يبدو أن تغيير قواعد اللعبة القديمة، التي رسخها حزب الله برده العملي على جريمة القنيطرة (ببيان رقم 1) وبقوله على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله، بدأت تأخذ شكلاً عملياً جديداً، من خلال العملية العسكرية الكبيرة التي يقوم بها الجيش السوري مع حلفائه في جبهته الجنوبية (الذي يمكن اعتباره البيان رقم 2)، والذي يهدف بإصرار على طرد مسلحي التكفيريين من جبهة النصرة من كل حدود المنطقة المحاذية للجولان المحتل.
فهذه المنطقة التي حماها العدو الصهيوني وسهل للتكفيريين البقاء فيها وفي المنطقة منزوعة السلاح بينه وبين سوريا، واشترك بطيرانه أكثر من مرة ليضرب دفاعات الجيش السوري ممهلا انتشارهم في المنطقة كما ساعدهم في خطف قوات حفظ السلام وطردهم من المنطقة ( الذين طالما سجلوا هذا التحالف المشترك بين النصرة واسرائيل) كما هيأ لهم مستشفياته في الداخل التي استقبلت ما يقرب من مئتي جريح، وسرعان ما أقام لهم مستشفى ميدانياً في الجولان المحتل، هذه المنطقة التي كان يهيؤها هذا الكيان لمنطقة عازلة جديدة بحماية (لحد) من النصرة كانت نبع النصرة المستمر في التدفق من الأردن، حيث التدريب والتسليح والتسلل الى سوريا بإشراف غرفة العمليات التي تقودها مخابراته مع المخابرات الأمريكية والسعودية والقطرية والأردنية، وما شعارات محاربة داعش (بجيش بري) بذريعة دماء الشهيد معاذ الكساسبة التي يرفعها النظام الأردني إلا بكذبة كبيرة لتمرير إدخال قوات ارهابية من عشرات الدول مدربة على الأرض الأردنية لمحاربة الجيش السوري، ولخدمة الكيان الصهيوني الغاصب.
ويمكن بسهولة رفع سؤال للنظام الأردني: كيف يمكنه حفظ الحدود مع الكيان الصهيوني وعدم قدرته على ذلك على الحدود السورية؟ ولماذا لم ينتقم النظام الأردني ولا مرة واحدة لشهدائه الذين قتلهم الكيان الصهيوني وظل صامتاً عن دمائهم صمت القبور؟ ولماذا اعتقل هذا النظام على مدى عقود عشرات بل مئات من المناضلين الفلسطينيين الذين حاولوا الدخول لمحاربة الكيان الصهيوني والقاهم في سجونه وما زال حتى الآن؟ وجاءته الشهامة مرة واحدة لينتقم من داعش في سوريا التي لا هي ولا النصرة ولا بقية التكفيريين “من أولوياتهم” محاربة اسرائيل بل اولوياتهم هي محاربة كل ما يمت لمحور المقاومة بصلة تحت شعارات زائفة مثل الرافضة و الشيعة والعلويين والأزيديين والمسيحيين؟ أما الكيان الصهيوني فليس على جدول الأعمال…
الأمر الآخر اللافت للإنتباه في الأيام الأخيرة لتأكيد تغيير قواعد اللعبة هو ما دعا اليه السيد علي خامنائي بارسال قوات ايرانية لمحاربة محور الأعداء أينما تطلب الأمر ذلك، في العراق وسوريا و لبنان، الأمر الذي انعكس على الهجوم الأخير على جبهة سوريا الجنوبية كما يبدو.
ويبدو أن الكيان الصهيوني كمن ابتلع سكيناً، فهو إن ابتلعه أو اخرجه خسران، فإن دافع عن النصرة كما في السابق فلن يكون من المؤكد أنه بمنأى عن التعرض عن مهاجمته وبقوة من محور المقاومة، وإن ابتلع الضربة وسكت كما فعل أمام عملية حزب الله المجيدة فإنه أمام حالة تطوير فتحة الجولان وتصعيد المقاومة بها كما في جنوب لبنان، وهذه المرة من محور المقاومة جميعه، وستتكامل هذه الجبهة مع جبهة الجنوب اللبناني، ولن يطيق تأثيراتها ابداً. ومن هنا يكمن كل هذا القلق من الكيان على نفسه، و القلق الأكبر هو على امتداد هذه الجبهة ليضم الجبهة الأردنية ايضاً، والتي (ربما) لن تظل صامتة فالدور الوظيفي لهذا النظام ربما وصل الى نهاياته، فتدخله السافر يجب و بالضرورة الرد عليه بطريقة لائقة تقلب الموازين كلها في المنطقة، فالمحور المعادي يضرب بكل طاقاته، و الرد عليه من محور المقاومة يجب أن يكون بكامل طاقاته أيضاُ. وعليه، فالقلق الإسرائيلي مبرراً، ومن خلفه القلق الإمبريالي الرجعي العربي.
فليزدادوا قلقاً… ولنزداد قوة… وكما قال والدي الهرم ذات يوم ” هؤلاء مثل الجوز… لا بد من كسرهم…”
محمد النجار