتها في منفضة أمامه.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتحاور في أمور الإنتفاضة، أو أمور الساعة كما يقال، وكما قال البعض:” ما اجتمع زوج من الفلسطينيين إلّا ليتحدثوا في السياسة” . كنا من مشارب سياسة مختلفة، لكننا من نفس الفئة الإجتماعية، تخرجنا من دول عربية وأوروبية مختلفة ، واستحضرنا الماضي أمامنا، وضحكنا وشربنا القهوة والشاي حين قال سعيد متبجحاً كعادته، وهو يستذكر رئاسته لإتحاد الطلبة عن فصيل السلطة الحالي، ليعود ويصبح من رجالات السلطة المهمين، قال:

ـ كنا الأغلبية دائماً…

وضحك بخبث وتابع:

ـ وما زلنا

فقال له مفيد متسائلاً:

ـ إذن لماذا بقيتم رافضين التمثيل النسبي في المؤسسات الفلسطينية؟

لكن ما تفاجأنا به ماقاله خليل، الرجل القطار كما أحب أن أسميه، والذي كان معه في نفس البلد في سني دراسته:

ـ أتذكر عندما طالبتم بالنصف + واحد في الهيئةالإدارية للإتحاد؟

سكت سعيد ولم يجب، لكن خليل أكمل:

ـ  قال حينها سعيد بأن قرارا من القيادة من المركزية طالبتهم بعدم التنازل عن النصف+ واحد، قلت له حبنها إذا كان ذلك حجمكم فخذوه، وإن لم يكن فلن تأخذوه، واتفقنا على ذلك، وفعلاً بدأنا نفرز الأسماء من خلال وجهة نظره هو ، ورغم كل مبالغاته إلّا أن العدد كان مناصفة، النصف لهم والنصف لثلاثة قوى أخرى، وكون الهيئة الإدارية تتشكل من سبعة أعضاء، وهم لا يكفون عن الحديث والتغني بالوحدة الوطنية، قلت له :

ـ جيد ، حسب تقييمكم لكم 3.5 عضواً، تفضلوا وتنازلوا عن نصف عضو من أجل الوحدة الوطنية.

ورغم ذلك رفضوا فالوحدة الوطنية يلتزم بها الآخرون، وهم يحصدون فوائد الوحدةفقط، فوحدة وطنية دون مكاسب لا تعنيهم البتة، أليس كذلك ياسعيد؟

كان قد دخن سيجارة كاملة أثناء قصته هذه، وتابع:

ـ  لذلك فمن المنطقي جداً أن لا توصلنا مثل هذه القيادة أبعد من “أوسلو”.

سكت قليلا وأشعل سيجارة من جديد، حين قلت في محاولة للإستمرار في ذات السياق:

ـ ألم تسمعوا تعليق جماعة الرئيس على لقائه مع “كيري”؟ قالوا لقد سلم الرئيس لكيري خمس مجلدات عن تجاوزات الإحتلال وانتهاكاته!!!

فردخليل قائلاً:

ـ ألم يدرك الرئيس بعد أن هذا العنوان هو عنوان خاطىء؟!!! لماذا لم يسلمها لمحكمة الجنايات الدولية؟!!

فقال مفيد مجدداً :

ـ دعونا ما قالوه جماعته وانظروا ما قاله الرئيس محمود عباس نفسه…

سأل عماد مستفسراً:

وهل هناك تصريحات جديدة؟

ـ طبعاً، “بيت السبع لا يخلو من العظم”، أتريد رئيساً بلا تصريحات؟

قال أحمد والمعروف بكثرة تهكماته.  فقلت:

ـ نرجو أن لا يكون قد نطق كفراً…

غضب سعيد وقال:

ـ الرئيس لا ينطق كفراً…

فقلت من جديد:

ـ إنشاءالله، لنرى……..

فقال مفيد بادئاً بنقل تصريحات الرئيس:

ـ ما أذكره أن الرئيس عباس أكد أنه ومنذ عام 2005 ابتدأ التنسيق الأمني الذي ما زال مستمراً حتى الآن ولم يوقفه ولن يوقفه، وأنه ملتزم به رغم عدم التزام “اسرائيل بشيء!!!

فقال خليل متسائلاً دون أن يتلقى أي جواب:

ـ ألم يقل الرئيس نفسه أنه أوقف التنسيق الأمني منذ شهور، التزاماً بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني؟!!! فقال أحمد متهكماً كعادته:

ـ خليها على الله يارجل، “حط في الخُرج”.

فقال خليل مجدداً :

ـ يعني كان يكذب علينا وعلى شعبنا كله بكل وقاحة.

فقال سعيد محتجا:

ـ رجاء لا تشتم الرئيس.

وتابع خليل وكأنه لم يستمع لما قاله سعيد:

ـ هؤلاء لا يؤمنون لا بمؤسسات ولا بعمل جماعي ولا يعرفون حتى الإلتزام!!!!

فقال أحمد:

ـ قلت لك “حط في الخرج”

قال سعيد من جديد:

ـ  رجاء لا تشتم السيد الرئيس

وأكمل مفيد:

ـ إذا عملتم معنا سلام سنأتي ب75 دولة عربية واسلامية لتعترف فوراً بإسرائيل وتطبع معها

فقال خليل من وسط غبار دخان سجائره:

ـ باسم من يتحدث هذا الرجل؟ الموضوع ببساطة حتى لمن يريد دولة على حدود الرابع من حزيران فقط، أن الإحتلال يجب أن يخرج، لماذا التبرع بالأعتراف والتطبيع؟حتى تنظيمه لا يوافق على ذلك إذا استثنينا المستفيدين، أليس كذلك ياسعيد؟

تململ سعيد في مكانه لا يعرف بما يجيب، وقبل أن يقول شيئاً قال أحمد مجدداً:

ـ قلت لك ” إنسَ وحط في الخرج”

تابع مفيد قائلاً معيداً تصريحات الرئيس عباس:

ـ إن عرفات يُشْبه رابين! فالإثنان رجلا سلام، وأنه عندما توفي رابين “حزنت وعرفات حزناً شديداً وذهبت مع عرفات إلى بيت رابين وقدمنا العزاء لزوجته”

فقلت موجهاً حديثي لسعيد:

ـ أصحيح هذا الكلام ياسعيد؟

وسعبد الذي ظل يتململ في مكانه وكأنه يجلس على لوح صبار تمتم بشيء ما لكنه لم يرد وتابع خليل تدخينه وحديثه:

ـ قاتل الأطفال والنساء، ومكسر عظام الفتية، هذا رجل سلام في عرف رؤسائنا؟!!! ليخبرونا إذن كيف يكون القتلة!!!  فقال أحمد من جديد:

ـ هوّن عليك يارجل، قلت لك “حط في الخرج”

ـ يُعزون زوجة رابين؟!!! لم أرهم كثيراً يعزون بشهداء شعبنا

قال خليل من جديد وتابع مفيد أقوال الرئيس:

ـ لا يجوز الإستمرار بإطلاق الصواريخ العبثية، نعم أنا أسميها عبثية ولا أخجل بذلك، هذه الصواريخ لا يجوز استخدامها  غرس سيجارته بين أخواتها في المنفضة الممتلئه وقال خليل:

ـ ما يحيرني أن هذه الصواريخ حتى لو كانت عبثية وللتهويش فقط فهي ما نمتلكه لنصد عدوانهم الفاشي الشرس، لماذا لم نسمعه ولا مرة واحدة يطالب الإحتلال بوقف صواريخه والتخلص منها؟ وصواريخهم ليست صواريخاً عبثية، بل صواريخ فتاكة. لماذا يصر هذا الرجل ومن معه على تجريدنا من عناصر قوتنا؟ لماذا لا يقايضهم مثلاً صواريخهم مقابل صواريخنا؟ لماذا الإصرار على أن نبقى ضغفاء؟!!!

فقال أحمد من جديد:

ـ لا تظل متوتراً، قلت لك “حط في الخرج”

فرد خليل بعلو صوته:

ـ يحرق أبو هالخرج، هو ظل فيه وسع تأحط فيه، لقد امتلأ من زمان….

فقال مفيد:

ـ صبراً وعلى رسلك، تركت لك الدسم للآخر لتتمتع بالرئيس وكلامه، يتابع الرئيس:

ـ  نتصالح بشرط أن تكون سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد ، طبعا والسلاح الوحيد المسموح به هو السلاح الشرعي…

فقال عماد:

ـ يعني بقينا كما نحن “ويادار ما دخلك شر ”

فقال أحمد:

ـ يعني ببساطة” مطرح ما خري شنقوه”، و”تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي”.

فقال خليل مكملاً تعليقاته:

ـ يعني يريد الرئيس تعميم الهزيمه بعد أن يجردنا من عناصر قوتنا، مصالحة على أساس برنامج انهزامي خاضع كليا للإحتلال وشروطه … أتعتقدون أن بمثل هذه القيادة يمكن أن تُحرر الأوطان؟!!!

وسكتنا، وظل هو يدخن صامتاً حتى قطع حبل الصمت أحمدقائلاً:

ـ لقد قتلت الجميع بدخان سجائرك، لماذا لا تترك هذه العادة السيئة وتقلع عن التدخين؟

فقال خليل:

ـ إنني بدأت التدخين منذ سن السابعة، كنت ألاحق المدخن في زواريب المخيم حتي يلقي بسيجارته أرضاً، آخذها وأسحب ما تبقى بها من أنفاس، ثم دلني رفاق السوء على الشاي أو الملوخية الناشغة وأخذت ألف منها السجائر، رغم أن أي انكشاف لأمري كان سيجعل من جسدي الصغير حقلاً لعصاة أبي، فحفنة الشاي التي كنت ألفها في اليوم الواحد كانت عبارة عن وجبة كاملة، ابريق شاي كامل نغمس فيه بضعة أرغفة لعائلتنا الكبيرة فنوفر وجبة كاملة، ورغم ذلك غامرت ودخنت واستمريت منذ ذلك الحين….  لكنني فعلاً نادم… نادم على أنني لم أدخن في تلك السنوات السبع الأولى…. أتريدني أن أترك التدخين وسط كل هذا العبث؟!!! ” خليها على الله يارجل وحط في الخرج”

محمد النجار

كل التضامن مع الميادين

بحثت كثيرا عن مفردات تساعدني في التعبير عمّا يدور في ذهني، حاولت الرجوع الى زمن المراهقة لأستعيد كلماتها القبيحة، الى “زعران المخيمات” الذين يحترفون صناعة الشتائم، لكن كلماتهم وشتائمهم ظلت أدنى بكثير مما أحتاجه، استحضرت شعراء الهجاء من “أوس بن حجر “إلى “الطرماح بن حكيم” مرورا با لحطيئة وصولاً إلى جرير والفرزدق والأخطل، واستنجدت بسيد الشعراء ابو الطيب المتنبي، إلّا أنني لم أجد ضالتي لديهم جميعاً، وخلت أن أبي الطيب يكاد يصرخ بي قائلاً بأن مرادي لن أجده في كل لغات العالم مجتمعة!!! ، فاستنجدت بالشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري، الذي كان ينظر الي ببصيرته مستغرباً جهلي بأن اللغة العربية لا يمكن لها احتواء ما يمكن أن يليق بهؤلاء من مواصفات، لكني لم أقتنع رغم ذلك، فاستحضرت القواميس وفردتها واستخرجت كلمات الشتائم والسباب والهجاء والقدح والذم لكنني لم أجد كلمات تليق بأنذال آل سعود، لم اجد فيها ما أقذفهم به، كون الكلمات أعجز كثيرأً من أن تصفهم ، أو بالأصح أنهم أحقر وأكثر عهرا وقذارة ونذالة من أن تستطيع الكلمات الإحاطة بصفاتهم تلك أو وصفها أو شرحها أو تفهمها أو إدراك أسبابها……

وأعترف انه من الصعب الإحاطة بكل ما فعله آل سعود من مؤامرات على شعوب المنطقة وقواها التحررية، ومن تدمير للأوطان لخدمة الكيان الصهيوني في العراق وسوريا واليمن وليبيا والجزائر ومصر ، ومحاولات تقسيمه إلى مذاهب وفئات وأديان، وبعد أن سلبوا أموال النفط العربية وتقاسموها مع الشركات الإمبريالية، وبدل استثمارها في الوطن العربي ليتطور وينمو اقتصاديا، ويستخدمونها لإنهاء البطالة والأمية وتطوير التعليم والطبابة، فإنهم يستخدمونها للتجهيل والفساد والإفساد وضرب التطور التصنيعي و المجتمعي، ودعم قوى الثورة المضادة على حساب قوى التحرر العربية كافة.

ومن باب المثل القائل “لا خير منهم ولا كفاية شرهم” فأنهم ورغم اغراقهم الفضاء العربي بالقنوات الفضائية والمحلية، من قنوات عهر وفتنة وتحريض مذهبي وفئوي وقومي، ومحطات تجهيل ديني ووطني، ورغم امتلاكهم لأكثر من 90% من تلك القنوات، فإنهم يضيقون ذرعاً بقتاة مناضلة مثل قناة الميادين، لا يستطيعون التعايش مع قناة تحاول أن تنقل “الواقع كما هو”، لأنها بذلك تنقل الحقيقة، هذه الحقيقة التي يحاولون اخفاءها عن الناس، لأنها تكشف أكاذيبهم وزيف إعلامهم ، فتعريهم وتُري الناس قبحهم ومؤامراتهم  وزيف ادعاءاتهم في كامل الوطن العربي، فتوعز لشركة “العرب سات” لإيقاف بثها…. نعم إيقاف بثها، الآن على وجه التحديد، لأنهم وحلفاءهم الصهاينة والإمبرياليين مستاؤون لنقل هذه المحطة المناضلة لإنتصارات الجيش العربي السوري على “مخلوقات” آل سعود وأسيادهم، من الدواعش والنصرة وأخواتهما، ومن خلفهما من محور آل سعود ـ قطر ـ تركياـ اسرائيل ـ أمريكا، ولكونها تنقل انتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي، على نفس الحثالات،بعد أن حاولوا ايقافه بكل الطرق، وكذلك الأمر لما يحققه الجيش اليمني واللجان الشعبية داخل اليمن من إفشال محاولات آل سعود وتحالفهم الأمريكي الرجعي العربي داخل اليمن أو في جيزان ونجران وعسير ، المناطق اليمنية المحتلة من آل سعود ، وهروب الجيش السعودي تاركاً مواقعه وأسلحته لأبطال ثورة سبتمبر اليمنية، وما كشفته الميادين من أسر للجنود السعودييين، واسقاط طائراتهم الحربية والعمودية والإستطلاعية وتدمير آلياتهم بالعشرات يومياً، كما تم كشف مشاركة الكيان الصهيوني في الغارات على اليمن، وكشف ما يقوم به تحالف آل سعودمن قصف المدنيين والمناطق الأثرية الحضارية والمساجد والمدارس والمستشفيات وصهاريج المياه والمحروقات ومخازن الطعام ومخازن الدواء وقصف الزرع والضرع، والحصار الجائر البري والجوي والبحري لتجويع الشعب اليمني ومحاولة تركيعه.بالضبط كما يعمل حلفاء آل سعود الصهاينة، في محاولاتهم الفاشله لتركيع غزة وشعبها، وتوجت الميادين ذلك بنقلها لإنتفاضة الشعب الفلسطيني الذي خرج مجدداً من تحت الرماد مثل طائر الفينيق” ،نفض نفسه، أزاح الرماد الذي تراكم على جسده منذ انتفاضة الأقصى، وبعد أن حاولت قيادة أوسلو اعتقال مناضليه وتشويه وجهه الثوري المشرق بما تقوم به من قمع وتنسيق أمني، ليسكت ويستكين لهم وللإحتلال، ليتسيَّد هذا الكيان على فلسطين والمنطقة كلها ، وليستطيع آل سعود أن يطبعوا شعوبنا العربية، ويروضوها ويُدجّنوها وينشروا الإستسلام في كامل المنطقة، والتي نقلوها من السر الى العلانية في الفترة الأخيرة، فجاءت الإنتفاضة وتصاعدت واستمرت، ونقلتها الميادين، فكشفتهم وعرتهم وأفشلت مخططاتهم…. فكيف لا يسعون إلى إغلاق الميادين؟!! بالضبط كما يحاولون جاهدين لإيقاف الإنتفاضة، من خلال الضغط على السلطة وقيادتها، مُعتقدين أن لقيادة السلطة يداً في استمرار الإنتفاضة، كونهم لا يعيرون وزنا للشعوب، ويتعاملون معها كقطيع ٍمن الإبل أو الخراف، لكن شعبنا ليس كذلك أيها الضعفاء الأنذال الجهلة، هذا الشعب صنع زمنه، غيّر زمن الخنوع بعد أن جبله بدمه، فأصبح زمن الثورة والإنتفاضات والجماهير الثائرة، وكما قال الشاعر الكبير محمود درويش:

“هذا زمن لا كما يتخيلون                       بمشيئة الملاح تجري الريح                  والتيار يغلبه السفين”.

لهذا ولغيره الكثير، ومن باب حرية الكلمة، والحق في التعبير والإختيار والتفكير ، ومن باب أن “الكلمة اللي ما تبقى رصاصة ملعونة وخاينة” و” واكسر قلمك لو ماقدرش يقول للغاصب لأ” كما قال عدلي فخري ذات يوم، فكل التضامن مع قناة الميادين، ونقول لكل الأعراب وعباءات الخيانة لآل سعود ومن لف لفهم : بأن هذا الزمان هو زماننا، زمن الثورة، زمن المقاومة التي حتماً ستنتصر، وإن كان هناك من يزرع في طريقها الأشواك وبنثر السموم، لكنها ستصل إلى خواتيمها المنتصرة، وأنتم ومن معكم سلقي بكم إلى مكانكم المناسب، إلى مزبلة التاريخ…………..

محمد النجار

كفاكم كفراً… للبيت رب يحميه!

الجُبير يكاد لا ينام الليل، غاضب على ما تتقوله عنه صحف “الفرنجة”، بأنه رجل كل من يريد أن يشتري من المخابرات العالمية، وليس العربية، لأنه خجول لكونه عربي، وأنه ولد المقاهي غالية الثمن، وأنه إذ يؤكد أنه رجلا للمخابرات الأمريكية فقط، لأنها بألف مخابرات ومخابرات، والدليل أنه لولا أمرها المباشر لآل سعود، لما حلم يوما بأن يكون وزير خارجية طوال عمره، خاصة وأنه للأسف ليس من العائلة المالكة، وكما قال المتنبي ذات يوم “ومن قصد البحر استقل السواقيا”، لذلك فهو على علاقات محبة ومودة وتبادل معلومات فقط وليس شيئا آخر، مع بقية أصناف المخابرات، وإن تميزت مع “أبناء العم “من الموساد.

كما أنه يتردد على المقاهي غالية الثمن كونه يؤمن بالمثل القائل” قل لي على أي المقاهي والبارات تتردد، أقول لك مَنْ أنت”، وأن عدم زواجه ليس كونه يُحب العزوبية ولا لأنه يكره النساء، كما أن الأمر لا يتعلق بكونه أحلساً أملساً، حيث “بارك الله في الرجل الشعور والمرأة الحلساء الملساء”، كما يحاول تصويره المغرضون وكأنه لا يحمل إلّا الصفات الأنثوية، و ليس به من الرجولة شيئاً إلا الشبهة. وأنه إذ يأخذ هذا النقد منهم بقلب منفتح وبصدر واسع، فهو لن يرد عليه ، كونه يعلم أن “قوم الفرنجة” هؤلاء لا يقصدون به سوءا، وربما وبمشيئة الله أن تثبت لهم الأيام ما كان خافياً…

لكن ما يُغضبه ولا يترك له مجالاً للنوم ليس هذا كله، بل هو “إيران”، نعم ايران وتدخلها في الدول العربية وشؤونها، واستفزازها المستمر في الفترة الأخيرة لمملكة أسياده آل سعود، وآخر هذه الإستفزازات في موضوعة حجاج “منى”، وهو لا يقبل هذا التهديد والإستفزاز أبداً، لأن أمرهم واضحاً، فالموت بالأساس مكتوب على الناس أجمعين، وما حصل ببساطة أن الله أخذ أمانته، أراد سبحانه ونفذ، فلماذا الإعتراض على أحكام الله؟!!! كما أن ما حصل يقع في باب القضاء والقدر، فكيف لا يُسلّمون بذلك ويدّعون أنهم مسلمون؟!!! والأخطر من هذا وذاك أنهم يطالبون بجثث مواطنيهم، بدلاً من أن يتركوا المملكة تقوم بدفنهم في مقبرة جماعية كما فعلت في كل مرة وقعت بها حوادث حتى الآن؟ ولماذا هذا الطلب التعجيزي؟خاصة وأن أسياده قاموا بجرف الجثث بالجرافات وتكويمها في أماكن مخصصة تمهيدا لدفنها، فليتركونهم إذن ليدفنوا في أطهر أرض كما فعلت بقية الدول، فمصر والسودان والمغرب والباكستان واندونيسيا وغيرها الكثير غضت الطرف وسكتت، وهم يعملون من الحبة “قبة”، فالموضوع لا يتعدى بضع مئات من القتلى، كما أن أسياد المملكة لن تنساهم من خيرها!!! وستنثر على عائلاتهم بعض المال فيرضونهم وينتهي الأمر، و”يادار ما دخلك شر”… أما الأخطر والأكثر استفزازاً أنهم يُحملّون المملكة وقادتها فداهم الله المسؤولية!! ويريدون تشكيل لجنة تحقيق يشاركون بها،  ويطالبون بأفلام “الفيديو” المصورة في الموقع ، فهذا والله استفزاز ما بعده استفزاز، الأمر الذي يتطلب أن تقوم المملكه حماها الله بغزوة ايران الشيعية الرافضة غزوة لا ينسوها أبداً، ولا تقوم لها بعدها قائمة، لكن قلوب آل سعود طيبة وصدورهم واسعة ويمتازون بالرأفة على البلاد والعباد، وبالعفو عند المقدرة، لذلك فالتسامح من شيمها والحكمة من صفاتها والحلم من أخلاقها والمحافظة على الجيرة والجيران من “سلو” قادتها، الأمر الذي جعلهم يغضون الطرف عما تقوله وتهدد به إيران، ولا تنزل الى ما نزلوا اليه، وتبقى مترفعة ثقيلة في مكانها، ف”الكيلو في مكانه قنطار”، و”الوعاء الواسع يتسع للوعاء الضيق” .

ولعل أكثر الدول العربية التي تتدخل بها إيران هي فلسطين، فسلحت شعبها وحرضته وورطته في حرب معروفة النتائج سلفاً، في محاولة يائسة لضرب دولة اليهود، الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، الصغيرة والمسامحة والمتسامحة والساعية دوماً للسلام، وذلك لتخريب علاقات المملكة بها، وكي تخسر مملكة الخير نتائج ما تبرعت به لبناء وتطوير بناء المستوطنات في القدس والضفة، والتي وصلت الى أكثر من 2,5 مليار دولار، أو كشف الأمر للرعاع من العامة، ليشوهوا وجه مملكة الخير الناصع ويجعلوه مظلماً، ويجعلوها على لسان الناس بالقال والقيل، الأمر الذي لا يُرضي الله ولا رسوله ولا أُلي الأمر. وأن إدعاءاتهم وأمثالهم من عملائهم الذين يسيرون على خطاهم من ميليشيات حزب الله الرافضي اللبناني، والمنظمات المدعية انها سنية في فلسطين وهي على وفاق مع الميليشيات الملحدة هناك، وتدّعي أنها تدافع عن “بيت المقدس”، فإن السيد الجُبير يُفنّد أقوالهم وينقضها وبصوت عال، صارخاً بأعلى صوته، “أنه ليس مطلوب منكم الدفاع عن بيت المقدس، كما ليس مطلوب من أحدٍ أيضاً القيام  بذلك، لأن “للبيت رب يحميه”، نعم أيها الكفرة الزنادقة المرتدون، “للبيت رب يحميه”، وأن أي تدخل أو محاولة لتحريره أو الذود عنه، ما هو إلّا كفر وإلحاد وخروج عن الشرع والدين، وإعتداء على صلاحيات الله، فكفوا عن محاولاتكم الخبيثة، واتركوا بيت المقدس على حاله ولحاله الى يومٍ يحدده رب العباد إذا أراد ذلك.

كما أنهم يتدخلون في سوريا ويسلحون نظامها العلوي الكافر ، المغلف بغلاف مدني، يزودونه بالأسلحة ليقتل ويدمر “ملائكة الرحمة” من داعش والنصرة وأخواتهما من أجناد الشام وكتائب الفاروق وتجمع الفتح. والأمر نفسه يكررونه في العراق، فيدعمون ميليشيات الحشد الشعبي المعادي للأمريكان، وأعاد الوزير مستغرباً، نعم كما سمعتم، المعادون للأمريكان، ونحن في المملكة والحمدلله ” والله” بكسر الهاء ، لو “لطونا” الأمريكان ب”الوطا”، أو الحذاء كما يقول المثقفون على رؤوسنا و”خشومنا” فوالله لما رفعنا رؤوسنا أمامهم أو عيناً في عيونهم ولا حتى حاجباً يثير عندهم شبهة التذمر، ورغم ذلك لما أوفيناهم حقهم، وأكد أن المملكة مهما فعلت من أجلهم فهو من باب رد الجميل ولن ترده.

لف العباءة حول جسده، ففي ليل الصحراء يتسلل البرد من تحت هذ “الشراشف” كما يحب أن يسميها الوزير غير الأمير، وكاد أن يطلق ضحكة احتجاج مجلجلة في المكان، وقال بكل ما أوتي من غضب، يريدون تعليمنا الديمقراطية!!! يريدون تعليم الشعوب أشياء تخالف الشرع والدين والأعراف والأخلاق، عندما يقولون أن الشعب السوري وحده الذي يحق له انتخاب رئيسه وقيادته، وهو الوحيد الذي يقرر مصيره بنفسه!!!ما هذا الهراء؟ ما هذا الكفر والإلحاد؟ إذا كنتم تعتقدون أن الرعاع وحدهم من يحق لهم تقرير مصيرهم بأيديهم وأنفسهم، فماذا تركتم لألي الأمر أيها الزنادقة؟!!! وأين ذهبتم بمسؤولية الملوك والأمراء أطال الله في عمرهم أيها المرتدون؟!!! وماذا فعلتم بالشرع والدين أيها الملحدون؟  ألم تعلموا أن الديمقراطية بدعة كما أكد مفتي المملكة رعاه الله؟ نعم” بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار”؟وإذا سكتنا عن ذلك الكفر والإلحاد في سوريا والعراق واليمن، فماذا سنفعل وكيف سنُسكت الرعاع في بلاد المملكة الممتدة؟ أو كما يسمونها في بلاد نجد والحجاز؟ وماذا سيحصل في موارد البلاد وخيراتها إذا “أمّمها” الملاحدة باسم الرعاع؟!!!، وكيف سيظل الأمراء أمراء والملوك ملوكاً بدون هذه الثروة؟ ومن أين سينفقون ويبذخون ويبذرون ويبنون القصور،  ويشترون السلاح الذي يدافعون به عن الأمة في وجه الفرس والمجوس؟ وكيف سيدعمون ويسلحون “ملائكة الرحمة” الذين يحاربون أعداء الله في سوريا والعراق واليمن ومُدّّعي الإسلام في فلسطين، كفاكم كفراً وضلالاً وعودوا عن غِيِّكم وجحودكم وضلالكم، ليغفر لكم آل سعود هذا الذنب العظيم، وتصبحوا على دخول الجنة بإذنهم وبإذن الله قادرين…

ولم يدر لماذا فكر الوزير أنه لو لم يكن وزيراً للخارجية لطالب بوساطة الأمريكان عند الملك وولده طال عمرهما، ليكون مفتي المملكة!!!.

مد الوزير يده متحسساً رأسه الأقرع، وكاد ينسى كل شيء عندما تذكر صفعات ولي ولي العهد المتتالية على رقبته مازحاً، وكاد يقول بصوت عال “ضرب الحبيب كأكل الزبيب” ، وأنزل كفه الى فمه وقبلّها متمتعاً برائحةٍ منبقيةٍ من “أثر” كف الأمير.

محمد النجار

الجيش الذي لا يُقهر…….صفات ومميزات

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح، كيف يهاجم الأطفال العزّل ـ بطبيعة الحال ـ ويستكلب في ضربهم وإيذائهم، خاصة والأطفال فُرادى وهم تكتل كبير من الجيش أشبه بقطيع كلاب برية جائعة، تعرف أنك أمام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح وهم مُتكتلين مع بعضهم البعض كيف يهاجم الفتيات والنساء اللواتي لا يحملن حتى حجر في أيديهن ، تدرك أنك أمام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح كيف يهاجم رجلاً مُسنا بالكاد يستطيع السير وكيف يتفنن الجنود بضربه ببنادقهم وعصيهم، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش كيف يقنص الأطفال بقناصات بنادقه، وكيف يشعر بزهو الإنتصار أمام هذا الإنجاز الدموي، تدرك أنك امام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى كيف يعذب هذا الجيش المدجج بالسلاح ضحاياه العزل أنفسهم، ويعتقلهم ويقتلهم ويهدم بيوتهم  تدرك أنك أمام جيش لايقهر.

*عندما ترى هذا الجيش كيف يفر من أمام أطفال الإنتفاضة وشبابها الذين لا يملكون سوى حجارة الطريق بأيديهم ، تدرك أنك أمام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى هذا الجيش كيف يقصف بطائراته ودباباته وصواريخه المحرمة دولياً، النساء والأطفال والعجز والمدارس والمستشفيات ورياض الأطفال والبيوت ويدمرها فوق رؤوس ساكنيها، والمساجد والكنائس ومحطات الكهرباء والورش الصناعية والسيارات، ولا يجرؤ أن يتقدم مترا واحداً مُترجلاً تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح كيف يحاصر 2 مليون إنسان مانعاً عنهم الماء والدواء والطعام،  والعلاج والتعليم والسفر وعيادة أم لأبنتها وحرمان أم من رؤية أبنها، ومنع شمل عائلاتهم تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح يُقطّع أوصال بقية وطن، ويملأه بالحواجز والمستوطنات، وكيف تتناثر عنصريته وتقتيله بهم، وبمن تبقى من سكان فلسطين في الداخل الفلسطيني، وهم عزل من السلاح، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى نفس الجيش المدجج يالسلاح، يُحرّض مستوطنيه ويقودهم لحرق الأطفال الرضع والفتيان، ويهدم المنازل ويقتلع الأشجار تدرك أنك أمام جبش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح ، وأنت في الزنازين مقيد بالسلاسل، وأيديك خلف ظهرك، يطلب تعزبزات ليقودك من غرفة التحقيق إلى الزنزانة خوفاً من غضب عينيك، رافضاً أمراً مباشراً من المخابرات، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف يفر هذا الجيش وقادته ليختبئوا في الملاجئ، هروباً من الصواريخ “العبثية” المصنعة يدوياً، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف يهاجر المستوطنون الذين في أغلبيتهم الساحقة إن لم يكونوا كلهم جيشاً، بعشرات الآلاف وبغير عودة، من نفس الصواريخ التي “تتساقط” من الباتريوت، ولا تقع إلّا على أبواب المستوطنات ولا تؤذي أحداً، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما تراهم كيف يصرخون ويبكون أمام عمليات المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف يأسر هذا الجيش وقادته الإنسان الفلسطيني “إدارياً” دون محاكمة، على اعتبار ما يفكر به، وعندما يحتجز جثامين الشهداء، وعندما يجعل من تجارة الأعضاء البشرية تجارة رابحة رائجة بعد تصفية الجرحى أحياء، فاعرف أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف كان يدخل هذا الجيش القرى الفلسطينية ، ويطلق النار على الفلاحين متنقلاً من بيت إلى بيت، قاتلاً الشيوخ والشباب والنساء والأطفال، باقراً بطون الحوامل، كما في دير ياسين، و على المصلين في المساجد والكنائس كما في مدينة اللد، أو على العمال العزل العائدين من عملهم كما في دير ياسين، يصفهم إلى الحائط ويطلث النار عليهم حتى الموت، فاعلم أنك أمام جيش لا يقهر.

والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى….. لكن دعنا نعود إلى التاريخ قليلاً، لتدرك معي وتوافقني الرأي، بأننا يجب أن ندرك مرة وإلى الأبد أننا أمام جيش لا يقهر!!!.

*بعد أن أحضر البريطانيون هؤلاء المستوطنون، مستغلين طيبة وسذاجة البسطاء الفلسطينيين، واستقبلهم الناس من باب القناعة بضرورة”نجدة الملهوف” الهارب من نار الحرب العالمية الثانية، قامت نواة هذا الجيش بالتفجيرات في الأسواق والمساجد والأماكن العامة ضد من نجدهم وحماهم وقدم لهم الأكل والشرب والفراش والأمان، كي يثبتوا لنا ويقنعوننا بأننا أمام نواة جيش لا يقهر.

*عندما تدرك أن “مسرحية حرب التحرير” التي يدّعيها، ما هي سوى التطبيق العملي المتفق عليه بين الحركة الصهيونية والأمبريالية الإنجليزية لتطبيق وعد بلفور، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*وعندما تدرك أن المشروع الإنجليزي كان يتلخص بإستقدام” أرخص سمسار” وزرعه في المنطقة مدعوماً بالرجال والسلاح للحفاظ على مصالح الإستعمار، وليكون أحد ضمانات التمزق العربي وعدم وحدته، لذلك جلبوهم من كل أقطار العالم ومنعوهم “بديمقراطية لا مثيل لها” من التوجه الى أي بلد آخر في العالم إلّا لفلسطين، وبنوا لهم المستوطنات وأغدقوا عليهم الأموال، وأفرغت بريطانبا العظمى ترسانتها التسليحية بين أيديهم، ودربتهم، وكبلت الإنسان الفلسطيني وسجنت مناضليه ولاحقتهم مع بقية الأنظمة التابعة لها، ولم تسمح له بحمل سكين برتقال صغير في “أرض البرتقال”، وعلقت له المشانق ، ورغم ذلك كان هذا الجيش يجبن ويتراجع ويفر من أمام بضعة ثوار ملاحقين في الجبال، ببنادق قديمة وبضع رصاصات إشتروها بعدما باعوا صيغة نسائهم وأمهاتهم، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما تدرك بأن الأنظمة العربية كانت تضغط على الجماهير الفلسطينية مع القيادة الإقطاعية الفلسطينية ـحيث نحن الفلسطينيون على مدار تاريخنا نتمتع بقيادات ثورية لا تساوم!!! ـ ليغادروا البلاد ويفروا من وجه المجازر الصهيونية، ويتعهدون لتلك الجماهير بإرجاعها بعد بضعة أيام وليس أسابيع، ثم تبدأ تعد “الخيل في الليل” وتحشد الجيوش والجِمال والأفيال و”ترسانات” الأسلحة لإعادة تحرير فلسطين، تدرك كم أن جيش الدفاع الإسرائيلي جيشا لا يقهر.

*وعندما تدرك أن حرب التحرير التي شنتها الأنظمةالعربية، جمّعت بها ومن كل الدول العربية ـ انتبه للرقم رجاءً ـ عشرين ألف جندي، بأسلحة هزيلة ضعيفة صدئة، في حين جمع الصهاينة تسعين ألفاً بأكثر أنواع الأسلحة البريطانية والغربية تطوراً، وقاد الجيوش العربية ـ انتبه مجدداً من فضلك ـ الجنرال الإنجليزي”غلوب باشا”، الذي تحتل بلاده فلسطين ومعظم الدول العربية، وسلمت بلده البلاد والعباد للصهاينة إيفاءً بالإلتزام بوعد بلفور، تدرك ماهية الحرب التي انتصر بها جيشهم، وتدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*وإذا علمت ورأيت بأم عينك الآن ماهية القيادات العربية، وما تحضره “لغزوة تحرير فلسطين”، لكن بعد تفكيك جيوش العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن، وبعد تولي داعش والنصرة وأخواتهما القيادة الإسلامية وخلافة المسلمين السنة، “المبشرين وحدهم بالجنة”، وبعد ذبح الكفار والملحدين والزنادقة والمرتدين والروافض والنصارى بإختلاف فرقهم ومذاهبهم، كي يتفرغ “القوم” لإذلال الصهاينة، لأنه بعد كل ذلك لا يوجد مبرر لتحرير فلسطين، لأن الصهاينة سيكونوا خائفين مرعوبين وغير قادرين على الإتيان بأي فعل سيء، عندما ترى ذلك تدرك لماذا هذا الجيش هو جيش لا يقهر.

*وعندما ترى القيادة الفلسطينية مستسلمة مستكينة صامتة مرعوبة معلنة في كل زمان، تخليها عن حقوق شعبها، وأنها لا تستطيع مواجهة إسرائيل، تدرك لماذا ظل هذا الجيش جيش لا يقهر.

*وعندما ترى نفس القيادة تعتقل مَنْ فكّر ورفض وقاوم بالكلمة أو بالحجر أو بالسلاح، وتحمي المستوطنين والجنود بدلاً من حماية شعبها، “كما أوضح شعث اليوم بأن السلطة قامت بمسؤوليتها في حماية المستوطنين “، تدرك لماذا أنت ما زلت أمام جيش لا يقهر.

*لكنك عندما ترى أن هذا الجيش والمستوطنون يفرون من حجارة هذا الشعب، وتُفرغ شوارعهم وأسواقهم عندما يبدأ الشعب بإستخدام “عضلات يديه” فقط ، قبل الرصاص والمدافع والصواريخ، وأنه كف عن سماع تبريرات القيادة المهزومة، تدرك أن الجيش الذي لا يقهر، ما هو إلا “نمر من ورق”، يمكن أن يهزم في أي مواجهة جدية قادمة، وأنك بهزيمته هذه تُخلّص العالم من آخر نظام عنصري إستيطاني، وتدرك أن لعبته الكاذبة إنتهت إلى غير رجعة.

*ملاحظة:

ألم تلحظ معي أن ما يفعله الدواعش والنصرة وأخواتهما ما هو إلّا نسخة كربونية لما فعله الجيش الذي لا يقهر؟ (مضيفًا إليه سبي النساء وإعادة فتح أسواق العبيد)، وبدعم من نفس الرجعيات العربية ومن نفس الدول الإمبريالية مضيفاً إليها الأمريكية!!! ياسبحان الله على هذا التطابق، لكن لله في خلقه شئون!!!

محمد النجار

يحسدون الكلب على فروته

لم يفاجئني أن يتم اختيار مملكة آل سعود لترؤس “لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمن الدولي”، وأنا أسميهم بآل سعود من باب إحقاق الحق وليس غير ذلك، فآل سعود هم من يملكون المكان والزمان، وهم من يملكون البشر والحجر والغنم والبقر، وهم من يملكون الفضاء والسماء والغاز والنفط والرمل والإبل والماء،  وكذلك يملكون الإبل والخراف والماعز والدواء والهواء، وبالتالي هم من يحق لهم البيع والشراء والكر والفر والقتل والذبح وحقن و إراقة الدماء، فكما يقول المأثور الشعبي” من تحكم بماله ما ظلم”، وهم بمالهم يتحكمون، وبه ينعمون، ومن خيرات ربهم عليهم يشترون ويصرفون ويتبرعون ويدعمون ويتاجرون ويقامرون،ويعاهرون وإن كانوا لا يجاهرون، وعلى الفرق الجهادية ينفقون ويغدقون.

أما المسائل الفرعية والتي لا قيمة لها في الحياة العملية، مثل أن يكون للبلاد دستور، ورأي للعباد وانتخابات، فبمثل هذه التفاهات لا يعبأون، وهم “أعني آل سعود” وخاصةعقول الكبار النيرة منهم، ألئك الجهابذة والمفكرين والعلماء، “لا يهمهم في القول لومة لائم” وبالتالي لن ينجرّوا لتطبيق هذه التفاهات المخالفة للشرع والدين الإسلامي الحنيف، فمثل هذه التفاهات هي “بدعة ، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار”، فمعاذ الله أن ينجرّ علماء  آل سعود وحكماؤها وجهابذتها إلى الذين لا يعرفون ولا يعقلون،  الذين يتجاهلون حقائق الأمور، والروافض والمجوس وأبناء فارس، وحزب الله والملحدون ممن يتمسكون بلبنانيتهم و سوريتهم وعراقيتهم، و فلسطينيتهم بدلاً من أن ينصهروا في دولة إسرائيل الكبرى، الحليف الكبير و”الصديج” الوفي للعائلة والدولة جزاها الله كل خير ، ومن يتمسكون بعروبتهم بدلاً من تمسكهم بدينهم وألي أمرهم حرّاس الكعبة الشريفة طال عمرهم ، أولئك الذين ما زالوا في غِيّهم يعمهون ويكابرون ويجادلون ويجاهرون، ومن شابههم من الحُسّاد الذين “يحسدون حتى الكلب على فروته” يحسدون آل سعود أيضاً أكثر على ما أعطاهم الله وأنعم عليهم مما ملكت أيديهم وكسبت من المال الحلال، يحسدونهم اليوم على ترأسهم” لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة”!!!، وهم أنفسهم يحسدون الصديق الصدوق إسرائيل على ترأسها” لجنة التحرر  ومقاومة الإستيطان” في الأمم المتحدة، مدعين على إسرائيل ما ليس فيها من إتهامات باطلة!!! يا سبحان الله، ياسبحان المولى على الكذب والنفاق و الكفر والفجور ، لماذا لا يحسدون حارة الشيخة “موزة” وزوجها وأبناءها، الذين يعلم الله كم دفعوا و”برطلوا” ورشوا من الملايين ليستضيفوا “ألعاب الرياضة” عام 2022، خسئوا أن نكون بهذه التفاهه، أنغدق الملايين على “الألعاب”؟! فعلاً “ولله في خلقه شئون”.

على كل حال، لقد بدأت القصة برمتها ب”حلم” لخادم الحرمين طال عمره، لا، معاذ الله أن يكون ذلك حلماً، لقد كان كابوساً، نعم كابوسٌ، حيث رأى “طال عمره” فيما يرى النائم، “خير اللهم اجعله خير”، أنه يَعُد العدة، ويُجهّز الجيش والخيل، ويشحذ السيوف ويسن حدودها، ليقوم بعاصفة حزم وعزم على بلاد “إسرائيل”،التي يسمونها زوراً وبهتاناً بأرض فلسطين، وأراد أن يبدأ قصفها بالمنجنيق لولا تخوفه من أن يُخطئ الهدف ويصيب المسجد الأقصى، فعدل عن الأمر، وألح عليه الحلم أن يفعل، لكن شيئاً في عقله الباطن نهاه ووبخه وذكّره أن إسم إسرائيل يعني شيئاً مهماً للعائلة كلها، فاستيقظ من حلمه فزعاً صارخاً بائلاً في فراشه، نازفاً عرقاً نتناً مثل بعير قطع الصحراء ركضاً دون توقف، وسرعان ما اجتمعت العائلة كلها، وعلى رأسها ولي ولي العهد وبقية الأبناء والأحفاد، ولم يخبروا أبناء العمومة والأخوال كونهم ثرثارين شامتين، وحملوا طويل العمر مباشرة إلى عرّافة القصر، وأحضروا مفتي المملكة من منامه، والذي ظل شخيره مسموعاً مثل بقرة قد ذُبحت لتوها، وتحاول إلتقاط ذرات هواء تتلاعب امام عينيها دون نجاح.      لم يستطع ولي ولي العهد ان يتمالك أعصابه لخطورة الأمر، وصرخ بوالده طويل العمر قائلاً:

ـ لقد خرّفت تماماً يارجل… كيف تجرؤ على مثل هذا الحلم؟!!! أنسيت أفضال القوم عليك وعلينا؟ فهم كانوا من أكثر المؤيدين على تمليكك ل”ديرتنا”، وهم الذين يقفون معنا في تدمير بلاد الكفرة في سوريا والعراق، وهم ونحن من يحارب دولة الروافض الإيرانية، وهم الذين يشاركوننا في قصف “ملحدي اليمن” وروافضهم… الله أكبر يارجل على مثل هذه الخطيئة، حتى أننا عندما رفضنا استقبال اللاجئين قاموا هم أيضاً ببناء سياج كيلا يدخل منه او يتسلل أحد، نحن وهم الشيء نفسه ياوالدي، والله لولا العيب وشمت الشامتين لإستخسرت فيك، وخجلت من أن أخاطبك بكلمة والدي… كيف تجرأت على ذلك؟!!! كيف استطعت ان تحلم مثل هذا الحلم؟!!!  فوالله لو لم تكن والدي لجعلت هذا”البغل” ـ وأشار إلى مفتي المملكة بإصبع يده ـ يفتي بزندقتك وقتلك رجماً. أهذا حلم تحلمه؟!!! هزُلت ورب الكعبة…

وازداد احتداد الأمير، وتهدد والده وتوعده، وأرغى وأزبد، وهاج وماج، ولولا تدخل الحاضرين والخوف من شماتة أبناء العمومة، لحبسه في غرفة ومنعه من أن يمارس هوايته الوحيدة، بعد أن غزا رأسه مرض الزهايمر، في اللعب على باب القصر ملوحاً بسيفه صارخا ناثراً رمل الصحراء على رأسه ورؤوس الزائرين.

وقال الأمير مخاطباً مفتي المملكة، صارخاً به:

ـ أما زال شخيرك يملأ المكان قاتلك الله؟ قم وافعل شيئا مفيداً، قل كلمة تُرضي الله والرسول وألي الأمر…. أم صدّقت أنك عالم دين جليل؟ قم وافعل شيئاً غير الأكل والنوم قاتلك الله، هل يجب أن أفعل كل شيء بنفسي؟ ألا ترى أنك تقبض آلاف الريالات وأنت في “عزِّ غلاء الرجال” لا تساوي” ملو أذنك نخالة”؟!!! ألم أطلب منك الإجتهاد في الدين؟ ماذا فعلت حتى الآن؟

كان مفتي المملكة ينتفض خوفا، وظن الكثيرون أنه إن استمر غضب الأمير ولي ولي العهد “سيفعلها” على نفسه، لكن الله كرّمه و”انحلت” عقدة لسانه وقال:

ـ لقد فعلت طال عمرك، لقد فعلت…

فقال الأمير وزير الدفاع صارخاً:

ـ هات ما عندك… قل

فقال المفتي وما زال ينتفض متلعثماً في حروف كلماته:

ـ ظننت طال عمرك أنه… أعني أن كل “صيت” المملكة وقوة شكيمتها ظلت مرتبطة بغير” فرعكم” طال عمرك… لذلك أوصيت علماءنا الأجِّلاء أن يُركِّزوا في خطب المساجد على ميزات صاحب الجلالة، وأن يُعدّلوا الآية الكريمة التي وصلتنا عن طريق الخطأ المقصود، والتي تقول”يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، ولا تنفذوا إلّا ” ب”سلمان” طال عمرك وليس “بسلطان” كما وصلتنا مُشوهة، وظني أن المقصود هو “ذرية سلمان” وولده محمد طال عمرك، ألا وهو جنابك طال عمرك، وهكذا لن يعود لا” لبندر بن سلطان”ولا لأبناء سلطان حقوقاً يطالبونكم بها…

سكت المفتي قليلاً، ثم أكمل:

ـ كما أن الله أنعم علي ووفقني في الوقوف على بعض الأحاديث التي كانت مُغَيّبة، منقولة عن أبي هريرة، تدلل على صحة ما ذهبت إليه…

انتفض الأمير فرحا هذه المرة، وقال:

ـ قل بعض هذه الأحاديث

فقات المفتي:

ـ لم تكتمل في ذهني بعد طال عمرك!!!

فقال الأمير ولي ولي العهد:

ـ هكذا … نعم هكذا تكون مفتي المملكة بحق.

وأخذ من جيبة رزمة من الدولارات، وضعها في يد المفتي وطبطب على يده ليهدئ من روعه.

تمشّى الأمير ذهاباً وإياباً وسط صمت الجميع، وأعطى أمراً واضحاً لا لبس فيه:

ـ تعبيراً عن الأسف الذي يلف مملكة آل سعود كلها، بما لها وما عليها، وتعبيراً عن حالة الحزن التي سببها “الحلم المفاجئ المشين” لطويل العمر قررنا ما يلي:

  • أن يُحرم طويل العمر ثلاثة أيام وليال متتاليات عن اللعب بالسيف على باب القصر نتيجة جُرمه الفاحش، وبعد ذلك يمكن إستيراد الباكستانيين و الهنود ليعاود طويل العمر تدريباته عليهم سواء بطعن السيوف أو ضرب الرماح، وأن لا تنسوا أن “تخصونهم” قبل أن تدخلونهم على “حريمنا”، والإستمرار بإخفاء جثث القتلى منهم بسبب الطعنات، كما كان حتى هذ اللحظة، وإن كُشف الأمر ننكره، ونستعيض عن هاتين الدولتين بدول إفريقية مواطنوها كمواطنينا ليس لهم ثمن، أعني أن لا يزيد سعر الرجل منهم عن سعر بعير

  • دعم “السلاح الشرعي” الذي تُمثله السلطة الفلسطينية، والذي يهدف إلى عرقلة وإيقاف المتطرفين الذين ما زالوا يعملون على وقف عملية السلام الناجحة بين الفلسطينيين والأخوة الإسرائيليين، وفي ذات الوقت الدعم في السر إن تعذر الأمر في العلن، لما تقوم به أختنا وحليفتنا إسرائيل، ضد الإرهابيين الفلسطينيين واللبنانيين من كافة الأعمار والأجناس. والتأكيد على أن السلام ممكن إذا تخلت السلطة عن تعنتها وقامت بواجباتها من أجل السلام.

  • دعم المجاهدين الأبطال في داعش والنصرة وأخواتهما من التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر ولبنان والصومال وأينما وُجدوا، ومحاربة من يحاربهم بما في ذلك الجيش الروسي القادم من وراء البحار ليفشل جهودنا، ونوصي الأخوة المجاهدين أن يواصلوا كل ما كانوا يفعلون بما في ذلك من عمليات الحرق وشواء البشر وقتل الأسرى من جنود ومؤيدوا لأعداء الإسلام، وسبي النساء ورجم المخالفين حتى الموت وأكل أحشاء البشر، وأن يُصوّروا كل ذلك ويبثوه كما فعلوا حتى الآن، وإننا نعلمهم أن التصوير حرامُ من حيث المبدأ، إلّا في حالتهم فهو محللٌ لهم لغايات الإنتصار على الكفرة والروافض.

سكت الأمير قليلًا ليتذكر ما يمكن فعله ليكفر عن جرم أبيه من ذلك الحلم، حين شاهد “عرّافة” القصر قد بدأت تتململ في جلستها، فشعر أنه يجب أن يستمع لما تريد أن تقوله تلك العجوز الشمطاء التي إن غضبت منه فسينعكس الأمر بسوء ما على جسده، فطلب منها بشيء من الخشوع أن تتحدث، فقالت:

ـ لقد نسيت الأهم طال عمرك، نسيت أننا يجب أن نعمل ” لصاحب الجلالة” طويل العمر “حجاباً” كي يحميه ويقلل من نسيانه ويعيده إلى رشده، وأن تكلف أحداً بقراءة سورة الفلق والكرسي كي لا يصيبه مكروه من عيون الحساد، ثم بعد ذلك أن تأمر من يحضره إلي لمعاودة جلسات العلاج بالقرآن التي تَخلَّف عنها في الآونة الأخيرة. كما تخلف عن جلسات دهان جسده بدهن “البعير”.

وهكذا فعل ولي ولي العهد ثم خرج تاركاً خلفه من سيواصل تنفيذ أوامره.

دخل إلى مكتبه، كانت بعض الصحف على طاولته، أبعدها بطرف يده لأنه يكره القراءة والقراء، كما أنه لا يُحسن القراءة بالعربية كثيراً كما حاله في اللغات الأخرى، فتح التلفاز  على محطة تلفزيونية لا تتبع لإمبراطوريتهم على غير عادته، ومن باب الفضول أخذ يستمع لهم، مستغرباً ما يقولونه رغم أنهم ليسوا من الروافض الشيعة، ولذلك كان طويل العمر قد تأكد أنهم كفرة ملحدين……   كان يقول التلفاز:

ـ “ولله في خلقه شئون”، فخلق لنا هذه الكائنات المحسوبة ظلماً وعدواناً على المخلوقات البشرية، أنظروا إلى متخلفي آل سعود، ترون بوضوح أنهم كائنات لا تعرف القراءة ولا “التتبيع”، كائنات غريبة عجيبة بلا أفق ولا كرامة ولا أخلاق ولا إحساس، كائنات بهيمية صرفة، تعتقد أنها تُعوض عن إنسانياتها بأموالها، وأن من حقها شراء الذمم والبشر ونشر الفساد والإفساد وشراء القيادات وتدمير الدول والأوطان والمؤسسات، هذه العائلة التي تقتل البشر وتتعامل معهم وكأنهم كومة من الحشرات، الم ترَ كيف تعاملوا مع الشهداء الحجاج؟ إنهم يخافون أو يجبنون أمام الإعتراف بالأخطاء، ولا يتعلمون منها، هذا الموت المجاني دائم الحضور في معظم مواسم الحج.

إنهم يُميزون أنفسهم لا لشيء إلّا لأنهم يسرقون أموال الأمة ويرهنون ما يتبقى من عهرهم في بنوك الغرب، ليستخدمها في استغلال شعوب الأرض بالديون والفوائد وضرب وتخريب الإقتصاد في تلك البلدان، لتزداد تلك الشعوب فقراً وبحاجة إلى المزيد من الديون، وسرعان ما تربط مصيرها ومستقبل أبنائها وسوقها وسياستها واقتصادها بتلك البلدان، وتبيع مواردها الأولية بأبخس الأثمان، تصور هذه الأموال التي يدمرون بها حضارات بلادنا لو وضعت في خدمة شعوب المنطقة، لن ببقى مجاعات ولا أمية ولاجهل ولا بطالة ولا فقر ، وكان سيكون إقتصاد بلادنا من الإقتصاديات الناجحة في العالم، وكانت هجرة العقول والعمالة نحو بلادنا بدلاً مما هي عليه الآن. هؤلاء الأنذال قمة متعتهم أن يحشوا بطونهم بالفتيت واللحوم، ويعيشوا الدهر  كله يلعبون بخصياتهم ويحلمون بالجنس، نعم بالجنس فقط، فرؤوسهم لا تتسع لامرأة كاملة، هؤلاء يعتقدون أنهم إن إستطاعوا أن يشتروا لجنه حقوق الإنسان ويترأسوا لجنتها، يُغطّون على ما يدور في بلدانهم من منع حق الكلام وحتى التفكير عن البشر، يعتقدون أن ذلك يُغير شيئاً من حقيقة قمعهم لشعبهم، أو يُخفف من الأمية والجهل والبطالة والجوع والقتل والسجن وشطب الحريات، ويعتقدون أن الناس ستنسى أن مرتبة دولة آل سعود في العالم في مجال حقوق الإنسان، رغم الرشاوى والدعم الأمريكي وحلفائه الغربيين، هي 164 من أصل 180 دولة…..

رمى طويل العمر “مُوجه” التلفاز من يده، وكاد كعادته أن يمد يده ليبدأ اللعب بخصيتيه، لكنه تراءى له أن المذيع ينظر إليه ويبتسم، يبتسم ويكاد يضحك منه ساخراً، فقام غاضباً وخرج من مكتبه.

محمد النجار

رسلة مفتوحة لرئيس السلطة الفلسطينية

كثيراً ما تساءلت عن السر الكامن وراء هذا الخنوع القيادي الفلسطيني، أمام حثالات الأرض الصهاينة، الذين لا يفهمون سوى لغة القوة، حتى إذا ارتخت قدمك من فوق رقابهم يتمردون من جديد، كما يُلاحظ من التجارب المختلفة من عمر الثورة الفلسطينية المسلحة وتجارب المقاومة الوطنية اللبنانية المُتوجة بقيادة حزب الله.

أقول أنني أظل مشدوهاً وأكاد لا أصدق ما أسمع، خاصة من جانب رئيس السلطة ورئيس حركة فتح في الوقت نفسه، وحاشية “المطبلين والمزمرين” الملتفة حواليه، والتي لا عمل لها سوى ترديد النباح دون توقف أو إنقطاع، عن رفض العمل المسلح والإنتفاضي الشعبي وحتى الدفاع عن النفس ولو حتى بالحجارة، رغم شلاال الدم اليومي المتدفق، وهم في أغلبهم لا أحد يعرف من هم أو من أين أتوا ولا كيف وصلوا ليصبحوا في هذا المستوى القيادي وصناعة القرار!!!.

كما أنه من أبجديات العمل الثوري أن المُتعَب أو الذي تصدأ أفكاره أو قدرته على الفعل الثوري، يقف جانباً ويترك القوى الثورية والشابة لتكمل المشوار، لكن هؤلاء لا يريدون النضال ولا يريدون لأحد غيرهم أن يناضل، يعني ” لا برحمك ولا بترك رحمة الله تنزل عليك”، وهم حتى لا يقفوا صامتين بل يعرقلون العمل الوطني بكل ما أوتوا من قوة، والأكثر خطورة أنهم يقدمون المعلومات للعدو الصهيوني لإعتقال المناضلين أو تصفيتهم من قبل هذاالعدو، إذا لم يستطيعوا إعتقالهم هم أنفسهم، وإذا صحت المعلومات عن تسليمهم مناضلي عملية نابلس الأخيرة، فيمكن إدراك إلى أي مستوى من الإنحدار وصل الإنحطاط بهم، الأمر الذي يتطلب التعامل معهم كعملاء في أعلى مراحل العمالة والإنحطاط، وتقديمهم لمحاكم ثورية معنية بهذا الأمر. فخديعة أنهم ينفذون اتفاقات أمنية هي خديعة واهية، فلا شيء في الكون يسمح أو يقبل بأن يُقتل أبناء الشعب من أبناء جلدتهم أو أن يعتقلوا لمصلحة المحتل مهما كانت الأسباب والمبررات.

نعم إنني كثيراً ما تساءلت عما يدفع هؤلاء لمثل هذا الفعل المشين، رغم أن قسماً منهم كانوا ذات يوم مناضلين، ولم أجد إلاّ المصالح الذاتية، المعاش وفضلات الأموال المنهوبة من فم الشعب وقوته ودمائه، لكن هذا الأمر يدفع لتساؤل مشروع آخر: أيعقل أن تكون قيادة فلسطينية بهذا الرخص والبؤس والنتانة؟ أيعقل أن تكون بهذا الإنحطاط؟ بهذه السفالة؟ ويبدو أن الأجوبة بالإيجاب كما هو واضح.

وهنا علينا قول الأشياء بأسمائها، وأهمها أن الرئيس عباس عليه إيقاف هذا العبث بشكل فوري وقاطع إذا كان يتمايز عن هؤلاء المرتزقة، عليه اتخاذ الإجراءات لحل السلطة، وعليه الإلتزام بقرار المجلس المركزي ووقف التنسيق الأمني وليس مجرد التهديد بذلك، واعتبار من لا يلتزم بذلك خارج عن الصف الوطني، وعليه وقف الحديث بآرائه الخاصة، لأنه رئيس للسلطة ولحركة فتح، وإبقاء تلك الآراء لنفسه، أو أن يستقيل ومن ثم يقول ما يريد ولمن يريد، وخاصة بما يخص رأيه بحق العودة ورفضه الإنتفاضة والعمل المسلح ، وعلى رأسها مسألة “الصواريخ العبثية”، كما أسميتها ذات يوم وما زلت يا سيادة الرئيس، هذا إذا لم يرد الرئيس أن يتعلم على الأقل من تجارب شعبه و إذا لم يرد أن يتعلم من تجارب الشعوب أيضاً، فليس من صالحه أن نتساءل ماذا كان يمكن أن يحصل مع الشعب الفييتنامي لو كان لا قدر الله رئيسنا عباس بدلاً عن الرئيس هو شي منه، أو لو كان  مكان المناضل دانييل أورتيغا في نيكاراغوا، أو لو كان مكان فيدل كاسترو في كوبا أو ماو في الصين، أو لو كان مكان المناضل حسن نصر الله، فربما كنا نشهد الإستيطان قد وصل إلى وسط بيروت!!! وماذا لو كان ياسر عبد ربه مكان الجنرال جياب أو لو كان رؤساء الحكومة الفلسطينين أمثال الحمدالله أو الإقتصادي فياض بدل إقتصاديوا الإقتصاد الصيني مثلاً، ماذا كان يمكن أن يحصل مع تلك الشعوب؟ ولماذا تُستثنى فعاليات شعبنا وطاقاته ليظل على رأسه “المخصيون” وفي كل المجالات؟!!! فالمرحوم سلفه الرئيس عرفات رغم أخطائه وخطاياه التي توّجها بخطيئة توقيعه على إتفاق “أوسلو”، إلّا أنه رفض  التوقيع على بيع الوطن في كامب ديفيد الفلسطيني، واستخدم السلاح في انتفاضة الأقصى، فنال شرف الشهادة بعد حصاره وتسميمه، لذلك ظل رمزاً رغم كل الأخطاء والخطايا والتي ليس المجال للحديث عنها في هذا المقال وفي هذه العجالة.

أما أنت يا سيادة الرئيس فلا علائم أو دلالات على أنك قد تعلمت من دروس التاريخ ولا الشعوب ولا شعبك ذاته، وكأنك وصلت إلى ناصية العلم والمعرفة التي لم ولن يصل إليها أحد، ومن باب رفع العتب ـ ربماـ عن أنفسنا نذكرك بأن تدرس تجربة أوسلو التي أتيت بها أنت نفسك وأقنعت سلفك بها وبتوقيعها ، وأنظر بنفسك ما الذي فعلته هذه الإتفاقية المشؤومة بالوطن والمواطن، أنظر كم كان عدد المستوطنين وكم من المرات تضاعف بفضل هذه الإتفاقية،”أقل من 100 ألف عام 1993 والآن أكثر من 700 ألف مستوطن”، كم عدد الشهداء على مدار الإنتفاضتين وكم مرة تضاعف في زمن ” السلم الأوسلوي” الذي أحضرته لنا، وكذلك الأمر للجرحى والأسرى وعدد الحواجز المزروعة في الضفة الفلسطينية، وانظر إلى حال المواطن وغلاء المعيشة و كيف تفشت حالات الفساد والإفساد والوساطة، وانظر كيف بعتنا في أسواق النخاسة عند أنذال القوم من الأعراب و”المستعربين”، كيف بعتنا إلى “حارة” الشيخة موزة وأبنائها ببضعة ملايين، فدمروا سوريا وطردوها من الجامعة العربيه وشردوا شعبها ودمروا أرضها في محاولة تقسيمها ، وكل هذا لضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيق يهودية الدولة العبرية!!! ثم بعت موقفنا لدولة آل سعود لتدمر اليمن، هذا الشعب الذي لم تمر عليه أي ذكرى لفلسطين دون أن يحتفل بها، والذي كان الأسبق دائماً لدعم قضيتنا التي لم تستطع الحفاظ عليها، هذا الشعب وهذه القضية التي “تُقلق” قادة الكيان الصهيوني!!! أليس في الأمر ريبة هذا إذا أحسنا النوايا؟!!! وكيف سلمت رقاب مليوني فسطيني في غزة للنظام المصري ليتحكم بها  عبر إغلاقه المعبر الوحيد، لخنق الشعب وتجويعه من خلال حصاره الظالم، وها هو الآن يغرق غزة بمياه البحر ليلوث ما تبقى منها من مياه شبه صالحة للشرب، ويقتل ما تبقى من إمكانية لزراعة أرضها بإستشارتك وموافقتك وتحت عينيك، لا لشيء إلّا لخلافك مع حماس!!!

وكي لا نبتعد كثيراً، ألا تعتقد أن التهديد الدائم بتقديم قادة الإحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية دون أن تُحرك ساكناً رغم جرائمهم الدائمة والتي فاقت جرائم النازيين، أصبح مثير للريبة والتساؤل إن لم نقل للسخرية أيضاً؟!!! ألا تعتقد أن لإصرارك على عدم إصلاح م ت ف بمجلسها الوطني والمركزي وقيادتاها ،ولإصرارك على نشر ثقافة الإستسلام و”إحتكارها” ” فيبدو أن خالد مشعل وأبو مرزوق قد تنازلا عنها بعد انكشاف أمرهما من حليفتيهما قطر وتركيا، وأبقوك وحيداً لتحتكر الإستسلام”، وتعميمها على حساب ثقافة الثورة والفعل المسلح والإنتفاضي، كل ذلك يؤثر على الوطن والمواطن ويجعل القضية في آخر جداول العالم إن لم يلغها أصلا عن ذلك الجدول؟  كفى عبثاً يا سيادة الرئيس بالوطن والمواطن. كفى إستهتاراً بعقول الناس وحيواتها، كفى لا مبالاة بالدم الفلسطيني، فجداول الدماء هذه وأنهارها ليست ماء.

فعظام القادة يا سيادة الرئيس هم الذين عرفوا أن يتخذوا القرارات الصحيحة في اللحظات الصحيحة، فقم واتخذ القرار الصحيح، فاللحظة ما تزال مناسبة بعد، رغم كل هذا التأخير غير المبرر، لأن البديل أن تتجاوزك اللحظة وأن لا تحصل إلّا على لعنات شعبك الذي لن ينال إلّا مزيدا من الذبح من الإحتلال بفضل سياساتك، فهل تفعل؟!!!

وكي أصدقك القول اقول لك كلمات الشاعر الكبير مظفر النواب” والله أنا في شكٍ من بغداد إلى جدة”.

محمد النجار

قال ذات يوم …أبي

ـ “رئيسنا” زين الشباب… زين الشباب “رئيسنا”.                                                                                          قلت ذلك لصديقي إبراهيم وكدت أكمل”” رئيسنا” عنتر عبس… عنتر عبس ” رئيسنا””، لولا أنني تذكرت أن في عنتر خصائص ومواصفات ليست موجودة في السيد الرئيس، قلت عندما كان قد انتهى من سحق رأس سيجارته في منفضة أمامه وكأنه بذلك ينتقم من شيء ما، وسرعان ما أشعل سيجارة أخرى، في عجالة غريبة لحرق رئتيه، وأكملت:

ـ أرأيت ذلك الثمانيني الهرم كيف يقف”منتصب القامة” في الأمم المتحدة؟ رجل ولا كل الرجال، يحمل سنون عمره فوق ظهره دون أن تحنيه أو تتعبه، ودون حتى أن تُسئمه كما أسأمت الشاعر زهير بن أبي سلمى… “فحل” يا ما شاء الله عليه…يسير بخطىً واثقة كأنه هو “القضاء المبرم”، يا ماشاء الله عليه…

أكملت ما بين الشهادة بقدرات الرئيس وإستفزاز صديقي الذي كانت أجهزة السلطة قد إعتقلته “لطول لسانه”، وتخوفاً من ـ باب الإحتياط ـ من أن يكون وراء طول اللسان أفعال مخفية عنهم، وفي بلادنا عيب كبير على السلطة أن لا تعرف كل أمور مواطنيها، بدءاً من غرف نومهم نهاية بما يدور في رؤوسهم، وذلك حرصاً على حيواتهم، وكلما عرفت السلطة أكثر كلما استطاعت حمايتهم أكثر وأكثر، فمن يدري فربما لو لم يعتقلوه فربما كان الإحتلال قد إغتاله!!! لكنهم أطلقوا سراحه بعد أشهر قليلة ليعتقله الإحتلال لسنة في السجن الإداري، حيث تم إطلاق سراحه منذ ما يزيد عن اسبوعين اثنين بقليل.

كانت لفافات دخان سيجارته تتسابق نحو سقف الغرفة، وفمه وأنفه يضخان الدخان مثل نافورة ماء كسرت ولم تُصلح بعد، وأنا ما زلت أتحدث قائلاً:

ـ فجّرها السيد الرئيس… أرأيت؟ بالمختصر المفيد فجرها .

فقال وافتعال الهدوء يعلو جبينه، خاصة وأنه ضيف على مائدتي، وليس من اللياقة إلّا أن يكون في قمة أدبه، وكي أصدقك القول هو كذلك دائماً، وإن علا صوته وارتفع أحياناً لكنه دائماً ضمن حدود الأدب، رغم ان كلماته تكون حادة مثل حد السيف:

ـ إن من يريد أن يفجر قنابله فالساحة هنا وليست في الجمعية العامة، فهنا الإحتلال والمستوطنون، وهنا الأقصى والقيامة وكنيسة المهد وجامع عمر، والحواجز والجنود والطرق المقطعة والوطن الممزق….

قاطعته قائلاً:

ـ أتفتعل أنك لا تفهم ما أقول؟ إنني أتحدث عن القنبلة السياسية…

فقال مستغرباً سؤالي:

ـ وأنا أتحدث عن ذات الأمر، فأنا مثلك ومثل الجميع يعرف أن رئيسك هذا لم يمسك قنبلة ولا بندقية ولا حتى حجراً في حياته، كما إعترف هو نفسه في أكثر من مكان، في عز تسليح الثورة، ومن لم يحمل سلاحا آنذاك لن يحمله الآن، لذلك أقول لو أراد فعلاً تفجير قنبلة لفجرها هنا ولأسمع هديرها العالم كله….. لكن ما فجره الرئيس إن كان قد فجر شيئا هو ليس أكثر من قنبلة “عبثية”، سرعان ما تم نسيانها

ـ أعتقد أنك تتجنى على الرئيس، إنه “غاندي” القرن الواحد والعشرين، رجل لا يؤمن بالعنف، لديه وجهة نظر مختلفة…. يقول البعض أنه كذلك منذ الصغر، وأنه كان ميالاً في طفولته المبكرة للعب بألعاب الفتيات ويفضلها على ألعاب الصبية الأولاد، ونشأ وكبر على تجنب العنف وكرهه، وازدادت توجهاته السلمية مع زيادة تجربته وكبر سنه.     قلت موضحا مدافعاً حين قاطعني بدوره قائلاً:

ـ وربما ازدادت قناعته ترسخاً مع تكدس الملايين من الدولارات والدراهم والريالات، أم أنك تعتقد أن الأموال التي نثرها آل سعود لم يكن لها مردود؟ لأن أهم وليس أول مردود لها هو “أوسلو” الذي وقعه الرئيس الحالي والرئيس السابق… وكي لا نبتعد عن صلب الموضوع، أدعي أن رئيسك لم يقل شيئاً سوى التهديد، نعم التهديد بأنه سيتنصل من الأتفاق المشؤوم إذا لم تلتزم به “إسرائيل”، وكأن “إسرائيل” التزمت بأي إتفاق أو معاهدة من الأساس!!! و”إسرائيل” تعرف أن كل هذه الفيادة لن تفعل شيئاً، فمصالحها أصبحت مترابطة ومتداخلة مع مصالح الإحتلال، وهي لن تتنازل عن مصالحها تلك، لذلك يقول الصهاينة” دعهم ينبحون”، وكما قال ذات يوم أبي ” الكلاب التي تنبح لا تعض”، إن ما قاله ياعزيزي ليس سوى من باب استغباء الناس والضحك على “لحاهم”، فلو كان لديه الحد الأدنى من الجدية فلماذا لم يعلن عن حل السلطة بشكل واضح؟ أو لماذا لم يُعطِ أمراً لأجهزة السلطة بالإستقالات الجماعية؟ أو لماذا لم يوقف التنسيق الأمني رغم وجود قرار مجلس مركزي به؟ ومن يظل يُنسق من الأجهزة فليُعتبر خارج الصف الوطني؟ لماذا لم يُطلق سراح المناضلين المعتقلين ويعتذر عن ممارسات أجهزته الامنية بحق الشعب الذي يقوده؟لماذا ما زال يلاحق المنظمات التي تُحاول التسلح لمقاومة الإحتلال؟ ألا تعتقد أن من لا يريد “أوسلو” لا يجب أن يتمسك بالمبادرة الفرنسية التي لا تتحدث حتى عن دولة ولا حتى في أراضي ال67، وتتحدث عن تبادل أراضٍ ل”لتنقية” الدولة العبرية وتؤسس ليهوديتها، ولا تأت بأي ذكر عن حق العودة….المهم الأفعال يا عزيزي وليس الكلام، وهؤلاء لا بهذا ولا بذاك، وكما قال ذات يوم والدي “لا في الهدة ولا في الردة ولا في عثرات الزمان”.

قلت من وسط ضباب دخان سجائره المتبقي في سماء الغرفة رغم شبابيكها المشرعة:

ـ ألا ترى أن ذلك بداية تحرك على الصعيد العالمي، ألم تر أنه أكد على ملاحقتهم في المحاكم الدولية؟

ـ ومن الذي أوقفه حتى الآن؟ دعني أقول لك شيئا من التحقيق الذي تم معي في هذه المرة على يد مؤسسات “الرئيس” الذي تُدافع عنه، أثناء فشل رجل المخابرات “الفلسطيني” تزيين “أوسلو”، قلت له: ” منذ ما يُقارب الربع قرن وأنتم تفاوضون وحصلتم على الخيبة فقط، وها هم يأخذون منكم الأمن ويجعلونكم مجرد موظفين تابعين لأجهزتهم الأمنية، ماذا بعد؟ لماذا لا تتراجعون؟ فقال لي مستغرباً وكأنه يسمع الأمر للمرة الأولى:”نتراجع؟!!! سنفاوضهم حتى لقرن كامل… ما الذي يزعجك؟” مثل هؤلاء تريدهم أن يلغون “أوسلو”؟!!! ما الذي تتحدث عنه يارجل؟ هو لا يزعجه الأمر بتاتاً فالوطن عنده أصبح مجرد معاشاً، وربما إن تبرع بمعلومات أكثر يتضاعف هذا المعاش، وتُستبدل القضية ودماء شهدائها وآلام جرحاها وأنات نسائها إلى حفنة أموال في حساباتهم في مصارف البنوك….. إذا أصبحت القضية غائبة عن بعض أصحابها لا تستغرب غيابها عن المسرح الدولي؟

أستغرب الآن كيف تحولت إلى مدافع الآن بعدما حاولت أن أكون مهاجماً، وأكمل هو قائلاً:

ـ ألم تلاحظ رد الرئيس على سياسة الإحتلال بعد إغتيال الشهيد التلاحمة والشهيدة الهشلمون؟

وأجاب دون انتظار إجابة:                                                                                                                         ـ “أحذركم من إنتفاضة لا نريدها”، لماذا لا يريدها؟ لا أحد يعلم ، وإن كان لا يريدها لماذا يصرح بذلك لأعدائه أصلاً؟ الشعب يعطيه نقاط قوة مغمسة بالدم وهو يتنازل عنها!!! يالمساخر القدر، لماذا تتعرى هذه القيادة وهي تعرف أن لا شيء عندها لتتباهى به وتفتخر ؟ لا شيءعندها ليراه الأقربون والأبعدون سوى ضعفها وخواءها؟

سكت قليلاً، إرتشف ما تبقى من قهوة من فنجانه، وقبل أن يُشعل سيجارته قال:

ـ ألم تر كيف فعل رجال الأمن الفلسطيني بفتيان مدينة بيت لحم؟ أهكذا يكون أمن الثورة؟ تماماً مثلما تفعل أجهزة الأمن للرجعيات العربية، وكما كانت تفعل دكتاتوريات أمريكا اللاتينية قبل أن تنتهي الى مزابل التاريخ، والرئيس الذي لا يؤمن بالعنف بكافة أشكاله كما يعلن عن ذلك في كل المناسبات، ليكن عادلاً على الأقل، فليؤمن به ويطبقه على الجانب الفلسطيني أيضاً، فليس من الإنصاف أو العدل أن يُطبقه مع الأعداء ويمارسه بأبشع صوره كما رأيت في الجانب الفلسطيني.

فقلت في محاولة دفاع يائسة:

ـ سيقدمونهم إلى المحاكمة بسبب ذلك…..

فقال محتجاً:

ـ إحترم عقلي قليلاً يارجل، لقد قام هؤلاء بتنفيذ التعليمات، فعلوا ما تعلموه، ولولا أنه تم تصويرهم لتم نفي ذلك أو حتى لن يسمع به أحد، فالأمر ليس بمستجد ولا فردي ولا خارج عن سياقه، كل ما في الأمر أنه قد تم اكتشافه.        سحب سحبات متعاقبة من سيجارته كعادته في حالات غضبه وأكمل:

ـ ثم من سيحاسبهم؟ ألم تذكر أنه تم محاكمة أحد القتلة في عهد الرئيس السابق، وحُكم بالسجن المؤبد، ثم سرعان ما تم نقله حراً طليقاً من سجن في الضفة إلى غزة، وبعد إنكشاف أمره تم تحويله ملحقاً في أحد سفاراتنا في أحد الدول الأوروبية!!!

فقلت محتجاً:

ـ لا… لقد خرجت عن الحدود، غير معقول، هذا لا يعجبك وذاك لا يعجبك، ما الذي تريده؟

فقال بهدوء كامل وبثقة لم أعهدها كثيراً:

ـ يعني لم تحتج على ما قلت لأنه صحيح، هذا جيد… على كل حال أنا أتحدث عن بشر وليس عن ملائكة، ومهما كان هؤلاء ومهما فعلوا من الإيجابيات، لكنهم من أوصلنا إلى “أوسلو”، من أوصلنا إلى هذه الحالة التي نحن بها، وكما قال ذات يوم أبي “غلطة الشاطر بمئات الغلطات”، وكي يغلقوا فمي وفم أمثالي عليهم أن يخرجونا من هذه المصيبة التي وضعونا بها، عليهم اخراجنا من المستنقع الذي ما زالوا يُغرقون شعبنا به يوماً بعد آخر، وإن أرادوا البقاء بعد ذلك وحدهم فهذا شأنهم.

فقلت لأوضح الأمر له:

ـ يقولون أنه محبط من سياسات الإحتلال… فكما ترى كل يوم عليه أسوأ من الذي قبله…

فقال جازماً:

ـ وما الذي ينتظره من إحتلال إستيطاني إقتلاعي؟ فكما ترى “معادلة” الإحتلال واضحة تماماً، وهي تتناسب تناسباً عكسياً لسياسات السلطة، يعني كلما زادت تنازلات السلطة كلما زاد الإحتلال عنجهية وكبرياء ، وكلما أصبحت السلطة أكثر رضوخاً كلما أصبح هو أكثر تعنتاً، ألم يرَ الرئيس بعد أن الإستيطان تضاعف عدة مرّات في سنوات “أوسلو”؟ ألم يرَ أن عددالشهداء قد تضاعف ونسبة العنف وقتل وسجن الأطفال؟ ألم يرَ بعد ما يفعله المستوطنون بحماية الجيش من قتل وحرق للبشر وتدمير للممتلكات واقتلاع الأشجار؟ ألم يرَ ما يتم في القدس والأقصى والمقدسيين؟ وكما قال ذات يوم أبي نقلاً عن أحد الشعراء” إن كان لا يدري فتلك مصيبة     وإن كان يدري فالمصيبة أكبر”،  لذلك فعلى الرئيس أن ييأس من سياسات سلطته وليس من سياساتهم، لأن سياسات سلطته أضحت جزءا لا يتجزء من سياسة الإحتلال، جزء مكمل وضروري، لا تكتمل سياسة الإحتلال دونها، لذلك عليه تغيير هذه السياسة والتعامل بالمثل على الأقل ، فلو اوعز لإحتجاز “أو أغمض عينيه” مجموعة مستوطنين وطالب بإطلاق   سراح المعتقلين، سوف ترى كيف سيرضخون….

فقلت معترضاً:

ـ قل سيمزقون السلطة كلها

فقال بذات الهدوء:

ـوماذا سنخسر؟ بالعكس، هذا هو المطلوب، أن تتحول السلطة إلى سلطة مقاومة بدلاً من أن تظل مكملة لسياسات الإحتلال ومنفذة لها، وكما قال ذات يوم والدي” قال الله للقرد سأسخطك، فقال القرد مستغرباً: أكثر من ذلك؟ لقد خلقتني قرد وطيزي حمراء”.

كنت أحاول أن أقرّب المسافات، أن أطرح الأمور بشكلها الجميل، الحسن، فقلت:

ـ لا عليك … ها هو  أجل عقد المجلس الوطني نزولاً عند مطالبة الفصائل

لكن رده أعاد المسافات إلى بعدها السابق، فعدنا “يا رب كما خلقتني”….  قال:

ـ ولماذا حدده أصلاً دون استشارة الفصائل؟ إلى متى لا يريد هؤلاء الإعتراف ب”الآخر” ولماذا يكررون الأمر نفسه دائماً وأبداً؟ لماذا ما زالوا يعتقدون أن ما يحق لهم لا يحق لغيرهم ؟ وأنهم الذين يقررون وعلى الأخرين السمع والطاعة، وإن رفض الآخرون حينها يشهرون في وجوههم “سيف” الوحدة الوطنية، وكأن الوحدة الوطنية مشروطة بأن يكون القرار والمال والسلطة في أيديهم دون حسيب أو رقيب؟

افتعلت الإنشغال، سكبت له ولي فنجانين آخرين من القهوة، لأن عقلي لم يكن يستطيع تجميع كلمات قادرة على تشكيل جملة واحدة لأقذفها في وجهه، فظللت أستمع لما يقول:

ـ سيعود ياعزيزي ويقوم بذات الطريقة التي قام بها المرحوم سلفه، وسيملأ المجلس بأشباه القوى والفصائل التي لا حضور ولا تفاعل ولا جمهور ولا مؤسسات، على حساب القوى الفاعلة والرافضة لنهجه، مضيفاً إليهم مئات “المستقلين” شرط أن يكونوا من مؤيدي نهجه وجاهزين للبصم في كل الأحوال، ويتم انتخاب قيادة جديدة من نفس “الطينة” والمواصفات، لتكون النتائج بذلك محسومة وديمقراطية ومحققة للوحدة الوطنية!!!، ولا تحلم أن يشكل قيادة موحدة للفصائل ويبني وحدة وطنية بشكل جاد وحقيقي على أساس التمثيل النسبي.

صمت طويلاً على غير عادته، ارتشف من فنجان قهوته رشفة وحيدة من بين “مصّات” عدة من طرف سيجارته، وقال:

ـ أخشى ما أخشاه ما قاله ذات يوم والدي” الخْرَى خْرَى إن كان مكسي أم عْرَى”.

اسند ظهره ظهر الكنبة في صالون بيتي، نفث دخان سجائره في سماء الغرفة، وأكمل سارحاً وكأنه لا يراني:

ـ وأنت ربما لا تعرف والدي… فوالدي إنسان قديم قديم… تخاله جاء من عمق الأرض حاملاً على ظهره عبق التاريخ، وكأنه ترك جده كنعان لتوه، تراه حاملاً رأس الفلسطيني يوحنا المعمدان جاداً في البحث للثأر له، متسلحا بعكازة المسيح سائقاً أمامه بضع غنمات من غنمات محمد…..

ظل الصمت يلفني كالمشدوه، وكأنني لا أعرف صديقي الذي أمامي، وكأنه شخص آخر لا أعرفه، وخلت أن أصابه مسٌ من الجنون بعد اعتقاله الأخير، وأكمل هو قائلاً:

ـ وقد أوصاني والدي هذا ذات يوم قائلاً  “إياك أن تنام على ظيم”، ومنذ ذلك الحين بقيت أقاوم بساطير الإحتلال وأحذية الحثالات…. ألا تعتقد أن معهم كل الحق لإعتقال أمثالي؟!!!

رمى سؤاله بوجهي مثل حجر، شكرني على دعوته واستأذنني وخرج، وبقيت والصمت يتعالى داخل رأسي ويكاد يفجّره.

محمد النجار

حمّلوه عنزة ظرط….

كنت جالساً أتابع التلفاز بمرارة، حين ظهر ذلك الشخص بشكل مفاجىء ليزيد حنقي، وإنني إذ أعترف لك أن مجرد رؤيته تستفزني، وأكاد أبصق عليه من على صفحة التلفاز، كلما نطق حرفاً، إلّا أنني لم أستطع أن أكبح جماح فضولي من الإستماع إليه، فبصقت عليه في سري وأخذت أستمع لما سيقوله عن سؤال وُجه إليه يقول: لماذا لم تستقبل دول الخليج المهاجرين السوريين، بدلاً من هذا العذاب المُميت والمُكلف والمُذل سياسياً ومادياً للوصول إلى الدول الأوروبية؟ فعدّل من وضع حطة رأسه ناصعة البياض والتي تشبه رايات الإستسلام التي يستخدمها الجبناء في الحروب لينقذوا جلودهم، وقال، لا بل “بال”، لا… لا ، لم أخطىء، نعم لقد “بال” من فمه، وأنت تدرك كيف يبول المرء من فمه، فالأمر مختلف عن الذي يسكت” دهراً وينطق كفراً”، فمثل هذا المرء مرده إلى الله ليسامحه أو لا يسامحه على كفره في يوم الدين، وكذلك الأمر مختلف عن الذي يتحدث متناسياً المأثور الشعبي القائل:”إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، وأنت تدرك الفرق بين أن يكون الكلام الذي يخرج من فم الشخص فضة أم بولاً كالذي يخرج من فم “صاحبنا”… لذلك أنا أُصرّ على أنه “بال” من فمه رافعاً “رجله” تماماً كما يبول الكلب على قارعة الطريق. وما عليك إلّا أن تحكم بعد أن تستمع لما قال.

قال:

ـ  لا… لا، الخليج مختلف، له عاداته وتقاليدة، لا… لا يستطيع، فهؤلاء المهاجرون لديهم مشاكل نفسية خطيرة. عدّل من وضع حطة رأسه من جديد وتابع بوله:

ـ لا، الخليج مُكْلِف والحياة به غالية وهم لا يستطيعون… لا….

أول ما خطر في رأسي سؤالاً إستنكارياً يقول لهذا التافه: من الذي تسبب في هجرة هؤلاء؟ أليس أكلة قلوب البشر؟ أليسوا “محتكروا” الحقيقة القابضين على”مفاتيح الجنة” كما يدّعون؟ أليست حاميتكم أمريكا؟ وبأموال مَنْ؟ أليست بأموال آل سعود التي لم تطلق يوماً طلقة على أعداء الأمة العربية، بل لم تستخدم أسلحتها وأموالها إلّا لتدمير حركات التحرر العربية والمناضلين العرب وتدمير الأوطان، بل ووظفتها لخدمة ما تطلبه الإمبريالية من أفغانستان إلى دعم الأحزاب اليمينية في بعض الدول الأوروبية كي لا تصل أحزابها الشيوعية للسلطة خلافاً لإرادة شعوب تلك الدول التي إنتخبتهم كما تم في فرنسا وإيطاليا، وكما موّلت حملة الكونتراس في نيكاراغوا كي لا يصل الساندينيون إلى السلطة، تماماً كما موّلت القاعدة وداعش في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومصر” والحبل على الجرّار”… ولا أستغرب أن تكون حكومة آل سعود وحلفائها هي الداعم المالي للعثماني الجديد أردوغان ليتخلص من اللاجئين الذي بنى معسكراتهم قبل أن يبدأوا حربهم الكونية على سوريا، فمن جهة يضغط على الأوروبيين الذين لم يؤيدوا المنطقة العازلة، قائلاً لهم “لا تُريدون منطقة عازلة؟ إذن تلقوا المزيد من المهاجرين”، فمن غير المعقول أن يفر هؤلاء بعشرات الآلاف في نفس اللحظة مارين في دول عدة دون دعم دولي، تماماً كما أنه لا يمكن لتنظيم مهما على شأنه وكبره وتمدده، أن يمتلك دبابات وآليات وأسلحة وأموال ومتفجرات بآلاف الأطنان وجيش بعشرات الآلاف ويحارب في أكثر من مكان، دون أن تكون خلفه دولاً، كما حال داعش والقاعدة، والغريب أنهما رغم إمتلاكهما كل ما سبق وخروجهما أحياناً عن إرادة خالقيهما، إلّا أنهما لم يُخطئا ولو مرة واحدة ولم يخرجا عن الخط الأحمر الأول المرسوم لهما بأن يُطلقا طلقة واحدة باتجاه الكيان الصهيوني، ولو حتى عن طريق الخطأ !!!، ومن جهة ثانية لتفريغ سوريا كما العراق من كنزهما البشري وخاصة أن المهاجرين هم من الشباب في أغلبيتهم الساحقة والكثيرون منهم حملة شهادات وأكاديميون، وأمور أخرى كثيرة لا تتعلق بموضوع حديثنا. لكن أكثر ما استفزني في الأمر أن هذا المتخلف، ماذا؟ نعم المتخلف رغم شهاداته التي يحملها، وهل بالضرورة أن لا يكون كل من حمل شهادة متخلفاً؟ بماذا تفسر لي أن “حارة الشيخة موزة” تحتضن أكبر تجمع للمثقفين الذين لا هم لهم سوى الترويج والتنظير والتبرير لكل ما يضرب حركة التحرر الوطني العربية؟!!! هذه الحارة التي تحكم بالمؤبد على مجرد شخص ينادي بالإنتخابات، تعتقد أن لدى ديمقراطيتها متسعاً للمثقفين لو كانوا مثقفين حقيقيين ولديهم الحد الأدنى من الوطنية أو الثورية لو لم يكونوا تابعين لقوة المال؟… أقول أن هذا التافه لا يعلم ان هؤلاء لو كان لديهم مشاكل عصبية ونفسية كما يدّعي، فهو ومن يموله السبب في ذلك، كما أن هؤلاء ربما يكونون أقل منه ومَنْ هم على شاكلته مرضاً نفسياً، وأن جدود هؤلاء مع جدود الفلسطينيين واللبنانيين هم مَنْ نقلوا الأبجدية إلى تلك الصحاري قبل أن يصلها النفط، واستشهد منهم الكثير من الأفاعي والعقارب، وأن الذباب والبعوض الذي رأوه وحاربوه لم يروا بمثله ولا بحجمه في أصقاع الأرض، نقلوا لهم الأدوية وبنوا لهم المدارس بأيديهم كما المصحات والبيوت بدل الخيام، واستخرجوا لهم المياه وأحضروا لهم الحبوب وعلموهم الزراعة، نعم، هم من علموه وعلموا أجداده الحياة، وها هم الآن لا يحصلون على تأشيرة دخول لهذه البلدان التي لولاهم لماتوا من الظمأ، لا بل كانت مكافأتهم بتدمير أوطانهم وأحلامهم. إنهم نسوا “أن من علمني حرفاً كنت له عبداً”، وفضلوا أن يكونوا عبيدا لراعي البقر الأمريكي وللبريطاني والفرنسي، ويؤمنون بالقول المأثور”… الغريب حلو”.

نسي هؤلاء شيئاً اسمه الكرم، أو إغاثة الملهوف… “الخليج مُكلف”… في الزمن العادي كنتم تتآمرون على الناس وترحلوهم بعد أن تُشاركونهم أموالهم وتسرقونهم لاحقاً باسم ” الكفيل”، أنسيتم؟ الدول تبني حضارات بالمال، وأنتم تُدمرون أوطاناً وتقتلون البشر وتدمرون الحجر وتنشرون الدعارة والبطالة والجهل، نسوا هؤلاء الجهلة أن سوريا هذه، سواء أحببت النظام أم كرهته، هي من استقبلت الشعب الفلسطيني بالأحضان والتضامن  عند مأساته ولا زالت، ولم تُفرّق بينه وبين أبنائها، والسوريون كانوا جنباً إلى جنب يقاتلون الإستعمار في كامل سوريا الكبرى، ومن هو عز الدين القسام سوى مناضلاً سورياً جاء ليستشهد في فلسطين، وأن هؤلاء السوريون هم من احتضن ما يقارب من مليوني عراقي عندما أطلق آل سعود جنونهم تدميراً وتفجيراً في العراق مع الأمريكي، وهم من احتضن نصف مليون لبناني في الحرب على لبنان، وأن هؤلاء السوريون العظام لم يفتحوا لهم معسكرات ولم يطلبوا نقوداً ممن كان السبب في مآسيهم أمثال آل سعود، ولم يتاجروا بقضيتهم لأمم متحدة أو شؤون اللاجئين، تقاسموا معهم لقمة الخبز، وواسوهم وعضّوا على جراحهم مبتسمين، وأن سوريا هذه رغم كل الإنحطاط العربي لم تتنازل عن مجرد بضعة أمتار في “جولانها” المحتل… أم ربما لأنها كذلك يُديرون عليها كل هذه الحرب الكونية؟!!!

نعم هو هذا ذات الشخص الذي كان منذ بضعة أسابيع يدافع عن تدمير اليمن، يدافع عن مجازر آل سعود فيها، ويُهدد ويتوعد شعب عظيم كالشعب اليمني لا لشيء إلّا لأنه شعب فقير بسبب آل سعود أنفسهم الذين يمنعوه من إستثمار خيراته، فهو يعوم على بحر غاز ونفط يفوق ما لدى آل سعود، يتهجم على شعب مقدام جسور كريم، تخيّل!ويتحدث عن أنه وآل سعود سينغصون على إيران والإيرانيون حياتهم من خلال دفع الأموال لإثارة الفتن بين قومياتها ومذاهبها، تخيّل إلى أين وصلت بهم الصفاقة والوقاحة والغطرسة، وهم لم يكونوا قادرين على الصمود لحظة في وجه بلد مثل العراق، ولن يستطيعوا مع سوريا، وسيتمرغ أنفهم في تراب اليمن، والآن يتطاولون على إيران!!! صحيح كما قال المأثور الشعبي” حملوه عنزة ظرط قال هاتوا الثانية”…

ـ مالك تنظر إلي مثل الأبله؟ تحرك رأسك كأعضاء برلمان عربي متخلف جاهل…

ـ فشرت… لا تقل جاهلاً، صحيح أنني لا أمتلك شهادات كشهادة صاحبك، ولا كأولئك في حارة الشيخة موزة، لكني لست مثله ولا مثلهم، وكل ما قلته أنت أعرفه رغم أنني لا أعرف أن أقوله و”أُصفط” كلماته مثلك، واستفزني صاحبك هذا أكثر مما استفزك، بدليل أنني بصقت على وجهه القبيح على شاشة التلفاز بشكل جدي وليس مثلك في سري، شيء آخر سأقوله لك ، لا تُشبّهني بأعضاء البرلمانات العرب إذا أرت أن تراني مرة أخرى في بيتك….

محمد النجار