لمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا؟!!!

ظلّت الكثير من الأسئلة تدق رأسي دون هوادة، خاصة بعد بعض الحوارات ،المُصرّة على قلب الحقائق، مع البعض، والذين لا يريدون أن يروا ما يدور في منطقتنا، من حرب كونية على مقدراتنا وتاريخنا وبلادنا وشعوبنا ، إلا حرباً طائفية!!! فلا أمريكا تطمع بنا وبخيرات بلادنا، ولا “آل سعود” هم رأس الأفعى في المنطقة، ولا ما يتم لمصلحة الكيان الصهيوني!!! ولا….إلخ، بل إن إيران”الشيعية”، هي فقط السبب وراء الحروب وإدامتها واستدامتها، ومعها حزب الله طبعاً، ولا يمكن أن تنتهي الحرب إلًا بعد الخلاص من إيران “الشيعية”، تاريخاً وطوائف ومذاهب وحتى جغرافيا إن أمكن!!! الأمر الذي يعني طبعاً إدامة الصراع واستمراره إلى آخر إنسان في الجانبين، وبهذا نكون نحن”السنة” قد نظفنا بيتنا من الداخل ونتفرغ لحرب الكيان الصهيوني!!! كلام خالٍ من أي منطق، فلماذا لا يمكننا أن نضع أيدينا مع إيران، ونتخلص من الكيان الصهيوني أولاً، فهذا لا يصح، ولماذا لا نتخلص من الصهاينة وحدنا ثم نرى أمورنا مع إيران فلا يصح أيضاً، فلا يصح معنا نحن “السنة” إلا إستعداء إيران فقط، وتحويل الصهاينة إلى حلفاء محتملين!!!

هكذا قال محاوري في حوارنا الأخير، فازداد طرق السؤال رأسي، لماذا، وازدادت الأسئلة التي تبدأ به أكثر، فتجاهلت “كيف ومتى وأين وهل ومن وإلى متى”، لأنني لو طرحت كل ما يدور في رأسي من أسئلة لما أنهيت مقالتي هذه أبداً، وعليه سأطرح فقط بعض ما يدور في رأسي من أسئلة تتعلق ب”لماذا”، منوهاً أنني لست من أنصار لا الدول الدينية ولا الأحزاب الدينية، وأنني أرى أن العلاقة بين الإنسان وربه علاقة تخصه وحده، ولا يحق لأي كان التدخل بها، لا من قريب ولا بعيد، كما أنني لاحظت أن كل أصحاب النظرة الطائفية والمتمسكين بها، معجبين أشد الإعجاب بالنظام “الغربي”، والذي لا يفرق بين أبنائه لأي بسبب، دين أو لون أو جنس أو معتقد، لكنهم “عندنا” يريدون مجتمعاً بلون واحد فقط، هذا إذا ظل هناك لون بعد الصراع الدائر….

ولنبدأ بالأسئلة، التي أرجوا أن لا يجيب عليها أو يقرأها أحداً من المتعصبين، من أي طرف كان، وهي أسئلة برسم التفكير لكل مَنْ يدعي أن الصراع الدائر في منطقتنا ما هو إلا صراع طائفي، وليس صراعاً سياسياً في جوهره، مغلفاً بغلاف طائفي:

  • لماذا إصرار الدول “السنية” على حرف إتجاه البوصلة، من فلسطين وتحريرها، ومن العداء للصهيونية إلى جعل العداء لإيران؟ وهل صحيح أن “طويل العمر” ملك آل سعود، دعم بناء المستوطنات بعشرات ملايين الدولارات؟ ودعم حملة إنتخابات نتنياهو ب80 مليون دولار، كما نؤكد الصحافة العبرية؟

  • إذا كان الصراع طائفياً لماذا إذن لم تقم “الدول السنية”، وعل رأسها دولة “آل سعود”، بمحاربة إيران أيام الشاه؟ أم أن إيران كانت “سنية”آنذاك؟

  • لماذا تم افتعال حروب متتالية مع إيران بعد إنتصار الثورة مباشرة؟ رغم أن الإنجليز “حلفاء” الدول السنية “وأبرز داعميهم حتى اليوم (هم مَن سلم الأهواز لإيران، تماماً كما سلّم الفرنسيون لواء الإسكندرونة لتركيا والإنجليز  لمناطق نجران وعسير وجيزان لآل سعود أنفسهم)، وكذلك سيطرت إيران على الجزر الإماراتية أثناء حكم الشاه، فلماذا لم تحارب الدول “السنية” وعلى رأسها آل سعود الشاه “الشيعي” ولم نسمع من هذه “الدول السنية” ولو كلمة واحدة بهذا الشأن آنذاك؟. بل إن علاقتهم مع الشاه كانت استراتيجية، وهو من ساعدهم على ضرب القوى الثورية التي نشأت في بلادهم!!! ولم نسمع “بسنة أو شيعة”، ولا عن اي دور “تشييعي” لإيران في المنطقة.!!!

  • لماذا اكتشف حكام الدول “السنية”، “شيعية إيران” بعد أن تم رفع العلم الفلسطيني فوق سفارة”إسرائيل” الموروثة من عهد الشاه، وتحويلها لسفارة “فلسطين”؟ وفي نفس الوقت الذي إبتدأت أمريكا بفرض حصارها على إيران؟

  • وما دام الموضوع هو “سنة وشيعة”، فلماذا تقيم هذه الممالك والدول والحكام “السنة”، أرفع العلاقات وأكثرها تطوراً، مع دولة أذربيجان “الشيعية”، صاحبة العلاقات الأكثر تميزاً بالكيان الصهيوني، وخاصة من الناحية الأمنية، التي تضر أول ما تضر بقضية”العرب السنة” في فلسطين؟!!!

  • لماذا، والأمر كذلك، لم تدعم الدول “السنية”وعلى رأسها بلاد “مملكة الخير” وقيادتها، آل سعود، الفصائل “السنية” في فلسطين، بعُشر ما قدمته لما إستجلبته من حثالات بشرية لتدمير أوطاننا في سوريا والعراق وليبيا واليمن و”الحبل على الجرار”؟ وتركت الأمر لإيران”الشيعية” لدعم فلسطين “السنية” وفصائلها؟ وتركت خلايا “حزب الله الشيعي” يدرب ويعلم وينقل السلاح ويُهربه إلى القطاع المحاصر، وتُعتقل بعض خلاياه في الدولة المصرية “السنية”؟ ولم تقدم أي نوع من الدعم للقضية الفلسطينية “السنية”، على مدار 68 سنة من عمر القضية، ولا حتى فتوى واحدة من شيوخ “السنة” العباقرة في بلاد آل سعود، بل أنها أوقفت حتى التبرعات لهذه القضية…

  • لماذا لم تقم الدول “السنية” بمحاربة محتلي المسجد الأقصى المبارك” أولى القبلتين وثالث الحرمين” رغم مرور 49 عاماً على إحتلاله، وشيوخ فتنتها كما القرضاوي “ينبحون” لمحاربة سوريا لنشر الديموقراطية هناك؟!!! ويستعيذ الله متبرئاً ممن يقولون بمحاربة “إسرائيل” بعد الإنتهاء من سوريا، ويشحذ من أمريكا المزيد من التدمير لبلداننا، ” ضربات لسوريا من أجل الله ياأمريكا”، الغريب أن البلاد والمقدسات محتلة من”اليهود الصهاينة” وهم ينادون بالديمقراطية في بلدان يحكمها “مسلمون”!!! والأغرب أنهم يريدون الديمقراطية التي يمنعونها في بلادهم، والإنتخابات التي لم يجرونها يوماً، والدستور وهم لا يملكون دستوراً… مع ملاحظة أن كاتب هذه السطور من أشد مؤيدي حرية الرأي والفكر والتعبير والإختيار، وضد كل أنواع التمييز الديني أو العرقي أو المذهبي والطائفي، أو اللون أو الجنس أو العرق، ومع تشكيل الأحزاب إلّا الدينية منها، والتبادل السلمي للسلطة.

  • بل لماذا تبرعت “مملكة الخير” أطال الله عمر قادتها آل سعود”، بفلسطين، في رسالة موثقة عبر الحلفاء الإنجليز، إلى “المساكين اليهود” أو حتى “إلى غيرهم “كما ورد في الرسالة؟ أعيد “تبرعت” بفلسطين وكأنها من بقايا موروث آبائهم العملاء الفاسدين المتخلفين الجهلة”!!!

  • لماذا لم تستخدم “مملكة الخير”ودول النفط “السنية”علاقاتها بالغرب، أو بالنفط، أو أموال النفط، لدعم قضيتها الأولى قضية فلسطين”السنية”؟

  • لماذا حارب آل سعود “السنة، الثورة الناصرية”السنية”، متحالفاً مع شاه إيران “الشيعي”؟ وراعيتهما أمريكا، أم أنه لم يكن “شيعياً” وإنما نحن الجهلة  المفتقدين للثقافة نعتقد ذلك؟ ولماذا إستدعت الحرب عليه من إسرائيل في حرب 67، معتبرة في رسالتها أن نظام ناصر إذا إستمر دون تدمير حتى سنة 70 فإن نظام “آل سعود” لن يعيش أبداً ليصل لعام 1970، أم أن الصهاينة هم صهاينة “سنة”؟

  • وما دام الأمر طائفي، لماذا إستُجلبت “القاعدة “من العالم إلى ليبيا لتدمير بناها التحتية، وذبح عشرات الآلاف من البشر “السنة”، وتدمير أول شيء النهر العظيم الذي خضّر حتى الصحراء الليبية؟ وأين الشيعة في ليبيا؟ وأين الشيعة من مصر التي يحاولون تدميرها وتقسيمها ؟

  • لماذا ترتضي الدول “السنية”، قائدة الثورة”السنية” في الوطن العربي، ل”تنظيماتها ومناضليها في جبهة النصرة وداعش وأحرار الشام وجيش الإسلام في سوريا” أن يُعالجوا في المستشفيات”الصهيونية” ويزورهم ويلتقيهم “نتنياهو” نفسه، وكل وسائل إعلامهم، ووسائل إعلام الأنظمة “السنية” تغطي على الأمر وتمنع نشره في وسائل إعلامها، وكأنها بذلك تحجب الحقيقة؟ وكيف ترتضي لقيادة الثورة “السنية” في سوريا بالتبرع بهضبة الجولان لإسرائيل مقابل دعمها بإسقاط الأسد؟ كما وكيف ترتضي للثوار”السنة” بالتدرب على أيدي ضباط الصهاينة، وأن يقود عملياتهم في غرفة عمليات “موك” في الأردن ضباطاً “إسرائيليين” بجانب ضباط من طرف آل سعود وأمريكا والأردن؟ والآن يقوم الصهاينة بإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع ” المناضليين الجهاديين السنة” من “جبهة النصرةـ تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـ لإقامة شريط عازل في الجولان على غرار ما تم في جنوب لبنان؟

  • لماذا لا يُحارب آل سعود، كقيادة للدول “السنية” أمريكا، التي أسقطت القيادة العراقية السنية “صدام حسين” ، بل إستدعت أمريكا وتحالفاتها لإسقاطه بعد أن رفع شعار”نفط العرب للعرب”؟ وفي الوقت الذي رفضت فيه إيران “الشيعية” أن تفتح أراضيها للغزو الأمريكي للعراق ، رغم محاربته لها 8 سنين طوال، فعلت ذلك دول النفط وغير النفط “السنية”، من مصر إلى دولة آل سعود إلى دولة “النعاج” كما سمّاها رئيس وزرائها آنذاك حمد الصغير، إلخ؟  بعد أن حاصروه وقتلوا من شعب العراق ما يزيد عن مليون طفل فقط بسبب حصارهم…

  • لماذا لا تُحرضون “السنة” في لبنان وتدعمونهم بالصواريخ كما فعلت إيران مع حزب الله، لمحاربة إسرائيل، خاصة وأن لديهم قيادة ثورية مثلكم (من الحريري إلى السنيورة إلى فتفت “شرّيب الشاي” مع الجيش الإسرائيلي، إلى ريفي)؟ ولماذا تحالفاتهم فقط مع جعجع وأمثاله، أحد أهم أبطال مجزرة صبرا وشاتيلا، القاتل المحكوم في المحاكم اللبنانية نفسها؟

  • لماذا دعمتم يا آل سعود، ياقادة “السنة”، إثيوبيا، الدولة التي ـ ربماـ من أكثر الدول الإفريقية تعاوناً مع “إسرائيل”، في بناء سد النهضة الذي يحرم الدول “السنية” العربية”مصر والسودان”من المياه، يعطش شعبهما ويصحر أراضيهما، وبتعاون مباشر مع إسرائيل؟

  • لماذا أصبحت إيران دولة نووية رغم حصاراً أمريكياً ودولياً ومنكم أنتم أنفسكم أيها الدول “السنية”، وآل سعود على رأسكم، وصار عندها ما يقرب من الإكتفاء الذاتي إقتصادياً، وأنتم بدلاً من أن تتعلموا منها، وتثبتوا لها أنكم “السنة” لستم بأقل شأنا، فإنكم ما زلتم تعتمدون في إقتصادكم بنسبة أكثر من 90% على النفط، وبدلاً من طلب مساعدتها تحاربونها، وأنتم أيها الكسالى الخائبين، يا آل سعود، ما زلتم تستوردون خضارا ،فقط خضـــــــــــــار، من مختلف دول العالم بأكثر من 30 مليار دولار، أقول مليار وليس مليون، في العام الواحد، وتستوردون المياه بأعلى من أسعار نفط شعبكم المنهوب…وصارت “سلة غذاء الوطن العربي”، السودان، التي تمتلك 30 مليون رأساً من الأبقار، وخمسين مليون رأساً من الماعز ومياه النيل وعشرات الأنهار الأخرى، صارت صحراء وجائعة وجاهلة ومتخلفة وتبيع أبناؤها لآل سعود ليقتلونهم في حرب اليمن، ويمزقها الفساد والبيروقراطية,… رغم “سنيتها” وتطبيقها للشريعة الإسلامية السنية أيضاً.” في هولندا مجرد مليون رأس من الأبقار، وبدون “سِنّة” ولا “شريعة”، صارت من صفوف الدول الأولى في العالم في تصنيع الأجبان والشوكولاتة، وبدون أمية ولا فساد ولا إفساد. أما السودان الذي  إتبع نصائح “سنة” قطر وآل سعود فتقسمت بلاده إلى قسمين، وبدلاً من الإهتمام بمصالح الوطن والمواطن، يقوم بمحاكمة فتاة تلبس بنطالاً أو أخرى تتزوج مسيحياً، لكنها لم تحاسب فاسداً واحداً أو لصاً واحداً.

  • لماذا تتقدم الدول “السنية” دول العالم في الفشل والجهل وتفشي الأمراض والأمية، مصر والصومال وموريتانيا واليمن والسودان والباكستان وأفغانستان.

  • لماذا لم تستثمر الدول الغنية “السنية” أموال خيرات شعبها، في الدول “السنية” المحتاجة لذلك، بدلاً من إبقائها في بلاد الغرب وبنوكها؟ مثل مصر والسودان واليمن، الأمر الذي يُطور هذه الدول ويقضي على البطالة والفقر، ويجعل الدول المستَثمِرة رابحة في نفس الوقت. أم أنهم يدركون أن أمريكا لن تسمح لهم بذلك، وربما تصادر هذه الأموال شاهرة في وجوههم ملف حقوق الإنسان كما هو متوقع!!!

  • لماذا تصر قيادة الدول “السنية” لمحاربة كل من يحارب أمريكا وإسرائيل، ولشيطنته وملاحقته وتوقبف قنواته الإعلامية؟، وكما دفعت أمريكا بإعترافها، ما يفوق على 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله، هكذا تفعل الدول “السنية” بقيادة آل سعود مع فصائل المقاومة العراقية التي طردت الأمريكي خارج العراق في 2011، ومن بينها بعض فصائل الحشد الشعبي في العراق، أو مناهضوا سياسة التدمير التي أنتجها آل سعود في اليمن من “أنصار الله” وغيرها من فصائل إسلامية ويسارية…

  • لماذا يُحارب آل سعود”السنة”، أعداء أمريكا وإسرائيل، ليس في المنطقة فقط بل والعالم أيضاً؟ وتكيل لهم كل التهم وتدفع الأموال من جيب شعبها، لتحصد أمريكا الثمار، وهذه مجرد أمثلة على ذلك:

ـ دفع آل سعود “السنة” مبالغ طائلة بعد فوز الحزب الشيوعي الفرنسي، وكذلك الحزب الشيوعي الإيطالي في إنتخابات بلادهم، للأحزاب الأخرى كي لا يدخلوا في تحالفات معهما كي لا يستطيعا تشكيل حكومات كل في بلدهما، هل كان أولئك شيعة؟ وهل إعتدوا على سيادة بلدان العرب أو المسلمين؟ وبأي حق يتدخل آل سعود في شؤونهم الداخلية؟ ولمصلحة مَنْ؟ أليس لمصلحة أمريكا وبأموال العرب؟!!!

ـ دفع الأموال لشراء البشر والسلاح وبشعارات دينية لمحاربة الإتحاد السوفييتي السابق، لتعود أفغانستان للحظيرة الأمريكية وبأموال عربية، هل كان السوفييت شيعة وأمريكا دولة سنية؟!!! وما شأن آل سعود بذلك؟ ولماذا سكتوا عن تحويل أفغانستان “السنية” إلى دولة فاشلة؟

ـ دعم آل سعود أعداء الثورة الساندينية، بالمال والسلاح، الكونتراس، كي لا يصل أعداء أمريكا للحكم آنذاك، وزهقت نتيجة ذلك عشرات آلاف الأرواح، ودمرت البلاد، بأموال العرب ولمصلحة أمريكا، فهل كانت الثورة الساندينية “شيعية”؟ وبماذا أساءت للسعودية لتقف موقفها ذلك؟

ـ أغرق آل سعود السوق بالنفط وأنزلوا سعره من 120 دولاراً للبرميل إلى أقل من 30 لكي يضربوا الإقتصاد الفنزويلي المعادي للأمريكي وكذلك الروسي المنافس له، وليضربوا الإقتصاد الإيراني أيضاً، فإن كان هناك خسارة بيِّنة لإيران في مليون برميل تصدره في اليوم الواحد كبيرة ومؤثرة، فإن خسارة آل سعود كانت أحد عشر ضعف الخسارة الإيرانية، كونها كانت تبيع أحد عشر ضعف المنتج الإيراني، ومن الرابح من جراء ذلك؟ أمريكا بالتأكيد، وآل سعود”جكر في الطهارة يشخون في لباسهم”.

  • ما دام “الدواعش” وجبهة النصرة، وما شابههم من حثالات بشرية “ثواراً”، لماذا يذبحون الناس ويفجرون أنفسهم في المساجد والأسواق الشعبية، ويصرخون”جئناكم بالذبح” هل هذا الإسلام “السني” الذي يريدون حكمنا به؟ وهل لائحة النساء في زواج النكاح اللواتي يُطلقن ويُزوجن بأوامر “سنية شرعية”ما يقرب من عشرين مرة في اليوم الواحد، ويدفع لها ثمن النكاح، هل هذا من الإنسانية في شيء؟ وهل هو من الديانات لا سيما المذهب السني في شيء؟ وهل يختلف عن بيوت الدعارة في شيء؟ولماذا تركت الدول الغربية القتلة للقدوم إلى سوريا والعراق وسهلت مرورهم؟ ولماذا ساعدتهم أمريكا وقطر وآل سعود؟ وإن كانت تريد أمريكا محاربتهم لماذا تركتهم يتدربون تحت سلطتها وبسلاحها وفي معسكراتها في تركيا وليبيا، ولماذا لم تقدم للجيش العراقي حتى الآن السلاح المطلوب، رغم أنه دفع ثمنه منذ سنوات؟ وماداموا يريدون محاربتهم لماذا جلبوهم إلى ليبيا “السنية”، والتي ليس بها من الشيعة أحد؟ وكيف لم يروا الأسطول البحري الذي يزيد عن 3000 صهريج وينقل النفط المسروق من العراق وسوريا ويتوجه الى تركيا واسرائيل؟ وكيف سمحوا لدويلة الشيخة موزة بشراء 3200 عربة تويتا مجهزة للقتال من اليابان ويدخلونها من تركيا إلى سوريا؟ وكيف لم يرَ الأمريكان مئات الآليات والدبابات ومدافع الهاون والصواريخ التي تتنقل في العراق وسوريا وما بينهما على مساحة آلاف الكيلومترات المربعة؟ في الوقت الذي ترى فيه لو مجرد مناضل فلسطيني واحد في قطاع غزة وتقصفه، لكنها لا تقصفهم؟ وكيف لم تر نقلهم بطائرات تركية وقطرية إلى جنوب اليمن؟ ولماذا قام آل سعود “السنة”وكذلك دولة قطر”السنية” بعزل الجنرال “السني” السوداني”الدابي”، الذي بعثته الجامعة العربية للتحقيق في أحداث سوريا منذ بدايات احداثها، عندما إتهموا النظام بقتل المتظاهرين، وعاد ليقول لرئيس وزراء قطر السابق “حمد الأصغر”، إوقفوا دعمكم وتسليحكم للإرهاب، تتوقف الحرب في سوريا، فكان نتاج تقريره عزله ووقف مهمته.
  • لماذا لم نرَ أو نقرأ أو نسمع رغم كل عمليات التفجير في المساجد والكنائس والأسواق، وتدمير الآثار والتاريخ، والتقتيل والذبح في كامل الفسيفساء العربية، من المناضلين “السنة”، عن أي عملية ضد الكيان الصهيوني، ولو عن طريف الخطأ؟ ولماذا يقتلون من “السنة” أكثر ما يقتلون من المذاهب والطوائف الأخرى، لكل من لا يتطابق وآراءهم؟ وفي المقابل لماذا لم نسمع عن “شيعي”يفجر نفسه في مناطق السنة؟بل أن “الشيعة”في الحشد الشعبي، “والذي يضم في صفوفه عشرات آلاف “السنة”، هم مَنْ يُحرر المناطق “السنية”، لاحظ “السنية” من براثن داعش وأخواتها، ولماذا لم يتوجه الدواعش للمناطق الشيعية في وسط العراق وجنوبه ليحتلوه ماداموا يريدون القضاء على “الرافضة”؟ بل داهموا المناطق “السنية” فقط وذبحوا أهلها ودمروا بنيانها واغتصبوا نساءها؟ ولماذا لم نسمع هذا التقسيم الطائفي عن “سنة وشيعة” بين الأكراد؟

  • لماذا، وهذه ال”لماذا”، كان يجب أن تكون في البداية ربما، لماذا يعتقد هؤلاء “المناضلين السنة”، ومن خلفهم داعميهم وأولهم آل سعود، أن الجنة من حقهم ونصيبهم حصراً ودون غيرهم؟ فلا نصاً يؤكد ذلك، ولا منطق أيضاً، فمذاهب الإسلام من”سنية بمذاهبه الأربعة” الشافعي والحنفي والحنبلى والمالكي” وفرقها من السنية والإباضية والشيعية، يتفرع عنها: أهل الحديث والسلفية والأشاعرة والماتريدية والمرحبة والمعتزلة والجهمية والصوفية والإثنا عشرية والزيدية والأصولية والأخبارية والشيخية والإسماعيلية والنزارية والمستعلبة والعلوية والأذارفة والنجدات والأحمدية والقرآنيين والبهرة  …إلخ والتي تصل الى 73 فرقة، كلها تدّعي أنها تمثل الإسلام “الصحيح”، وكيف  يستطيع هؤلاء التفكير أن لهم ميزة على الطوائف الأخرى وعلى الأديان الأخرى بما فيها الديانات الوضعية، عدا أن ليس لهم فضلاً أو ميزة حتى على ما في طائفتهم نفسها، ألم يحن الوقت ليتدينوا كما يريدون لكن بإبعاد الدين عن السياسة، ألا يكفي ما فعله الدين المسيس في البشرية جمعاء؟ تخيلوا 73 فرقة ومذهب إسلامي، ومثلها أو أقل قليلاً من الديانات الأخرى، والجميع بدون إستثناء يدعي أنه الصحيح، وإلا لغير مذهبه لو كان لديه شك فيه، فلو أراد كل طرف فرض رؤيته على الآخر ماذا يمكن أن يتم في عالمنا العربي؟ تخيلوا إلى أين يمكن أن توصلنا التقسيمات الطائفية والدينية، وربما لو تبعنا العرقية والقومية أيضاً، ستصبح أكبر دولة عربية حسب طائفتها ومذهبها أصغر بكثير من ملعب كرة قدم، دولاً متحاربة متذابحة إلى مالا نهاية، هذا إذا لم نفنِ بالحروب بعضنا بعضا!!!

  • لماذا لا يترك هؤلاء الدين لصاحبه، الله، ولماذا يتدخلون بصنع الله بخلقه؟ ومن أعطاهم الحق بذلك؟ فالدين كما ذكرنا لله والوطن للجميع، فلنترك ما لله لله، ولنتضافر لإعلاء صرح الوطن، ولا نترك أحداً ليتدخل في شؤون الله تحت أي إسم أو ذريعة، فهذه العلاقة بين الإنسان وربه من أشد العلاقات شخصية وخصوصية، ولا يحق لكائن من كان أن يتدخل بها، أما شيوخ الفتنة الذين بحرضون على العنف في أوساط فقراء الشعب وبغض النظر من أي ديانة أو طائفة هم، فنسألهم لماذا لا تبعثون أبناءكم ليفجرون أنفسهم ويصعدون ليحجزوا لكم مكاناً في الجنة؟ وإن كانوا “ملوا زوجاتهم”ويريدون الحوريات، فلماذا لا يذهبون هم أنفسهم ليفجروا أنفسهم ويصعدون الى السماء، بدلاً من تحريض الفقراء ؟ ولماذا لا يعطون الفقراء جزءً من جنانهم الأرضية إن كانوا بهذا الإيمان الذي يدّعون؟ولماذا يبعثون أولادهم وبناتهم إلى بلاد الغرب “الكافرة”، ويبعثون أبناء الفقراء لتفجير أنفسهم في خلق الله وعباده؟ وأكرر من أين لهم التأكد من صحة طائفتهم أو مذهبهم؟ ومن أين يعرفون أن لهم الجنة دون غيرهم؟ بل من قال أصلاً أن لهم الجنة؟، فالله ،حتى الله الرؤوف الرحيم، لا يرحم العملاء والمجرمين…

محمد النجار

أردوغان…آية المنافق ثلاث

لعلها صفة ملازمة للدولة التركية، أنها لا تعرف إلّا تدمير الآخر، كما تدمير الحضارات وبإسم الإسلام، فكما فعلوا المجازر مع الأرمن فعلوا الأمر نفسه مع الشركس والعرب، وأينما حطّت أقدامهم في العالم، ودمروا الحضارة الإسلامية بدولتم العثمانية، حيث أنهم بعد أربعمائة عام خرجوا من العالم العربي تاركينه أقل تطوراً بكثير منه عندما دخلوه، فبعد أن كنا دولة عظمى، لم يبقوه مكانه فقط، بل أعادوه متخلفاً فقيراً يائساّ ممزقاً قبلياً، مدمرين حضارته وتراثه، مُشتتين شعوبه ومؤججين الصراعات المذهبية والطائفية بينها، سالبين أطفاله للتجييش، ورجاله للحروب، ناهبين ثرواته، في الوقت الذي كانت شعوب العالم تتطور وتزدهر، كنا نحن نتراجع ونتفهقر بفضل الدولة العثمانية.

وها هم الآن يحاولون إعادة الكرّة مجددا في سوريا والعراق من خلال قيادة العثماني الجديد “السلطان” أردوغان، الذي أكثر ما يلفت الأمر فيه وفي وسياسته في كل الفترة الزمنية التي حكم فيها تركيا، أنه لم يَصْدُق يوماً بشيء قاله، ولم يفِ بوعد قطعه، ولم يكن أهلاً للثقة به يوما، وهذه كما قال الرسول “صلعم”” آية المنافق ثلاث: إذا تحدث كذب وإذا وعدأخلف وإذا أؤتمن خان”، وهذه ليست خصائصه وحده، بل هي أهم ما يميز حركة الإخوان المسلمين بشكل عام، في كافة أماكن تواجدها بعمومية، وبشكل خاص في كل مكان على حده. وكونه جزءاً أساسياً من هذه الحركة، بل قائدها العملي، فهو الأقدر ليعطي دروساً في هذه المجالات، وليكون أكثر من يتمتع بهذه الخصال.  وكونه ابن المدرسة الأمريكية، فهو يعتقد أن تكرار الأكاذيب وزيادة تردادها في وسائل الإعلام يمكنه أن يقلبها إلى حقائق، ويجعل الناس يصدقونها، وهذا الأمر ممكن آنياً، أعني يمكن أن يُضلل الناس إلى فترة وجيزة من الوقت، لكنه لن يُغيّر الحقائق من جهة ولن يستمر طويلاً الى مالا نهاية من جهة ثانية أيضاً.              فأردوغان قام أول ما قام بالإنقلاب على أولياء نعمته والذين أوصلوه وحزبه الى سدة الحكم، ثم بدأ بالتصفيات الداخلية لمعارضيه داخل حزبه نفسه، بل لكل من خالفه الأمر، وبدأ بتصفية قادة الجيش، ووضع جهاز الأمن والمخابرات تحت إبطه، وسرعان ما انقض على المعارضة الشعبية والبرلمانية، ثم على الصحافة، وغير كل القضاء واضعاً قضاة المحكمة العليا وكذلك قضاة المحاكم الفرعية ممن يواليه فقط، وبنى الشركات التي يتمتع ابنه وعائلته بحصة الأسد من نتاجها المالي، وعقد الصفقات مع داعش لإستقبال نفط سوريا والعراق، وشراء مخازن القمح والغذاء المسروقة من سوريا، وشراء المنحوتات الحضارية الأثرية المنهوبة من سوريا والعراق، وبيع وتصدير النفط والآثار للكيان العبري من خلال هذه الشركات العائلية، رغم منع ذلك وتحريمه من مجلس الأمن، وما زال يرفض وقف تهريب أو حتى إعادة ما تم تهريبه من آثار موجودة على الأرض التركية. كما أنه كان من أوائل من حرّض ميليشيات مسعود البرزاني (رجل أمريكا واسرائيل في المنطقة)، وساعدها للتمرد على الحكومة المركزيه في محاولة لتقسيم العراق وسلخ أكراده بعد توسيع مناطق نفوذهم، وطرد العرب منها بمجازر مشابهة لمجازر الكيان الصهيوني والدواعش، وحوّل بترول العراق المسروق الى الكيان الصهيوني، ودوره ودور مسعود البرزاني بتوجيه أمريكي في تسليم الموصل للدواعش.

ورغم الإستفادة الكبيرة التي عادت على تركيا من الإتفاق مع سوريا إقتصادياً إلّا أنه انقلب عليها لتطبيق صفقة أمريكا والإخوان المسلمين لقيادة المنطقة، والتي شملت تونس ومصر وليبيا، وأدخل كل ما أفرزته المدرسة الوهابية لآل سعود مستعينة بحثالات الأرض التى أفرزتها مدرسة الإخوان المسلمين عبر أراضيه ليعيثوا فساداً في سوريا، مدمرين الوطن وبنيته التحتية واقتصاده وفوق كل ذلك شعبه وانسانه، قاتلين علمائه وقيادات شعبه وأساتذته الجامعيين، ومدمرين قدراته العلمية، بأوامر ودعم من أمريكا وإسرائيل ولمصلحتيهما وبتمويل من الدول الصهيو عربية بقيادة مملكة آل سعود وحارة الشيخة موزة وأبنائها، بالضبط كما فعلوا في العراق شعباً وأرضاً، ضارباً بعرض الحائط إتفاقاته وعهوده المعقودة مع الحكومة السورية وقبلها العراقية، مغامراً بمصالح الشعب التركي الإستراتيجية في المنطقة، وكذلك بأمنه ممن يمكن أن “يخرج عن السيطرة” من عصابات الإرهاب التي تتمتع بكل أشكال الدعم المخابراتي التركي، وبعد تقدم الجيش السوري وحلفاؤه وفرار الدواعش والقاعدة وتفريخاتهما  عبر الأراضي التركية التي جاؤوا منها، تم تحميلهم بطائرات تركية وقطرية إلى اليمن لمحاربة الجيش اليمني واللجان الشعبية هناك، بدعم من آل سعود وبغطاء مخابراتي تركي أمريكي.  وبعد خسارته في الإنتخابات في حزيران الماضي، أعاد الإنتخابات دون أن يعطي الأحزاب الأخرى حقها في تشكيل الحكومة، ضارباً دستور البلاد بعرض الحائط، وكان واضحاً محذراً الشعب التركي أنه ما لم بنتخبه مجددا فإنه سيظل يعيد الإنتخابات مرة كل ثلاثة أشهر، بغض النظر عن تكلفة هذه الإنتخابات التي يدفعها الشعب التركي من جيبه وضرائبه، وأكد أن البلاد لن ترى الإستقرار، مرفقاً ذلك بعمليات باسم داعش ضد الأكراد الذين “تجرأوا” وانتخبوا حزب الشعوب الديمقراطي، قاتلاً العشرات، حتى أُعيد انتخاب حزبه من جديد. وبعد أن تم انتخاب حزبه “ديمقراطيا”، في ظل طرد مئات الصحفيين المطرودين من وظائفهم وعشرات منهم محكومن ظلماً في السجون، وإغلاق ومصادرة لمحطات تلفزيونية وصحف ومحطات إذاعية، وضرب لأبسط التعبيرات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومصادرة للرأي الأخر، والمغامرة بحياة عشرات الجنود الأتراك من خلال إفتعال حرباً مع حزب العمال الكردستاني، والتحريض القومي عليهم وعلى العرب.

وعلى عادة الإخوان المسلمين، فالقضية الفلسطينية أكثر قضية ممكن المزاودة بها وعليها، ولذلك نرى أردوغان وفي كل مناسبة يتغنى بها مسرحياً، لدرجة أنه يمكن أن يخدع أي كان، وفي الحقيقة والواقع، فإن علاقات تركيا ازدهرت أكثر ما ازدهرت مع الكيان الصهيوني في عهد حزب الإخوان المسلمين التركي”حزب العدالة والتنمية”وعلى رأسه أردوغان، والطائرات الإسرائلية معظم تدريباتها في السماء التركية، ونسبة التبادل التجاري مع الكيان الصهيوني تضاعفت ست مرات في عهد قيادة أردوغان، وبضغط من أردوغان وابن حمد الصغير والشيخة موزة تميم في حارة قطر، قامت قيادات الإخوان المسلمين السياسية والمالية في العالم، بمحاولات ترويض قيادة حركة حماس السياسية، من خلال اتفاق مع الكيان الصهيوني بواسطة توني بلير، لعقد هدنة طويلة الأمد مع قطاع غزة، حيث يتحقق بذلك فصل غزة عن الضفة، وقتل الفعل الثوري في القطاع ومنه، وتعميم سياسة الإستسلام في فلسطين، وتحويل حماس إلى نسخة كربونية مسخ من السلطة الفلسطينية في الضفة الفلسطينية، وبالتالي تأزيم الوطن الفلسطيني داخلياً، وإرجاع القضية الفلسطينية بضع عشرات السنين إلى الوراء.

وبعد ذلك كله، وبكل وقاحة وازدراء لعقولنا، يريدنا أردوغان أن نصدق أن دولته، عضو الناتو تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والمشاركة بأكبر عدد من الجنود فيه بعد أمريكا، أنها حريصة على القضية الفلسطينية، كما حرصها على الديقراطية في سوربا والعراق ومصر، ” بغض النظر عن طبيعة أنظمتها ورأينا بها”، وليس مثلاً في مملكة آل سعود أو البحرين أو قطر مثلاً، أو أن إسقاطه للطائرة الروسية في الأجواء السورية، وقتله للطيار الروسي من قبل الأتراك أنفسهم العاملين مع حثالات الأرض الدواعش هناك، كان بقرار تركي خالص، وليس بتحريض وأمر وتغطية من أمريكا نفسها، لتتركه وحيداً لاحقاً، كما فعلت بكل الإمعات من أمثاله،”تماماً كمسرحية تدفق اللاجئين من الباب التركي إلى الدول الأوروبية، الذي أراد الإستخفاف بعقولنا لنصدق أنها تمت بدون تخطيط وتنفيذ تركيين، ودعم أمريكي”، وخاصة بعد أن قام الروس بتدمير ما يزيد عن ألف صهريج نفط تركي وسيلة داعش في سرقة نفط العراق وسوريا وبيعه من خلال شركات العائلة الأردوغانية.

لكن حسابات الحقل ليست كحسابات البيدر، فأول من اكتوى بالنتائج هو تركيا، حيث كانت الخاسر الأكبر سياساً واقتصادياً وحتى عسكرياً، حيث أن أردوغان لن يستطيع تحقيق أحلامه العثمانية الجديدة بقضم مناطق سورية بغض النظر عن أسمائها كمنطقة عازلة أو آمنة، ولن يستطيع الدفاع عن ارهابييه أمام تمدد الجبس العربي السوري ولا قصف الطائرات الروسية، ليس هذا وحسب، بل إن تركيا بقيادة السلطان العثماني أردوغان لن تستطيع حتى أن تُظهر طائراتها في أراضيها نفسها الفريبة من الحدود السورية، حيث سيعتبرها الروسي هدفاً معادياً يشكل خطراً على طائراته ويدمرها كما أكد ذلك!!! والأخطر من هذا كله السؤال الكبير حول إمكانية سيطرة أردوغان على الدواعش والنصرة الفارين من وجه الجيش العربي السوري إلى الأرض التركية، وإمكانية ضبطهم أو منعهم من تنفيذ أعمالاً إرهابية ضد الشعب التركي، خاصة إذا أرادت أمريكا الضغط على تركيا لأي سبب كان!!!

إن من يدمر الأرض السورية والعراقية تحت شعار الديمقراطية الزائف، جالباً كل حثالات الأرض من الشيشان والأفغان والقوقاز والقرغيز وبعض القبائل الصينية المسلمة، كما حثالات آل سعود وبقية حثالات الإخوان المسلمين العرب والأوروبيون ، ماذا كان سيفعل هو نفسه لو كانت بلاده تعرضت لمثل هؤلاء الحثالات وتحت نفس الشعار “الديمقراطي”؟!!! وما المطلوب من “الروسي” ليفعله أمام الآلاف من المواطنين الروس الإرهابيين إذا ما رجعت لتدمر وتقتل في الجمهوريات الإسلامية الروسية ، والتي يحتضنها أردوغان ويدربها ويسلحها وينقلها بغطاء أمريكي؟!!!

إن من يلعب بالنار سيكتوي بها ياسيد أردوغان، والسلاح بيد “الخرى” يجرح “كما يقول المأثور الشعبي الفلسطيني، لكنه يجرح صاحبه نفسه أيضاً، وهكذا فعلت أنت!!! فهل تدرك ذلك؟ أم أننا أمام حالة غرور غبي استشرى ولن ينتهي دون تدمير الذات!!!

محمد النجار

فكّرنا الملك ملكا…

يبدو أن أسرة آل سعود ظلت تعيش في بدايات القرن الماضي وإن كانت “بلباس” حالي، العقلية ذاتها والذهنية نفسها وكذلك آلية التفكير، فهم كانوا وما زالوا مرعوبين من التطورات التي تتم في العالم، خائفين أن يصل اليهم رذاذها، لذلك يريدون وقف العالم وحركته على أبواب مملكتهم، والمضحك المبكي أنهم وبكل الطرق يحاولون تجميل وجه مملكتهم الفاسدة المفسدة بكل الطرق، من ذبح وقتل وخطف وشراء ذمم ودول وأقلام ومنابر صحفية وكتابية…. وقد نجحوا ألى حدٍ كبيرٍ في ذلك، إذا إستثنينا بعض من هم على شاكلتي أو أنا على شاكلتهم، الذين يعتبرون مال الشعب الذي استولى عليه آل سعود “جربا”معدياً فتاكاً يجب الإبتعاد عنه وتفاديه وتجنبه وإن كانت مفاتنه كبيرة وتعمي البصر والبصيرة، وهم يقفون على أبواب الجوع، لكن بعفة وشرف ونقاء نفس، وفوق ذلك كله بثبات وحزم وإصرار على مواجهة المجهول وتغليب مصلحة الوطن على أي شيء سواه.

ففي كل محطات القضية الوطنية الفلسطينية المهمة، كنا نسمع أن حاشية الملك لا تخبره بما يجري، وأن الملك” طال عمره “لا يدري، وكأن حاشيته ليست من الأسرة المالكة، أو أن الملك إن كان يدري أو لا يدري فيمكنه أن يؤثر في الأحداث ويخرج عن “طوع” اسياده الإمبريالييين، ورغم بيت شعر “ابن القيم” الذي يقول:

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة                                  وإن كنت تدري فالمصيبة أكبر

لكن الأهم من ذلك أن الكثيرين ما زالوا يعتقدون أن الملك له رأي ومشورة وأنه صاحب حل وربط في الهام من الأمور، وهو في حقيقة الأمر إسم إشارة لا أكثر ولا أقل، و إنه “مثل الدجاج لا يحكم على بيضه” كما يقول المأثور الشعبي الفلسطيني، وبالتالي وكما يؤكد مأثور آخر     ” فكرنا الملك ملكاً فطلع الملك زلمة”. نعم إنه مجرد رجلاً يبصم بحافره على ما يطلب منه أعداء الأمة العربية ومشروعها النهضوي ، وهو “لا في الهدة ولا في الردة ولا في عثرات الزمان”، وأدلتنا على ذلك كثيرة جداً وقد أوردناها في غير مكان وأقلها :

” * دعم عصابات الكونترس في نيكاراغوا التي شكلتها الإمبريالية الأمريكية ضد الثورة الساندينية، فآل سعود يدفعون والمستفيد أمريكا.”

*”دعم القوى والأحزاب اليمينية والفاشية في فرنسا وإيطاليا ضد الحزبين الشيوعييين الذين فازا في البلدين هناك في الإنتخبات، ومنعهما من تشكيل الحكومة، وآل سعود يدفعون والمستفيد الأمريكي.”

“* تشكيل تنظيم القاعدة لمحاربة الإتحاد السوفيتي في أفغانستان، وآل سعود يدفعون والأمريكي المستفيد”

“* محاولة تدمير العراق وإيران بدعم الحرب بينهما، والتي استمرت لثماني سنوات دون انقطاع، مولها آل سعود وجنى الأمريكيون الحصاد بغزو العراق وتفتيت جيشه وتقسيم قواه السياسية على أسس طائفية.”

“* محاولة تدمير ايران وروسيا وفنزويلا من خلال محاولة ضرب إقتصادها من خلال تنزيل سعر النفط بأكثر من 65%وإغراق الأسواق بالنفط بدفع منهم ولصالح نفس الإمبريالية ، يعني “جكر في الطهارة شخ في لباسه”… كما قال المأثور الشعبي…”

“*والآن دعم تنظيم القاعدة وداعش وأخواتهما في العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر والجزائر وتونس لتحطيم الجيوش العربية وضرب وحدتها الإقليمية وتفتيتها لحساب الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني وبدفع وتمويل سعودي.”

“* دعم بناء المستوطنات الإسرائلية ب1.5مليار دولار، والمستفيد الصهاينة.”

يعني تتعامل معهم الإمبريالية على أساس المثل القائل”إخدمني وأنا سيدك “.

 وبالمناسبة فسياسة “فرق تسد ” الإستعمارية كانت متلازمة مع كل أشكال الإستعمار وعلى مدى حياته، فما فعلته أمريكا وتفعله الآن من محاولات تقسيم له مذهبياً وطائفياً وخاصة “سني ـ شيعي”،  فعلته فرنسا وبريطانيا والدول الإستعمارية الأخرى، فالأمر ليس جديداً عندها ولن يتوقف ما دام مثل نظام آل سعود الرجعي المتصهين قائم وموجود. وكما يخبرنا الزعيم الهندي العظيم غاندي” أنه كلما اتحدنا مع إخواننا المسلمين لمحاربة الأنجليز كلما قام الأنجليز بذبح بقرة في طريق الهندوس ليبدأوا صراعا بين الهندوس والمسلمين!!!”، ثم عندما شعروا بقرب هزيمتهم  سلخوا جزءً من الهند” المناطق ذات الأغلبية المسلمة وأسموها الباكستان!!! أليس الأمر مشابه لما يحصل الآن في وطننا من محاولات تقسيمات دينية ومذهبية وطائفية وخاصة بين سني وشيعي؟!!! “.

لكن وبعد حكم الإعدام الذي أصدرته محاكم آل سعود على الشاعر والفنان التشكيلي الفلسطيني أشرف فياض، بحجة أنه أصدر ديواني شعر “يتحرش فيهما بالذات الإلهية” فإن الموضوع قد استفزني أشد الإستفزاز كون هؤلاء الجهلة لا يقيمون وزناً لحياة البشر، وشهداء حجاج منى ماثلة أمامنا،  والأخطر بانسبة لهم من يستخدم عقله فتلك الطامة الكبرى، أما المعارضين حتى لو كان المعارش منهم معارضاً لقرار صادر عن مجلس بلدي عندهم، فحكم الإعدام سيلاحقه لا محالة، بل ويحكموا بالإعدام على شبيبة وأطفال لمجرد ابداء رأي أو نشر مظلمة على التواصل الإجتماعي، وهي نفس العقلية التي أصدرت حكماً بالإعدام على قناة الميادين كونها تحمل رأياً مغايراً لآراءهم، فهم من أنصارالقول ” إن لم تكن معي فأنت ضدي ويجب قتلك”  وهو ذات شعار داعش والنصرة وأخواتهما، لأنهما أبناءهم الشرعيين، والخلاصة، لا توجد دولة في التاريخ الحديث تنفذ حكم الإعدام بشكل شبه يومي، وتصدر أحكاماً بالإعدام بهذه الطريقة المشينة مثل دولة آل سعود، في العام الماضي فقط تم تنفيذ حكم الإعدام ب151 شخصاً، يعني انساناً في كل 48 ساعة!!! ثم  يقولون أن الشاعر يتحرش بالذات الإلهية، وكأن الذات الإلهية”مومسا” تعرض مفاتنها على قارعة الطريق،!!! فكلمة التحرش لا تعني سوى التحرش الجنسي أكثر من أي معنى آخر، وكوني أعترف أنني لم أقرأ شيئا للشاعر قبل حكم الإعدام عليه، فإنه وبغض النظر عما يكتب وبأي أسلوب فني يرتأيه، فهذا من شأنه فقط، ولا يحق لأي كان وخاصة لجهلة آل سعود وأداتهم، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  ، الذين لا يعرفون “الألف من كوز الذرة”، وفي أغلبيتم الساحقة أميين لا يعرفون حتى القراءة ولا الكتابة، يعني لا يعرفون أن” يفكوا الحرف.” والأدهى أن هؤلاء الجهلة يعتبرون أنفسهم وصيون على الدين وأنهم وكلاء الله على الأرض، وبالتالي يعطون أنفسهم حق التدخل في أكثر أمور الإنسان شخصية وهي علاقته مع ربه، ولا يدركون أن هذه العلاقة تخص الله وعبده مباشرة دون وسطاء فما بالك بببهائم مثلهم.  هذا الأمر وما يجري في المنطقة دفعاني لأقلب صفحات “أفعال” آل سعود، كي أعرف شيئاً عن هذه العقلية السائدة، ووسائل التجهيل المتبعة، غير وسيلة القمع الفاشية المعروفة للجميع، مدركاً أو متوقعاً أن تكون الأزمة ـ أزمة التجهيل ـ معكوسة على كل نواحي الحياة، وإليك أبرز ما وجدت :

*ان نسبة الأمية في مملكة آل سعود تتجاوز 40% وهي عند النساء أضعاف نسبتها عند الرجال.

*أن هناك أكثر من 3 مليون سعودي يعيشون تحت خط الفقر خاصة في المناطق الشرقية التي تتواجد فيها أكبر كمية من النفط المستخرج من آل سعود.

* أن التمييز الطائفي موجود وبكثرة ويُحرض عليه بشكل رسمي من آل سعود وأجهزتهم، وأن نسبة التحريض الطائفي تتزايد وتتسارع، وأنهم يوظفون الطوائف ضد بعضها البعض وخاصة تحريض السنة على الشيعة.

* أن نسبة البطالية عالية جداً عند شباب نجد والحجاز رغم ما يقرب من 3 تريليون دولار غير مستثمرة ومخزنة في بنوك امريكا تستفيد منها أمريكا ولا تعود بأي فائدة على مملكة آل سعود. حتى أنهم لا يملكون إمكانية صرفها دون قرار أمريكي.

* أن نسبة التحرش الجنسي عالية وفي تزايد، وأن نظام آل سعود نادراً ما عاقب عليها، كي تظل المرأة حبيسة البيت، ولا تكون لها نشاطات سياسية واجتماعية،قد تسبب له “وجع رأس”، وبالتالي فهو يكون قد أِمَن”شر” نصف المجتمع.

* أن نسبة الزواج من الفتيات القاصرات نسبة مرتفعة جدا وتكاد تطغى عل نسبة الزواج الطبيعي.

*يعتبر آل سعود أن عدم تنفيذ أوامرهم “وليس رفضها” هو خروج على الدين من خلال عدم الإمتثال لطاعة “أولي الأمر” وعقوبة الإعدام “مستحقة وواجبة” في هذا الإطار، فما بالك برفض الأمر أو التمرد عليه!!!

وكي يكون التجهيل ممنهجا ودائماً فلننظر إلى بعض فتاوى آأئمة آلا سعود:

* تكفير من يقول بكروية الأرض

* غسل اللحم قبل طبخه بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

* تحريم لعبة الشطرنج.

* تحريم تجمل المرأة.

*تحريم اهداء الزهور.

* تحريم دخول المرأة للإنترنت.

*تحريم دخول الحمام بالقدم الشمال.

*تحريم القراءة أو الحديث في الحمام لأن الأحرف تحمل أسماء الله!!!

* ما زال “علماء” آل سعود مختلفين على جنس الملائكة ذكوراً أم إناثا!!!

* تحريم قيادة المرأة للسيارة،  لأن السيارة ليست “كالراحلة”وفي ركوبها مفاسد كثيرة فتخرج المرأة من تحت سيطرة زوجها، وركوب السيارة “رجس من عمل الشيطان”. لكن أمراء آل سعود الأوباش، لم يكفوا يترددون على معسكرات اللاجئين السوريين ليتزوجوا الفتيات القاصرات، مستغلين ظروفهن وظروف عائلااتهن، ثم يتركونهن وشأنهن وخاصة في حالات الحمل.

* يوصي “علماء آل سعود” شرب بول البعير لأنه يحمي من كل الأمراض، والبعض أخذ يعبئه ويبيعه للمواطنين.

* الدعوة لأسر جنود إسرائليين “حرام لحرام حرام” لأنه اعتداء على اختصاصات أولي ألأمر الذين من حقهم وحدهم هذا الأمر، ولا أحد يتساءل ما دام الأمر كذلك لماذا لم يدع أحد لهذا الأمر حتى الآن؟!!!

* تكسير الآلات الموسيقية بين وقت وآخر وسط طقوس التهليل والتكبير وكأنهم يقاتلون العدو الإسرائيلي.

*التركيز على الحياة الآخرة لإبعاد الناس عن التفكير بواقعهم المرير، وبالتالي الإبتعاد عن الثورة ضدهم، ” من نمط” أن لكل رجل مؤمن في الجنة سبعون زوجة ولكل زوجة سبعون وصيفة ولكل وصيفة سبعون خادمة وكلهن ملك الرجل، وكل مجامعة مع الواحدة منهن تستمر سبعين سنة” !!! وحصر كل ما يتعلق بالمرأة بالجنس وحده، فهؤلاء الأنجاس ليست المرأة عندهم إلا كومة من الجنس!!!

وبعض هؤلاء يجعل زوجته تقوم بالدعوة لزواجه، كونه رجل ديمقراطي!!!، ولا يدري أنه يقدم أبشع الصور عن المجتمع الذكوري الفج، الذي يجرد المرأة من انسانيتها.

* أحد شيوخ آل سعود يعتذر لمستمعيه عن تأخره، لأن “فئتين من الملائكة اقتتلوا فيما بينهم مختلفين هل يجاهدوا في سوريا أم في فلسطين، وذهب هو ليصلح بينهم!!! ووفقه الله وأقنعهم بضرورة الحرب في سوريا وليس في فلسطين”!!!

هذه هي عقلية التجهيل وتدمير العقول السائدة في “مملكة آل سعود”، وكون الثورة تحتاج أول ما تحتاج إلى الوعي، فآل سعود يقضون على أي معارض بأجهزة الدولة من جيش  وشرطة وهيئات مختلفة قمعية، وفي نفس الوقت توظف  العمامات المنافقة المشتراة، وشيوخ الردة لتغييب العقل وإلغائه،كي لا يعي ظروفه يوما ويظل جاهلاً جهولاً متخلفاً مريضاً تائهاً بين لقمة الخبز والحلم بالجنة والحواري والغلمان.

وما الملك عندهم سوى واجهة فارغة لكن بألوان زاهية، فما بالك عندما يكون الملك يتمتع بمرض الزهايمر، وبقية الأسرة الحاكمة تحت أقدام العرّافات غارقين في مؤامرات على بعضهم بعضاً، خاضعين لكل مخابرات الأرض وغارقين  في احضان العاهرات مبذرين أموال الشعب التي لم يتعب أي منهم في جمعها يوما!!!.

محمد النجار

الإسلام الأمريكي وأدواته في المنطقة

لم يكن تفجير الضاحية الجنوبية بالأمس، إلا مجرد هروب للأمام للتغطية على ما يدور في المنطقة كاملة من هزائم للمحور الرجعي العربي ، بقيادة آل سعود، وفي نفس الوقت محاولة يائسة للفتنة والتفتيت للتحالف اللبناني الفلسطيني، ، الأمر الذي يجعل حق العودة في مهب الريح، . وإذا أردنا الدخول في بعض التفاصيل نورد التالي:

* ما يدور على الجبهة السورية من انتصارات متتالية وسريعة في كامل الجبهات، الشمال والوسط والجنوب والقلمون و”الحبل على الجرار”، ما يعني أن الجبهة الرئيسية المستهدفة تخرج من بين أيدي هؤلاء الحثالات والدول الرجعية المتصهينة التي تقف خلفهم بقيادة آل سعود، الأداة الأكثر طاعة للصهاينة والإمبريالية الأمريكية، لذلك نرى كل هذا الإستكلاب الأمريكي وقصفه المتتالي للبنى التحتية السورية وتدمير لمنشآت النفط السورية، الأمر الذي لم يفعله وهي تحت سيطرة داعش والنصرة وأخواتهما، ونفطها يُسرق ويهرب عبر تركيا ويُباع للكيان العبري. والأمر كذلك بالنسبة لقاعدة الإمبريالية المتقدمة في المنطقة. الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من هذه الحرب الكونية على سوريا، والمنطقة عموماً سواء في العراق أو اليمن او مصر والجزائر وليبيا، فدوره في العراق من خلال أعماله الإرهابية الممولة من آل سعود وتقتيله لعلماء العراق، وتهديمه لبنيتة الأساسية (الإنسان العراقي والجيش العراقي) لم  ننساها بعد. وكذلك الحال لحكومة “الإخوان المسلمين” (العثمانية الجديدة)، الذين يريدون قضم الأراضي السورية، والذين يشكلون الذراع المتقدمة لحلف الناتو بعد اسرائيل، وكلهم بقيادة الإمبريالية الأمريكية.

* كذلك الحال في العراق، حيث الحشد الشعبي والجيش العراقي يتقدم ، لكن تقدماً بطيئاً لأنه يصطدم بالعرقلة الأمريكية دائما وأبداً، حيث لم يكتفِ الأمريكي بعدم إعطاء الجيش العراقي الأسلحة التي دفع ثمنها مسبقا، بعد أن فتّت جيشه وأضعفه وجرده من سلاحه، وفرض على العراق دستور بليمر الطائفي، ويرفضون السماح بتغيير الدستور الى دستور حداثي بعيدا عن الطائفية، فإن طائراتهم  أيضاً تقوم بإلقاء الأسلحة لحثالات الأرض من الدواعش والنصرة وخلف خطوطهم، وتعرقل الحشد وتقدمه لتنقذ قادة داعش وتنقلهم الى أماكن أكثر أمنا (كما حصل في تكريت، ليكونوا احتياطاً لهم في مشروعهم التدميري للوطن العربي والذي لم ينهزم بعد)،  وتم بعث المئات منهم في طائرات تركية وقطرية الى الجنوب اليمني ، وكما تم في ما أسموه عملية تحرير الاسرى  الأكراد من سجن عراقي، وكذلك من خلال طائرات الشحن العملاقة التي نقلت السلاح لتلك الحثالات في “تلعفر” في الموصل، وما زالت تعرقل قوات الحشد الشعبي وتحاربه بكل قوة وتحرض عليه طائفياً ومذهبياً وإعلامياً من خلال إعلام آل سعود و الشيخة “موزة” في حارة قطر، التي موّل أولادها وأحفادها حثالات الأرض الدواعش ب 32 الف سيارة تيوتا رباعية الدفع في سوريا فقط ، عدا السلاح والأموال، وما زالت، هذا عدا ملوك الرمال في مملكة آل سعود، والتركي الذي فتح أبواب بلاده لعشرات الآلف من الإرهابيين بأموال سعودية قطرية، وبأوامر أمريكية اسرائيلية.

*كذلك الأمر في اليمن، حيث يتم دك مواقع آل سعود وتحالفهم وكل مرتزقتهم سواء في باب المندب أو تعز أو المدن اليمنية المحتلة من آل سعود، والذي يتوج كل يوم بإحراق عشرات الاليات والجنود، من جنود آل سعود ومرتزقتهم، والغريب الطريف في ذات الوقت فإن الأمريكي وأتباعه لا يريدون أن يروا تمدد داعش والقاعدة في حضرموت وعدن وبقية مدن الجنوب، فأولئك رغم كونهم قاعدة لكنهم ليسوا ارهابيين ولا يجب محاربتهم، لأنهم في المكان الصحيح!!! واليمن الذي يعوم على ما يقارب ال35% من النفط العالمي والمحروم من استثماره بسبب آل سعود وتأثيراتهم المتتالية على حكومات اليمن، حد التبعية المطلقة، كما الحال في المعادن المختلفة والكثير من المواد الخام مطلوب أن يبقى مطية لآل سعود وأسيادهم من الكيان العبري الذي يدك المدن اليمنية بطائراته مع الإمبريالية لأمريكية ، ليبقى اليمن فقيراً هزيلاً تابعاً لا يستطيع التحكم لا بخيراته ولا بموقعه الإستراتيجي.

* والأمر يتكررفي فلسطين، كون القضية الفلسطينية هي المستهدف الرئيس مما جرى ومن كل ما يجري، وكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من كل ما يجري.، لذلك فانطلاق الإنتفاضة الفلسطينية من جديد رغم كل محاولت إيقافها وقمعها وطمس فاشية المحتل في التعامل  معها، ورغم ضغوط الرجعيات العربية المتصهينة على قيادة السلطة، هذه القيادات التي تقود الجامعة العربية المخصية والتي ما قدمته على مدار عمر القضية الفلسطينية كلها في القرن الأخير لم يصل إلى عُشر ما قدمته للحثالات البشرية في سنة واحدة، الأمر الذي يتطلب حرف وابعاد التركيز العربي والدولي عنها مادام ليس مقدور ايقاف فعالياتها. لذلك كله يجب التفجير والقتل ما أمكن في محور المقاومة، المحور الذي يقف ببسالة ضد حثالات الأرض وأسيادهم الصهاينة والأمبريالليين وتوابعهما من رجعيات عربية متهالكة متصهينة، وليكن في المكان الذي لم يستطيعوا تدميره، لبنان، وتحديدا ضاحيته الجنوبية حيث حزب الله، قائد حركة التحرر الوطني العربية بامتياز، والترويج أن من قام بذلك هم فلسطينيون، ليشتبك المخيم مع المقاومة اللبنانية ويصبح حق العودة نفسه مهدداً وبأيدي الثوار أنفسهم من لبنانيين وفلسطينيين. وأمام تحقيق أهدافهم في تفتيت الأوطان كان لا بد من استخدام ذخيرتهم الرئيسية في ذلك ، وهم “الإخوان المسلمين” ومرجعيتهم الأساسية أردوغان وحزبه العثماني الجديد، فكانوا هم خميرة تدمير سوريا، وهم خميرة تدمير اليمن من خلال حزب الإصلاح، وكذلك في تونس ومحاولات الفتنة الداخلية من خلال سياسة الأغتيالات ضد اليسار التونسي والذي اتهم فيها حزب النهضة الإخواني، وكذلك الأمر في مصر ومحاولة تدمير الدولة هناك ،رغم موقفنا الواضح من نظام السيسي، لكن هذا لا يبرر تدمير الجيش وتقتيل الوطن، والأمر نفسه كان قد تم في الجزائر من خلال جماعة عباس مدني، وما أوصلوا إليها ليبيا باسم ديمقراطية الناتو التي لم يؤمنوا بها يوماً لكنهم يدمرون باسمها الأوطان، وكيف قسموا السودان باسم الدين الأمر الذي لم يقم به أي نظام ديكتاتوري بما في ذلك نظامي عبود ونميري. وهاهم باسم الدين أيضاً برسلون جنود السودان الفقراء ليَقتلوا ويُقتَلوا في اليمن تحت أوامر آل سعود الذي يعتبر نفسه قد استأجر بضعة عجول لا أكثر، في الوقت الذي ينهار فيه السودان كوطن ومواطن تحت ذات القيادة التي تتاجر بالوطن والمواطن وأوصلت السودان الى الحضيض على كافة المستويات. وفي فلسطين حيث تحاول بعض قياداتهم توقيع هدنة طويلة مع الكيان الصهيزني من خلف ظهر الشعب كما فعلت تماماً قيادات أوسلو، فداعش ليس هدفاً أمريكياً، والقاعدة كذلك، وإن كان يضرب هذا القائد الميداني أم ذاك بين وقت وآخر لذر الرماد في العيون، فالسيدة كلنتون تعلن مجاهرة في الكونغرس “أنهم كانوا مضطرين لدعم  القاعدة”، ويعلن توني بلير “أن بلاده وأمريكا خلف ظهور داعش” ويعلن أوباما بكل صفاقة “أن داعش خرجت عن السيطرة” الأمر الذي يدلل على طبيعة العلاقة التي تربطهما، رغم كل ما يحاولون ترويجه من أكاذيب حول محاربتهم للإرهاب…  وفي النهاية، فهذا جزء من ضريبة النضال والمقاومة، فعلى الشهداء الرحمة والشفاء للجرحى والصبر لأههاليهم ولكل جمهور المقاومة.

محمد النجار

كفاكم كفراً… للبيت رب يحميه!

الجُبير يكاد لا ينام الليل، غاضب على ما تتقوله عنه صحف “الفرنجة”، بأنه رجل كل من يريد أن يشتري من المخابرات العالمية، وليس العربية، لأنه خجول لكونه عربي، وأنه ولد المقاهي غالية الثمن، وأنه إذ يؤكد أنه رجلا للمخابرات الأمريكية فقط، لأنها بألف مخابرات ومخابرات، والدليل أنه لولا أمرها المباشر لآل سعود، لما حلم يوما بأن يكون وزير خارجية طوال عمره، خاصة وأنه للأسف ليس من العائلة المالكة، وكما قال المتنبي ذات يوم “ومن قصد البحر استقل السواقيا”، لذلك فهو على علاقات محبة ومودة وتبادل معلومات فقط وليس شيئا آخر، مع بقية أصناف المخابرات، وإن تميزت مع “أبناء العم “من الموساد.

كما أنه يتردد على المقاهي غالية الثمن كونه يؤمن بالمثل القائل” قل لي على أي المقاهي والبارات تتردد، أقول لك مَنْ أنت”، وأن عدم زواجه ليس كونه يُحب العزوبية ولا لأنه يكره النساء، كما أن الأمر لا يتعلق بكونه أحلساً أملساً، حيث “بارك الله في الرجل الشعور والمرأة الحلساء الملساء”، كما يحاول تصويره المغرضون وكأنه لا يحمل إلّا الصفات الأنثوية، و ليس به من الرجولة شيئاً إلا الشبهة. وأنه إذ يأخذ هذا النقد منهم بقلب منفتح وبصدر واسع، فهو لن يرد عليه ، كونه يعلم أن “قوم الفرنجة” هؤلاء لا يقصدون به سوءا، وربما وبمشيئة الله أن تثبت لهم الأيام ما كان خافياً…

لكن ما يُغضبه ولا يترك له مجالاً للنوم ليس هذا كله، بل هو “إيران”، نعم ايران وتدخلها في الدول العربية وشؤونها، واستفزازها المستمر في الفترة الأخيرة لمملكة أسياده آل سعود، وآخر هذه الإستفزازات في موضوعة حجاج “منى”، وهو لا يقبل هذا التهديد والإستفزاز أبداً، لأن أمرهم واضحاً، فالموت بالأساس مكتوب على الناس أجمعين، وما حصل ببساطة أن الله أخذ أمانته، أراد سبحانه ونفذ، فلماذا الإعتراض على أحكام الله؟!!! كما أن ما حصل يقع في باب القضاء والقدر، فكيف لا يُسلّمون بذلك ويدّعون أنهم مسلمون؟!!! والأخطر من هذا وذاك أنهم يطالبون بجثث مواطنيهم، بدلاً من أن يتركوا المملكة تقوم بدفنهم في مقبرة جماعية كما فعلت في كل مرة وقعت بها حوادث حتى الآن؟ ولماذا هذا الطلب التعجيزي؟خاصة وأن أسياده قاموا بجرف الجثث بالجرافات وتكويمها في أماكن مخصصة تمهيدا لدفنها، فليتركونهم إذن ليدفنوا في أطهر أرض كما فعلت بقية الدول، فمصر والسودان والمغرب والباكستان واندونيسيا وغيرها الكثير غضت الطرف وسكتت، وهم يعملون من الحبة “قبة”، فالموضوع لا يتعدى بضع مئات من القتلى، كما أن أسياد المملكة لن تنساهم من خيرها!!! وستنثر على عائلاتهم بعض المال فيرضونهم وينتهي الأمر، و”يادار ما دخلك شر”… أما الأخطر والأكثر استفزازاً أنهم يُحملّون المملكة وقادتها فداهم الله المسؤولية!! ويريدون تشكيل لجنة تحقيق يشاركون بها،  ويطالبون بأفلام “الفيديو” المصورة في الموقع ، فهذا والله استفزاز ما بعده استفزاز، الأمر الذي يتطلب أن تقوم المملكه حماها الله بغزوة ايران الشيعية الرافضة غزوة لا ينسوها أبداً، ولا تقوم لها بعدها قائمة، لكن قلوب آل سعود طيبة وصدورهم واسعة ويمتازون بالرأفة على البلاد والعباد، وبالعفو عند المقدرة، لذلك فالتسامح من شيمها والحكمة من صفاتها والحلم من أخلاقها والمحافظة على الجيرة والجيران من “سلو” قادتها، الأمر الذي جعلهم يغضون الطرف عما تقوله وتهدد به إيران، ولا تنزل الى ما نزلوا اليه، وتبقى مترفعة ثقيلة في مكانها، ف”الكيلو في مكانه قنطار”، و”الوعاء الواسع يتسع للوعاء الضيق” .

ولعل أكثر الدول العربية التي تتدخل بها إيران هي فلسطين، فسلحت شعبها وحرضته وورطته في حرب معروفة النتائج سلفاً، في محاولة يائسة لضرب دولة اليهود، الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، الصغيرة والمسامحة والمتسامحة والساعية دوماً للسلام، وذلك لتخريب علاقات المملكة بها، وكي تخسر مملكة الخير نتائج ما تبرعت به لبناء وتطوير بناء المستوطنات في القدس والضفة، والتي وصلت الى أكثر من 2,5 مليار دولار، أو كشف الأمر للرعاع من العامة، ليشوهوا وجه مملكة الخير الناصع ويجعلوه مظلماً، ويجعلوها على لسان الناس بالقال والقيل، الأمر الذي لا يُرضي الله ولا رسوله ولا أُلي الأمر. وأن إدعاءاتهم وأمثالهم من عملائهم الذين يسيرون على خطاهم من ميليشيات حزب الله الرافضي اللبناني، والمنظمات المدعية انها سنية في فلسطين وهي على وفاق مع الميليشيات الملحدة هناك، وتدّعي أنها تدافع عن “بيت المقدس”، فإن السيد الجُبير يُفنّد أقوالهم وينقضها وبصوت عال، صارخاً بأعلى صوته، “أنه ليس مطلوب منكم الدفاع عن بيت المقدس، كما ليس مطلوب من أحدٍ أيضاً القيام  بذلك، لأن “للبيت رب يحميه”، نعم أيها الكفرة الزنادقة المرتدون، “للبيت رب يحميه”، وأن أي تدخل أو محاولة لتحريره أو الذود عنه، ما هو إلّا كفر وإلحاد وخروج عن الشرع والدين، وإعتداء على صلاحيات الله، فكفوا عن محاولاتكم الخبيثة، واتركوا بيت المقدس على حاله ولحاله الى يومٍ يحدده رب العباد إذا أراد ذلك.

كما أنهم يتدخلون في سوريا ويسلحون نظامها العلوي الكافر ، المغلف بغلاف مدني، يزودونه بالأسلحة ليقتل ويدمر “ملائكة الرحمة” من داعش والنصرة وأخواتهما من أجناد الشام وكتائب الفاروق وتجمع الفتح. والأمر نفسه يكررونه في العراق، فيدعمون ميليشيات الحشد الشعبي المعادي للأمريكان، وأعاد الوزير مستغرباً، نعم كما سمعتم، المعادون للأمريكان، ونحن في المملكة والحمدلله ” والله” بكسر الهاء ، لو “لطونا” الأمريكان ب”الوطا”، أو الحذاء كما يقول المثقفون على رؤوسنا و”خشومنا” فوالله لما رفعنا رؤوسنا أمامهم أو عيناً في عيونهم ولا حتى حاجباً يثير عندهم شبهة التذمر، ورغم ذلك لما أوفيناهم حقهم، وأكد أن المملكة مهما فعلت من أجلهم فهو من باب رد الجميل ولن ترده.

لف العباءة حول جسده، ففي ليل الصحراء يتسلل البرد من تحت هذ “الشراشف” كما يحب أن يسميها الوزير غير الأمير، وكاد أن يطلق ضحكة احتجاج مجلجلة في المكان، وقال بكل ما أوتي من غضب، يريدون تعليمنا الديمقراطية!!! يريدون تعليم الشعوب أشياء تخالف الشرع والدين والأعراف والأخلاق، عندما يقولون أن الشعب السوري وحده الذي يحق له انتخاب رئيسه وقيادته، وهو الوحيد الذي يقرر مصيره بنفسه!!!ما هذا الهراء؟ ما هذا الكفر والإلحاد؟ إذا كنتم تعتقدون أن الرعاع وحدهم من يحق لهم تقرير مصيرهم بأيديهم وأنفسهم، فماذا تركتم لألي الأمر أيها الزنادقة؟!!! وأين ذهبتم بمسؤولية الملوك والأمراء أطال الله في عمرهم أيها المرتدون؟!!! وماذا فعلتم بالشرع والدين أيها الملحدون؟  ألم تعلموا أن الديمقراطية بدعة كما أكد مفتي المملكة رعاه الله؟ نعم” بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار”؟وإذا سكتنا عن ذلك الكفر والإلحاد في سوريا والعراق واليمن، فماذا سنفعل وكيف سنُسكت الرعاع في بلاد المملكة الممتدة؟ أو كما يسمونها في بلاد نجد والحجاز؟ وماذا سيحصل في موارد البلاد وخيراتها إذا “أمّمها” الملاحدة باسم الرعاع؟!!!، وكيف سيظل الأمراء أمراء والملوك ملوكاً بدون هذه الثروة؟ ومن أين سينفقون ويبذخون ويبذرون ويبنون القصور،  ويشترون السلاح الذي يدافعون به عن الأمة في وجه الفرس والمجوس؟ وكيف سيدعمون ويسلحون “ملائكة الرحمة” الذين يحاربون أعداء الله في سوريا والعراق واليمن ومُدّّعي الإسلام في فلسطين، كفاكم كفراً وضلالاً وعودوا عن غِيِّكم وجحودكم وضلالكم، ليغفر لكم آل سعود هذا الذنب العظيم، وتصبحوا على دخول الجنة بإذنهم وبإذن الله قادرين…

ولم يدر لماذا فكر الوزير أنه لو لم يكن وزيراً للخارجية لطالب بوساطة الأمريكان عند الملك وولده طال عمرهما، ليكون مفتي المملكة!!!.

مد الوزير يده متحسساً رأسه الأقرع، وكاد ينسى كل شيء عندما تذكر صفعات ولي ولي العهد المتتالية على رقبته مازحاً، وكاد يقول بصوت عال “ضرب الحبيب كأكل الزبيب” ، وأنزل كفه الى فمه وقبلّها متمتعاً برائحةٍ منبقيةٍ من “أثر” كف الأمير.

محمد النجار

الجيش الذي لا يُقهر…….صفات ومميزات

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح، كيف يهاجم الأطفال العزّل ـ بطبيعة الحال ـ ويستكلب في ضربهم وإيذائهم، خاصة والأطفال فُرادى وهم تكتل كبير من الجيش أشبه بقطيع كلاب برية جائعة، تعرف أنك أمام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح وهم مُتكتلين مع بعضهم البعض كيف يهاجم الفتيات والنساء اللواتي لا يحملن حتى حجر في أيديهن ، تدرك أنك أمام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح كيف يهاجم رجلاً مُسنا بالكاد يستطيع السير وكيف يتفنن الجنود بضربه ببنادقهم وعصيهم، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش كيف يقنص الأطفال بقناصات بنادقه، وكيف يشعر بزهو الإنتصار أمام هذا الإنجاز الدموي، تدرك أنك امام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى كيف يعذب هذا الجيش المدجج بالسلاح ضحاياه العزل أنفسهم، ويعتقلهم ويقتلهم ويهدم بيوتهم  تدرك أنك أمام جيش لايقهر.

*عندما ترى هذا الجيش كيف يفر من أمام أطفال الإنتفاضة وشبابها الذين لا يملكون سوى حجارة الطريق بأيديهم ، تدرك أنك أمام جيش لا يُقهر.

*عندما ترى هذا الجيش كيف يقصف بطائراته ودباباته وصواريخه المحرمة دولياً، النساء والأطفال والعجز والمدارس والمستشفيات ورياض الأطفال والبيوت ويدمرها فوق رؤوس ساكنيها، والمساجد والكنائس ومحطات الكهرباء والورش الصناعية والسيارات، ولا يجرؤ أن يتقدم مترا واحداً مُترجلاً تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح كيف يحاصر 2 مليون إنسان مانعاً عنهم الماء والدواء والطعام،  والعلاج والتعليم والسفر وعيادة أم لأبنتها وحرمان أم من رؤية أبنها، ومنع شمل عائلاتهم تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح يُقطّع أوصال بقية وطن، ويملأه بالحواجز والمستوطنات، وكيف تتناثر عنصريته وتقتيله بهم، وبمن تبقى من سكان فلسطين في الداخل الفلسطيني، وهم عزل من السلاح، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى نفس الجيش المدجج يالسلاح، يُحرّض مستوطنيه ويقودهم لحرق الأطفال الرضع والفتيان، ويهدم المنازل ويقتلع الأشجار تدرك أنك أمام جبش لا يقهر.

*عندما ترى هذا الجيش المدجج بالسلاح ، وأنت في الزنازين مقيد بالسلاسل، وأيديك خلف ظهرك، يطلب تعزبزات ليقودك من غرفة التحقيق إلى الزنزانة خوفاً من غضب عينيك، رافضاً أمراً مباشراً من المخابرات، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف يفر هذا الجيش وقادته ليختبئوا في الملاجئ، هروباً من الصواريخ “العبثية” المصنعة يدوياً، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف يهاجر المستوطنون الذين في أغلبيتهم الساحقة إن لم يكونوا كلهم جيشاً، بعشرات الآلاف وبغير عودة، من نفس الصواريخ التي “تتساقط” من الباتريوت، ولا تقع إلّا على أبواب المستوطنات ولا تؤذي أحداً، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما تراهم كيف يصرخون ويبكون أمام عمليات المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف يأسر هذا الجيش وقادته الإنسان الفلسطيني “إدارياً” دون محاكمة، على اعتبار ما يفكر به، وعندما يحتجز جثامين الشهداء، وعندما يجعل من تجارة الأعضاء البشرية تجارة رابحة رائجة بعد تصفية الجرحى أحياء، فاعرف أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما ترى كيف كان يدخل هذا الجيش القرى الفلسطينية ، ويطلق النار على الفلاحين متنقلاً من بيت إلى بيت، قاتلاً الشيوخ والشباب والنساء والأطفال، باقراً بطون الحوامل، كما في دير ياسين، و على المصلين في المساجد والكنائس كما في مدينة اللد، أو على العمال العزل العائدين من عملهم كما في دير ياسين، يصفهم إلى الحائط ويطلث النار عليهم حتى الموت، فاعلم أنك أمام جيش لا يقهر.

والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى….. لكن دعنا نعود إلى التاريخ قليلاً، لتدرك معي وتوافقني الرأي، بأننا يجب أن ندرك مرة وإلى الأبد أننا أمام جيش لا يقهر!!!.

*بعد أن أحضر البريطانيون هؤلاء المستوطنون، مستغلين طيبة وسذاجة البسطاء الفلسطينيين، واستقبلهم الناس من باب القناعة بضرورة”نجدة الملهوف” الهارب من نار الحرب العالمية الثانية، قامت نواة هذا الجيش بالتفجيرات في الأسواق والمساجد والأماكن العامة ضد من نجدهم وحماهم وقدم لهم الأكل والشرب والفراش والأمان، كي يثبتوا لنا ويقنعوننا بأننا أمام نواة جيش لا يقهر.

*عندما تدرك أن “مسرحية حرب التحرير” التي يدّعيها، ما هي سوى التطبيق العملي المتفق عليه بين الحركة الصهيونية والأمبريالية الإنجليزية لتطبيق وعد بلفور، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*وعندما تدرك أن المشروع الإنجليزي كان يتلخص بإستقدام” أرخص سمسار” وزرعه في المنطقة مدعوماً بالرجال والسلاح للحفاظ على مصالح الإستعمار، وليكون أحد ضمانات التمزق العربي وعدم وحدته، لذلك جلبوهم من كل أقطار العالم ومنعوهم “بديمقراطية لا مثيل لها” من التوجه الى أي بلد آخر في العالم إلّا لفلسطين، وبنوا لهم المستوطنات وأغدقوا عليهم الأموال، وأفرغت بريطانبا العظمى ترسانتها التسليحية بين أيديهم، ودربتهم، وكبلت الإنسان الفلسطيني وسجنت مناضليه ولاحقتهم مع بقية الأنظمة التابعة لها، ولم تسمح له بحمل سكين برتقال صغير في “أرض البرتقال”، وعلقت له المشانق ، ورغم ذلك كان هذا الجيش يجبن ويتراجع ويفر من أمام بضعة ثوار ملاحقين في الجبال، ببنادق قديمة وبضع رصاصات إشتروها بعدما باعوا صيغة نسائهم وأمهاتهم، تدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*عندما تدرك بأن الأنظمة العربية كانت تضغط على الجماهير الفلسطينية مع القيادة الإقطاعية الفلسطينية ـحيث نحن الفلسطينيون على مدار تاريخنا نتمتع بقيادات ثورية لا تساوم!!! ـ ليغادروا البلاد ويفروا من وجه المجازر الصهيونية، ويتعهدون لتلك الجماهير بإرجاعها بعد بضعة أيام وليس أسابيع، ثم تبدأ تعد “الخيل في الليل” وتحشد الجيوش والجِمال والأفيال و”ترسانات” الأسلحة لإعادة تحرير فلسطين، تدرك كم أن جيش الدفاع الإسرائيلي جيشا لا يقهر.

*وعندما تدرك أن حرب التحرير التي شنتها الأنظمةالعربية، جمّعت بها ومن كل الدول العربية ـ انتبه للرقم رجاءً ـ عشرين ألف جندي، بأسلحة هزيلة ضعيفة صدئة، في حين جمع الصهاينة تسعين ألفاً بأكثر أنواع الأسلحة البريطانية والغربية تطوراً، وقاد الجيوش العربية ـ انتبه مجدداً من فضلك ـ الجنرال الإنجليزي”غلوب باشا”، الذي تحتل بلاده فلسطين ومعظم الدول العربية، وسلمت بلده البلاد والعباد للصهاينة إيفاءً بالإلتزام بوعد بلفور، تدرك ماهية الحرب التي انتصر بها جيشهم، وتدرك أنك أمام جيش لا يقهر.

*وإذا علمت ورأيت بأم عينك الآن ماهية القيادات العربية، وما تحضره “لغزوة تحرير فلسطين”، لكن بعد تفكيك جيوش العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن، وبعد تولي داعش والنصرة وأخواتهما القيادة الإسلامية وخلافة المسلمين السنة، “المبشرين وحدهم بالجنة”، وبعد ذبح الكفار والملحدين والزنادقة والمرتدين والروافض والنصارى بإختلاف فرقهم ومذاهبهم، كي يتفرغ “القوم” لإذلال الصهاينة، لأنه بعد كل ذلك لا يوجد مبرر لتحرير فلسطين، لأن الصهاينة سيكونوا خائفين مرعوبين وغير قادرين على الإتيان بأي فعل سيء، عندما ترى ذلك تدرك لماذا هذا الجيش هو جيش لا يقهر.

*وعندما ترى القيادة الفلسطينية مستسلمة مستكينة صامتة مرعوبة معلنة في كل زمان، تخليها عن حقوق شعبها، وأنها لا تستطيع مواجهة إسرائيل، تدرك لماذا ظل هذا الجيش جيش لا يقهر.

*وعندما ترى نفس القيادة تعتقل مَنْ فكّر ورفض وقاوم بالكلمة أو بالحجر أو بالسلاح، وتحمي المستوطنين والجنود بدلاً من حماية شعبها، “كما أوضح شعث اليوم بأن السلطة قامت بمسؤوليتها في حماية المستوطنين “، تدرك لماذا أنت ما زلت أمام جيش لا يقهر.

*لكنك عندما ترى أن هذا الجيش والمستوطنون يفرون من حجارة هذا الشعب، وتُفرغ شوارعهم وأسواقهم عندما يبدأ الشعب بإستخدام “عضلات يديه” فقط ، قبل الرصاص والمدافع والصواريخ، وأنه كف عن سماع تبريرات القيادة المهزومة، تدرك أن الجيش الذي لا يقهر، ما هو إلا “نمر من ورق”، يمكن أن يهزم في أي مواجهة جدية قادمة، وأنك بهزيمته هذه تُخلّص العالم من آخر نظام عنصري إستيطاني، وتدرك أن لعبته الكاذبة إنتهت إلى غير رجعة.

*ملاحظة:

ألم تلحظ معي أن ما يفعله الدواعش والنصرة وأخواتهما ما هو إلّا نسخة كربونية لما فعله الجيش الذي لا يقهر؟ (مضيفًا إليه سبي النساء وإعادة فتح أسواق العبيد)، وبدعم من نفس الرجعيات العربية ومن نفس الدول الإمبريالية مضيفاً إليها الأمريكية!!! ياسبحان الله على هذا التطابق، لكن لله في خلقه شئون!!!

محمد النجار

يحسدون الكلب على فروته

لم يفاجئني أن يتم اختيار مملكة آل سعود لترؤس “لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمن الدولي”، وأنا أسميهم بآل سعود من باب إحقاق الحق وليس غير ذلك، فآل سعود هم من يملكون المكان والزمان، وهم من يملكون البشر والحجر والغنم والبقر، وهم من يملكون الفضاء والسماء والغاز والنفط والرمل والإبل والماء،  وكذلك يملكون الإبل والخراف والماعز والدواء والهواء، وبالتالي هم من يحق لهم البيع والشراء والكر والفر والقتل والذبح وحقن و إراقة الدماء، فكما يقول المأثور الشعبي” من تحكم بماله ما ظلم”، وهم بمالهم يتحكمون، وبه ينعمون، ومن خيرات ربهم عليهم يشترون ويصرفون ويتبرعون ويدعمون ويتاجرون ويقامرون،ويعاهرون وإن كانوا لا يجاهرون، وعلى الفرق الجهادية ينفقون ويغدقون.

أما المسائل الفرعية والتي لا قيمة لها في الحياة العملية، مثل أن يكون للبلاد دستور، ورأي للعباد وانتخابات، فبمثل هذه التفاهات لا يعبأون، وهم “أعني آل سعود” وخاصةعقول الكبار النيرة منهم، ألئك الجهابذة والمفكرين والعلماء، “لا يهمهم في القول لومة لائم” وبالتالي لن ينجرّوا لتطبيق هذه التفاهات المخالفة للشرع والدين الإسلامي الحنيف، فمثل هذه التفاهات هي “بدعة ، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار”، فمعاذ الله أن ينجرّ علماء  آل سعود وحكماؤها وجهابذتها إلى الذين لا يعرفون ولا يعقلون،  الذين يتجاهلون حقائق الأمور، والروافض والمجوس وأبناء فارس، وحزب الله والملحدون ممن يتمسكون بلبنانيتهم و سوريتهم وعراقيتهم، و فلسطينيتهم بدلاً من أن ينصهروا في دولة إسرائيل الكبرى، الحليف الكبير و”الصديج” الوفي للعائلة والدولة جزاها الله كل خير ، ومن يتمسكون بعروبتهم بدلاً من تمسكهم بدينهم وألي أمرهم حرّاس الكعبة الشريفة طال عمرهم ، أولئك الذين ما زالوا في غِيّهم يعمهون ويكابرون ويجادلون ويجاهرون، ومن شابههم من الحُسّاد الذين “يحسدون حتى الكلب على فروته” يحسدون آل سعود أيضاً أكثر على ما أعطاهم الله وأنعم عليهم مما ملكت أيديهم وكسبت من المال الحلال، يحسدونهم اليوم على ترأسهم” لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة”!!!، وهم أنفسهم يحسدون الصديق الصدوق إسرائيل على ترأسها” لجنة التحرر  ومقاومة الإستيطان” في الأمم المتحدة، مدعين على إسرائيل ما ليس فيها من إتهامات باطلة!!! يا سبحان الله، ياسبحان المولى على الكذب والنفاق و الكفر والفجور ، لماذا لا يحسدون حارة الشيخة “موزة” وزوجها وأبناءها، الذين يعلم الله كم دفعوا و”برطلوا” ورشوا من الملايين ليستضيفوا “ألعاب الرياضة” عام 2022، خسئوا أن نكون بهذه التفاهه، أنغدق الملايين على “الألعاب”؟! فعلاً “ولله في خلقه شئون”.

على كل حال، لقد بدأت القصة برمتها ب”حلم” لخادم الحرمين طال عمره، لا، معاذ الله أن يكون ذلك حلماً، لقد كان كابوساً، نعم كابوسٌ، حيث رأى “طال عمره” فيما يرى النائم، “خير اللهم اجعله خير”، أنه يَعُد العدة، ويُجهّز الجيش والخيل، ويشحذ السيوف ويسن حدودها، ليقوم بعاصفة حزم وعزم على بلاد “إسرائيل”،التي يسمونها زوراً وبهتاناً بأرض فلسطين، وأراد أن يبدأ قصفها بالمنجنيق لولا تخوفه من أن يُخطئ الهدف ويصيب المسجد الأقصى، فعدل عن الأمر، وألح عليه الحلم أن يفعل، لكن شيئاً في عقله الباطن نهاه ووبخه وذكّره أن إسم إسرائيل يعني شيئاً مهماً للعائلة كلها، فاستيقظ من حلمه فزعاً صارخاً بائلاً في فراشه، نازفاً عرقاً نتناً مثل بعير قطع الصحراء ركضاً دون توقف، وسرعان ما اجتمعت العائلة كلها، وعلى رأسها ولي ولي العهد وبقية الأبناء والأحفاد، ولم يخبروا أبناء العمومة والأخوال كونهم ثرثارين شامتين، وحملوا طويل العمر مباشرة إلى عرّافة القصر، وأحضروا مفتي المملكة من منامه، والذي ظل شخيره مسموعاً مثل بقرة قد ذُبحت لتوها، وتحاول إلتقاط ذرات هواء تتلاعب امام عينيها دون نجاح.      لم يستطع ولي ولي العهد ان يتمالك أعصابه لخطورة الأمر، وصرخ بوالده طويل العمر قائلاً:

ـ لقد خرّفت تماماً يارجل… كيف تجرؤ على مثل هذا الحلم؟!!! أنسيت أفضال القوم عليك وعلينا؟ فهم كانوا من أكثر المؤيدين على تمليكك ل”ديرتنا”، وهم الذين يقفون معنا في تدمير بلاد الكفرة في سوريا والعراق، وهم ونحن من يحارب دولة الروافض الإيرانية، وهم الذين يشاركوننا في قصف “ملحدي اليمن” وروافضهم… الله أكبر يارجل على مثل هذه الخطيئة، حتى أننا عندما رفضنا استقبال اللاجئين قاموا هم أيضاً ببناء سياج كيلا يدخل منه او يتسلل أحد، نحن وهم الشيء نفسه ياوالدي، والله لولا العيب وشمت الشامتين لإستخسرت فيك، وخجلت من أن أخاطبك بكلمة والدي… كيف تجرأت على ذلك؟!!! كيف استطعت ان تحلم مثل هذا الحلم؟!!!  فوالله لو لم تكن والدي لجعلت هذا”البغل” ـ وأشار إلى مفتي المملكة بإصبع يده ـ يفتي بزندقتك وقتلك رجماً. أهذا حلم تحلمه؟!!! هزُلت ورب الكعبة…

وازداد احتداد الأمير، وتهدد والده وتوعده، وأرغى وأزبد، وهاج وماج، ولولا تدخل الحاضرين والخوف من شماتة أبناء العمومة، لحبسه في غرفة ومنعه من أن يمارس هوايته الوحيدة، بعد أن غزا رأسه مرض الزهايمر، في اللعب على باب القصر ملوحاً بسيفه صارخا ناثراً رمل الصحراء على رأسه ورؤوس الزائرين.

وقال الأمير مخاطباً مفتي المملكة، صارخاً به:

ـ أما زال شخيرك يملأ المكان قاتلك الله؟ قم وافعل شيئا مفيداً، قل كلمة تُرضي الله والرسول وألي الأمر…. أم صدّقت أنك عالم دين جليل؟ قم وافعل شيئاً غير الأكل والنوم قاتلك الله، هل يجب أن أفعل كل شيء بنفسي؟ ألا ترى أنك تقبض آلاف الريالات وأنت في “عزِّ غلاء الرجال” لا تساوي” ملو أذنك نخالة”؟!!! ألم أطلب منك الإجتهاد في الدين؟ ماذا فعلت حتى الآن؟

كان مفتي المملكة ينتفض خوفا، وظن الكثيرون أنه إن استمر غضب الأمير ولي ولي العهد “سيفعلها” على نفسه، لكن الله كرّمه و”انحلت” عقدة لسانه وقال:

ـ لقد فعلت طال عمرك، لقد فعلت…

فقال الأمير وزير الدفاع صارخاً:

ـ هات ما عندك… قل

فقال المفتي وما زال ينتفض متلعثماً في حروف كلماته:

ـ ظننت طال عمرك أنه… أعني أن كل “صيت” المملكة وقوة شكيمتها ظلت مرتبطة بغير” فرعكم” طال عمرك… لذلك أوصيت علماءنا الأجِّلاء أن يُركِّزوا في خطب المساجد على ميزات صاحب الجلالة، وأن يُعدّلوا الآية الكريمة التي وصلتنا عن طريق الخطأ المقصود، والتي تقول”يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، ولا تنفذوا إلّا ” ب”سلمان” طال عمرك وليس “بسلطان” كما وصلتنا مُشوهة، وظني أن المقصود هو “ذرية سلمان” وولده محمد طال عمرك، ألا وهو جنابك طال عمرك، وهكذا لن يعود لا” لبندر بن سلطان”ولا لأبناء سلطان حقوقاً يطالبونكم بها…

سكت المفتي قليلاً، ثم أكمل:

ـ كما أن الله أنعم علي ووفقني في الوقوف على بعض الأحاديث التي كانت مُغَيّبة، منقولة عن أبي هريرة، تدلل على صحة ما ذهبت إليه…

انتفض الأمير فرحا هذه المرة، وقال:

ـ قل بعض هذه الأحاديث

فقات المفتي:

ـ لم تكتمل في ذهني بعد طال عمرك!!!

فقال الأمير ولي ولي العهد:

ـ هكذا … نعم هكذا تكون مفتي المملكة بحق.

وأخذ من جيبة رزمة من الدولارات، وضعها في يد المفتي وطبطب على يده ليهدئ من روعه.

تمشّى الأمير ذهاباً وإياباً وسط صمت الجميع، وأعطى أمراً واضحاً لا لبس فيه:

ـ تعبيراً عن الأسف الذي يلف مملكة آل سعود كلها، بما لها وما عليها، وتعبيراً عن حالة الحزن التي سببها “الحلم المفاجئ المشين” لطويل العمر قررنا ما يلي:

  • أن يُحرم طويل العمر ثلاثة أيام وليال متتاليات عن اللعب بالسيف على باب القصر نتيجة جُرمه الفاحش، وبعد ذلك يمكن إستيراد الباكستانيين و الهنود ليعاود طويل العمر تدريباته عليهم سواء بطعن السيوف أو ضرب الرماح، وأن لا تنسوا أن “تخصونهم” قبل أن تدخلونهم على “حريمنا”، والإستمرار بإخفاء جثث القتلى منهم بسبب الطعنات، كما كان حتى هذ اللحظة، وإن كُشف الأمر ننكره، ونستعيض عن هاتين الدولتين بدول إفريقية مواطنوها كمواطنينا ليس لهم ثمن، أعني أن لا يزيد سعر الرجل منهم عن سعر بعير

  • دعم “السلاح الشرعي” الذي تُمثله السلطة الفلسطينية، والذي يهدف إلى عرقلة وإيقاف المتطرفين الذين ما زالوا يعملون على وقف عملية السلام الناجحة بين الفلسطينيين والأخوة الإسرائيليين، وفي ذات الوقت الدعم في السر إن تعذر الأمر في العلن، لما تقوم به أختنا وحليفتنا إسرائيل، ضد الإرهابيين الفلسطينيين واللبنانيين من كافة الأعمار والأجناس. والتأكيد على أن السلام ممكن إذا تخلت السلطة عن تعنتها وقامت بواجباتها من أجل السلام.

  • دعم المجاهدين الأبطال في داعش والنصرة وأخواتهما من التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر ولبنان والصومال وأينما وُجدوا، ومحاربة من يحاربهم بما في ذلك الجيش الروسي القادم من وراء البحار ليفشل جهودنا، ونوصي الأخوة المجاهدين أن يواصلوا كل ما كانوا يفعلون بما في ذلك من عمليات الحرق وشواء البشر وقتل الأسرى من جنود ومؤيدوا لأعداء الإسلام، وسبي النساء ورجم المخالفين حتى الموت وأكل أحشاء البشر، وأن يُصوّروا كل ذلك ويبثوه كما فعلوا حتى الآن، وإننا نعلمهم أن التصوير حرامُ من حيث المبدأ، إلّا في حالتهم فهو محللٌ لهم لغايات الإنتصار على الكفرة والروافض.

سكت الأمير قليلًا ليتذكر ما يمكن فعله ليكفر عن جرم أبيه من ذلك الحلم، حين شاهد “عرّافة” القصر قد بدأت تتململ في جلستها، فشعر أنه يجب أن يستمع لما تريد أن تقوله تلك العجوز الشمطاء التي إن غضبت منه فسينعكس الأمر بسوء ما على جسده، فطلب منها بشيء من الخشوع أن تتحدث، فقالت:

ـ لقد نسيت الأهم طال عمرك، نسيت أننا يجب أن نعمل ” لصاحب الجلالة” طويل العمر “حجاباً” كي يحميه ويقلل من نسيانه ويعيده إلى رشده، وأن تكلف أحداً بقراءة سورة الفلق والكرسي كي لا يصيبه مكروه من عيون الحساد، ثم بعد ذلك أن تأمر من يحضره إلي لمعاودة جلسات العلاج بالقرآن التي تَخلَّف عنها في الآونة الأخيرة. كما تخلف عن جلسات دهان جسده بدهن “البعير”.

وهكذا فعل ولي ولي العهد ثم خرج تاركاً خلفه من سيواصل تنفيذ أوامره.

دخل إلى مكتبه، كانت بعض الصحف على طاولته، أبعدها بطرف يده لأنه يكره القراءة والقراء، كما أنه لا يُحسن القراءة بالعربية كثيراً كما حاله في اللغات الأخرى، فتح التلفاز  على محطة تلفزيونية لا تتبع لإمبراطوريتهم على غير عادته، ومن باب الفضول أخذ يستمع لهم، مستغرباً ما يقولونه رغم أنهم ليسوا من الروافض الشيعة، ولذلك كان طويل العمر قد تأكد أنهم كفرة ملحدين……   كان يقول التلفاز:

ـ “ولله في خلقه شئون”، فخلق لنا هذه الكائنات المحسوبة ظلماً وعدواناً على المخلوقات البشرية، أنظروا إلى متخلفي آل سعود، ترون بوضوح أنهم كائنات لا تعرف القراءة ولا “التتبيع”، كائنات غريبة عجيبة بلا أفق ولا كرامة ولا أخلاق ولا إحساس، كائنات بهيمية صرفة، تعتقد أنها تُعوض عن إنسانياتها بأموالها، وأن من حقها شراء الذمم والبشر ونشر الفساد والإفساد وشراء القيادات وتدمير الدول والأوطان والمؤسسات، هذه العائلة التي تقتل البشر وتتعامل معهم وكأنهم كومة من الحشرات، الم ترَ كيف تعاملوا مع الشهداء الحجاج؟ إنهم يخافون أو يجبنون أمام الإعتراف بالأخطاء، ولا يتعلمون منها، هذا الموت المجاني دائم الحضور في معظم مواسم الحج.

إنهم يُميزون أنفسهم لا لشيء إلّا لأنهم يسرقون أموال الأمة ويرهنون ما يتبقى من عهرهم في بنوك الغرب، ليستخدمها في استغلال شعوب الأرض بالديون والفوائد وضرب وتخريب الإقتصاد في تلك البلدان، لتزداد تلك الشعوب فقراً وبحاجة إلى المزيد من الديون، وسرعان ما تربط مصيرها ومستقبل أبنائها وسوقها وسياستها واقتصادها بتلك البلدان، وتبيع مواردها الأولية بأبخس الأثمان، تصور هذه الأموال التي يدمرون بها حضارات بلادنا لو وضعت في خدمة شعوب المنطقة، لن ببقى مجاعات ولا أمية ولاجهل ولا بطالة ولا فقر ، وكان سيكون إقتصاد بلادنا من الإقتصاديات الناجحة في العالم، وكانت هجرة العقول والعمالة نحو بلادنا بدلاً مما هي عليه الآن. هؤلاء الأنذال قمة متعتهم أن يحشوا بطونهم بالفتيت واللحوم، ويعيشوا الدهر  كله يلعبون بخصياتهم ويحلمون بالجنس، نعم بالجنس فقط، فرؤوسهم لا تتسع لامرأة كاملة، هؤلاء يعتقدون أنهم إن إستطاعوا أن يشتروا لجنه حقوق الإنسان ويترأسوا لجنتها، يُغطّون على ما يدور في بلدانهم من منع حق الكلام وحتى التفكير عن البشر، يعتقدون أن ذلك يُغير شيئاً من حقيقة قمعهم لشعبهم، أو يُخفف من الأمية والجهل والبطالة والجوع والقتل والسجن وشطب الحريات، ويعتقدون أن الناس ستنسى أن مرتبة دولة آل سعود في العالم في مجال حقوق الإنسان، رغم الرشاوى والدعم الأمريكي وحلفائه الغربيين، هي 164 من أصل 180 دولة…..

رمى طويل العمر “مُوجه” التلفاز من يده، وكاد كعادته أن يمد يده ليبدأ اللعب بخصيتيه، لكنه تراءى له أن المذيع ينظر إليه ويبتسم، يبتسم ويكاد يضحك منه ساخراً، فقام غاضباً وخرج من مكتبه.

محمد النجار

حمّلوه عنزة ظرط….

كنت جالساً أتابع التلفاز بمرارة، حين ظهر ذلك الشخص بشكل مفاجىء ليزيد حنقي، وإنني إذ أعترف لك أن مجرد رؤيته تستفزني، وأكاد أبصق عليه من على صفحة التلفاز، كلما نطق حرفاً، إلّا أنني لم أستطع أن أكبح جماح فضولي من الإستماع إليه، فبصقت عليه في سري وأخذت أستمع لما سيقوله عن سؤال وُجه إليه يقول: لماذا لم تستقبل دول الخليج المهاجرين السوريين، بدلاً من هذا العذاب المُميت والمُكلف والمُذل سياسياً ومادياً للوصول إلى الدول الأوروبية؟ فعدّل من وضع حطة رأسه ناصعة البياض والتي تشبه رايات الإستسلام التي يستخدمها الجبناء في الحروب لينقذوا جلودهم، وقال، لا بل “بال”، لا… لا ، لم أخطىء، نعم لقد “بال” من فمه، وأنت تدرك كيف يبول المرء من فمه، فالأمر مختلف عن الذي يسكت” دهراً وينطق كفراً”، فمثل هذا المرء مرده إلى الله ليسامحه أو لا يسامحه على كفره في يوم الدين، وكذلك الأمر مختلف عن الذي يتحدث متناسياً المأثور الشعبي القائل:”إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، وأنت تدرك الفرق بين أن يكون الكلام الذي يخرج من فم الشخص فضة أم بولاً كالذي يخرج من فم “صاحبنا”… لذلك أنا أُصرّ على أنه “بال” من فمه رافعاً “رجله” تماماً كما يبول الكلب على قارعة الطريق. وما عليك إلّا أن تحكم بعد أن تستمع لما قال.

قال:

ـ  لا… لا، الخليج مختلف، له عاداته وتقاليدة، لا… لا يستطيع، فهؤلاء المهاجرون لديهم مشاكل نفسية خطيرة. عدّل من وضع حطة رأسه من جديد وتابع بوله:

ـ لا، الخليج مُكْلِف والحياة به غالية وهم لا يستطيعون… لا….

أول ما خطر في رأسي سؤالاً إستنكارياً يقول لهذا التافه: من الذي تسبب في هجرة هؤلاء؟ أليس أكلة قلوب البشر؟ أليسوا “محتكروا” الحقيقة القابضين على”مفاتيح الجنة” كما يدّعون؟ أليست حاميتكم أمريكا؟ وبأموال مَنْ؟ أليست بأموال آل سعود التي لم تطلق يوماً طلقة على أعداء الأمة العربية، بل لم تستخدم أسلحتها وأموالها إلّا لتدمير حركات التحرر العربية والمناضلين العرب وتدمير الأوطان، بل ووظفتها لخدمة ما تطلبه الإمبريالية من أفغانستان إلى دعم الأحزاب اليمينية في بعض الدول الأوروبية كي لا تصل أحزابها الشيوعية للسلطة خلافاً لإرادة شعوب تلك الدول التي إنتخبتهم كما تم في فرنسا وإيطاليا، وكما موّلت حملة الكونتراس في نيكاراغوا كي لا يصل الساندينيون إلى السلطة، تماماً كما موّلت القاعدة وداعش في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومصر” والحبل على الجرّار”… ولا أستغرب أن تكون حكومة آل سعود وحلفائها هي الداعم المالي للعثماني الجديد أردوغان ليتخلص من اللاجئين الذي بنى معسكراتهم قبل أن يبدأوا حربهم الكونية على سوريا، فمن جهة يضغط على الأوروبيين الذين لم يؤيدوا المنطقة العازلة، قائلاً لهم “لا تُريدون منطقة عازلة؟ إذن تلقوا المزيد من المهاجرين”، فمن غير المعقول أن يفر هؤلاء بعشرات الآلاف في نفس اللحظة مارين في دول عدة دون دعم دولي، تماماً كما أنه لا يمكن لتنظيم مهما على شأنه وكبره وتمدده، أن يمتلك دبابات وآليات وأسلحة وأموال ومتفجرات بآلاف الأطنان وجيش بعشرات الآلاف ويحارب في أكثر من مكان، دون أن تكون خلفه دولاً، كما حال داعش والقاعدة، والغريب أنهما رغم إمتلاكهما كل ما سبق وخروجهما أحياناً عن إرادة خالقيهما، إلّا أنهما لم يُخطئا ولو مرة واحدة ولم يخرجا عن الخط الأحمر الأول المرسوم لهما بأن يُطلقا طلقة واحدة باتجاه الكيان الصهيوني، ولو حتى عن طريق الخطأ !!!، ومن جهة ثانية لتفريغ سوريا كما العراق من كنزهما البشري وخاصة أن المهاجرين هم من الشباب في أغلبيتهم الساحقة والكثيرون منهم حملة شهادات وأكاديميون، وأمور أخرى كثيرة لا تتعلق بموضوع حديثنا. لكن أكثر ما استفزني في الأمر أن هذا المتخلف، ماذا؟ نعم المتخلف رغم شهاداته التي يحملها، وهل بالضرورة أن لا يكون كل من حمل شهادة متخلفاً؟ بماذا تفسر لي أن “حارة الشيخة موزة” تحتضن أكبر تجمع للمثقفين الذين لا هم لهم سوى الترويج والتنظير والتبرير لكل ما يضرب حركة التحرر الوطني العربية؟!!! هذه الحارة التي تحكم بالمؤبد على مجرد شخص ينادي بالإنتخابات، تعتقد أن لدى ديمقراطيتها متسعاً للمثقفين لو كانوا مثقفين حقيقيين ولديهم الحد الأدنى من الوطنية أو الثورية لو لم يكونوا تابعين لقوة المال؟… أقول أن هذا التافه لا يعلم ان هؤلاء لو كان لديهم مشاكل عصبية ونفسية كما يدّعي، فهو ومن يموله السبب في ذلك، كما أن هؤلاء ربما يكونون أقل منه ومَنْ هم على شاكلته مرضاً نفسياً، وأن جدود هؤلاء مع جدود الفلسطينيين واللبنانيين هم مَنْ نقلوا الأبجدية إلى تلك الصحاري قبل أن يصلها النفط، واستشهد منهم الكثير من الأفاعي والعقارب، وأن الذباب والبعوض الذي رأوه وحاربوه لم يروا بمثله ولا بحجمه في أصقاع الأرض، نقلوا لهم الأدوية وبنوا لهم المدارس بأيديهم كما المصحات والبيوت بدل الخيام، واستخرجوا لهم المياه وأحضروا لهم الحبوب وعلموهم الزراعة، نعم، هم من علموه وعلموا أجداده الحياة، وها هم الآن لا يحصلون على تأشيرة دخول لهذه البلدان التي لولاهم لماتوا من الظمأ، لا بل كانت مكافأتهم بتدمير أوطانهم وأحلامهم. إنهم نسوا “أن من علمني حرفاً كنت له عبداً”، وفضلوا أن يكونوا عبيدا لراعي البقر الأمريكي وللبريطاني والفرنسي، ويؤمنون بالقول المأثور”… الغريب حلو”.

نسي هؤلاء شيئاً اسمه الكرم، أو إغاثة الملهوف… “الخليج مُكلف”… في الزمن العادي كنتم تتآمرون على الناس وترحلوهم بعد أن تُشاركونهم أموالهم وتسرقونهم لاحقاً باسم ” الكفيل”، أنسيتم؟ الدول تبني حضارات بالمال، وأنتم تُدمرون أوطاناً وتقتلون البشر وتدمرون الحجر وتنشرون الدعارة والبطالة والجهل، نسوا هؤلاء الجهلة أن سوريا هذه، سواء أحببت النظام أم كرهته، هي من استقبلت الشعب الفلسطيني بالأحضان والتضامن  عند مأساته ولا زالت، ولم تُفرّق بينه وبين أبنائها، والسوريون كانوا جنباً إلى جنب يقاتلون الإستعمار في كامل سوريا الكبرى، ومن هو عز الدين القسام سوى مناضلاً سورياً جاء ليستشهد في فلسطين، وأن هؤلاء السوريون هم من احتضن ما يقارب من مليوني عراقي عندما أطلق آل سعود جنونهم تدميراً وتفجيراً في العراق مع الأمريكي، وهم من احتضن نصف مليون لبناني في الحرب على لبنان، وأن هؤلاء السوريون العظام لم يفتحوا لهم معسكرات ولم يطلبوا نقوداً ممن كان السبب في مآسيهم أمثال آل سعود، ولم يتاجروا بقضيتهم لأمم متحدة أو شؤون اللاجئين، تقاسموا معهم لقمة الخبز، وواسوهم وعضّوا على جراحهم مبتسمين، وأن سوريا هذه رغم كل الإنحطاط العربي لم تتنازل عن مجرد بضعة أمتار في “جولانها” المحتل… أم ربما لأنها كذلك يُديرون عليها كل هذه الحرب الكونية؟!!!

نعم هو هذا ذات الشخص الذي كان منذ بضعة أسابيع يدافع عن تدمير اليمن، يدافع عن مجازر آل سعود فيها، ويُهدد ويتوعد شعب عظيم كالشعب اليمني لا لشيء إلّا لأنه شعب فقير بسبب آل سعود أنفسهم الذين يمنعوه من إستثمار خيراته، فهو يعوم على بحر غاز ونفط يفوق ما لدى آل سعود، يتهجم على شعب مقدام جسور كريم، تخيّل!ويتحدث عن أنه وآل سعود سينغصون على إيران والإيرانيون حياتهم من خلال دفع الأموال لإثارة الفتن بين قومياتها ومذاهبها، تخيّل إلى أين وصلت بهم الصفاقة والوقاحة والغطرسة، وهم لم يكونوا قادرين على الصمود لحظة في وجه بلد مثل العراق، ولن يستطيعوا مع سوريا، وسيتمرغ أنفهم في تراب اليمن، والآن يتطاولون على إيران!!! صحيح كما قال المأثور الشعبي” حملوه عنزة ظرط قال هاتوا الثانية”…

ـ مالك تنظر إلي مثل الأبله؟ تحرك رأسك كأعضاء برلمان عربي متخلف جاهل…

ـ فشرت… لا تقل جاهلاً، صحيح أنني لا أمتلك شهادات كشهادة صاحبك، ولا كأولئك في حارة الشيخة موزة، لكني لست مثله ولا مثلهم، وكل ما قلته أنت أعرفه رغم أنني لا أعرف أن أقوله و”أُصفط” كلماته مثلك، واستفزني صاحبك هذا أكثر مما استفزك، بدليل أنني بصقت على وجهه القبيح على شاشة التلفاز بشكل جدي وليس مثلك في سري، شيء آخر سأقوله لك ، لا تُشبّهني بأعضاء البرلمانات العرب إذا أرت أن تراني مرة أخرى في بيتك….

محمد النجار

الطحالب لا تعيش إلّا في المياه الراكدة

قال:

ـ إنها ليست أكثر من مداهمات، بعني “شوية” اعتقالات…بسيطة…

كان هادئاً، يتحدث ويشرب قليلاً من النبيذ بهدوء، ويلعن السجائر التي يمتصها حتى آخرها، ويلعن اليوم الذي تعلم به التدخين، ويتحدث كعادته بطلاقة معروفة، لا تقل عن تلك التي نراها عندما يتحدث في كثير من الأحيان على صفحات التلفاز، وإن كان يحاول جاهدا إظهار تأثره بالأحداث، خاصة بدماء الشهداء، الأمرالذي لم يبرز كثيراً في حديثه معنا في تلك الليلة.

كنا عند صديق مشترك، نتحدث ونتسامر ونشرب النبيذ، كنا نعمل في وزارات مختلفة، عدا ذلك الطبيب الذي لم يكن يعمل في وزارات السلطة، وكان قد رفض احتساء شيئاً من النبيذ، معلناً أنه لا يشرب الخمر، عندما قال له مضيفنا مازحاً:

ـ مسيحي ولا تشرب؟!! أمرك غريب يانهاد، ماذا تركت للمسلمين يارجل؟

وضحكنا، وقال هو موضحاً:

ليس للأمر علاقة بالدين، كل ما في الأمر أنني لا استسيغ الخمر ولا أحبذه…

ثم أضاف وكأنه يلوم صديقنا ويعاتبه:

ـ منذ متى تُقسّم تصرفات الناس وسلوكم حسب دياناتهم، أراك قد بدأت تتراجع عما كنت عليه، أم أنك تأثرت بالدواعش والقاعدة؟

ـ متأثر؟!!! هذا ما تبقّى… أعوذ بالله، لكن أتعلم أنك محق، الأمور تبدأ بهذا التقسيم للبشر، تقسيمهم دينيا ومذهبيا وطائفيا وجنسيا ، لقد وضعت يدك على الجرح فعلاً….

فقال رجل التلفاز ممسكاً طرف الحديث من ألسنة البقية:

ـ لا تُفلسفوا الموضوع وتنزعوا “السكرة” من رؤوسنا، اتركوه، إذا أراد الشرب فليشرب، وإن لم يشرب فالخاسر هو وحده، يعني ” على نفسها جنت…. جنت… شو اسمها…”

ـ براقش

أجاب أحد المتحولقين حول الطاولة، حين رد رجل التلفاز قائلاً:

ـ آه، براقش أو مراكش، لم تعد تفرق، المهم الفكرة وليس شيء آخر

كان يحتسي النبيذ وكأنه يشرب الماء، يسكب الخمر في فمه دفعة واحدة كأساً بعد آخر، وكأنه يسابق الزمن ليشرب أكثر ما يمكن، قال البعض لاحقا أنه أصبح كحولياً، ولا يمكنه الإستغناء عن الخمر، بل لا يستطيع الحديث دون شراب، وأنه يبدأ نهاره به وينهيه كذلك، وكلما شرب أكثر كلما ازداد حديثه وكشف أسراراً جديدة، وعندما تساءل أحدنا في اليوم التالي عن أسباب إبقائه في السلطة، أجاب مضيفنا قائلاً وحاسماً،” من منهم ليس مثله… فهو ليس أفضل منه”، هذا ممن كانوا مناضلين ذات يوم، وأنتم لم تتعرفوا غلى بعض القادة الذين كانوا عسكريين، من أبي فلان إلى أبي علان، يفرضون أنفسهم في المقاهي والمطاعم وأسواق الخضار والمحلات… شيء أقرب إلى البلطجة والخاوة، متروكون ليفعلوا ما يريدون….ويُقال أن أحدهم يداوم بشكل دائم أمام مطاعم الشواء، ليستغل هذا و”يتسلبط” على ذاك، حتى أن الناس يتهامسون مازحون، بأنه يضع مكان نياشينه العسكرية على كتفيه، سيخين وفحمة، وقوّلوه بيت شعر كان ذات يوم للمتنبي ، محورينه بطريقة كوميدية لاذعة، وبعضهم كتبه على باب محله بخط بارز، موقع بإسم أبي جلال، وهو الإسم الذي أطلقوه عليه دون علمه، يقول بيت الشعر:

“الهش والنش والكانون يعرفني                                 والشحم واللحم والسلطات والبصل”

لا أعرف من ابتدأ الحديث في موضوع “جنين”، الذي لم يكن مر على مداهمته سوى يومين اثنين، وكان جو التوتر والغضب يلف المدن كلها، والغضب على السلطة ورئيسها وقياداتها في ذروتها، حين قال رجل التلفاز:

ـ لا “توجعوا” رأسنا، “جنين …جنين …جنين…” هو الذي خلقها لم يخلق مثلها ولا غيرها؟! كفى، كل يوم تدخلوننا في مشكلة جديدة، ألا تريدون أن تفهموا أن هذه المرحلة هي مرحلة العمل السياسي، لقد إنتهت مرحلة البندقية، لنعطي المرحلة حقها…

لم يتوقع أن يناقشه أحد كمعظم المرات، كونه يحقد على الآخرين ولا يختلط بهم، لكن وعلى غير توقعه رد الطبيب بهدوئه المعتاد، رغم الإستفزاز الذي كاد يغطي وجهه كاملاً:

ـ لقد أضعتم ربع قرن من التفاوض، وماذا أثمرتم؟ لقد أخذوا منكم حتى مناطق”ا” التي أعطوكموها في أوسلو، وبدل دولتكم الموعودة، وضعتم أنفسكم وشعبكم تحت أحذية الإحتلال.

ـ ربع قرن؟!!! حتى لو نصف قرن ما الذي يزعجك أنت؟

ـ يُزعجني كل شيء، أأتيتم بشيء جيد حتى يعجبني؟ أم تعتقدون أن البلد من حقكم، كونكم “ورثتموها” عن آبائكم وأجدادكم، وربما تعتقدون أن شعبها جزءً من عبيدكم الموروث أيضاً، ثم إن كنت أنت مستفيداً وكل يوم في سهرة في تل أبيب أو في تلفزيونات السلطة أو اسرائيل فالناس ليسوا كذلك.  والأهم عندي من ذلك أن المداهمات تتضاعف يوماً بعد يوم تحت أعينكم ، فبالأمس مخيم جنين واليوم مخيم الأمعري وغداً مخيم بلاطة وبعده مخيمي الدهيشة والعرّوب، ناهيك عن القرى والمدن التي أصبحت مداهمتها بشكل يومي، وأصبحتم حتى لا تحتجون، دجنتم أنفسكم وذواتكم على رغبات الإحتلال، وتريدون ترويض شعبكم ليصبح على شاكلتكم!!!

كانت كلماته مُستفزة، ورجل التلفاز الذي يحمل على أكتافه سنوات من النضال لا يحتمل النقد بأي شكل، بل كان يرى بالنقد جزءً من الهجوم عليه، وانتقاد القيادة تمسه، لأنه يرى نفسه جزءً منها رغم أنه من قيادات الصف الثاني… سكب الكأس في فمه وقال مفتعلاً الهدوء:

ـ إن كنتُ أسهر في أي مكان فبنقودي، أو في مهام نضالية يتطلبها عملي وهذا ليس شأنك

ـ أما زلتم تعتقدون أننا أغبياء؟ صدقناكم عقود وانتهى ، ثم انني لم أعلم أن معارك التحرير انتقلت إلى مطاعم وبيوت وبارات تل أبيب.

شرب من كأس الماء الذي أمامه، وقال وكأنه يدلي بنصيحة:

ـ فكروا بماذا تفعلون، الناس لم تعد تحتملكم، والقمع لم يعد قادراً على تكميم أفواه الناس

رد رجل التلفاز في محاولة بائسة لإستحضار الماضي، فقال:

ـ نحن من أطلق الرصاصة الأولى، نحن من قاد الشعب…..

فرد عليه بصورة حاسمة:

ـ نعم أطلقتم وقدتم وكنتم، و”كان” فعل ماض ناقص لن يكتمل أبداً، عليكم أن تكونوا من جديد وإلّا اتركوا غيركم ليكون ويفعل….

ـ إفعلوا أنتم!! وهل نحن ممسكون بكم؟

ـ نعم أنتم ممسكون بكل من يريد العمل أو حتى يفكر به، أم أنكم مصدقون أن إعتقالاتكم مناضلي شعبنا هي ليتنزهوا أم لحمايتهم كما تُشيعون؟ و”مخيم جنين” هذا الذي تصدع رأسك به لم يترك حلفاءكم الجدد أن يستفردوا به، وبعد فشلكم أنتم في اعتقال المطلوبين للإحتلال، جاؤوا هم بدباباتهم، لكنهم مثلكم لم يحصدوا سو الخيبة، مخيم جنين هذا المكتظ بالمناضلين قزّم دولة الكيان كله لمدة خمسة عشر يوماً، كان القصف ينزل على رؤوس سكانه وهم قابضون على البندقية ويتصيدون الجنود، حتى دباباتهم لم تستطع السير في أزقته، فكانت تسير من بيت إلى بيت فوق البشر أحياء، وفوق جثث الشهداء والجرحى، ولم يستسلم، عض على جراحه وقاوم وصمد، ولم يستطيعوا إعادة إحتلاله إلاّ بعد إنتهاء الرصاص من مقاوميه الذين لم يملكوا سوى بنادق مُشتراة من أثمان ذهب عرس أمهاتهم ونساءهم وأخواتهم، ولم يكن عندهم ما تسمونه سلاحا ثقيلاً أو متوسطاً، فقط مجموعة من البنادق كبد بها “الجيش الذي لا يقهر “خسائر فاقت توقعاته وتوقعات قادتكم،  وها هو الآن يتصدي لأسياد سلطتكم مجدداً، فيتراجعون مستذكرين عام ألفين واثنين، تاركين لكم “شرف” إعتقال المناضلين.

سكت قليلاً وسط استغراب رجل التلفاز، الذي كان مبهوراً بهذه الجرأة التي إعتقد أنهم قد أنهوها في ربع القرن الماضي من قمعهم ومطارداتهم للمناضلين واعتقالاتهم أو تصفيات بعضهم أحياناً، وأكمل الطبيب:

ـ وكما في السابق، حيث لم يجرؤ أحد منكم بما فيه رئيس سلطتكم  السابق على زيارة المخيم والتضامن معه، لم يجرؤ كذلك رئيس سلطتكم الجديد لزيارة المخيم، من يدري فربما رفضوا إعطاءهما تصريحاً للقيام بذلك، كي لا أقول لم يتملكا الجرأة. بل ربما يقايضون على المخيم هذه المرة كما قايضوا على مناضلي كنيسة المهد في مدينة بيت لحم وتم نفيهم لخارج البلاد مقابل رفع الحصار عن رئيس السلطة السابق، أو كما قايضتم على موقفكم من مخيم اليرموك وتراجعتم بعد أن أغراكم بأموالهم آل سعود!!!.، أو كما قايضتم وبعتم رئاسة الجامعة العربية لمشيخة قطر لتتخذ ما تتخذ من إجراءات لتدمير سوريا، مشكلة قيادتكم ياعزيزي أنها تؤمن أن كل شيء قابل للبيع، مادام هناك من يشتري!!! وإن “تدلل” المشتري لا يتراجعون عن قرار البيع، بل يُنزلون بالسعر، المهم أن تنفذ بضاعتهم ولا يعودوا بها خائبين، لكن المعروض الآن هو الوطن، أتفهم؟ الوطن بترابه وسمائه وزيتونه وصخره وشهدائه وجرحاه وأسراه، بهوائه وتراثه وتاريخه وعاداته وتقاليدة، أتفهمون ذلك، إنكم تعملون على اقتلاع التاريخ والجغرافيا أيضاً، الأمر الذي نادراً ما حدث في التاريخ.

كان رجل التلفاز ما زال يشرب المزيد من النبيذ، وقد بدأ يكتسب وجهه اللون الأبيض الشمعي، وكأنه ما زال غير قادر على تصديق ما تسمع أذنيه، في الوقت الذي تابع الدكتور حديثه مُصعداً أكثر وأكثر، قائلاً:

ـ وأخطر ما تقومون به تشويه العقول وتسميمها، إبتدأتموها بالتطبيع، ثم بتعريفكم للمخيم بأنه تجمع سكاني كثيف في بقعة جغرافية صغيرة، وها أنتم تتحفونا وتبشرونا بأن “ثورتنا مش إرهابية، وازرع ليمون ازرع تفاح… ثورتنا سلمية من غير سلاح”، من خلال أغان تافهة من المفروض أن تكون أغانٍ وطنية محرضة على الثورة وعلى مواجهة الإحتلال،  إلى أين تأخذوننا ؟ أتريدون سياقتنا مثل قطيع؟ ومن يدري ربما إن زرعنا برقوق مثلاً أن نعفيكم من كلمة “ثورة” من الأساس، ونمهد لكم الطريق لتستمروا في خياركم البائس….

كان رجل التلفاز ما يزال يستمع، ويبدو انه أقنع نفسه أن “قلة الرد رد” على مثل هؤلاء، وأن من الأفضل أن لا يدخل بحوار قد يُخرجه عن طوره، ويعود ليندم على ذلك، فاستل “سيجارة” من علبة سجائره، أشعلها وظل يستمع، حين قال أحد زملائي العاملين في الوزارة نفسها، محاولاً تخفيف الأمر عن رجل التلفاز:

ـ إن القيادة مشغولة الآن لترتيب البيت الفلسطيني، نرجو أن يهديهم الله ويقومون بتعديل ما يجب تعديله….           يبدو أن الكلام لم يخلق أي أمل عند الطبيب الذي فقد كل الثقة بالقيادة مثل الكثيرين، وكما علمت لاحقاً من قريبه الذي أحضره معه في سهرتنا تلك أنه كان خارجاً لتوه من سجون السلطة، بسبب “أفكاره الهدامة والمحرضة”، فكما قالوا له” بإمكانك أن تُشكل الرأي الذي تريد، ولك كامل الحرية، لن يمنعك أحد من ذلك، هذا حق يكفله لك القانون، لكن ليس من حقك نشره وتحريض الآخرين ليقتنعوا به، يعني رأيك يظل لك، ملكك، لنفسك ولا لأي أحد آخر” …

فرد الطبيب قائلاً:

ـ نعم … ترتيب البيت الفلسطين ليظل خانعاً مُهانا، مثل هذه القيادة ياعزيزي لا تستطيع العيش في جو صحي، لذلك فالمطلوب تدجين المنظمة بشكل كامل، لذلك ستبقى المنظمة ومؤسساتها وقيادتها بنفس السوء ونفس الأمراض إن لم تزد أكثر، فمنظمة فقط بهذه المواصفات تكون قادرة أن تستوعب مثل هذه القيادة، فالطحالب يا عزيزي لا يمكن أن تعيش سوى في المياه الراكدة.

فقال رجل التلفاز مستفَزاً، وكأنه يريد رمي الكرة في مكان آخر:

ـ إن لم تُعجبك هذه القيادة إذهب إلى قيادة حماس!!!

وضحك، لكن الطبيب ظل على جديته، وقال:

ـ لولا ديانتي التي عرفتها لتوك لاتهمتني بأنني من حماس، انتم وقيادة حماس ولا أقول “قساموها” تتشاهبهون حد التطابق، ولإن استمروا بما هم سائرون عليه سيصلون إلى حيث وصلتم، إلى “المستنقع”، فخلافكم معهم أنكم تريدون احتكار الإستسلام وتعميمه وتعميقه، وجر الشعب كله بتضحياته كلها إلى مزبلة التاريخ، والأمر بالنسبة لي بسيط جداً، اذهبوا هانئين غانمين إلى هناك، لكن أتركوا شعبنا ليكمل مسيرته كما يشاء وبالطريقة التي يريد، ولا تحاولوا جرّه معكم مرة بالخداع وأخرى بالقمع.

كان كلامه قاطعاً كحد السيف، ورجل التلفاز الذي أخذت يداه بالإرتجاف، يحاول تغطيتها بتركه لسيجارته لتأكل نفسها في منفضة على الطاولة، وبتركه لكأسه ربع ممتلئ بجانب المنفضة وكأنه شاهداً على ما يدور من حديث.

نظر الطبيب في ساعة يده، استأذن وخرج معتذراً عن الإزعاج الذي سببه، لكنه بصراحة أثلج صدري، كوني لا أستطيع البوح بما في صدري مثله، كي لا يتم فصلي من عملي من الوزارة التي أعمل بها، وأجد نفسي في غياهب سجونهم، تاركاً خلفي طفلين وأمهم….

محمد النجار

لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب

منذ بضعة أيام، أطلقت رئيسة وزراء استراليا تصريحا مطولاً محقاً، يعبر بوضوح وشفافية عن مشاعر الناس وما يدور بخلدهم، وما لا يقوله معظمهم علانية، ليس في قارتهم فحسب، بل في معظم الدول الغربية بشكل عام، وملخص قولها موجهاً إلى كل المهاجرين الذين قدموا من كافة أصقاع الأرض، باحثين عن مصدر رزق أو هاربين من مأساة أو حرب أو مجزرة أو إضطهاد….وكلمات تلك السيدة موجهةً أكثر ما هي موجهة إلى تجار الدين السياسي، الذين إعتادوا على التحريض على ومهاجمة شعوب تلك الدول التي إستقبلتهم واحتضنتهم وأعطتهم الحماية والأمن والأمان، وتكفلت بتعليمهم وأبنائهم وقدمت لهم الطبابة والإقامة والجنسية، وقدمت لهم الدعم المالي والمساعدات الإجتماعية المختلفة، وقابل هؤلاء كل ذلك ليس برفض الإندماج فقط، بل بمهاجمة المجتمع الذي استقبلهم واحتضنهم وقدم لهم كل ما حُرموا منه في بلدانهم، غير آبهين بما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من مخاطر وعنصرية وما يمكن أن نسميه “باللاسامية الإجتماعية”. والموضوع هنا ليس متعلقاً بسياسات تلك الدول وخاصة المتحالفة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، التي كانت هي السبب الأساس لالهجرة إلى تلك البلدان، بعد أن دمرت البلاد والعباد من خلال الحروب التي فرضتها بشكل مباشر، أو غير مباشر من خلال تصدير “الإسلام الأمريكي”، وهو إسلام آل سعود أيضاً، الحليف الأكبر لأمريكا والغرب عموماً، “إسلام القاعدة ـ داعش”، الَّذين كانا السببان الأساسيان لهذه الهجرة الكثيفة، نعم، إننا لانناقش سياسات تلك البلدان، فهذا موضوع مختلف تماماً عمّا نناقشه الآن، إننا نتحدث عن المجتمعات والشعوب التي تدفع لهؤلاء الناس من ضرائبها، وتجار الدين السياسي يُحرضون في كل يوم وساعة وبإسم الدين، وكأنهم أوصياء عليه، يُحرضون على الناس والمجتمع وعاداته وتقاليده، متهمينه بالكفر والإلحاد ويشيطنونه بعاداته وتقاليده وطريقة معيشته، كل هذا وأيديهم ما تزال تغرف من صحنه رغم أن معظمهم لا يعمل ويعيش عالة على مساعدات الدولة، وإن عمل فهو لا يعلن عمله كي تظل المساعدات متدفقة!، ويظل جل وقته، ليلاً ونهاراً يقذف ويسب ويشتم، معلناً “أنه لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب”.

المشكلة الأهم هنا أن هؤلاء المحرضون، هم في حقيقتهم من حاملي لواء الدين السياسي، وهم يمارسون كل الموبيقات لكن بعيداً عن أعين الناس، وفي معظمهم فاسدون ومفسدون، ومرتبطون بدعم أموال النفط الخليجي الرجعي، ويجمع التبرعات وبُنى المساجد مخفين خلف ذلك النهب والسرقات، وأهم من هذا وذاك أن معظم هؤلاء مرتبطون بأجهزة مخابرات رجعية عربية وأجنبية أو متعاونون معها، وجزء مهم من وظيفتهم هو ما يقومون به من تحريض ورفض للاخر،  وخلق المتطرفين الذين تحارَب بأيديهم بعض هذه الدول التي تموّن هؤلاء المحرضين، لإظهار أبشع وجه ممكن للإسلام والمسلمين، وشيطنة الإسلام ليظل كما رسمته القاعدة وداعش واخواتهما في عيون المجتمع والناس، الأمر الذي يُسهّل خداعهم بمقولة “الحرب على الإرهاب” المحقة والمراد منها تدمير المجتمعات العربية وتقسيم أوطانها ونهب خيراتها، يعني شعار حق يُراد به باطل، وليس صدفة أن يُصوَّر المسلمون وكأنهم فقط عرباً، رغم أن العرب لا يُشكلون إلّا جزءً من المسلمين، ونسبة الإرهابيين في معظمها من دول غير عربية (أفغانستان، الشيشان، قرغيزيا، وعشرات الدول الأخرى ـ 133 دولة دعمت إرهابيي سورياـ ….إلخ) والدول التي يتم تدميرها هي دول عربية والشهداء عرب والجرحى والمهجرين عرب، وكذلك المتهمون!!!. وفي نهاية المطاف فالمحرضون يعيشون كالسلاطين، والمغرر بهم ” تقع الفأس في رأسهم” كما يقول المأثور الشعبي، فهم من يُرسلون للدواعش والنصرة، للموت وتدمير الأوطان، هم “خروف العيد” الذي يُضحّى به، ويظل “الإسلام” والمسلمون بذات الصورة الحزينة المبكية التي نراها اليوم. وعليه فإن تلك السيدة، رئيسة وزراء أستراليا، قالت محقة: “إننا استقبلناكم كما أنتم، وهذه حياتنا وطريقتنا في الحياة وعليكم قبولها وقبولنا كما هي وكما نحن أيضاً، لكن إن لم يعجبكم الأمر فلكم كامل الحرية للذهاب إلى المكان الذي يعجبكم ويوفر لكم الراحة”، نعم إنه كذلك بالضبط، فإما أن تقبل الآخر كما هو أو أن تذهب إلى حيث تريد، فما بالك إن كنت ضيفاً على المجتمع والناس؟!!! ولهؤلاء المحرضين ننصح بأن يتوجهوا إلى حيث إخوتهم في الدين، من “القاعدة والدواعش” وأخواتهما وهن كثر، حيث سيجدون “إسلامهم” الذي دعوا إليه وحرضوا في أنصع صوره، فلن يجدوا نساء سافرات يعملن في كل المجالات، يلبسن البنطال مقصوصات الشعر الذي خلقه لهن الله طويلاً، والمتشبهات بالرجال، بل نساء منقبات لا يظهر منها سوى نصف عينها الشمال، ومن تحت” المنخل” أيضاً، كما أفتى موضحاً أحد مفتي مملكة “الديمقراطية” الساطعة سطوع الشمس، “مملكة آل سعود” حماها الله وأكثر من الديمقراطيات المتشبهة بها، ويمنعون تسكع النساء في الأسواق كي لا تُسمع ثرثراتهن، كون صوت المرأة عورة يُحاسب عليها الله بجهنم وبئس المصير، كما يُحاسب على خطيئة سماع صوت أم كلثوم والعياذ بالله،  رجال يعرفون الله ورسوله، ينتعلون أحذية من جلد الشاة وألحفتهم والحمدلله من جلد البعير، وجلاليبهم إلى تحت الركبة ببضع وعشرين سنتيمتراً، بحيث لا تصل إلى رسغ القدم والعياذ بالله، يقاتلون الكفرة والمرتدين والزنادقة والروافض، وفي وقت الفراغ يلعبون “السيجة” وليس الشطرنج التي اخترعها الروافض في إيران، رجال يأكلون نقيع الحنطة مع لبن النوق ويتمضمضون بمرق الخروف، قبل أن يغسلوا أسنانهم بالمسواك مبتعدين عن معاجين أسنان الكفرة من النصارى، رجال لا يأكلون سوى بأيديهم أو ب”الخاشوقة” وليس بملاعق الكفرة، ولا يستخدمون “الشوكة” إلّا لإقتلاع عيون الضالين الزانية إذا غابت السكاكين، رجال أحرار يوئدون البنات خوفاً من أن يتزينّ في الكبر عاصيات الخالق، رجال يرجمون الزناة ويفرضون الجزية ويحاربون المرتدين ويلاحقون النصارى والملحدين والكفرة والروافض، ويقطعون يد صغار اللصوص تيمناً بمقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه”إذا سرقت فاسرق جملًا” ولم يقل “فاسرق دجاجة أو رغيف عيش”، ولديهم التيمم عادة كي لا تُسول لهم أنفسهم إلى إتباع الشيطان ويعتادوا الماء ويستخدمونه في الظروف الصعبة، وربما تأمرهم أنفسم  “والنفس أمّارة بالسوء” بالشرب من ماء زمزم بعد أن يدخلوا بلاد المملكة العامرة، التي قدمت لهم الغالي والنفيس ليصلوا إلى ما وصلوا إليه الان، رجال يدخلون الحمام بأرجلهم اليمين، ولا يتحدثون في المراحيض ولا يتبولون في الجحور لأنها مساكن الجن، ويقرأون سورة الكرسي والفلق بصوت عال، ويتمتمون بكلمات اغنية المرحوم فريد الأطرش “عين الحسود فيها عود” تمتمة لإبعاد شر الحسد، كي لا يقعون في معصية الخالق بسماعهم الموسيقى أو تردادهم لها، رجال يتميزون بالشجاعة والإقدام، فيشقون بطون النساء الغانيات ويجزون رؤوس الأسرى وهم في القيود ويأكلون قلوب الكفرة العزّل من السلاح ومن أي وسيلة للدفاع عن النفس، متشبهين بجارهم “الجيش الذي لا يُقهر”، رجال يطلقون اللحى ويحلقون الشوارب تيمناً بالرسول الكريم صلوات الله عليه، وقد جزّ بعضهم رأس أحد المرتدين الزنادقة الذي كان قد أطلق لحيته وشاربيه معاً، مخالفاً شرع الله وسنة نبيه والعياذ بالله. رجال صابرون محتسبون، إن أكرمهم الله وأصبحوا جزءً من القيادة سيفتح عليهم الله ويستخرجون النفط ويبيعونه لإسرائيل، ويتاجرون بالأصنام” المسماة بالآثار”معها ومع بريطانيا العظمى، ويهربون ما تبقى من مصانع سوريا إلى مشروع دولة الإسلام العثمانية الجديدة، وسيتزوجون مثنى وثلاث ورباع، وسيغنمون ما شاؤوا من النساء وسيملكون العبيد والإمات، وسيغزون عاماً ويحجون عاماً كما فعل هارون الرشيد، وسيعيشون في رغد وألفة ومحبة إلى يوم الدين.                                                                                                             نعم إننا نحضهم ونحرضهم ليذهبوا ويعيشوا في رغد وسعادة دولتهم وهنائها، قبل أن تنتزعهم شعوب المنطقة وترمي بهم إلى مزابل التاريخ، هذه الشعوب التي تعايشت مع بعضها وقبلت بعضها بعضاً على مدى آلاف السنين، دون أن تسأل عن دين أو ملة أو مذهب أو قومية.

محمد النجار