لمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا؟!!!

ظلّت الكثير من الأسئلة تدق رأسي دون هوادة، خاصة بعد بعض الحوارات ،المُصرّة على قلب الحقائق، مع البعض، والذين لا يريدون أن يروا ما يدور في منطقتنا، من حرب كونية على مقدراتنا وتاريخنا وبلادنا وشعوبنا ، إلا حرباً طائفية!!! فلا أمريكا تطمع بنا وبخيرات بلادنا، ولا “آل سعود” هم رأس الأفعى في المنطقة، ولا ما يتم لمصلحة الكيان الصهيوني!!! ولا….إلخ، بل إن إيران”الشيعية”، هي فقط السبب وراء الحروب وإدامتها واستدامتها، ومعها حزب الله طبعاً، ولا يمكن أن تنتهي الحرب إلًا بعد الخلاص من إيران “الشيعية”، تاريخاً وطوائف ومذاهب وحتى جغرافيا إن أمكن!!! الأمر الذي يعني طبعاً إدامة الصراع واستمراره إلى آخر إنسان في الجانبين، وبهذا نكون نحن”السنة” قد نظفنا بيتنا من الداخل ونتفرغ لحرب الكيان الصهيوني!!! كلام خالٍ من أي منطق، فلماذا لا يمكننا أن نضع أيدينا مع إيران، ونتخلص من الكيان الصهيوني أولاً، فهذا لا يصح، ولماذا لا نتخلص من الصهاينة وحدنا ثم نرى أمورنا مع إيران فلا يصح أيضاً، فلا يصح معنا نحن “السنة” إلا إستعداء إيران فقط، وتحويل الصهاينة إلى حلفاء محتملين!!!

هكذا قال محاوري في حوارنا الأخير، فازداد طرق السؤال رأسي، لماذا، وازدادت الأسئلة التي تبدأ به أكثر، فتجاهلت “كيف ومتى وأين وهل ومن وإلى متى”، لأنني لو طرحت كل ما يدور في رأسي من أسئلة لما أنهيت مقالتي هذه أبداً، وعليه سأطرح فقط بعض ما يدور في رأسي من أسئلة تتعلق ب”لماذا”، منوهاً أنني لست من أنصار لا الدول الدينية ولا الأحزاب الدينية، وأنني أرى أن العلاقة بين الإنسان وربه علاقة تخصه وحده، ولا يحق لأي كان التدخل بها، لا من قريب ولا بعيد، كما أنني لاحظت أن كل أصحاب النظرة الطائفية والمتمسكين بها، معجبين أشد الإعجاب بالنظام “الغربي”، والذي لا يفرق بين أبنائه لأي بسبب، دين أو لون أو جنس أو معتقد، لكنهم “عندنا” يريدون مجتمعاً بلون واحد فقط، هذا إذا ظل هناك لون بعد الصراع الدائر….

ولنبدأ بالأسئلة، التي أرجوا أن لا يجيب عليها أو يقرأها أحداً من المتعصبين، من أي طرف كان، وهي أسئلة برسم التفكير لكل مَنْ يدعي أن الصراع الدائر في منطقتنا ما هو إلا صراع طائفي، وليس صراعاً سياسياً في جوهره، مغلفاً بغلاف طائفي:

  • لماذا إصرار الدول “السنية” على حرف إتجاه البوصلة، من فلسطين وتحريرها، ومن العداء للصهيونية إلى جعل العداء لإيران؟ وهل صحيح أن “طويل العمر” ملك آل سعود، دعم بناء المستوطنات بعشرات ملايين الدولارات؟ ودعم حملة إنتخابات نتنياهو ب80 مليون دولار، كما نؤكد الصحافة العبرية؟

  • إذا كان الصراع طائفياً لماذا إذن لم تقم “الدول السنية”، وعل رأسها دولة “آل سعود”، بمحاربة إيران أيام الشاه؟ أم أن إيران كانت “سنية”آنذاك؟

  • لماذا تم افتعال حروب متتالية مع إيران بعد إنتصار الثورة مباشرة؟ رغم أن الإنجليز “حلفاء” الدول السنية “وأبرز داعميهم حتى اليوم (هم مَن سلم الأهواز لإيران، تماماً كما سلّم الفرنسيون لواء الإسكندرونة لتركيا والإنجليز  لمناطق نجران وعسير وجيزان لآل سعود أنفسهم)، وكذلك سيطرت إيران على الجزر الإماراتية أثناء حكم الشاه، فلماذا لم تحارب الدول “السنية” وعلى رأسها آل سعود الشاه “الشيعي” ولم نسمع من هذه “الدول السنية” ولو كلمة واحدة بهذا الشأن آنذاك؟. بل إن علاقتهم مع الشاه كانت استراتيجية، وهو من ساعدهم على ضرب القوى الثورية التي نشأت في بلادهم!!! ولم نسمع “بسنة أو شيعة”، ولا عن اي دور “تشييعي” لإيران في المنطقة.!!!

  • لماذا اكتشف حكام الدول “السنية”، “شيعية إيران” بعد أن تم رفع العلم الفلسطيني فوق سفارة”إسرائيل” الموروثة من عهد الشاه، وتحويلها لسفارة “فلسطين”؟ وفي نفس الوقت الذي إبتدأت أمريكا بفرض حصارها على إيران؟

  • وما دام الموضوع هو “سنة وشيعة”، فلماذا تقيم هذه الممالك والدول والحكام “السنة”، أرفع العلاقات وأكثرها تطوراً، مع دولة أذربيجان “الشيعية”، صاحبة العلاقات الأكثر تميزاً بالكيان الصهيوني، وخاصة من الناحية الأمنية، التي تضر أول ما تضر بقضية”العرب السنة” في فلسطين؟!!!

  • لماذا، والأمر كذلك، لم تدعم الدول “السنية”وعلى رأسها بلاد “مملكة الخير” وقيادتها، آل سعود، الفصائل “السنية” في فلسطين، بعُشر ما قدمته لما إستجلبته من حثالات بشرية لتدمير أوطاننا في سوريا والعراق وليبيا واليمن و”الحبل على الجرار”؟ وتركت الأمر لإيران”الشيعية” لدعم فلسطين “السنية” وفصائلها؟ وتركت خلايا “حزب الله الشيعي” يدرب ويعلم وينقل السلاح ويُهربه إلى القطاع المحاصر، وتُعتقل بعض خلاياه في الدولة المصرية “السنية”؟ ولم تقدم أي نوع من الدعم للقضية الفلسطينية “السنية”، على مدار 68 سنة من عمر القضية، ولا حتى فتوى واحدة من شيوخ “السنة” العباقرة في بلاد آل سعود، بل أنها أوقفت حتى التبرعات لهذه القضية…

  • لماذا لم تقم الدول “السنية” بمحاربة محتلي المسجد الأقصى المبارك” أولى القبلتين وثالث الحرمين” رغم مرور 49 عاماً على إحتلاله، وشيوخ فتنتها كما القرضاوي “ينبحون” لمحاربة سوريا لنشر الديموقراطية هناك؟!!! ويستعيذ الله متبرئاً ممن يقولون بمحاربة “إسرائيل” بعد الإنتهاء من سوريا، ويشحذ من أمريكا المزيد من التدمير لبلداننا، ” ضربات لسوريا من أجل الله ياأمريكا”، الغريب أن البلاد والمقدسات محتلة من”اليهود الصهاينة” وهم ينادون بالديمقراطية في بلدان يحكمها “مسلمون”!!! والأغرب أنهم يريدون الديمقراطية التي يمنعونها في بلادهم، والإنتخابات التي لم يجرونها يوماً، والدستور وهم لا يملكون دستوراً… مع ملاحظة أن كاتب هذه السطور من أشد مؤيدي حرية الرأي والفكر والتعبير والإختيار، وضد كل أنواع التمييز الديني أو العرقي أو المذهبي والطائفي، أو اللون أو الجنس أو العرق، ومع تشكيل الأحزاب إلّا الدينية منها، والتبادل السلمي للسلطة.

  • بل لماذا تبرعت “مملكة الخير” أطال الله عمر قادتها آل سعود”، بفلسطين، في رسالة موثقة عبر الحلفاء الإنجليز، إلى “المساكين اليهود” أو حتى “إلى غيرهم “كما ورد في الرسالة؟ أعيد “تبرعت” بفلسطين وكأنها من بقايا موروث آبائهم العملاء الفاسدين المتخلفين الجهلة”!!!

  • لماذا لم تستخدم “مملكة الخير”ودول النفط “السنية”علاقاتها بالغرب، أو بالنفط، أو أموال النفط، لدعم قضيتها الأولى قضية فلسطين”السنية”؟

  • لماذا حارب آل سعود “السنة، الثورة الناصرية”السنية”، متحالفاً مع شاه إيران “الشيعي”؟ وراعيتهما أمريكا، أم أنه لم يكن “شيعياً” وإنما نحن الجهلة  المفتقدين للثقافة نعتقد ذلك؟ ولماذا إستدعت الحرب عليه من إسرائيل في حرب 67، معتبرة في رسالتها أن نظام ناصر إذا إستمر دون تدمير حتى سنة 70 فإن نظام “آل سعود” لن يعيش أبداً ليصل لعام 1970، أم أن الصهاينة هم صهاينة “سنة”؟

  • وما دام الأمر طائفي، لماذا إستُجلبت “القاعدة “من العالم إلى ليبيا لتدمير بناها التحتية، وذبح عشرات الآلاف من البشر “السنة”، وتدمير أول شيء النهر العظيم الذي خضّر حتى الصحراء الليبية؟ وأين الشيعة في ليبيا؟ وأين الشيعة من مصر التي يحاولون تدميرها وتقسيمها ؟

  • لماذا ترتضي الدول “السنية”، قائدة الثورة”السنية” في الوطن العربي، ل”تنظيماتها ومناضليها في جبهة النصرة وداعش وأحرار الشام وجيش الإسلام في سوريا” أن يُعالجوا في المستشفيات”الصهيونية” ويزورهم ويلتقيهم “نتنياهو” نفسه، وكل وسائل إعلامهم، ووسائل إعلام الأنظمة “السنية” تغطي على الأمر وتمنع نشره في وسائل إعلامها، وكأنها بذلك تحجب الحقيقة؟ وكيف ترتضي لقيادة الثورة “السنية” في سوريا بالتبرع بهضبة الجولان لإسرائيل مقابل دعمها بإسقاط الأسد؟ كما وكيف ترتضي للثوار”السنة” بالتدرب على أيدي ضباط الصهاينة، وأن يقود عملياتهم في غرفة عمليات “موك” في الأردن ضباطاً “إسرائيليين” بجانب ضباط من طرف آل سعود وأمريكا والأردن؟ والآن يقوم الصهاينة بإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع ” المناضليين الجهاديين السنة” من “جبهة النصرةـ تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـ لإقامة شريط عازل في الجولان على غرار ما تم في جنوب لبنان؟

  • لماذا لا يُحارب آل سعود، كقيادة للدول “السنية” أمريكا، التي أسقطت القيادة العراقية السنية “صدام حسين” ، بل إستدعت أمريكا وتحالفاتها لإسقاطه بعد أن رفع شعار”نفط العرب للعرب”؟ وفي الوقت الذي رفضت فيه إيران “الشيعية” أن تفتح أراضيها للغزو الأمريكي للعراق ، رغم محاربته لها 8 سنين طوال، فعلت ذلك دول النفط وغير النفط “السنية”، من مصر إلى دولة آل سعود إلى دولة “النعاج” كما سمّاها رئيس وزرائها آنذاك حمد الصغير، إلخ؟  بعد أن حاصروه وقتلوا من شعب العراق ما يزيد عن مليون طفل فقط بسبب حصارهم…

  • لماذا لا تُحرضون “السنة” في لبنان وتدعمونهم بالصواريخ كما فعلت إيران مع حزب الله، لمحاربة إسرائيل، خاصة وأن لديهم قيادة ثورية مثلكم (من الحريري إلى السنيورة إلى فتفت “شرّيب الشاي” مع الجيش الإسرائيلي، إلى ريفي)؟ ولماذا تحالفاتهم فقط مع جعجع وأمثاله، أحد أهم أبطال مجزرة صبرا وشاتيلا، القاتل المحكوم في المحاكم اللبنانية نفسها؟

  • لماذا دعمتم يا آل سعود، ياقادة “السنة”، إثيوبيا، الدولة التي ـ ربماـ من أكثر الدول الإفريقية تعاوناً مع “إسرائيل”، في بناء سد النهضة الذي يحرم الدول “السنية” العربية”مصر والسودان”من المياه، يعطش شعبهما ويصحر أراضيهما، وبتعاون مباشر مع إسرائيل؟

  • لماذا أصبحت إيران دولة نووية رغم حصاراً أمريكياً ودولياً ومنكم أنتم أنفسكم أيها الدول “السنية”، وآل سعود على رأسكم، وصار عندها ما يقرب من الإكتفاء الذاتي إقتصادياً، وأنتم بدلاً من أن تتعلموا منها، وتثبتوا لها أنكم “السنة” لستم بأقل شأنا، فإنكم ما زلتم تعتمدون في إقتصادكم بنسبة أكثر من 90% على النفط، وبدلاً من طلب مساعدتها تحاربونها، وأنتم أيها الكسالى الخائبين، يا آل سعود، ما زلتم تستوردون خضارا ،فقط خضـــــــــــــار، من مختلف دول العالم بأكثر من 30 مليار دولار، أقول مليار وليس مليون، في العام الواحد، وتستوردون المياه بأعلى من أسعار نفط شعبكم المنهوب…وصارت “سلة غذاء الوطن العربي”، السودان، التي تمتلك 30 مليون رأساً من الأبقار، وخمسين مليون رأساً من الماعز ومياه النيل وعشرات الأنهار الأخرى، صارت صحراء وجائعة وجاهلة ومتخلفة وتبيع أبناؤها لآل سعود ليقتلونهم في حرب اليمن، ويمزقها الفساد والبيروقراطية,… رغم “سنيتها” وتطبيقها للشريعة الإسلامية السنية أيضاً.” في هولندا مجرد مليون رأس من الأبقار، وبدون “سِنّة” ولا “شريعة”، صارت من صفوف الدول الأولى في العالم في تصنيع الأجبان والشوكولاتة، وبدون أمية ولا فساد ولا إفساد. أما السودان الذي  إتبع نصائح “سنة” قطر وآل سعود فتقسمت بلاده إلى قسمين، وبدلاً من الإهتمام بمصالح الوطن والمواطن، يقوم بمحاكمة فتاة تلبس بنطالاً أو أخرى تتزوج مسيحياً، لكنها لم تحاسب فاسداً واحداً أو لصاً واحداً.

  • لماذا تتقدم الدول “السنية” دول العالم في الفشل والجهل وتفشي الأمراض والأمية، مصر والصومال وموريتانيا واليمن والسودان والباكستان وأفغانستان.

  • لماذا لم تستثمر الدول الغنية “السنية” أموال خيرات شعبها، في الدول “السنية” المحتاجة لذلك، بدلاً من إبقائها في بلاد الغرب وبنوكها؟ مثل مصر والسودان واليمن، الأمر الذي يُطور هذه الدول ويقضي على البطالة والفقر، ويجعل الدول المستَثمِرة رابحة في نفس الوقت. أم أنهم يدركون أن أمريكا لن تسمح لهم بذلك، وربما تصادر هذه الأموال شاهرة في وجوههم ملف حقوق الإنسان كما هو متوقع!!!

  • لماذا تصر قيادة الدول “السنية” لمحاربة كل من يحارب أمريكا وإسرائيل، ولشيطنته وملاحقته وتوقبف قنواته الإعلامية؟، وكما دفعت أمريكا بإعترافها، ما يفوق على 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله، هكذا تفعل الدول “السنية” بقيادة آل سعود مع فصائل المقاومة العراقية التي طردت الأمريكي خارج العراق في 2011، ومن بينها بعض فصائل الحشد الشعبي في العراق، أو مناهضوا سياسة التدمير التي أنتجها آل سعود في اليمن من “أنصار الله” وغيرها من فصائل إسلامية ويسارية…

  • لماذا يُحارب آل سعود”السنة”، أعداء أمريكا وإسرائيل، ليس في المنطقة فقط بل والعالم أيضاً؟ وتكيل لهم كل التهم وتدفع الأموال من جيب شعبها، لتحصد أمريكا الثمار، وهذه مجرد أمثلة على ذلك:

ـ دفع آل سعود “السنة” مبالغ طائلة بعد فوز الحزب الشيوعي الفرنسي، وكذلك الحزب الشيوعي الإيطالي في إنتخابات بلادهم، للأحزاب الأخرى كي لا يدخلوا في تحالفات معهما كي لا يستطيعا تشكيل حكومات كل في بلدهما، هل كان أولئك شيعة؟ وهل إعتدوا على سيادة بلدان العرب أو المسلمين؟ وبأي حق يتدخل آل سعود في شؤونهم الداخلية؟ ولمصلحة مَنْ؟ أليس لمصلحة أمريكا وبأموال العرب؟!!!

ـ دفع الأموال لشراء البشر والسلاح وبشعارات دينية لمحاربة الإتحاد السوفييتي السابق، لتعود أفغانستان للحظيرة الأمريكية وبأموال عربية، هل كان السوفييت شيعة وأمريكا دولة سنية؟!!! وما شأن آل سعود بذلك؟ ولماذا سكتوا عن تحويل أفغانستان “السنية” إلى دولة فاشلة؟

ـ دعم آل سعود أعداء الثورة الساندينية، بالمال والسلاح، الكونتراس، كي لا يصل أعداء أمريكا للحكم آنذاك، وزهقت نتيجة ذلك عشرات آلاف الأرواح، ودمرت البلاد، بأموال العرب ولمصلحة أمريكا، فهل كانت الثورة الساندينية “شيعية”؟ وبماذا أساءت للسعودية لتقف موقفها ذلك؟

ـ أغرق آل سعود السوق بالنفط وأنزلوا سعره من 120 دولاراً للبرميل إلى أقل من 30 لكي يضربوا الإقتصاد الفنزويلي المعادي للأمريكي وكذلك الروسي المنافس له، وليضربوا الإقتصاد الإيراني أيضاً، فإن كان هناك خسارة بيِّنة لإيران في مليون برميل تصدره في اليوم الواحد كبيرة ومؤثرة، فإن خسارة آل سعود كانت أحد عشر ضعف الخسارة الإيرانية، كونها كانت تبيع أحد عشر ضعف المنتج الإيراني، ومن الرابح من جراء ذلك؟ أمريكا بالتأكيد، وآل سعود”جكر في الطهارة يشخون في لباسهم”.

  • ما دام “الدواعش” وجبهة النصرة، وما شابههم من حثالات بشرية “ثواراً”، لماذا يذبحون الناس ويفجرون أنفسهم في المساجد والأسواق الشعبية، ويصرخون”جئناكم بالذبح” هل هذا الإسلام “السني” الذي يريدون حكمنا به؟ وهل لائحة النساء في زواج النكاح اللواتي يُطلقن ويُزوجن بأوامر “سنية شرعية”ما يقرب من عشرين مرة في اليوم الواحد، ويدفع لها ثمن النكاح، هل هذا من الإنسانية في شيء؟ وهل هو من الديانات لا سيما المذهب السني في شيء؟ وهل يختلف عن بيوت الدعارة في شيء؟ولماذا تركت الدول الغربية القتلة للقدوم إلى سوريا والعراق وسهلت مرورهم؟ ولماذا ساعدتهم أمريكا وقطر وآل سعود؟ وإن كانت تريد أمريكا محاربتهم لماذا تركتهم يتدربون تحت سلطتها وبسلاحها وفي معسكراتها في تركيا وليبيا، ولماذا لم تقدم للجيش العراقي حتى الآن السلاح المطلوب، رغم أنه دفع ثمنه منذ سنوات؟ وماداموا يريدون محاربتهم لماذا جلبوهم إلى ليبيا “السنية”، والتي ليس بها من الشيعة أحد؟ وكيف لم يروا الأسطول البحري الذي يزيد عن 3000 صهريج وينقل النفط المسروق من العراق وسوريا ويتوجه الى تركيا واسرائيل؟ وكيف سمحوا لدويلة الشيخة موزة بشراء 3200 عربة تويتا مجهزة للقتال من اليابان ويدخلونها من تركيا إلى سوريا؟ وكيف لم يرَ الأمريكان مئات الآليات والدبابات ومدافع الهاون والصواريخ التي تتنقل في العراق وسوريا وما بينهما على مساحة آلاف الكيلومترات المربعة؟ في الوقت الذي ترى فيه لو مجرد مناضل فلسطيني واحد في قطاع غزة وتقصفه، لكنها لا تقصفهم؟ وكيف لم تر نقلهم بطائرات تركية وقطرية إلى جنوب اليمن؟ ولماذا قام آل سعود “السنة”وكذلك دولة قطر”السنية” بعزل الجنرال “السني” السوداني”الدابي”، الذي بعثته الجامعة العربية للتحقيق في أحداث سوريا منذ بدايات احداثها، عندما إتهموا النظام بقتل المتظاهرين، وعاد ليقول لرئيس وزراء قطر السابق “حمد الأصغر”، إوقفوا دعمكم وتسليحكم للإرهاب، تتوقف الحرب في سوريا، فكان نتاج تقريره عزله ووقف مهمته.
  • لماذا لم نرَ أو نقرأ أو نسمع رغم كل عمليات التفجير في المساجد والكنائس والأسواق، وتدمير الآثار والتاريخ، والتقتيل والذبح في كامل الفسيفساء العربية، من المناضلين “السنة”، عن أي عملية ضد الكيان الصهيوني، ولو عن طريف الخطأ؟ ولماذا يقتلون من “السنة” أكثر ما يقتلون من المذاهب والطوائف الأخرى، لكل من لا يتطابق وآراءهم؟ وفي المقابل لماذا لم نسمع عن “شيعي”يفجر نفسه في مناطق السنة؟بل أن “الشيعة”في الحشد الشعبي، “والذي يضم في صفوفه عشرات آلاف “السنة”، هم مَنْ يُحرر المناطق “السنية”، لاحظ “السنية” من براثن داعش وأخواتها، ولماذا لم يتوجه الدواعش للمناطق الشيعية في وسط العراق وجنوبه ليحتلوه ماداموا يريدون القضاء على “الرافضة”؟ بل داهموا المناطق “السنية” فقط وذبحوا أهلها ودمروا بنيانها واغتصبوا نساءها؟ ولماذا لم نسمع هذا التقسيم الطائفي عن “سنة وشيعة” بين الأكراد؟

  • لماذا، وهذه ال”لماذا”، كان يجب أن تكون في البداية ربما، لماذا يعتقد هؤلاء “المناضلين السنة”، ومن خلفهم داعميهم وأولهم آل سعود، أن الجنة من حقهم ونصيبهم حصراً ودون غيرهم؟ فلا نصاً يؤكد ذلك، ولا منطق أيضاً، فمذاهب الإسلام من”سنية بمذاهبه الأربعة” الشافعي والحنفي والحنبلى والمالكي” وفرقها من السنية والإباضية والشيعية، يتفرع عنها: أهل الحديث والسلفية والأشاعرة والماتريدية والمرحبة والمعتزلة والجهمية والصوفية والإثنا عشرية والزيدية والأصولية والأخبارية والشيخية والإسماعيلية والنزارية والمستعلبة والعلوية والأذارفة والنجدات والأحمدية والقرآنيين والبهرة  …إلخ والتي تصل الى 73 فرقة، كلها تدّعي أنها تمثل الإسلام “الصحيح”، وكيف  يستطيع هؤلاء التفكير أن لهم ميزة على الطوائف الأخرى وعلى الأديان الأخرى بما فيها الديانات الوضعية، عدا أن ليس لهم فضلاً أو ميزة حتى على ما في طائفتهم نفسها، ألم يحن الوقت ليتدينوا كما يريدون لكن بإبعاد الدين عن السياسة، ألا يكفي ما فعله الدين المسيس في البشرية جمعاء؟ تخيلوا 73 فرقة ومذهب إسلامي، ومثلها أو أقل قليلاً من الديانات الأخرى، والجميع بدون إستثناء يدعي أنه الصحيح، وإلا لغير مذهبه لو كان لديه شك فيه، فلو أراد كل طرف فرض رؤيته على الآخر ماذا يمكن أن يتم في عالمنا العربي؟ تخيلوا إلى أين يمكن أن توصلنا التقسيمات الطائفية والدينية، وربما لو تبعنا العرقية والقومية أيضاً، ستصبح أكبر دولة عربية حسب طائفتها ومذهبها أصغر بكثير من ملعب كرة قدم، دولاً متحاربة متذابحة إلى مالا نهاية، هذا إذا لم نفنِ بالحروب بعضنا بعضا!!!

  • لماذا لا يترك هؤلاء الدين لصاحبه، الله، ولماذا يتدخلون بصنع الله بخلقه؟ ومن أعطاهم الحق بذلك؟ فالدين كما ذكرنا لله والوطن للجميع، فلنترك ما لله لله، ولنتضافر لإعلاء صرح الوطن، ولا نترك أحداً ليتدخل في شؤون الله تحت أي إسم أو ذريعة، فهذه العلاقة بين الإنسان وربه من أشد العلاقات شخصية وخصوصية، ولا يحق لكائن من كان أن يتدخل بها، أما شيوخ الفتنة الذين بحرضون على العنف في أوساط فقراء الشعب وبغض النظر من أي ديانة أو طائفة هم، فنسألهم لماذا لا تبعثون أبناءكم ليفجرون أنفسهم ويصعدون ليحجزوا لكم مكاناً في الجنة؟ وإن كانوا “ملوا زوجاتهم”ويريدون الحوريات، فلماذا لا يذهبون هم أنفسهم ليفجروا أنفسهم ويصعدون الى السماء، بدلاً من تحريض الفقراء ؟ ولماذا لا يعطون الفقراء جزءً من جنانهم الأرضية إن كانوا بهذا الإيمان الذي يدّعون؟ولماذا يبعثون أولادهم وبناتهم إلى بلاد الغرب “الكافرة”، ويبعثون أبناء الفقراء لتفجير أنفسهم في خلق الله وعباده؟ وأكرر من أين لهم التأكد من صحة طائفتهم أو مذهبهم؟ ومن أين يعرفون أن لهم الجنة دون غيرهم؟ بل من قال أصلاً أن لهم الجنة؟، فالله ،حتى الله الرؤوف الرحيم، لا يرحم العملاء والمجرمين…

محمد النجار

ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيّا

من كان يعتقد أن السلطة ومؤسساتها يمكن أن تشكل حماية لشعب فلسطين كشعب أو كأشخاص، فقد خابت آماله وربما يكون قد فقد عقله، فهؤلاء وصلوا من الخساسة والمهانة والنذالة وفقدان الكرامة وعزة النفس والعهر السياسي والتبعية للإحتلال وأمريكا والصهاينة العرب الى درجة اللاعودة، ورغم أنني أو بالأصح لأنني فاقد الأمل منهم وبهم منذ سنوات، ورغم أنني مدرك أن “الضرب في الميت حرام”، إلا أنني لم أستطع السكوت امام الجريمة النكراء بإعدام الشهيد عمر النايف الذي قتلوه بتواطؤهم أو بسكينهم مع الصهاينة والسلطة البلغارية المتصهينة، ولهم في ذلك “فخر” السبق، حيث نفذوا بأيديهم وبموافقة الموساد قتل المناضل الكبير ناجي العلي، وسلموا بأيديهم المناضل الكبير ناصر السعيد لآل سعود ليقتلوه رمياً من طائرة مروحية حياً في صحراء الربع الخالي، تماماً كما يسلمون الآن الكثيرين من المناضلين للإحتلال الصهيوني دون أن يرفّ لهم جفن. لذلك سأتطرق للموضوع ـ ربما ـ بطريقة مختلفة عما أثُير حتى الآن:

  • وعليه، من يظن أو يعنقد أن حالة السفارة الفلسطينية في بلغاريا، هي حالة شاذة وسط هذا البحر الهائج من السفارات، فهو قطعاً مخطئ بإمتياز، لأنه من الصحيح القول والتأكيد أن وضع وتشكيلة وتركيبة السفارة الفلسطينية في بلغاريا، وآلية عملها وطبيعته تمثل الشكل العام لسفارات فلسطين، فعادة ما يكون السفير والقنصل والناطق السياسي والثقافي وأمن السفارة والعاملين بمجملهم، ليس لهم أي علاقة بالثورة ولا بالثوار، وإن كانوا مناضلين سابقاً فهم على الأغلب لم يعودوا كذلك، وسرعان ما يتم تدجينهم عبر تسعير الفئوية وتغليب المصالح الذاتية الخاصة على حساب أي شيء آخر، بما في ذلك على حساب الإنسان نفسه، وعلى حساب القضية الوطنية برمتها.

وعادة ما يكون العاملين في السفارة “من الكبير للمقمط في السرير”، إما تجارا يعملون مع أمن البلدان التي تحويهم، أو عملاء مباشرين لمخابرات هذا البلد، أو فاسدين ومفسدين ويعملون مع الصهاينة أنفسهم تحت شعار تمثيل سياسة المنظمة وعدم الخروج عليها، أو تجار على شعبهم نفسه، حيث تكلف أي ورقة يحتاجها الفلسطيني من سفارته مبلغاً لا يُستهان به. وإن صدف وكان السفير مناضلاً كما في بعض الحالات، فتبدأ كتابة التقارير به وتشويه صورته من العاملين معه و”المتبسمين” الدائمين له، للخارجية الفلسطينية حتى يتم تغييره و”يخلو الميدان لحميدان” ويعود الجميع لممارسة “أشغالهم وأعمالهم وتجارتهم”، التي لا يربطها رابط بالقضية الوطنية.

وعليه فالسفير “المذبوح” الذي لاحق الشهيد مع رجالات أمنه في بلغاريا، ورفضوا حمايته وطالبوه بمغادرة السفارة، ورفضوا  وضع حماية له أو حتى تركيب كاميرات في السفارة وحواليها، عليه وعلى زمرته كلها دفع الثمن نتيجة ما فعلت يداه وأيديهم، “حتى لو كان بحسن نية وهذا ما لا أعتقده”، ويجب أن يذوقوا من نفس الكأس الذي أذاقوه للشهيد، وبغض النظر عن أي إعتبار آخر، وخاصة لأصحاب شعار “من أجل الوحدة الوطنية”، فالوحدة تكون وتتعمق عندما يريدها ويعمل لأجلها كل الأطراف ويستفيد منها الشعب كله، وليس طرفاً واحداً كما كان حتى الآن، كما أن الوحدة لا تكون بأي ثمن، كي لا يتحول الشعار للتغطية على العجز الذي ينخر صدور البعض ويتحول لتغطية الجبن والهوان، هذا إذا لم يعتبر هؤلاء من عقود مما سُمي زوراً وبهتاناً بالوحدة الوطنية، التي هيمن فيها فصيل واحد على الثورة ومقدراتها وسلاحها وعلاقاتها وماليتها وقرارها الذي سُمي “مستقلاً”، هذا الإستقلال الوهمي الكاذب وبهذا النوع من القيادات هي التي أوصلتنا إلى “أوسلو”، كون المتغيرات الطبقية التي جرت عليها لا تؤهلها للوصول أبعد من ذلك أصلاً، فما بالكم بقيادة على يمين تلك القيادة وكل طموحها واسترتيجيتها مبنية على رضى المحتل عنها، واستكمال طريق الإستسلام عبر المفاوضات العبثية،  مُضيعة عشرات أخرى من السنين ودون نتيجة طيعاً.

  • وعليه فإن “مشروع المصالحة” إن لم يكن على أساس برنامج عمل مقاوم ، “ينفض” منظمة التحرير ويغربلها ويرمي من يستحقون الرمي على مزابل الشعب، وغربلة مؤسسات المنظمة مؤسسة مؤسسة وفرداً فرداً دون استثناءات، ودون تنازلات أو مجاملات، وإلا فإن كل ما يسقط من شهداء لهذا الشعب العظيم وكل جرحاه وأسراه لن يكونوا إلا لخدمة هذه القيادات وأمثالها ومشروعها الإستسلامي في الداخل أم في الخارج.

  • الأمر الذي يفرض على اليسار القلسطيني، وعلى الفصيل الذي ينتمي اليه الشهيد على وجه الدقة، تعاطياً مختلفاً على كافة الأصعدة، ولأسباب عدة أهمها أنه تاج اليسار الفلسطيني والذي له باع طويل في العمل الوطني المبدئي والتنظيمي والسياسي والعسكري منذ عشرات السنين، وعليه هو مسؤولية تشكيل “جبهة إنقاذ وطني” قبل أن تأخذ السلطة ومن لف لفها القضية والشعب الى الهاوية، التي نحن على أبوابها أو حافتها، الأمر الذي سيلقى معارضة من داخل صف اليسار نفسه من “حملة الحقائب” للسلطة، والمستفيدين منها كقادة في المنظمة أو موظفين أو كعلاقات، هؤلاء الذين يحيون حياة البذخ وأبناؤهم لا يدرسون إلا في المدارس غير الناطقة للعربية ومن ثم في جامعات العم سام وحارتها أو دول أوروبا الغربية وعلى حساب الثورة طبعاً، أما كيف حصلوا على هذه الأموال أو المنح وماذا دفعوا ويدفعون بالمقابل، فلا جواب، هؤلاء الذين يحاولون تغيير الحزب الى منظمة شئون اجتماعية أو الى مؤسسة أو منظمة غير حكومية ممولة من موظفيهم، هؤلاء لو دخل بيتهم انسان عادي سيكفر بالثورة عندما يرى ما لديهم وما يأكلون وما يلبسون، احسبوا فقط ثمن ملابسهم في يوم واحد أو ما يشترون من بضاعة اسرائيلية وأمريكية”وهم يدَّعون المقاطعة”، ستجدونها أضعاف معاشهم الشهري… فلا تنتظروا الّا معارضة شرسة من هؤلاء “اليساريون البرره”، باسم الثورة والشعب والحفاظ على الوحدة الوطنية.

  •  طبعاً لا يفوتنا التنبيه لما يحصل في مؤسسات م ت ف وسفاراتها، أنه ليس إلا شكل من أشكال الفساد الذي ينهش جسد المنظمة ككل، والذي بدونه سيخسر المنتفعين مكانتهم الإقتصادية والمعنوية وقدرتهم على الأمر والنهي داخل المنظمة، وعلى رأسهم الرئيس عباس، فليس صدفة أن يعترض هؤلاء الطفيليين على دعم ايران لعائلات الشهداء ما لم تمر من خلالهم، وإن مرت من خلالهم لن تصل لأسر الشهداء وستتوقف في جيوبهم، فهم اعتادوا على العيش على دم الشهداء ولن “يَزْوَروا” ببضعة آلاف من الدولارات إضافية عن كل شهيد إضافي. والشعار نغسه دائماً وأبداً” القرار الفلسطيني المستقل”، لكن أي قرار وأي مستقل؟ فالسؤال ممنوع.

  • الرئيس عباس يقول لأحد من حاول التوسط للنائب نجاة أبو بكر ابنة حركة فتح، التي كانت خطيئتها الكشف عن فساد مالي والمطالبة بالمحاسبة، يقول له الرئيس:”لو ينزل ربك نجاة ستسجن”، فعباس أولا وأخيرا لن يدقق أو يحقق أو يحاسب أي فاسد، فهو نفسه كرأس للفساد لن يجيب أحداً كيف شكل ثروته وثروة أبنائه وأحفاده وعائلته، وقبله الرئيس المرحوم عرفات، رغم الفارق الشاسع بينهما، أجاب عندما قالوا له أن من حواليه مجموعة لصوص وعليه تغييرهم قائلاً:”هؤلاء سرقوا وشبعوا، ولن أغيرهم لآتي بآخرين يسرقون من البدء من جديد”، العقلية ربما لا تكون بهذا التشايه، لكن النتيجة واحدة، هدر اموال الثورة وشهدائها وجرحاها وأسراها دون حسيب أو رقيب، ألم تصل أموال المنظمة كلها الى أيدي طليقة عرفات؟ أكثر من خمسة مليارات دولار وكأنها ملك شخصي له؟!!! وكذلك انظروا لعائلته أيضاً، ومن لا يعرف فتحي عرفات وموسى عرفات فلا يعرف شيئاً، وعليه قراءة التاريخ الفلسطيني “الحديث جدا”.

  • أما ما يخص نظرة الرئيس عباس الى القضية والشعب فحدث ولا حرج، فهو أبو المقدسات كلها، من التنسيق الأمني الى عدم تقديم أوراق لمحاكمة جرائم الصهاينة، مروراً بالقمع والسجن للمناضلين، ومحاولاته لإسقاط حق العودة ، ومحاولاته كذلك لسحب سلاح غزة وتدجينها، وهو كما يقول لن يسمح لأحد أن يجره لمعركة لا يريدها!!! وكأنه يخوض المعارك التي يريدها هو وما أكثرها، فالرجل يسير من معركة الى أخرى!!!، “الله يعطيه العافيه” ويعمق صموده، فهو لا يريد أن يشغله أحد عن معاركه تلك، وأن يترك له “المزاودون أمر تحديد مواعيدها” بنفسه!!!.

  • ظني أن الجميع عليه أن يدرك أن الدخول في نفق “أوسلو” مهما كان الذي يدخل أو من كان، فهو يدخل نفقاً مظلما، جل ما يفعله هو تنفيذ أوامر الصهاينة والأمريكان. وكي نكون صادقين، ألم يودع الرئيس عرفات المناضل أحمد سعدات بعد أن دعاه لإجتماع فصائلي، في سجن رام الله نزولاً عند أوامر الصهاينة؟ ولم يخرجه رغم كل قرارات المحكمة الفلسطينية العليا التي أمرت بذلك مبطلة قرار الإعتقال؟!!! ورغم ذلك لم يستطع الرئيس عرفات مخالفة أوامرهم وإطلاق سراحه، ليسار الى تسليمه للصهاينة بعد ذلك بمؤامرة خسيسة منحطة من قبل أجهزة السلطة التي نسقت الأمر مع الصهاينة والأنجليز المشرفون على السجن في مدينة أريحا عام 2008، على يد أبطال التنسيق الأمني بقيادة الرئيس عباس، والأمر نفسه يتكرر الآن بذات الطريقة في السفارة البلغارية، فما جرى ليس سوى إمتداد التنسيق الأمني الى ساحاتٍ خارجية بعد أن كان محصوراً في الداخل، فعلام الغرابة في الأمر كله.؟.. ببساطة إنه أوسلو، الذي حول فصائل وقوى وشخصيات إلى قوات لحد الفلسطيني.

  • وها هي السلطة الفلسطينية، تؤيد نظام آل سعود المعادي ليس فقط لقضية فلسطين، بل لكل ما هو انساني، بإعتباره “حزب الله” منظمة ارهابية!!!، باعوا الحزب، باعوا حامل لواء القضية الفلسطينية بحفنة دولارات كما باعوا سوريا لقطر مسلمينها قيادة فلسطين للجامعة العربية، وكما باعو ا الموقف من داعش والنصرة في مخيم اليرموك نزولا عند رغبة آل سعود، فهم مستعدون لبيع اي شيء وكل شيء بأي شيء، وحتى حماس التي دربها وسلحها ودعمها حزب الله بالمال والسلاح، لم تتجرأ على قول “كلمة حق عند سلطان جائر”، ولم تعترض على ما يقوله آل سعود، تغطي موقفها بنذالة وصمت مهينَين من أجل المال، تماماً كما فعلت مع سوريا بعد كل الدعم السوري لها واحتضانه لقادتها، ورفضه المطالب الأمريكية لطردهم، فتُدخل السلاح من خلال حثالات الأرض المتأسلمة لمخيم اليرموك وللعاصمة دمشق، مُنشئةً منظمة “أكناف بيت المقدس” بقيادة مساعدي خالد مشعل الأمنيين، متحالفة مع تنظيم القاعدة في بلاد الشام”جبهة النصرة”، وتشرد ربع مليون فلسطيني ضاربة بذلك حق العودة بعرض الحائط، ذلك الحق الذي تتشدق به صبحاً ومساءً وفي كل الأوقات، ومحاولة تمزيق سوريا.

  • وسرعان ما تعمل على عقد صفقة مع “اسرائيل” من خلال طوني بلير بوساطة “العثماني الجديد” السلطان أردوغان التركي، وبدعم من الحارة القطرية…

  • أيها السادة… أيها القادة… أيها اليسار الذي تبقى… إنه أوسلو … إنه مشروع الموت الفلسطيني… إنه مشروع “قبر” القضية الوطنية، ومشروع الكسب المالي للطبقة السياسية الطفيلية الفاسدة المفسدة الحاكمة، بما فيه من فُتات لأشباه اليسار وأشباه المناضلين وأشباه القادة…فكل من لف حواليه أغرقه، ولا سبيل لإنقاذ من ذهب للمستنقع بقدميه، لكن الحذر الحذر من أن يسحبوا معهم ما تبقى من “يسار” ومن مناضلين الى ذلك المستنقع، وكي لا نصل المستنقع، وكي نحمي القضية الوطنية، وكي نقطع الطريق على كل محاولات الشطب للقضية، على اليسار وجبهته الشعبية على وجه الخصوص، البدء في العمل على تشكيل “جبهة إنقاذ وطنية” بعيدة عن “أوسلو” وقياداته الفاسدة، وقطع الطريق على هذه القيادة كي لا تُحوّل قوى هذا الشعب الى سعد حداد ـ لحد فلسطيني، وينبوأ اليسار فيها موقعه القيادي الفاعل، ضمن إطار قيادة جماعية حقيقية، بعيدة عن هذه القيادة التي حددت خياراتها، وصارت استراتيجيتها واضحة، ولم تعد تصلح لقيادة “قطيع من الغنم” فما بالكم بقيادة شعب كشعب فلسطين العظيم؟!!! فمأثورنا الشعبي وأهازيجنا الوطنيه لطالما رددت :

” يما مويل الهوى يما مويلية                                         ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا”…

فهل من مستمع أو مجيب؟!!!

محمد النجار

ماذا تبقّى من منظمة التحرير؟!!!

لعله من نافل القول أن إنطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لهي من أهم الأحداث الهامة في تاريخ الثورة الوطنية المعاصرة، لما أضافته للثورة الفلسطينية من إضافة فكرية وتقافية ونضالية ونوعية أيضاً، فمنذ إنطلاق الثورة الفلسطينية كانت الجبهة هي الرقم الثاني بعد حركة التحرير الوطني الفلسطيني”فتح”، على الصعد كافة، الجماهيرية منها والنضالية في الخارج وفي الوطن المحتل وفي كامل التواجد الفلسطيني، هذا عدا عن دورها المميز على صعيد علاقاتها مع حركة التحرر الوطني العربية وكذلك علاقاتها النوعية مع حركات التحرر العالمية، “لكن لهذا وذاك بحث آخر أوسع من هذه العجالة بكثير”.

أما ما ميز الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن كامل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، أنها:

  • أول من أرست الإستراتيجيةالسياسية التي ربطت بين التكتيكي والإستراتيجي، ووضعت الأول في خدمة الثاني، ببرنامج عمل مبني على تبني النظرية العلمية.

  • الحرص الكبير على ارساء أجواء الديمقراطية في الساحةالفلسطينية، وظلت نائية بنفسها عن كل مشاريع الإقتتال الفلسطيني الداخلي الكثيرة والمتعددة.                                   * ظلت قياداتها الأقل تورطاً في الفساد المالي والسرقات التي اشتهرت بها قيادات وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

  • على مستوى الداخل تميزت بتفردها في “إنتاج” قيادات ثورية سرية العمل والحركة، الأمر الذي أذهل الإحتلال الصهيوني وقياداته، فكلما أعلن عن إعتقال قياداتها تفاجأ بأنهم وفي الكثير من الأحيان لم يكونوا حتى أعضاء في الجبهة ناهيك على أنهم قيادات!!!

  • تفردت أيضاً بخلق تجربة الإختفاء للكثير من القيادات والكادرات الحزبية ولسنوات طوال وصلت حتى سبعة عشر عاماً كما صرّح الإحتلال نفسه، وقيادة العمل الحزبي والجماهيري والنضالي، وأحياناً الوطني العام، ومن أهم أركانه الإنتفاضة الشعبية الأولى.

  • كانت من السباقين أيضاً في رفع شعار”عدم تسليم الذات” كالخراف للإحتلال وجنوده، وبالتالي ظهور ظاهرة “المطاردين” وانتشارها على نطاق شعبي ووطني في المدن والريف والمخيمات، وخاصة في الزمن الصعب، في المفترقات الوطنية الهامة.

  • كذلك تفردت في رفع شعار” الإعتراف خيانة”، وتطبيقة بالدماء والشهداء، وأصبح هو الشعار الجامع لممارسة أعضاؤها وكادراتها داخل زنازين الإحتلال، وأصبح من أهم بنود المحاسبة التنظيمية والتقييم الحزبي الكادري، وأصبح على أبواب “الحزب” حُماة أشداء، تحمي أعضاءه وأسراره وبرامجه.

  • كانت من أشد الحريصين على الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولو كانت على حسابها كفصيل، في الكثير من الأحيان. وهذه النقطة بالذات التي أريد نقاشها ولو بشكل سريع ماراً على أهم محطات مسيرة الثورة الفلسطينية الحديثة :

منذ إنطلاق الثورة الفلسطينية، وأثناء تواجد الثورة في الأردن ظلت القيادة الفلسطينية الفردية والمتفردة قابضة على القرار الوطني الفلسطيني، والذي تم تتويجه بعدم دعم الحركة الوطنية الأردنية، وإلغائها والحلول محلها، كما والقرار الأخطر بالخروج من المدن والمخيمات إلى الأحراش حيث تم القضاء على القوة العسكرية الفلسطينية، واستشهاد على ما يزيد عن ثلاثين ألف شهيد. رغم آراء كل الفصائل الأخرى والتي لم تؤخذ بعين الإعتبار.

وبعد إنتقال المنظمة إلى لبنان، ورغم كون الحركة الوطنية اللبنانية متبلورة وذات تاريخ نضالي طويل، إلا أن نفس القيادة الفردية وبنفس الطريقة ألغت دور الحركة الوطنية اللبنانية، بل وحاولت أن تخلق “بالمال” منظمات رديفة سريعة “البصم” وتم فرضها على الحركة الوطنية اللبنانية، تماماً كما تفعل الأنظمة الرجعية العربية في المنطقة.

بعد الأجتياح للبنان ودخول بيروت، ورغم شعار الحركة الوطنية اللبنانية ـ الفلسطينية، الذي نادى بالمقاومة، “جاؤوا لعندنا بأرجلهم”،وبأن ما تم هو فرصة لإيلام الإحتلال، حيث كان الوصول له أمراً صعباً بسبب الحدود والأسلاك الشائكة والألغام، والآن جاؤوا هم بأنفسهم، إلا أن نفس القيادة وبنفس الطريقة وبشكل فردي، ساومت وعقدت الصفقات، واتفقت مع فيليب حبيب، على سحب المقاتلين ودخول الدهليز الأمريكي، ووزعت مقاتليها على بلدان تبعد آلاف الكيلومترات عن حدود فلسطين، حيث تم إغتيال القيادات من الصفوف الأولى في تونس، وتحول الكثيرين الى شؤونهم الخاصة.

وأيضاً وبشكل فردي تم افتعال حرب المخيمات والتي تورطت بها فصائل فلسطينية أخرى.

كما أنه وبشكل فردي تم تفريغ برنامج العمل الوطني الفلسطين من ميزاته من خلال التعامل مع المشاريع التسووية التصفوية في المنطقة، ابتدأت بشعار”لعم” للإعتراف بالكيان الصهيوني، ولاحقاً بالغاء الميثاق الوطني الفلسطيني، وسرعان ما وافقت القيادة الفردية بإلغاء صفة “العنصرية” عن الكيان العبري.

وبعد أن نقلت الإنتفاضة الأولى إمكانية تحرير الأرض وجعل من إقامة الدولة الفلسطينية “إمكانية واقعية”، دخلت نفس القيادة وبفرديتها المعهودة، التفاوض بوفد أردني فلسطيني مشترك، لتفاجئ الجميع بالتوقيع على اتفاق “أوسلو” والذي يبدو أنها حتى لم تقرأه، ناهيك عن بحثه فلسطينياً من متخصصين وأكاديميين وفصائل واستراتيجيين، وكان أبرز ما تم فيه وعلى هامشه، إبقاء ما يزيد عن 12000 أسيراً فلسطينياً في السجون الصهيونية، والذي ما زال بعضهم حتى الآن. كما عدم المس بالعملاء وأدوات الإحتلال بأي شكل من الأشكال بما في ذلك عملاء روابط القرى، كما إعتقال “المحرضين” و”المخربين” وقمع التظاهرات وعدم المس بالمستوطنين لأنهم شأن إسرائيلي.

كما أن القيادة المتنفذة الفردية لم توافق يوماّ على إقرار قانون التمثيل النسبي داخل المؤسسات الفلسطينية، وأغرقت المجالس الوطنية كما اللجنة التنفيذية للمنظمة بمن أسمتهم بالمستقلين والذين لم يكونوا في أغلبيتهم الساحقة سوى مجموعة من المرتزقة، ممثلين لأنظمة الردة، من رجعيات عربية في المنطقة، كل ما يقومون به هو “البصم”، أو رفع الأيدي وهز الرؤوس حسب الطلب.

كما كانت الأغلبية الساحقة من المنح الدراسية والسياسية والعسكرية،هي من نصيب تنظيم القيادة”حركة فتح” وتوزع على المحاسيب والمعارف، ويتم بيع الكثير منها لصالح تجار السفارات.

معظم مدراء المكاتب ولاحقاً السفارات الفلسطينية كانت من نصيب تنظيم فتح، “ونحن هنا لا نتحدث عن مناضلين” بل عن أناس في معظمهم محاسيب وتجار وعملاء أنظمة، ولم يكن للفصائل إلا ما ندر حتى من العاملين داخل هذه السفارات، الوضع الذي ما زال مستمراً حتى وقتنا هذا.

مالية منظمة التحرير لم تكن سوى بأسماء القائد الأعلى بالأساس وما زالت بالطبع، وبعض قيادات الصف الأول بنسب لا تتعدى” بضع ملايين”، وإذا نظرنا الآن لورثة هؤلاء القادة سنجدهم أصحاب ملايين من دماء الشهداء وآلام الجرحى والأسرى، وميزانية المنظمة كلها والتي لم يعرف قيمتها أحد، تجزم بعض المصادر أنها تجاوزت الخمس مليارات بقليل، أصبحت من نصيب أرملة الرئيس السابق، والأمر الآن كما هو ولم يتغير منه شيء. والمفارقة أن تنظيم الجبهة الشعبية كلما كان لديه موقف رافض للقرارات الفردية، كلما قطعت عنه القيادة الرسمية مخصصاته المالية، وكأن هذه الأموال ملك شخصي لهم ورثوها عن آبائهم وليست أموال الشعب الفلسطيني.

وكي لا نضيع في التفاصيل نقول، أن هذه القيادة، قيادة منظمة التحرير ومنذ وجود المنظمة، قد أمسكت بالمنظمة من عنقها حتى قتلتها، وأبقتها منظمة ميتة لا قيمة لها ولا أهمية ولا قرار، وأنها تتذكر المنظمة والوحدة الوطنية إن أرادت تمرير قرار أو مشروع تصفوي ما ويلزمها “ختم” المنظمة.

أنها أفرغت المنظمة ومجلسها الوطني وكافة هيئاتها  ومؤسساتها الشعبية من كل محتوى وطني ورسمي وأبقتها جثة هامدة ميتة، كما فعلت باللجنة التنفيذية والمجلس الوطني والمجلس المركزي، ولاحقا حتى بالمجلس التشريعي.

إن شعار الوحدة الوطنية، هو بالنسبة لها شعار حق يراد به باطل، ترفع لواءه وقتما كانت بحاجة إليه، والمطلوب من الآخرين احترامه دائماً حتى النخاع، ومن الواضح أن معظم “إن لم تكن كل” القرارات المفصلية المهمة لم يتم استشارة القوى الفلسطينية بها، بل وفي مرات كثيرة كانت تتفاجأ بالأمر من وسائل الإعلام.

وعليه، أعتقد أن موضوع الوحدةالوطنية الفلسطينية هو من أهم المواضيع إذا كان الجميع يريدها، ويُحاسَب بموادها، وتكون قيادة المنظمة قيادة جماعية “لكل حسب وزنه الفعلي في الساحة”، لكن أن يريدها البعض والآخر يستغلها ويستفيد منها فقط، إذن عن أي وحده وطنية نتحدث؟!!! بل إنني أرى إن التعايش مع مثل هذا الشكل من” الوحدة الوطنية” إنما يخلق داخل تنظيم الجبهة الشعبية، حفنة من أشباه المناضلين والذين لا يهمهم سوى قدوم آخر الشهر ليقبضوا المعاش، مع ما لهذا الأمر من إنعكاسات خطيرة جداً على مستقبل الجبهة نفسها، كوننا نتحدث عن قبادات من المفروض أن تكون قيادات من الصف الأول. فما قيمة الوحدة الوطنية إن ظلت على حالها الذي كانت عليه منذ البدء حتى الآن؟!!! وما قيمتها إن كانت الجبهة الشعبية رغم ما لها من وزن ونضالات وتاريخ غير فاعلة ولا كلمة لها ولا تأثير داخلها؟!!! وهل هناك وحدة وطنية بمؤسسات منظمة ميتة كما هي الآن؟!!! وهل هناك وحدة وطنية إن كان من يتحكم بالموقف السياسي والمقدرات المالية شخص واحد حتى وإن كان رئيساً للسلطة أو لحركة فتح أو أي كان؟!!! وهل هناك وحدة وطنية داخل ثورة دون برنامج كفاحي ثوري، مستنداً على برنامج سياسي واضح وميثاق وطني جامع؟!!! وهل هناك وحدة وطنية تحت سقف قيادة ما تزال تحاصر القطاع مع نظام مصر لتعميم الإستسلام فيه، بعد أن وصفت أسلحته بالعبثية؟!!! وهل هناك وحدة وطنية مع من ما يزال يضع يده في يد القاتل نتنياهو، ولم يستنكر اقتحام العدو لمناطق ا، ولا لقتله اليومي واعداماته بدم بارد، بل يساعده في الإعتقالات تاركاً له المدن متى أراد ليدخل ويعبث بها وبأبنائها كما يريد ووقتما يريد؟!!! وهل هناك وحدة وطنية مع من لا يلتزم بمقررات هيئة في المنظمة كالمجلس المركزي، تطالبه بوقف التنسيق الأمني، وهو يرفض بإصرار الإلتزام بذلك رغم وعوده المكررة الكاذبة؟

لست أدري كم هو صعب الإجابة على مثل هذه الأسئلة وغيرها الكثير الكثير، وهل يجب أن تظل الجبهة إسمياً داخل المؤسسات الميتة كشاهد زور على كل موبيقات القيادة دون أن تستطيع أن تفعل شيئاً؟ أم أن تبدأ بالعمل على تطوير الذات تنظيمياً، وأنعكاس ذلك كفاحياً ونضالياً على أرض الواقع، لتشكل مركز استقطاب يساري ثوري جامع  لا نقاش فيه ولا منازعة عليه، في قادم الشهور أو السنين القليلة المقبلة، لتشكل قاطرة العمل الوطني الموحد القادم ضد الإحتلال ؟!!!

محمد النجار

أردوغان…آية المنافق ثلاث

لعلها صفة ملازمة للدولة التركية، أنها لا تعرف إلّا تدمير الآخر، كما تدمير الحضارات وبإسم الإسلام، فكما فعلوا المجازر مع الأرمن فعلوا الأمر نفسه مع الشركس والعرب، وأينما حطّت أقدامهم في العالم، ودمروا الحضارة الإسلامية بدولتم العثمانية، حيث أنهم بعد أربعمائة عام خرجوا من العالم العربي تاركينه أقل تطوراً بكثير منه عندما دخلوه، فبعد أن كنا دولة عظمى، لم يبقوه مكانه فقط، بل أعادوه متخلفاً فقيراً يائساّ ممزقاً قبلياً، مدمرين حضارته وتراثه، مُشتتين شعوبه ومؤججين الصراعات المذهبية والطائفية بينها، سالبين أطفاله للتجييش، ورجاله للحروب، ناهبين ثرواته، في الوقت الذي كانت شعوب العالم تتطور وتزدهر، كنا نحن نتراجع ونتفهقر بفضل الدولة العثمانية.

وها هم الآن يحاولون إعادة الكرّة مجددا في سوريا والعراق من خلال قيادة العثماني الجديد “السلطان” أردوغان، الذي أكثر ما يلفت الأمر فيه وفي وسياسته في كل الفترة الزمنية التي حكم فيها تركيا، أنه لم يَصْدُق يوماً بشيء قاله، ولم يفِ بوعد قطعه، ولم يكن أهلاً للثقة به يوما، وهذه كما قال الرسول “صلعم”” آية المنافق ثلاث: إذا تحدث كذب وإذا وعدأخلف وإذا أؤتمن خان”، وهذه ليست خصائصه وحده، بل هي أهم ما يميز حركة الإخوان المسلمين بشكل عام، في كافة أماكن تواجدها بعمومية، وبشكل خاص في كل مكان على حده. وكونه جزءاً أساسياً من هذه الحركة، بل قائدها العملي، فهو الأقدر ليعطي دروساً في هذه المجالات، وليكون أكثر من يتمتع بهذه الخصال.  وكونه ابن المدرسة الأمريكية، فهو يعتقد أن تكرار الأكاذيب وزيادة تردادها في وسائل الإعلام يمكنه أن يقلبها إلى حقائق، ويجعل الناس يصدقونها، وهذا الأمر ممكن آنياً، أعني يمكن أن يُضلل الناس إلى فترة وجيزة من الوقت، لكنه لن يُغيّر الحقائق من جهة ولن يستمر طويلاً الى مالا نهاية من جهة ثانية أيضاً.              فأردوغان قام أول ما قام بالإنقلاب على أولياء نعمته والذين أوصلوه وحزبه الى سدة الحكم، ثم بدأ بالتصفيات الداخلية لمعارضيه داخل حزبه نفسه، بل لكل من خالفه الأمر، وبدأ بتصفية قادة الجيش، ووضع جهاز الأمن والمخابرات تحت إبطه، وسرعان ما انقض على المعارضة الشعبية والبرلمانية، ثم على الصحافة، وغير كل القضاء واضعاً قضاة المحكمة العليا وكذلك قضاة المحاكم الفرعية ممن يواليه فقط، وبنى الشركات التي يتمتع ابنه وعائلته بحصة الأسد من نتاجها المالي، وعقد الصفقات مع داعش لإستقبال نفط سوريا والعراق، وشراء مخازن القمح والغذاء المسروقة من سوريا، وشراء المنحوتات الحضارية الأثرية المنهوبة من سوريا والعراق، وبيع وتصدير النفط والآثار للكيان العبري من خلال هذه الشركات العائلية، رغم منع ذلك وتحريمه من مجلس الأمن، وما زال يرفض وقف تهريب أو حتى إعادة ما تم تهريبه من آثار موجودة على الأرض التركية. كما أنه كان من أوائل من حرّض ميليشيات مسعود البرزاني (رجل أمريكا واسرائيل في المنطقة)، وساعدها للتمرد على الحكومة المركزيه في محاولة لتقسيم العراق وسلخ أكراده بعد توسيع مناطق نفوذهم، وطرد العرب منها بمجازر مشابهة لمجازر الكيان الصهيوني والدواعش، وحوّل بترول العراق المسروق الى الكيان الصهيوني، ودوره ودور مسعود البرزاني بتوجيه أمريكي في تسليم الموصل للدواعش.

ورغم الإستفادة الكبيرة التي عادت على تركيا من الإتفاق مع سوريا إقتصادياً إلّا أنه انقلب عليها لتطبيق صفقة أمريكا والإخوان المسلمين لقيادة المنطقة، والتي شملت تونس ومصر وليبيا، وأدخل كل ما أفرزته المدرسة الوهابية لآل سعود مستعينة بحثالات الأرض التى أفرزتها مدرسة الإخوان المسلمين عبر أراضيه ليعيثوا فساداً في سوريا، مدمرين الوطن وبنيته التحتية واقتصاده وفوق كل ذلك شعبه وانسانه، قاتلين علمائه وقيادات شعبه وأساتذته الجامعيين، ومدمرين قدراته العلمية، بأوامر ودعم من أمريكا وإسرائيل ولمصلحتيهما وبتمويل من الدول الصهيو عربية بقيادة مملكة آل سعود وحارة الشيخة موزة وأبنائها، بالضبط كما فعلوا في العراق شعباً وأرضاً، ضارباً بعرض الحائط إتفاقاته وعهوده المعقودة مع الحكومة السورية وقبلها العراقية، مغامراً بمصالح الشعب التركي الإستراتيجية في المنطقة، وكذلك بأمنه ممن يمكن أن “يخرج عن السيطرة” من عصابات الإرهاب التي تتمتع بكل أشكال الدعم المخابراتي التركي، وبعد تقدم الجيش السوري وحلفاؤه وفرار الدواعش والقاعدة وتفريخاتهما  عبر الأراضي التركية التي جاؤوا منها، تم تحميلهم بطائرات تركية وقطرية إلى اليمن لمحاربة الجيش اليمني واللجان الشعبية هناك، بدعم من آل سعود وبغطاء مخابراتي تركي أمريكي.  وبعد خسارته في الإنتخابات في حزيران الماضي، أعاد الإنتخابات دون أن يعطي الأحزاب الأخرى حقها في تشكيل الحكومة، ضارباً دستور البلاد بعرض الحائط، وكان واضحاً محذراً الشعب التركي أنه ما لم بنتخبه مجددا فإنه سيظل يعيد الإنتخابات مرة كل ثلاثة أشهر، بغض النظر عن تكلفة هذه الإنتخابات التي يدفعها الشعب التركي من جيبه وضرائبه، وأكد أن البلاد لن ترى الإستقرار، مرفقاً ذلك بعمليات باسم داعش ضد الأكراد الذين “تجرأوا” وانتخبوا حزب الشعوب الديمقراطي، قاتلاً العشرات، حتى أُعيد انتخاب حزبه من جديد. وبعد أن تم انتخاب حزبه “ديمقراطيا”، في ظل طرد مئات الصحفيين المطرودين من وظائفهم وعشرات منهم محكومن ظلماً في السجون، وإغلاق ومصادرة لمحطات تلفزيونية وصحف ومحطات إذاعية، وضرب لأبسط التعبيرات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومصادرة للرأي الأخر، والمغامرة بحياة عشرات الجنود الأتراك من خلال إفتعال حرباً مع حزب العمال الكردستاني، والتحريض القومي عليهم وعلى العرب.

وعلى عادة الإخوان المسلمين، فالقضية الفلسطينية أكثر قضية ممكن المزاودة بها وعليها، ولذلك نرى أردوغان وفي كل مناسبة يتغنى بها مسرحياً، لدرجة أنه يمكن أن يخدع أي كان، وفي الحقيقة والواقع، فإن علاقات تركيا ازدهرت أكثر ما ازدهرت مع الكيان الصهيوني في عهد حزب الإخوان المسلمين التركي”حزب العدالة والتنمية”وعلى رأسه أردوغان، والطائرات الإسرائلية معظم تدريباتها في السماء التركية، ونسبة التبادل التجاري مع الكيان الصهيوني تضاعفت ست مرات في عهد قيادة أردوغان، وبضغط من أردوغان وابن حمد الصغير والشيخة موزة تميم في حارة قطر، قامت قيادات الإخوان المسلمين السياسية والمالية في العالم، بمحاولات ترويض قيادة حركة حماس السياسية، من خلال اتفاق مع الكيان الصهيوني بواسطة توني بلير، لعقد هدنة طويلة الأمد مع قطاع غزة، حيث يتحقق بذلك فصل غزة عن الضفة، وقتل الفعل الثوري في القطاع ومنه، وتعميم سياسة الإستسلام في فلسطين، وتحويل حماس إلى نسخة كربونية مسخ من السلطة الفلسطينية في الضفة الفلسطينية، وبالتالي تأزيم الوطن الفلسطيني داخلياً، وإرجاع القضية الفلسطينية بضع عشرات السنين إلى الوراء.

وبعد ذلك كله، وبكل وقاحة وازدراء لعقولنا، يريدنا أردوغان أن نصدق أن دولته، عضو الناتو تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والمشاركة بأكبر عدد من الجنود فيه بعد أمريكا، أنها حريصة على القضية الفلسطينية، كما حرصها على الديقراطية في سوربا والعراق ومصر، ” بغض النظر عن طبيعة أنظمتها ورأينا بها”، وليس مثلاً في مملكة آل سعود أو البحرين أو قطر مثلاً، أو أن إسقاطه للطائرة الروسية في الأجواء السورية، وقتله للطيار الروسي من قبل الأتراك أنفسهم العاملين مع حثالات الأرض الدواعش هناك، كان بقرار تركي خالص، وليس بتحريض وأمر وتغطية من أمريكا نفسها، لتتركه وحيداً لاحقاً، كما فعلت بكل الإمعات من أمثاله،”تماماً كمسرحية تدفق اللاجئين من الباب التركي إلى الدول الأوروبية، الذي أراد الإستخفاف بعقولنا لنصدق أنها تمت بدون تخطيط وتنفيذ تركيين، ودعم أمريكي”، وخاصة بعد أن قام الروس بتدمير ما يزيد عن ألف صهريج نفط تركي وسيلة داعش في سرقة نفط العراق وسوريا وبيعه من خلال شركات العائلة الأردوغانية.

لكن حسابات الحقل ليست كحسابات البيدر، فأول من اكتوى بالنتائج هو تركيا، حيث كانت الخاسر الأكبر سياساً واقتصادياً وحتى عسكرياً، حيث أن أردوغان لن يستطيع تحقيق أحلامه العثمانية الجديدة بقضم مناطق سورية بغض النظر عن أسمائها كمنطقة عازلة أو آمنة، ولن يستطيع الدفاع عن ارهابييه أمام تمدد الجبس العربي السوري ولا قصف الطائرات الروسية، ليس هذا وحسب، بل إن تركيا بقيادة السلطان العثماني أردوغان لن تستطيع حتى أن تُظهر طائراتها في أراضيها نفسها الفريبة من الحدود السورية، حيث سيعتبرها الروسي هدفاً معادياً يشكل خطراً على طائراته ويدمرها كما أكد ذلك!!! والأخطر من هذا كله السؤال الكبير حول إمكانية سيطرة أردوغان على الدواعش والنصرة الفارين من وجه الجيش العربي السوري إلى الأرض التركية، وإمكانية ضبطهم أو منعهم من تنفيذ أعمالاً إرهابية ضد الشعب التركي، خاصة إذا أرادت أمريكا الضغط على تركيا لأي سبب كان!!!

إن من يدمر الأرض السورية والعراقية تحت شعار الديمقراطية الزائف، جالباً كل حثالات الأرض من الشيشان والأفغان والقوقاز والقرغيز وبعض القبائل الصينية المسلمة، كما حثالات آل سعود وبقية حثالات الإخوان المسلمين العرب والأوروبيون ، ماذا كان سيفعل هو نفسه لو كانت بلاده تعرضت لمثل هؤلاء الحثالات وتحت نفس الشعار “الديمقراطي”؟!!! وما المطلوب من “الروسي” ليفعله أمام الآلاف من المواطنين الروس الإرهابيين إذا ما رجعت لتدمر وتقتل في الجمهوريات الإسلامية الروسية ، والتي يحتضنها أردوغان ويدربها ويسلحها وينقلها بغطاء أمريكي؟!!!

إن من يلعب بالنار سيكتوي بها ياسيد أردوغان، والسلاح بيد “الخرى” يجرح “كما يقول المأثور الشعبي الفلسطيني، لكنه يجرح صاحبه نفسه أيضاً، وهكذا فعلت أنت!!! فهل تدرك ذلك؟ أم أننا أمام حالة غرور غبي استشرى ولن ينتهي دون تدمير الذات!!!

محمد النجار

بأي حال عدت ياعيد؟!!!

لا أدري ما الذي جعلني أحمل نفسي وأذهب إليهما، فزياراتي لهما كانت متباعدة جداً دائماً، ولولا رابطة القرابة البعيدة لما أجهدت نفسي للذهاب، رغم كوني كنت كثيراً ما أشعر بفرح ما عند لقاءهما، وفي مرات كثيرة أظل أتذكر هذين الكهلين لفترة طويلة لاحقه. إنهما الحاج راجح وزوجته، شارفا على الثمانين وظلّا كما لو أنهما في عز شبابهما، فرحين خفيفي الظل، مقبلَين على الحياة، يرميان كلماتهما الناقدة كأبلهين دون أن تشعر بذكائهما إلا إذا كنت تعرفهما جيداً. قلت له ذات يوم بعد أن فشلت قائمة زميلي ناجح عبد القادرفي انتخابات النقابة :

ـ  لقد رسبت القائمة في الإنتخابات ياحاج راجح، لم أكن أتوقع ذلك،كان بينها وبين العضو الأخير بضعة أرقام ليس أكثر, وتم إعلان  الإسم الأول في القائمة كإحتيا ط”ناجح عبد الستار ” إحتياطً.

قال حينها دون حتى أن يبتسم:

ـ يعني “ناجح” كان مجرد اسمٍ وليس نتيجة؟!!!

وأمام اندهاشي من عبارته تلك فإنني حتى لم أقوَ على التعليق، وتحدثنا في أمور عديدة وقضايا مختلفة، وكان بين فترة وأخرى يسألني كالأبله من جديد:

ـ قلت لي أن “ناجحً” هو إسم وليس نتيجة؟!!!

نكون قد غادرنا الموضوع وهو يقترب من أذني وكأنه يريد البوح بسر ما ويعيد:

ـ إذن “ناجح” هو إسم وليس نتيجة.

حتى وجدتني أضحك من كل قلبي في نهاية لقائنا رغم حزني الشديد على نتيجة الإنتخابات.

وها أنا أجد نفسي في زيارته من جديد، كانا متقابلين على مقعدين قديمين من القش مثل كراسي المقهى ، يشرب هو الشاي وهي تقابله، “تمزع” رغيف الخبز وكأنها تشرط ورقة، ثم تأخذ بين أصابعها كسرة طويلة وتغمسها في كاس شايها، وتأكل الخبز بعد أن تغرق في الشاي وتكاد تذوب، تأكلها متمتعة وكأنها تأكل “منسفاً”، رحبا بي كعادتيهما، وجلست على مقعد مجاور كان بينهما، قالت بعد أن سكبت لي كأس شاي دون أن تسألني:

ـ أهلاً وسهلاً… “وجهك ولّا وجه القمر”  ما الذي حذفك علينا؟ ما الذي ذكرك بنا؟

 ـ إنكم في البال دائما ياحاجة لكنها الظروف كم تعلمين، وما أن وجدت نفسي في عطلة رسمية حتى حضرت كما ترين.    قلت مبرراً غياباتي المتباعدة، فقال الحاج راجح متسائلاً:

ـ عطلة ورسمية أيضاً؟ خير وما المناسبة؟

 قلت مستغرباً سؤاله:

ـ كيف ما المناسبة ياحاج؟ إنه عيد الإستقلال…

رفع رأسه إلى الأعلى وقال وكأنه تذكر ما كان ناسياً.

ـ آه …الإستقلال…ومتى استقلينا نحن ياحاجة صبحة؟ لا تؤاخذني يابني، لم يقل لي أحد شيئاً عن ذلك… وربما “الكبر عبر” وبدأت أنسى

عرفت أنه بدأ يسخر مني ومن المناسبة أكثر، وأكمل مخاطباً زوجته:

ـ إنني غاضب على الأولاد ياحاجة صبحة، لا أحد زارنا منهم، أيعقل ذلك؟

 فتساءلت بغباء لم أعهده في نفسي كثيراً من قبل :

ـ ومتى خرجوا من السجن؟ والله لم أعلم أبداً

فقالت الحاجة صبحة عازفة على نفس لحنه:

ـ المفروض أن يكونوا قد خرجوا، ألم تقل أننا أخذنا استقلالنا؟

 فرد هو مجدداً:

ـ  ربما تغيرت الدنيا في مثل هذا الوقت ياحاجة، فأصبح الإستقلال ممكناً وأبناؤنا لا يزالون في السجون!!!، لكني شاهدت بالأمس جنوداً يطلقون النار على الفتيان فيقتلونهم بدم بارد، قالوا لي أنهم إسرائيليون…آه… هذا كان بالأمس ونحن استقلينا اليوم!!!، أم منذ بدأ التنسيق الأمني لم نعد نفرق بينهما؟

فقالت الحاجة صبحة دون أن تترك لي مجالاً لأعرف إن كانت مبتسمة أم مكتئبة:

ـ “الخل أخو الخردل “ياحاج.

قلت في محاولة للمشاركة في الحديث:

ـ يبدو أنهم ندموا على ما فعلوا في “أوسلو” وملحقاته، فها هو عريقات يريد الإستقالة نتيجة تعنت حكومة العدو.

فقال الحاج راجح دون تردد:

ـ وهل هناك من يمسك به ليبقى؟ أم أنه يهددنا بالإستقاله؟ فربما لن نجد مفاوضا متمرساً مثله، حقق لنا بحكمته وجرأته وتفانيه، وبطريق التفاوض ما لم نستطع تحقيقه عن طريق الثورة المسلحة؟!!! وكأننا سنخسر الجنرال جياب؟!!!

   سكت قليلأ ثم أضاف:

ـ حكومتهم هي السبب؟!!! المهم رأيهم فقط، رأي الشعب لدينا لا يهم ، خاصة وأنه وسلطته قاموا بالواجب على أكمل وجه.

قلت من جديد:

ـ الله يصلح حالهم، ربنا يجيب الذي به الخير.

فقالت الحاجة صبحة معلقة على كلماتي:

ـ “ذنب الكلب ما بنعدل حتى لو وضعوه في مائة قالب”.

قلت في محاولة لتصحيح مفاهيمهم:

 ـ يبدو أنهم بدأوا يدركون خطأهم الآن، فهذه المرة ليست كسابقاتها

فقال الحاج بحسم قليلاً ما عهدته عنده من قبل:

ـ انظر يابني، مَنْ يمكن شراءه بالمال لا يمكن الوثوق به، وسلطتهم كلها مشتراة بمال آل سعود ومن لف لفهم، حتى أن لا قيادة السلطة ولا قيادة حماس السياسية لم يجرؤوا على التضامن مع قناة الميادين، ولو من باب حرية الكلمة، أو كما تقولون أنتم المثقفون من باب الحق في حرية التعبير، طبعاً خوفاً من أن يغضب عليهم آل سعود والشيخة موزة وأبناءها. فهل مثل هذه القيادات يمكن ائتمانها على مصير شعب؟ وها هو الرئيس نفسه رغم انحدار شعبيته، ورغم معرفته بأن ما فعلوه في “أوسلو” أوصلنا إلى الحضيض، لكنه لا يأبه بالشعب كله ولا برأيه، وربما لقاء واحد مع “كري” أهم من  الشعب ورأيه. ورغم أن الإحتلال يقتل أبناءنا في الطرقات والمدارس والمستشفيات، إلّا أن لا الرئيس ولا حاشيته لم يدعُ قيادة العمل الوطني ولا حتى مرة واحدة للإجتماع لتدارس الأوضاع واتخاذ ما يناسب المرحلة من قرارات وبرامج، لكنه يريد تدجين غزة وإدخالها بيت الطاعة الأوسلوي، يريد تجريدها من سلاحها، ليسهل إخضاعها له وللإحتلال، يريدون تعميم الإستسلام ، هذه السلطة لا تعرف سوى ذلك وتبريره بكلام وطني لا يغني ولا يسمن من جوع يابني.

فقلت في محاولة للتخفيف من غضبه:

ـ يبدو أنهم تعلموا هذه المرة، فالإحتلال لن يعطيهم شيئاً، وهم قد أصبحوا عراة أمام الناس.

فردت الحاجة صبحة قائلة:

ـ لا تصدقهم يا بني،” علّم في المتبلّم يُصبح ناسي”، هؤلاء لا يتوبون أبداً، مثل العاهرات ـ لا تؤاخذني ـ فأنت مثل أولادي، انهم كالتي “خاطرها بذلك الشيء وخائفة من الحبل”، ليس لديهم مبدأ أو ضمير.و، وها أنت “متعلم” و”ياماشاء الله عليك” وتصدقهم، جاي تقول عيد الأستقلال، إستقلال مرة واحدة؟!!! فعلاً اسم الجمل قتله

     وسكتنا، بالأصح سكت كي لا أثيرهما أكثر، فلهما من الأولاد ثلاثة في سجون الإحتلال، وأطعم الله ابنهما البكر “الشهادة” في انتفاضة الأقصى، وأحد أبنائه المعتقل إدارياً لدى الإحتلال منذ ثمانية عشر شهراً، اعتقلته سلطة أوسلو وحققت معه طويلاً محاولة أخذ ما عجزت عنه اسرائيل من معلومات، ولما عجزت اعتفله الإحتلال إدارياً، إنه عمل متكامل بين جهازي المخابرتين!!!.

كان قد أنهى شرب شايه الذي كان قد برد في الكأس الذي أمامه، وأكمل وكأنه يتابع موضوعاً طال انتظاره لينهيه، فقال:

ـ لقد أضحوا مثل الأنظمة التي تراها أمامك، نظام عربي رجعي تابع، من يدفع أكثر له حصة أكبر فيهم… انظر مثلاً منذ ما يزيد على عام كامل مرت على حرب غزة الأخيرة، ماذا فعلوا لسكان القطاع المحاصر والمدمر والمريض والجائع؟ لماذا لم يطلبوا من نظام مصر أن يفتح المعبر بدلاً من إغراقه الحدود بمياه البحر التي تتداخل مع مياه الشرب وتفسدها؟  وهم مع النظام المصري يطبقون الحصار على غزة ليدخلونها قمقم التسوية ومن ثم الإستسلام. نعم هذا النظام الذي تغرق قرى الصعيد تحت مياه النيل منذ أيام ولا يحرك ساكناً، لم يبعث حتى مساعدة لإستخراج جثث الآلآف من سكان القرى الغارقة تحت الماء، وبدل المساعدة يمنع ذكر أي خبر عن الحادث!!! نظام بهذا الشكل خان ثقة شعبه به منذ اليوم الأول لمجيئه أتعتقد أنه مهتم لسكان قطاع غزة؟ هل سيفتح المعبر دون ضغوط؟ نظام يحكم بالإعدام على الآلآف من شبابه يمكن أن يهتم بغزة أوفلسطين؟نظام ما يزال يعتقل ويعذب ويقتل ويخطف ويغتال ، ورغم انتهاء حالة الحرب إلّا مع شعبه ، فهو ما يزال يحتفظ بما يسميه” المخابرات الحربية”الذي تحول لجهاز قمع وتعذيب لأي معترض أو صاحب فكر أو حتى حتى رأي!!!،هذا النظام يعلمهم ويدربهم على القمع، هؤلاء “المسالمين” مع الإحتلال يتفننون بقمع شعبهم، لقد حدثني “فهد” إبني ـ وضرب بيده على صدره وأكمل ـ عمّا فعلوه معه عند إعتقاله.

وسكت فجأة وكان يجول بعينية في أرجاء الغرفة وكأنه يبحث عن شيء ما، ثم قال وكأنه يدلي بخلاصة حديثه وعصارته:

ـ حجارة فلسطين هذه مقدسة كتينها وزيتونها، ألا تلاحظ أنها تتفوق على آلات قهرهم وترسانتهم التسليحية؟ لو كانت هذه السلطة سلطة شعب بشكل حقيقي، لدعمت حركة هذا الشعب وانتفاضته، لنقلت معركة السكاكين إلى الداخل المحتل، إلى المناطق الأكثر أمناً بالنسبة لهم ، لتجبرهم على إغلاق متاجرهم وشوارعهم وأسواقهم ومدارسم ووسائل نقلهم، لحرّمت عليهم أي نوع من أنواع الحياة ماداموا يحرّمونها على شعبنا، على الأقل لفرضت عليهم التعامل بالمثل، ولأغلقت آذانها كي لا تسمع نصائح المخصيين من ملوك وأمراء ورؤساء هذه الأمة المخصيين .

فقالت الحاجة صبحة قاطعة حبل أفكاره:

ـ لا تتعب يا حاج ” لا حياة لمن تنادي”.

  وسرحت متسللاً من بين كلمات الحاج  راجح وزوجته الحاجة صبحة، ولسبب ما تذكرت قصيدة الشاعر الكبير “أمل دنقل” وهو يقول :

عيد بأي حال عدت ياعيد                          بما مضى أم لأرضي فيك تهويد

                      نامت نواطير مصر “عن عساكرها”          أو حاربت بدلاً منها الأناشيد

       … وقلت في نفسي :إنهم لا يجرؤون على الحرب حتى بالأناشيد

                                                                                     محمد النجار

الإسلام الأمريكي وأدواته في المنطقة

لم يكن تفجير الضاحية الجنوبية بالأمس، إلا مجرد هروب للأمام للتغطية على ما يدور في المنطقة كاملة من هزائم للمحور الرجعي العربي ، بقيادة آل سعود، وفي نفس الوقت محاولة يائسة للفتنة والتفتيت للتحالف اللبناني الفلسطيني، ، الأمر الذي يجعل حق العودة في مهب الريح، . وإذا أردنا الدخول في بعض التفاصيل نورد التالي:

* ما يدور على الجبهة السورية من انتصارات متتالية وسريعة في كامل الجبهات، الشمال والوسط والجنوب والقلمون و”الحبل على الجرار”، ما يعني أن الجبهة الرئيسية المستهدفة تخرج من بين أيدي هؤلاء الحثالات والدول الرجعية المتصهينة التي تقف خلفهم بقيادة آل سعود، الأداة الأكثر طاعة للصهاينة والإمبريالية الأمريكية، لذلك نرى كل هذا الإستكلاب الأمريكي وقصفه المتتالي للبنى التحتية السورية وتدمير لمنشآت النفط السورية، الأمر الذي لم يفعله وهي تحت سيطرة داعش والنصرة وأخواتهما، ونفطها يُسرق ويهرب عبر تركيا ويُباع للكيان العبري. والأمر كذلك بالنسبة لقاعدة الإمبريالية المتقدمة في المنطقة. الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من هذه الحرب الكونية على سوريا، والمنطقة عموماً سواء في العراق أو اليمن او مصر والجزائر وليبيا، فدوره في العراق من خلال أعماله الإرهابية الممولة من آل سعود وتقتيله لعلماء العراق، وتهديمه لبنيتة الأساسية (الإنسان العراقي والجيش العراقي) لم  ننساها بعد. وكذلك الحال لحكومة “الإخوان المسلمين” (العثمانية الجديدة)، الذين يريدون قضم الأراضي السورية، والذين يشكلون الذراع المتقدمة لحلف الناتو بعد اسرائيل، وكلهم بقيادة الإمبريالية الأمريكية.

* كذلك الحال في العراق، حيث الحشد الشعبي والجيش العراقي يتقدم ، لكن تقدماً بطيئاً لأنه يصطدم بالعرقلة الأمريكية دائما وأبداً، حيث لم يكتفِ الأمريكي بعدم إعطاء الجيش العراقي الأسلحة التي دفع ثمنها مسبقا، بعد أن فتّت جيشه وأضعفه وجرده من سلاحه، وفرض على العراق دستور بليمر الطائفي، ويرفضون السماح بتغيير الدستور الى دستور حداثي بعيدا عن الطائفية، فإن طائراتهم  أيضاً تقوم بإلقاء الأسلحة لحثالات الأرض من الدواعش والنصرة وخلف خطوطهم، وتعرقل الحشد وتقدمه لتنقذ قادة داعش وتنقلهم الى أماكن أكثر أمنا (كما حصل في تكريت، ليكونوا احتياطاً لهم في مشروعهم التدميري للوطن العربي والذي لم ينهزم بعد)،  وتم بعث المئات منهم في طائرات تركية وقطرية الى الجنوب اليمني ، وكما تم في ما أسموه عملية تحرير الاسرى  الأكراد من سجن عراقي، وكذلك من خلال طائرات الشحن العملاقة التي نقلت السلاح لتلك الحثالات في “تلعفر” في الموصل، وما زالت تعرقل قوات الحشد الشعبي وتحاربه بكل قوة وتحرض عليه طائفياً ومذهبياً وإعلامياً من خلال إعلام آل سعود و الشيخة “موزة” في حارة قطر، التي موّل أولادها وأحفادها حثالات الأرض الدواعش ب 32 الف سيارة تيوتا رباعية الدفع في سوريا فقط ، عدا السلاح والأموال، وما زالت، هذا عدا ملوك الرمال في مملكة آل سعود، والتركي الذي فتح أبواب بلاده لعشرات الآلف من الإرهابيين بأموال سعودية قطرية، وبأوامر أمريكية اسرائيلية.

*كذلك الأمر في اليمن، حيث يتم دك مواقع آل سعود وتحالفهم وكل مرتزقتهم سواء في باب المندب أو تعز أو المدن اليمنية المحتلة من آل سعود، والذي يتوج كل يوم بإحراق عشرات الاليات والجنود، من جنود آل سعود ومرتزقتهم، والغريب الطريف في ذات الوقت فإن الأمريكي وأتباعه لا يريدون أن يروا تمدد داعش والقاعدة في حضرموت وعدن وبقية مدن الجنوب، فأولئك رغم كونهم قاعدة لكنهم ليسوا ارهابيين ولا يجب محاربتهم، لأنهم في المكان الصحيح!!! واليمن الذي يعوم على ما يقارب ال35% من النفط العالمي والمحروم من استثماره بسبب آل سعود وتأثيراتهم المتتالية على حكومات اليمن، حد التبعية المطلقة، كما الحال في المعادن المختلفة والكثير من المواد الخام مطلوب أن يبقى مطية لآل سعود وأسيادهم من الكيان العبري الذي يدك المدن اليمنية بطائراته مع الإمبريالية لأمريكية ، ليبقى اليمن فقيراً هزيلاً تابعاً لا يستطيع التحكم لا بخيراته ولا بموقعه الإستراتيجي.

* والأمر يتكررفي فلسطين، كون القضية الفلسطينية هي المستهدف الرئيس مما جرى ومن كل ما يجري، وكون الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من كل ما يجري.، لذلك فانطلاق الإنتفاضة الفلسطينية من جديد رغم كل محاولت إيقافها وقمعها وطمس فاشية المحتل في التعامل  معها، ورغم ضغوط الرجعيات العربية المتصهينة على قيادة السلطة، هذه القيادات التي تقود الجامعة العربية المخصية والتي ما قدمته على مدار عمر القضية الفلسطينية كلها في القرن الأخير لم يصل إلى عُشر ما قدمته للحثالات البشرية في سنة واحدة، الأمر الذي يتطلب حرف وابعاد التركيز العربي والدولي عنها مادام ليس مقدور ايقاف فعالياتها. لذلك كله يجب التفجير والقتل ما أمكن في محور المقاومة، المحور الذي يقف ببسالة ضد حثالات الأرض وأسيادهم الصهاينة والأمبريالليين وتوابعهما من رجعيات عربية متهالكة متصهينة، وليكن في المكان الذي لم يستطيعوا تدميره، لبنان، وتحديدا ضاحيته الجنوبية حيث حزب الله، قائد حركة التحرر الوطني العربية بامتياز، والترويج أن من قام بذلك هم فلسطينيون، ليشتبك المخيم مع المقاومة اللبنانية ويصبح حق العودة نفسه مهدداً وبأيدي الثوار أنفسهم من لبنانيين وفلسطينيين. وأمام تحقيق أهدافهم في تفتيت الأوطان كان لا بد من استخدام ذخيرتهم الرئيسية في ذلك ، وهم “الإخوان المسلمين” ومرجعيتهم الأساسية أردوغان وحزبه العثماني الجديد، فكانوا هم خميرة تدمير سوريا، وهم خميرة تدمير اليمن من خلال حزب الإصلاح، وكذلك في تونس ومحاولات الفتنة الداخلية من خلال سياسة الأغتيالات ضد اليسار التونسي والذي اتهم فيها حزب النهضة الإخواني، وكذلك الأمر في مصر ومحاولة تدمير الدولة هناك ،رغم موقفنا الواضح من نظام السيسي، لكن هذا لا يبرر تدمير الجيش وتقتيل الوطن، والأمر نفسه كان قد تم في الجزائر من خلال جماعة عباس مدني، وما أوصلوا إليها ليبيا باسم ديمقراطية الناتو التي لم يؤمنوا بها يوماً لكنهم يدمرون باسمها الأوطان، وكيف قسموا السودان باسم الدين الأمر الذي لم يقم به أي نظام ديكتاتوري بما في ذلك نظامي عبود ونميري. وهاهم باسم الدين أيضاً برسلون جنود السودان الفقراء ليَقتلوا ويُقتَلوا في اليمن تحت أوامر آل سعود الذي يعتبر نفسه قد استأجر بضعة عجول لا أكثر، في الوقت الذي ينهار فيه السودان كوطن ومواطن تحت ذات القيادة التي تتاجر بالوطن والمواطن وأوصلت السودان الى الحضيض على كافة المستويات. وفي فلسطين حيث تحاول بعض قياداتهم توقيع هدنة طويلة مع الكيان الصهيزني من خلف ظهر الشعب كما فعلت تماماً قيادات أوسلو، فداعش ليس هدفاً أمريكياً، والقاعدة كذلك، وإن كان يضرب هذا القائد الميداني أم ذاك بين وقت وآخر لذر الرماد في العيون، فالسيدة كلنتون تعلن مجاهرة في الكونغرس “أنهم كانوا مضطرين لدعم  القاعدة”، ويعلن توني بلير “أن بلاده وأمريكا خلف ظهور داعش” ويعلن أوباما بكل صفاقة “أن داعش خرجت عن السيطرة” الأمر الذي يدلل على طبيعة العلاقة التي تربطهما، رغم كل ما يحاولون ترويجه من أكاذيب حول محاربتهم للإرهاب…  وفي النهاية، فهذا جزء من ضريبة النضال والمقاومة، فعلى الشهداء الرحمة والشفاء للجرحى والصبر لأههاليهم ولكل جمهور المقاومة.

محمد النجار

حُط في الخُرج

لم أره يوماً إلّا والسيجارة بين اصبعيه أو بين شفتيه، كان يُدخن مثل قطار، وفي أحيانٍ كثيرة يُشعل السيجارة من أختها، وفي كثيرمن المرات يتركها تحرق نفسها بين شفتيه، وعندما يضايقه دخانها المتصاعد نحو عينيه، يُغمض إحدى عينيه، يسحب نفساً عميقاً وكأنه يريد الإنتقام من رئتيه اللتين تبدآن بإطلاق زخات من السعال كمشط رصاص إنعتق لتوه وتحرر نحو عدو أكيد، ثم يأخذ ما تبقى من سيجارته بين أصبعين من يده اليمين، يتابع السعال ويعود ليسحب نفساً جديداً حتى تكاد أصابع” يديه أن تحترق، قبل أن يجد لها مكاناً يدفنها فيه بين صُحيباتها في منفضة أمامه.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتحاور في أمور الإنتفاضة، أو أمور الساعة كما يقال، وكما قال البعض:” ما اجتمع زوج من الفلسطينيين إلّا ليتحدثوا في السياسة” . كنا من مشارب سياسة مختلفة، لكننا من نفس الفئة الإجتماعية، تخرجنا من دول عربية وأوروبية مختلفة ، واستحضرنا الماضي أمامنا، وضحكنا وشربنا القهوة والشاي حين قال سعيد متبجحاً كعادته، وهو يستذكر رئاسته لإتحاد الطلبة عن فصيل السلطة الحالي، ليعود ويصبح من رجالات السلطة المهمين، قال:

ـ كنا الأغلبية دائماً…

وضحك بخبث وتابع:

ـ وما زلنا

فقال له مفيد متسائلاً:

ـ إذن لماذا بقيتم رافضين التمثيل النسبي في المؤسسات الفلسطينية؟

لكن ما تفاجأنا به ماقاله خليل، الرجل القطار كما أحب أن أسميه، والذي كان معه في نفس البلد في سني دراسته:

ـ أتذكر عندما طالبتم بالنصف + واحد في الهيئةالإدارية للإتحاد؟

سكت سعيد ولم يجب، لكن خليل أكمل:

ـ  قال حينها سعيد بأن قرارا من القيادة من المركزية طالبتهم بعدم التنازل عن النصف+ واحد، قلت له حبنها إذا كان ذلك حجمكم فخذوه، وإن لم يكن فلن تأخذوه، واتفقنا على ذلك، وفعلاً بدأنا نفرز الأسماء من خلال وجهة نظره هو ، ورغم كل مبالغاته إلّا أن العدد كان مناصفة، النصف لهم والنصف لثلاثة قوى أخرى، وكون الهيئة الإدارية تتشكل من سبعة أعضاء، وهم لا يكفون عن الحديث والتغني بالوحدة الوطنية، قلت له :

ـ جيد ، حسب تقييمكم لكم 3.5 عضواً، تفضلوا وتنازلوا عن نصف عضو من أجل الوحدة الوطنية.

ورغم ذلك رفضوا فالوحدة الوطنية يلتزم بها الآخرون، وهم يحصدون فوائد الوحدةفقط، فوحدة وطنية دون مكاسب لا تعنيهم البتة، أليس كذلك ياسعيد؟

كان قد دخن سيجارة كاملة أثناء قصته هذه، وتابع:

ـ  لذلك فمن المنطقي جداً أن لا توصلنا مثل هذه القيادة أبعد من “أوسلو”.

سكت قليلا وأشعل سيجارة من جديد، حين قلت في محاولة للإستمرار في ذات السياق:

ـ ألم تسمعوا تعليق جماعة الرئيس على لقائه مع “كيري”؟ قالوا لقد سلم الرئيس لكيري خمس مجلدات عن تجاوزات الإحتلال وانتهاكاته!!!

فردخليل قائلاً:

ـ ألم يدرك الرئيس بعد أن هذا العنوان هو عنوان خاطىء؟!!! لماذا لم يسلمها لمحكمة الجنايات الدولية؟!!

فقال مفيد مجدداً :

ـ دعونا ما قالوه جماعته وانظروا ما قاله الرئيس محمود عباس نفسه…

سأل عماد مستفسراً:

وهل هناك تصريحات جديدة؟

ـ طبعاً، “بيت السبع لا يخلو من العظم”، أتريد رئيساً بلا تصريحات؟

قال أحمد والمعروف بكثرة تهكماته.  فقلت:

ـ نرجو أن لا يكون قد نطق كفراً…

غضب سعيد وقال:

ـ الرئيس لا ينطق كفراً…

فقلت من جديد:

ـ إنشاءالله، لنرى……..

فقال مفيد بادئاً بنقل تصريحات الرئيس:

ـ ما أذكره أن الرئيس عباس أكد أنه ومنذ عام 2005 ابتدأ التنسيق الأمني الذي ما زال مستمراً حتى الآن ولم يوقفه ولن يوقفه، وأنه ملتزم به رغم عدم التزام “اسرائيل بشيء!!!

فقال خليل متسائلاً دون أن يتلقى أي جواب:

ـ ألم يقل الرئيس نفسه أنه أوقف التنسيق الأمني منذ شهور، التزاماً بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني؟!!! فقال أحمد متهكماً كعادته:

ـ خليها على الله يارجل، “حط في الخُرج”.

فقال خليل مجدداً :

ـ يعني كان يكذب علينا وعلى شعبنا كله بكل وقاحة.

فقال سعيد محتجا:

ـ رجاء لا تشتم الرئيس.

وتابع خليل وكأنه لم يستمع لما قاله سعيد:

ـ هؤلاء لا يؤمنون لا بمؤسسات ولا بعمل جماعي ولا يعرفون حتى الإلتزام!!!!

فقال أحمد:

ـ قلت لك “حط في الخرج”

قال سعيد من جديد:

ـ  رجاء لا تشتم السيد الرئيس

وأكمل مفيد:

ـ إذا عملتم معنا سلام سنأتي ب75 دولة عربية واسلامية لتعترف فوراً بإسرائيل وتطبع معها

فقال خليل من وسط غبار دخان سجائره:

ـ باسم من يتحدث هذا الرجل؟ الموضوع ببساطة حتى لمن يريد دولة على حدود الرابع من حزيران فقط، أن الإحتلال يجب أن يخرج، لماذا التبرع بالأعتراف والتطبيع؟حتى تنظيمه لا يوافق على ذلك إذا استثنينا المستفيدين، أليس كذلك ياسعيد؟

تململ سعيد في مكانه لا يعرف بما يجيب، وقبل أن يقول شيئاً قال أحمد مجدداً:

ـ قلت لك ” إنسَ وحط في الخرج”

تابع مفيد قائلاً معيداً تصريحات الرئيس عباس:

ـ إن عرفات يُشْبه رابين! فالإثنان رجلا سلام، وأنه عندما توفي رابين “حزنت وعرفات حزناً شديداً وذهبت مع عرفات إلى بيت رابين وقدمنا العزاء لزوجته”

فقلت موجهاً حديثي لسعيد:

ـ أصحيح هذا الكلام ياسعيد؟

وسعبد الذي ظل يتململ في مكانه وكأنه يجلس على لوح صبار تمتم بشيء ما لكنه لم يرد وتابع خليل تدخينه وحديثه:

ـ قاتل الأطفال والنساء، ومكسر عظام الفتية، هذا رجل سلام في عرف رؤسائنا؟!!! ليخبرونا إذن كيف يكون القتلة!!!  فقال أحمد من جديد:

ـ هوّن عليك يارجل، قلت لك “حط في الخرج”

ـ يُعزون زوجة رابين؟!!! لم أرهم كثيراً يعزون بشهداء شعبنا

قال خليل من جديد وتابع مفيد أقوال الرئيس:

ـ لا يجوز الإستمرار بإطلاق الصواريخ العبثية، نعم أنا أسميها عبثية ولا أخجل بذلك، هذه الصواريخ لا يجوز استخدامها  غرس سيجارته بين أخواتها في المنفضة الممتلئه وقال خليل:

ـ ما يحيرني أن هذه الصواريخ حتى لو كانت عبثية وللتهويش فقط فهي ما نمتلكه لنصد عدوانهم الفاشي الشرس، لماذا لم نسمعه ولا مرة واحدة يطالب الإحتلال بوقف صواريخه والتخلص منها؟ وصواريخهم ليست صواريخاً عبثية، بل صواريخ فتاكة. لماذا يصر هذا الرجل ومن معه على تجريدنا من عناصر قوتنا؟ لماذا لا يقايضهم مثلاً صواريخهم مقابل صواريخنا؟ لماذا الإصرار على أن نبقى ضغفاء؟!!!

فقال أحمد من جديد:

ـ لا تظل متوتراً، قلت لك “حط في الخرج”

فرد خليل بعلو صوته:

ـ يحرق أبو هالخرج، هو ظل فيه وسع تأحط فيه، لقد امتلأ من زمان….

فقال مفيد:

ـ صبراً وعلى رسلك، تركت لك الدسم للآخر لتتمتع بالرئيس وكلامه، يتابع الرئيس:

ـ  نتصالح بشرط أن تكون سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد ، طبعا والسلاح الوحيد المسموح به هو السلاح الشرعي…

فقال عماد:

ـ يعني بقينا كما نحن “ويادار ما دخلك شر ”

فقال أحمد:

ـ يعني ببساطة” مطرح ما خري شنقوه”، و”تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي”.

فقال خليل مكملاً تعليقاته:

ـ يعني يريد الرئيس تعميم الهزيمه بعد أن يجردنا من عناصر قوتنا، مصالحة على أساس برنامج انهزامي خاضع كليا للإحتلال وشروطه … أتعتقدون أن بمثل هذه القيادة يمكن أن تُحرر الأوطان؟!!!

وسكتنا، وظل هو يدخن صامتاً حتى قطع حبل الصمت أحمدقائلاً:

ـ لقد قتلت الجميع بدخان سجائرك، لماذا لا تترك هذه العادة السيئة وتقلع عن التدخين؟

فقال خليل:

ـ إنني بدأت التدخين منذ سن السابعة، كنت ألاحق المدخن في زواريب المخيم حتي يلقي بسيجارته أرضاً، آخذها وأسحب ما تبقى بها من أنفاس، ثم دلني رفاق السوء على الشاي أو الملوخية الناشغة وأخذت ألف منها السجائر، رغم أن أي انكشاف لأمري كان سيجعل من جسدي الصغير حقلاً لعصاة أبي، فحفنة الشاي التي كنت ألفها في اليوم الواحد كانت عبارة عن وجبة كاملة، ابريق شاي كامل نغمس فيه بضعة أرغفة لعائلتنا الكبيرة فنوفر وجبة كاملة، ورغم ذلك غامرت ودخنت واستمريت منذ ذلك الحين….  لكنني فعلاً نادم… نادم على أنني لم أدخن في تلك السنوات السبع الأولى…. أتريدني أن أترك التدخين وسط كل هذا العبث؟!!! ” خليها على الله يارجل وحط في الخرج”

محمد النجار

كفاكم كفراً… للبيت رب يحميه!

الجُبير يكاد لا ينام الليل، غاضب على ما تتقوله عنه صحف “الفرنجة”، بأنه رجل كل من يريد أن يشتري من المخابرات العالمية، وليس العربية، لأنه خجول لكونه عربي، وأنه ولد المقاهي غالية الثمن، وأنه إذ يؤكد أنه رجلا للمخابرات الأمريكية فقط، لأنها بألف مخابرات ومخابرات، والدليل أنه لولا أمرها المباشر لآل سعود، لما حلم يوما بأن يكون وزير خارجية طوال عمره، خاصة وأنه للأسف ليس من العائلة المالكة، وكما قال المتنبي ذات يوم “ومن قصد البحر استقل السواقيا”، لذلك فهو على علاقات محبة ومودة وتبادل معلومات فقط وليس شيئا آخر، مع بقية أصناف المخابرات، وإن تميزت مع “أبناء العم “من الموساد.

كما أنه يتردد على المقاهي غالية الثمن كونه يؤمن بالمثل القائل” قل لي على أي المقاهي والبارات تتردد، أقول لك مَنْ أنت”، وأن عدم زواجه ليس كونه يُحب العزوبية ولا لأنه يكره النساء، كما أن الأمر لا يتعلق بكونه أحلساً أملساً، حيث “بارك الله في الرجل الشعور والمرأة الحلساء الملساء”، كما يحاول تصويره المغرضون وكأنه لا يحمل إلّا الصفات الأنثوية، و ليس به من الرجولة شيئاً إلا الشبهة. وأنه إذ يأخذ هذا النقد منهم بقلب منفتح وبصدر واسع، فهو لن يرد عليه ، كونه يعلم أن “قوم الفرنجة” هؤلاء لا يقصدون به سوءا، وربما وبمشيئة الله أن تثبت لهم الأيام ما كان خافياً…

لكن ما يُغضبه ولا يترك له مجالاً للنوم ليس هذا كله، بل هو “إيران”، نعم ايران وتدخلها في الدول العربية وشؤونها، واستفزازها المستمر في الفترة الأخيرة لمملكة أسياده آل سعود، وآخر هذه الإستفزازات في موضوعة حجاج “منى”، وهو لا يقبل هذا التهديد والإستفزاز أبداً، لأن أمرهم واضحاً، فالموت بالأساس مكتوب على الناس أجمعين، وما حصل ببساطة أن الله أخذ أمانته، أراد سبحانه ونفذ، فلماذا الإعتراض على أحكام الله؟!!! كما أن ما حصل يقع في باب القضاء والقدر، فكيف لا يُسلّمون بذلك ويدّعون أنهم مسلمون؟!!! والأخطر من هذا وذاك أنهم يطالبون بجثث مواطنيهم، بدلاً من أن يتركوا المملكة تقوم بدفنهم في مقبرة جماعية كما فعلت في كل مرة وقعت بها حوادث حتى الآن؟ ولماذا هذا الطلب التعجيزي؟خاصة وأن أسياده قاموا بجرف الجثث بالجرافات وتكويمها في أماكن مخصصة تمهيدا لدفنها، فليتركونهم إذن ليدفنوا في أطهر أرض كما فعلت بقية الدول، فمصر والسودان والمغرب والباكستان واندونيسيا وغيرها الكثير غضت الطرف وسكتت، وهم يعملون من الحبة “قبة”، فالموضوع لا يتعدى بضع مئات من القتلى، كما أن أسياد المملكة لن تنساهم من خيرها!!! وستنثر على عائلاتهم بعض المال فيرضونهم وينتهي الأمر، و”يادار ما دخلك شر”… أما الأخطر والأكثر استفزازاً أنهم يُحملّون المملكة وقادتها فداهم الله المسؤولية!! ويريدون تشكيل لجنة تحقيق يشاركون بها،  ويطالبون بأفلام “الفيديو” المصورة في الموقع ، فهذا والله استفزاز ما بعده استفزاز، الأمر الذي يتطلب أن تقوم المملكه حماها الله بغزوة ايران الشيعية الرافضة غزوة لا ينسوها أبداً، ولا تقوم لها بعدها قائمة، لكن قلوب آل سعود طيبة وصدورهم واسعة ويمتازون بالرأفة على البلاد والعباد، وبالعفو عند المقدرة، لذلك فالتسامح من شيمها والحكمة من صفاتها والحلم من أخلاقها والمحافظة على الجيرة والجيران من “سلو” قادتها، الأمر الذي جعلهم يغضون الطرف عما تقوله وتهدد به إيران، ولا تنزل الى ما نزلوا اليه، وتبقى مترفعة ثقيلة في مكانها، ف”الكيلو في مكانه قنطار”، و”الوعاء الواسع يتسع للوعاء الضيق” .

ولعل أكثر الدول العربية التي تتدخل بها إيران هي فلسطين، فسلحت شعبها وحرضته وورطته في حرب معروفة النتائج سلفاً، في محاولة يائسة لضرب دولة اليهود، الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، الصغيرة والمسامحة والمتسامحة والساعية دوماً للسلام، وذلك لتخريب علاقات المملكة بها، وكي تخسر مملكة الخير نتائج ما تبرعت به لبناء وتطوير بناء المستوطنات في القدس والضفة، والتي وصلت الى أكثر من 2,5 مليار دولار، أو كشف الأمر للرعاع من العامة، ليشوهوا وجه مملكة الخير الناصع ويجعلوه مظلماً، ويجعلوها على لسان الناس بالقال والقيل، الأمر الذي لا يُرضي الله ولا رسوله ولا أُلي الأمر. وأن إدعاءاتهم وأمثالهم من عملائهم الذين يسيرون على خطاهم من ميليشيات حزب الله الرافضي اللبناني، والمنظمات المدعية انها سنية في فلسطين وهي على وفاق مع الميليشيات الملحدة هناك، وتدّعي أنها تدافع عن “بيت المقدس”، فإن السيد الجُبير يُفنّد أقوالهم وينقضها وبصوت عال، صارخاً بأعلى صوته، “أنه ليس مطلوب منكم الدفاع عن بيت المقدس، كما ليس مطلوب من أحدٍ أيضاً القيام  بذلك، لأن “للبيت رب يحميه”، نعم أيها الكفرة الزنادقة المرتدون، “للبيت رب يحميه”، وأن أي تدخل أو محاولة لتحريره أو الذود عنه، ما هو إلّا كفر وإلحاد وخروج عن الشرع والدين، وإعتداء على صلاحيات الله، فكفوا عن محاولاتكم الخبيثة، واتركوا بيت المقدس على حاله ولحاله الى يومٍ يحدده رب العباد إذا أراد ذلك.

كما أنهم يتدخلون في سوريا ويسلحون نظامها العلوي الكافر ، المغلف بغلاف مدني، يزودونه بالأسلحة ليقتل ويدمر “ملائكة الرحمة” من داعش والنصرة وأخواتهما من أجناد الشام وكتائب الفاروق وتجمع الفتح. والأمر نفسه يكررونه في العراق، فيدعمون ميليشيات الحشد الشعبي المعادي للأمريكان، وأعاد الوزير مستغرباً، نعم كما سمعتم، المعادون للأمريكان، ونحن في المملكة والحمدلله ” والله” بكسر الهاء ، لو “لطونا” الأمريكان ب”الوطا”، أو الحذاء كما يقول المثقفون على رؤوسنا و”خشومنا” فوالله لما رفعنا رؤوسنا أمامهم أو عيناً في عيونهم ولا حتى حاجباً يثير عندهم شبهة التذمر، ورغم ذلك لما أوفيناهم حقهم، وأكد أن المملكة مهما فعلت من أجلهم فهو من باب رد الجميل ولن ترده.

لف العباءة حول جسده، ففي ليل الصحراء يتسلل البرد من تحت هذ “الشراشف” كما يحب أن يسميها الوزير غير الأمير، وكاد أن يطلق ضحكة احتجاج مجلجلة في المكان، وقال بكل ما أوتي من غضب، يريدون تعليمنا الديمقراطية!!! يريدون تعليم الشعوب أشياء تخالف الشرع والدين والأعراف والأخلاق، عندما يقولون أن الشعب السوري وحده الذي يحق له انتخاب رئيسه وقيادته، وهو الوحيد الذي يقرر مصيره بنفسه!!!ما هذا الهراء؟ ما هذا الكفر والإلحاد؟ إذا كنتم تعتقدون أن الرعاع وحدهم من يحق لهم تقرير مصيرهم بأيديهم وأنفسهم، فماذا تركتم لألي الأمر أيها الزنادقة؟!!! وأين ذهبتم بمسؤولية الملوك والأمراء أطال الله في عمرهم أيها المرتدون؟!!! وماذا فعلتم بالشرع والدين أيها الملحدون؟  ألم تعلموا أن الديمقراطية بدعة كما أكد مفتي المملكة رعاه الله؟ نعم” بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار”؟وإذا سكتنا عن ذلك الكفر والإلحاد في سوريا والعراق واليمن، فماذا سنفعل وكيف سنُسكت الرعاع في بلاد المملكة الممتدة؟ أو كما يسمونها في بلاد نجد والحجاز؟ وماذا سيحصل في موارد البلاد وخيراتها إذا “أمّمها” الملاحدة باسم الرعاع؟!!!، وكيف سيظل الأمراء أمراء والملوك ملوكاً بدون هذه الثروة؟ ومن أين سينفقون ويبذخون ويبذرون ويبنون القصور،  ويشترون السلاح الذي يدافعون به عن الأمة في وجه الفرس والمجوس؟ وكيف سيدعمون ويسلحون “ملائكة الرحمة” الذين يحاربون أعداء الله في سوريا والعراق واليمن ومُدّّعي الإسلام في فلسطين، كفاكم كفراً وضلالاً وعودوا عن غِيِّكم وجحودكم وضلالكم، ليغفر لكم آل سعود هذا الذنب العظيم، وتصبحوا على دخول الجنة بإذنهم وبإذن الله قادرين…

ولم يدر لماذا فكر الوزير أنه لو لم يكن وزيراً للخارجية لطالب بوساطة الأمريكان عند الملك وولده طال عمرهما، ليكون مفتي المملكة!!!.

مد الوزير يده متحسساً رأسه الأقرع، وكاد ينسى كل شيء عندما تذكر صفعات ولي ولي العهد المتتالية على رقبته مازحاً، وكاد يقول بصوت عال “ضرب الحبيب كأكل الزبيب” ، وأنزل كفه الى فمه وقبلّها متمتعاً برائحةٍ منبقيةٍ من “أثر” كف الأمير.

محمد النجار

رسلة مفتوحة لرئيس السلطة الفلسطينية

كثيراً ما تساءلت عن السر الكامن وراء هذا الخنوع القيادي الفلسطيني، أمام حثالات الأرض الصهاينة، الذين لا يفهمون سوى لغة القوة، حتى إذا ارتخت قدمك من فوق رقابهم يتمردون من جديد، كما يُلاحظ من التجارب المختلفة من عمر الثورة الفلسطينية المسلحة وتجارب المقاومة الوطنية اللبنانية المُتوجة بقيادة حزب الله.

أقول أنني أظل مشدوهاً وأكاد لا أصدق ما أسمع، خاصة من جانب رئيس السلطة ورئيس حركة فتح في الوقت نفسه، وحاشية “المطبلين والمزمرين” الملتفة حواليه، والتي لا عمل لها سوى ترديد النباح دون توقف أو إنقطاع، عن رفض العمل المسلح والإنتفاضي الشعبي وحتى الدفاع عن النفس ولو حتى بالحجارة، رغم شلاال الدم اليومي المتدفق، وهم في أغلبهم لا أحد يعرف من هم أو من أين أتوا ولا كيف وصلوا ليصبحوا في هذا المستوى القيادي وصناعة القرار!!!.

كما أنه من أبجديات العمل الثوري أن المُتعَب أو الذي تصدأ أفكاره أو قدرته على الفعل الثوري، يقف جانباً ويترك القوى الثورية والشابة لتكمل المشوار، لكن هؤلاء لا يريدون النضال ولا يريدون لأحد غيرهم أن يناضل، يعني ” لا برحمك ولا بترك رحمة الله تنزل عليك”، وهم حتى لا يقفوا صامتين بل يعرقلون العمل الوطني بكل ما أوتوا من قوة، والأكثر خطورة أنهم يقدمون المعلومات للعدو الصهيوني لإعتقال المناضلين أو تصفيتهم من قبل هذاالعدو، إذا لم يستطيعوا إعتقالهم هم أنفسهم، وإذا صحت المعلومات عن تسليمهم مناضلي عملية نابلس الأخيرة، فيمكن إدراك إلى أي مستوى من الإنحدار وصل الإنحطاط بهم، الأمر الذي يتطلب التعامل معهم كعملاء في أعلى مراحل العمالة والإنحطاط، وتقديمهم لمحاكم ثورية معنية بهذا الأمر. فخديعة أنهم ينفذون اتفاقات أمنية هي خديعة واهية، فلا شيء في الكون يسمح أو يقبل بأن يُقتل أبناء الشعب من أبناء جلدتهم أو أن يعتقلوا لمصلحة المحتل مهما كانت الأسباب والمبررات.

نعم إنني كثيراً ما تساءلت عما يدفع هؤلاء لمثل هذا الفعل المشين، رغم أن قسماً منهم كانوا ذات يوم مناضلين، ولم أجد إلاّ المصالح الذاتية، المعاش وفضلات الأموال المنهوبة من فم الشعب وقوته ودمائه، لكن هذا الأمر يدفع لتساؤل مشروع آخر: أيعقل أن تكون قيادة فلسطينية بهذا الرخص والبؤس والنتانة؟ أيعقل أن تكون بهذا الإنحطاط؟ بهذه السفالة؟ ويبدو أن الأجوبة بالإيجاب كما هو واضح.

وهنا علينا قول الأشياء بأسمائها، وأهمها أن الرئيس عباس عليه إيقاف هذا العبث بشكل فوري وقاطع إذا كان يتمايز عن هؤلاء المرتزقة، عليه اتخاذ الإجراءات لحل السلطة، وعليه الإلتزام بقرار المجلس المركزي ووقف التنسيق الأمني وليس مجرد التهديد بذلك، واعتبار من لا يلتزم بذلك خارج عن الصف الوطني، وعليه وقف الحديث بآرائه الخاصة، لأنه رئيس للسلطة ولحركة فتح، وإبقاء تلك الآراء لنفسه، أو أن يستقيل ومن ثم يقول ما يريد ولمن يريد، وخاصة بما يخص رأيه بحق العودة ورفضه الإنتفاضة والعمل المسلح ، وعلى رأسها مسألة “الصواريخ العبثية”، كما أسميتها ذات يوم وما زلت يا سيادة الرئيس، هذا إذا لم يرد الرئيس أن يتعلم على الأقل من تجارب شعبه و إذا لم يرد أن يتعلم من تجارب الشعوب أيضاً، فليس من صالحه أن نتساءل ماذا كان يمكن أن يحصل مع الشعب الفييتنامي لو كان لا قدر الله رئيسنا عباس بدلاً عن الرئيس هو شي منه، أو لو كان  مكان المناضل دانييل أورتيغا في نيكاراغوا، أو لو كان مكان فيدل كاسترو في كوبا أو ماو في الصين، أو لو كان مكان المناضل حسن نصر الله، فربما كنا نشهد الإستيطان قد وصل إلى وسط بيروت!!! وماذا لو كان ياسر عبد ربه مكان الجنرال جياب أو لو كان رؤساء الحكومة الفلسطينين أمثال الحمدالله أو الإقتصادي فياض بدل إقتصاديوا الإقتصاد الصيني مثلاً، ماذا كان يمكن أن يحصل مع تلك الشعوب؟ ولماذا تُستثنى فعاليات شعبنا وطاقاته ليظل على رأسه “المخصيون” وفي كل المجالات؟!!! فالمرحوم سلفه الرئيس عرفات رغم أخطائه وخطاياه التي توّجها بخطيئة توقيعه على إتفاق “أوسلو”، إلّا أنه رفض  التوقيع على بيع الوطن في كامب ديفيد الفلسطيني، واستخدم السلاح في انتفاضة الأقصى، فنال شرف الشهادة بعد حصاره وتسميمه، لذلك ظل رمزاً رغم كل الأخطاء والخطايا والتي ليس المجال للحديث عنها في هذا المقال وفي هذه العجالة.

أما أنت يا سيادة الرئيس فلا علائم أو دلالات على أنك قد تعلمت من دروس التاريخ ولا الشعوب ولا شعبك ذاته، وكأنك وصلت إلى ناصية العلم والمعرفة التي لم ولن يصل إليها أحد، ومن باب رفع العتب ـ ربماـ عن أنفسنا نذكرك بأن تدرس تجربة أوسلو التي أتيت بها أنت نفسك وأقنعت سلفك بها وبتوقيعها ، وأنظر بنفسك ما الذي فعلته هذه الإتفاقية المشؤومة بالوطن والمواطن، أنظر كم كان عدد المستوطنين وكم من المرات تضاعف بفضل هذه الإتفاقية،”أقل من 100 ألف عام 1993 والآن أكثر من 700 ألف مستوطن”، كم عدد الشهداء على مدار الإنتفاضتين وكم مرة تضاعف في زمن ” السلم الأوسلوي” الذي أحضرته لنا، وكذلك الأمر للجرحى والأسرى وعدد الحواجز المزروعة في الضفة الفلسطينية، وانظر إلى حال المواطن وغلاء المعيشة و كيف تفشت حالات الفساد والإفساد والوساطة، وانظر كيف بعتنا في أسواق النخاسة عند أنذال القوم من الأعراب و”المستعربين”، كيف بعتنا إلى “حارة” الشيخة موزة وأبنائها ببضعة ملايين، فدمروا سوريا وطردوها من الجامعة العربيه وشردوا شعبها ودمروا أرضها في محاولة تقسيمها ، وكل هذا لضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيق يهودية الدولة العبرية!!! ثم بعت موقفنا لدولة آل سعود لتدمر اليمن، هذا الشعب الذي لم تمر عليه أي ذكرى لفلسطين دون أن يحتفل بها، والذي كان الأسبق دائماً لدعم قضيتنا التي لم تستطع الحفاظ عليها، هذا الشعب وهذه القضية التي “تُقلق” قادة الكيان الصهيوني!!! أليس في الأمر ريبة هذا إذا أحسنا النوايا؟!!! وكيف سلمت رقاب مليوني فسطيني في غزة للنظام المصري ليتحكم بها  عبر إغلاقه المعبر الوحيد، لخنق الشعب وتجويعه من خلال حصاره الظالم، وها هو الآن يغرق غزة بمياه البحر ليلوث ما تبقى منها من مياه شبه صالحة للشرب، ويقتل ما تبقى من إمكانية لزراعة أرضها بإستشارتك وموافقتك وتحت عينيك، لا لشيء إلّا لخلافك مع حماس!!!

وكي لا نبتعد كثيراً، ألا تعتقد أن التهديد الدائم بتقديم قادة الإحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية دون أن تُحرك ساكناً رغم جرائمهم الدائمة والتي فاقت جرائم النازيين، أصبح مثير للريبة والتساؤل إن لم نقل للسخرية أيضاً؟!!! ألا تعتقد أن لإصرارك على عدم إصلاح م ت ف بمجلسها الوطني والمركزي وقيادتاها ،ولإصرارك على نشر ثقافة الإستسلام و”إحتكارها” ” فيبدو أن خالد مشعل وأبو مرزوق قد تنازلا عنها بعد انكشاف أمرهما من حليفتيهما قطر وتركيا، وأبقوك وحيداً لتحتكر الإستسلام”، وتعميمها على حساب ثقافة الثورة والفعل المسلح والإنتفاضي، كل ذلك يؤثر على الوطن والمواطن ويجعل القضية في آخر جداول العالم إن لم يلغها أصلا عن ذلك الجدول؟  كفى عبثاً يا سيادة الرئيس بالوطن والمواطن. كفى إستهتاراً بعقول الناس وحيواتها، كفى لا مبالاة بالدم الفلسطيني، فجداول الدماء هذه وأنهارها ليست ماء.

فعظام القادة يا سيادة الرئيس هم الذين عرفوا أن يتخذوا القرارات الصحيحة في اللحظات الصحيحة، فقم واتخذ القرار الصحيح، فاللحظة ما تزال مناسبة بعد، رغم كل هذا التأخير غير المبرر، لأن البديل أن تتجاوزك اللحظة وأن لا تحصل إلّا على لعنات شعبك الذي لن ينال إلّا مزيدا من الذبح من الإحتلال بفضل سياساتك، فهل تفعل؟!!!

وكي أصدقك القول اقول لك كلمات الشاعر الكبير مظفر النواب” والله أنا في شكٍ من بغداد إلى جدة”.

محمد النجار

حمّلوه عنزة ظرط….

كنت جالساً أتابع التلفاز بمرارة، حين ظهر ذلك الشخص بشكل مفاجىء ليزيد حنقي، وإنني إذ أعترف لك أن مجرد رؤيته تستفزني، وأكاد أبصق عليه من على صفحة التلفاز، كلما نطق حرفاً، إلّا أنني لم أستطع أن أكبح جماح فضولي من الإستماع إليه، فبصقت عليه في سري وأخذت أستمع لما سيقوله عن سؤال وُجه إليه يقول: لماذا لم تستقبل دول الخليج المهاجرين السوريين، بدلاً من هذا العذاب المُميت والمُكلف والمُذل سياسياً ومادياً للوصول إلى الدول الأوروبية؟ فعدّل من وضع حطة رأسه ناصعة البياض والتي تشبه رايات الإستسلام التي يستخدمها الجبناء في الحروب لينقذوا جلودهم، وقال، لا بل “بال”، لا… لا ، لم أخطىء، نعم لقد “بال” من فمه، وأنت تدرك كيف يبول المرء من فمه، فالأمر مختلف عن الذي يسكت” دهراً وينطق كفراً”، فمثل هذا المرء مرده إلى الله ليسامحه أو لا يسامحه على كفره في يوم الدين، وكذلك الأمر مختلف عن الذي يتحدث متناسياً المأثور الشعبي القائل:”إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، وأنت تدرك الفرق بين أن يكون الكلام الذي يخرج من فم الشخص فضة أم بولاً كالذي يخرج من فم “صاحبنا”… لذلك أنا أُصرّ على أنه “بال” من فمه رافعاً “رجله” تماماً كما يبول الكلب على قارعة الطريق. وما عليك إلّا أن تحكم بعد أن تستمع لما قال.

قال:

ـ  لا… لا، الخليج مختلف، له عاداته وتقاليدة، لا… لا يستطيع، فهؤلاء المهاجرون لديهم مشاكل نفسية خطيرة. عدّل من وضع حطة رأسه من جديد وتابع بوله:

ـ لا، الخليج مُكْلِف والحياة به غالية وهم لا يستطيعون… لا….

أول ما خطر في رأسي سؤالاً إستنكارياً يقول لهذا التافه: من الذي تسبب في هجرة هؤلاء؟ أليس أكلة قلوب البشر؟ أليسوا “محتكروا” الحقيقة القابضين على”مفاتيح الجنة” كما يدّعون؟ أليست حاميتكم أمريكا؟ وبأموال مَنْ؟ أليست بأموال آل سعود التي لم تطلق يوماً طلقة على أعداء الأمة العربية، بل لم تستخدم أسلحتها وأموالها إلّا لتدمير حركات التحرر العربية والمناضلين العرب وتدمير الأوطان، بل ووظفتها لخدمة ما تطلبه الإمبريالية من أفغانستان إلى دعم الأحزاب اليمينية في بعض الدول الأوروبية كي لا تصل أحزابها الشيوعية للسلطة خلافاً لإرادة شعوب تلك الدول التي إنتخبتهم كما تم في فرنسا وإيطاليا، وكما موّلت حملة الكونتراس في نيكاراغوا كي لا يصل الساندينيون إلى السلطة، تماماً كما موّلت القاعدة وداعش في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومصر” والحبل على الجرّار”… ولا أستغرب أن تكون حكومة آل سعود وحلفائها هي الداعم المالي للعثماني الجديد أردوغان ليتخلص من اللاجئين الذي بنى معسكراتهم قبل أن يبدأوا حربهم الكونية على سوريا، فمن جهة يضغط على الأوروبيين الذين لم يؤيدوا المنطقة العازلة، قائلاً لهم “لا تُريدون منطقة عازلة؟ إذن تلقوا المزيد من المهاجرين”، فمن غير المعقول أن يفر هؤلاء بعشرات الآلاف في نفس اللحظة مارين في دول عدة دون دعم دولي، تماماً كما أنه لا يمكن لتنظيم مهما على شأنه وكبره وتمدده، أن يمتلك دبابات وآليات وأسلحة وأموال ومتفجرات بآلاف الأطنان وجيش بعشرات الآلاف ويحارب في أكثر من مكان، دون أن تكون خلفه دولاً، كما حال داعش والقاعدة، والغريب أنهما رغم إمتلاكهما كل ما سبق وخروجهما أحياناً عن إرادة خالقيهما، إلّا أنهما لم يُخطئا ولو مرة واحدة ولم يخرجا عن الخط الأحمر الأول المرسوم لهما بأن يُطلقا طلقة واحدة باتجاه الكيان الصهيوني، ولو حتى عن طريق الخطأ !!!، ومن جهة ثانية لتفريغ سوريا كما العراق من كنزهما البشري وخاصة أن المهاجرين هم من الشباب في أغلبيتهم الساحقة والكثيرون منهم حملة شهادات وأكاديميون، وأمور أخرى كثيرة لا تتعلق بموضوع حديثنا. لكن أكثر ما استفزني في الأمر أن هذا المتخلف، ماذا؟ نعم المتخلف رغم شهاداته التي يحملها، وهل بالضرورة أن لا يكون كل من حمل شهادة متخلفاً؟ بماذا تفسر لي أن “حارة الشيخة موزة” تحتضن أكبر تجمع للمثقفين الذين لا هم لهم سوى الترويج والتنظير والتبرير لكل ما يضرب حركة التحرر الوطني العربية؟!!! هذه الحارة التي تحكم بالمؤبد على مجرد شخص ينادي بالإنتخابات، تعتقد أن لدى ديمقراطيتها متسعاً للمثقفين لو كانوا مثقفين حقيقيين ولديهم الحد الأدنى من الوطنية أو الثورية لو لم يكونوا تابعين لقوة المال؟… أقول أن هذا التافه لا يعلم ان هؤلاء لو كان لديهم مشاكل عصبية ونفسية كما يدّعي، فهو ومن يموله السبب في ذلك، كما أن هؤلاء ربما يكونون أقل منه ومَنْ هم على شاكلته مرضاً نفسياً، وأن جدود هؤلاء مع جدود الفلسطينيين واللبنانيين هم مَنْ نقلوا الأبجدية إلى تلك الصحاري قبل أن يصلها النفط، واستشهد منهم الكثير من الأفاعي والعقارب، وأن الذباب والبعوض الذي رأوه وحاربوه لم يروا بمثله ولا بحجمه في أصقاع الأرض، نقلوا لهم الأدوية وبنوا لهم المدارس بأيديهم كما المصحات والبيوت بدل الخيام، واستخرجوا لهم المياه وأحضروا لهم الحبوب وعلموهم الزراعة، نعم، هم من علموه وعلموا أجداده الحياة، وها هم الآن لا يحصلون على تأشيرة دخول لهذه البلدان التي لولاهم لماتوا من الظمأ، لا بل كانت مكافأتهم بتدمير أوطانهم وأحلامهم. إنهم نسوا “أن من علمني حرفاً كنت له عبداً”، وفضلوا أن يكونوا عبيدا لراعي البقر الأمريكي وللبريطاني والفرنسي، ويؤمنون بالقول المأثور”… الغريب حلو”.

نسي هؤلاء شيئاً اسمه الكرم، أو إغاثة الملهوف… “الخليج مُكلف”… في الزمن العادي كنتم تتآمرون على الناس وترحلوهم بعد أن تُشاركونهم أموالهم وتسرقونهم لاحقاً باسم ” الكفيل”، أنسيتم؟ الدول تبني حضارات بالمال، وأنتم تُدمرون أوطاناً وتقتلون البشر وتدمرون الحجر وتنشرون الدعارة والبطالة والجهل، نسوا هؤلاء الجهلة أن سوريا هذه، سواء أحببت النظام أم كرهته، هي من استقبلت الشعب الفلسطيني بالأحضان والتضامن  عند مأساته ولا زالت، ولم تُفرّق بينه وبين أبنائها، والسوريون كانوا جنباً إلى جنب يقاتلون الإستعمار في كامل سوريا الكبرى، ومن هو عز الدين القسام سوى مناضلاً سورياً جاء ليستشهد في فلسطين، وأن هؤلاء السوريون هم من احتضن ما يقارب من مليوني عراقي عندما أطلق آل سعود جنونهم تدميراً وتفجيراً في العراق مع الأمريكي، وهم من احتضن نصف مليون لبناني في الحرب على لبنان، وأن هؤلاء السوريون العظام لم يفتحوا لهم معسكرات ولم يطلبوا نقوداً ممن كان السبب في مآسيهم أمثال آل سعود، ولم يتاجروا بقضيتهم لأمم متحدة أو شؤون اللاجئين، تقاسموا معهم لقمة الخبز، وواسوهم وعضّوا على جراحهم مبتسمين، وأن سوريا هذه رغم كل الإنحطاط العربي لم تتنازل عن مجرد بضعة أمتار في “جولانها” المحتل… أم ربما لأنها كذلك يُديرون عليها كل هذه الحرب الكونية؟!!!

نعم هو هذا ذات الشخص الذي كان منذ بضعة أسابيع يدافع عن تدمير اليمن، يدافع عن مجازر آل سعود فيها، ويُهدد ويتوعد شعب عظيم كالشعب اليمني لا لشيء إلّا لأنه شعب فقير بسبب آل سعود أنفسهم الذين يمنعوه من إستثمار خيراته، فهو يعوم على بحر غاز ونفط يفوق ما لدى آل سعود، يتهجم على شعب مقدام جسور كريم، تخيّل!ويتحدث عن أنه وآل سعود سينغصون على إيران والإيرانيون حياتهم من خلال دفع الأموال لإثارة الفتن بين قومياتها ومذاهبها، تخيّل إلى أين وصلت بهم الصفاقة والوقاحة والغطرسة، وهم لم يكونوا قادرين على الصمود لحظة في وجه بلد مثل العراق، ولن يستطيعوا مع سوريا، وسيتمرغ أنفهم في تراب اليمن، والآن يتطاولون على إيران!!! صحيح كما قال المأثور الشعبي” حملوه عنزة ظرط قال هاتوا الثانية”…

ـ مالك تنظر إلي مثل الأبله؟ تحرك رأسك كأعضاء برلمان عربي متخلف جاهل…

ـ فشرت… لا تقل جاهلاً، صحيح أنني لا أمتلك شهادات كشهادة صاحبك، ولا كأولئك في حارة الشيخة موزة، لكني لست مثله ولا مثلهم، وكل ما قلته أنت أعرفه رغم أنني لا أعرف أن أقوله و”أُصفط” كلماته مثلك، واستفزني صاحبك هذا أكثر مما استفزك، بدليل أنني بصقت على وجهه القبيح على شاشة التلفاز بشكل جدي وليس مثلك في سري، شيء آخر سأقوله لك ، لا تُشبّهني بأعضاء البرلمانات العرب إذا أرت أن تراني مرة أخرى في بيتك….

محمد النجار