ألا تسكن في بتاح تكفا؟

إلتقينا بعد ما يقل قليلاً عن العشرين عاماً، جيل كامل فصل آخر لقاء لنا، أو “عُمْر” كما قال هو، أتتخيل أن تلتقي وشخصاً تعرفه بعد عشرين عاماً؟ أو مع شخصٍ تحبه، بل ربما تحسده، بعد هذا العمر؟ أعرف أن الأمر ليس بمعجزة، لكن أن تكون في نفس المدينة ولا تراه؟ أعتقد أن لا علاقة للأمر بالصدفة فقط، بل بقرار قد إتخذه أحدنا أو كلانا.

إحتضنني وشدني نحوه، كأنه كان يفتقدني طوال هذه الفترة، ولم تسنح له ظروفه بلقائي، وجاملته بالطبع، ولما أخذت حريتي من بين يديه بعدما أطلق سراحي، رأيت كيف مر العمر بهذه السرعة، رأيت كِبَري في وجهه، من خلال التجاعيد التي حفرها الدهر كطريق غير معبد تناثرت حجارته، من خلال الشيب المتسلل إلى ليالي رأسه، فكوني قد اعتدت على رؤية نفسي ولم ألحظ هذه التغيرات، لا يعني البتة أنها غير موجودة، وربما تفاجأ هو أيضاً لما رآها مرسومة بوضوح، على صفحة وجهي، بعد كل هذه السنين.

إلتقينا آنذاك في زنازين المسكوبية في القدس، أدخلوه على زنزانتنا بعد أيام من وجودنا هناك، كان التحقيق قد إنتهى معنا، وكان هو قادم من جولةالتحقيق الأخيرة له، فهذه الزنزانة والزنزانة المقابلة لمن إنتهى التحقيق معه عادة، قبل أن ينزلونا إلى الغرفة، أو يشحنوننا كل إلى سجن…

تعارفنا حينها، كنا طبيبين وثالثنا مهدس في الزنزانة المقابلة، وأدخلوه عندنا نحن وليس في تلك الزنزانة حيث البرش الفارغ، وكان التحقيق قدانتهى معنا منذ أيام، حيث قدمنا إعترافنا وننتظر لائحة إتهامنا، وكان هو عاملاً يعمل في إحدى المستوطنات، يتحدث قليلاً وبروية، يكاد يُشعرنا أنه يلتقط كلماته عندما علم أننا في هذا المستوى العلمي، وكانت مفاجأته التي حاول إخفاءها عندما عرف أننا معترفين، وتفاجأنا نحن أكثر لما علمنا أننا كلنا مجتمعون، لا نساوي رجولته، أو لو أننا جمعنا رجولتنا مجتمعة لرجحت رجولته عليها، وصرنا نبرر لأنفسنا، في دواخلنا، “أن لكل جواد كبوة”، وأن كبوتنا هذه ليست بتلك الكبوة الكبيرة، لأننا لم نعترف إلا على أنفسنا.

بقي معنا أياماً متتالية، نقلوا زميليّ وبقينا نحن الإثنان معاً، وفي الزنازين تتحدث بكل شيء إلّا الممنوعات، والممنوعات هي الشئون الوطنية، فلا كلام في الخصوصيات الحزبية والتنظيمية، فأنت أولاً وأخيراً تجهل كل شيء عن زميلك في الزنزانة، فربما يكون اي شيء، مناضلاً أو نصف مناضل أو عميلاً، وربما إنساناً عادياً رمته الصدفة أو القليل من شجاعة مؤقتة أو ردة فعل، فلم نتحدث بشئء ذا معنى طوالا أيام…

علمت أنها لم تكن تجربته الأولى في الزنازين، بل إنه من روّادها، وكان كما هو الآن، لم يُسجل إعترافاً ولو مرة واحدة، قال لي، ربما، من باب الحيطة والحذر، ” أنا لست بطلاً، أنا ليس عندي ما أعترف به”، وسكت، ولما أخبرته أنني إعترفت على نفسي من شدة التعذيب، أهال في عينيّ جمرات من عتب غاضب صامت، وكدت أسمع صرخته دون كلام “أنصف خيانة تعني؟ أم أن خيانة الذات أقل تكلفة؟” وسألني:

ـ  كم كان قد مضى عليك في التحقيق؟

قلت:

ـ خمس وأربعون يوماً

قال:

ـ لو عضضت لسانك بضعة أيام أخرى لكنت اليوم في بيتك…

قلت:

ـ لم أتحمل التعذيب أكثر، صار التعذيب أقسى من أيامه الأول…

قال:

ـ إنها كالولادة، كلما زاد الطلق كلما إقتربت نهاية الألم

كدت أضحك في سري على كلماته، وأخبره بأنني”أنا الطبيب وليس أنت”، فأوقفني خجلي، ولما ترك نظراته تسرح في ثنايا رأسي، قال مستدركاً:

ـ هناك أشياء تعرفها من الحياة، وهي ليست بحاجة لتوصيف طبيب.

لطالما كنت أمقت “المتفلسفين” أو “المُفتين” دون علم، لكن هذا الرجل كان يقول الأشياء دون تكلف، تسيل الكلمات من فمه كأنها جدول صغير يتمشى بين أشجار الحقول، متناغماً بخريره مع نسمات الغسق، ليعزفان سوية نغمات ناعمات على ضفاف المساء.

ثم أكمل شعراً كلمات للشاعر مظفر النواب مترنماً:

ـ أنا يقتلني نصف الدفء

ونصف الموقف أكثر

لم أعلق، لكنني بقيت أفكر في كلماته، فأنا ،قبل ذلك، لم أفكر بهذ الطريقة أبداً، وربما لو فكرت كذلك لإنعكست النتيجة وانقلبت رأساً على عقب، وبصراحةأكبر، فإن ما فاجأني أن هذه الكلمات بدت وكأنها تخرج عن مثقف، وصرت أتساءل مع نفسي “أيكون هذا الرجل منهم؟ وأنا الطبيب لست سوى رجلاً متعلماً، يعرف صنعته، مثل نجار أو حداد يعرفان دواخل صنعتيهما!!!”وتأكد صحة ما ذهبت إليه مع توالي الأيام التي عشناها سوياً في تلك الزنزانة،  وفي زنازين مدينة رام الله لاحقاً، قبل أن يسلموني بيدي ورقة بالعبرية تتضمن لائحة إتهامي، وينقلونني من الزنازين إلى غرف السجن.

بقينا ما يزيد قليلاً على إسبوعين كاملين، وفي الزنازين للوقت ثمن، فالوقت مارد يتربص، فتكون في حالة من التوتر الدائم، الخوف من إعتراف جديد، من العودة للشبح والقيد والتحقيق، ومن داخل توترك يقودك حدسك، وعليه، بدل العينين، أن يرشدك، يوجّهك، يوازن لك ما بين العقل وبين القلب، ومن داخل هذا التوتر ذاته تتعمق صداقات لا تكاد تتخيلها، وتبدو مستحيلة في الخارج، وبالعادة صداقات ثابتة تتعمق مع كل لحظة تمر، وتصير ، مع توالي الأيام، مغروسةفي القلوب، تتمدد جذوراً تسير مع الشرايين، وجسوراً متتابعة متواصلة بين البشر، أو هكذا تبدّا لي في تلك الأيام.

صاروا يأخذوننا من الزنزانة لتناول وجبات الطعام في غرفة تابعة لمطبخ السجن، وصرنا نلتقي ببقية السجناء الأمنيين القادمين من غرفة الإنتظار، المتراكمين فيها لتوزيعهم على السجون المختلفة، وصرت أرى إحترام الناس له، معرفتهم به، وعلمت أنه وصل لهذه الزنازين بعد جولة واسعة في زنازين مختلفة في أكثر من مدينة، ولما جاءنا كان قد مر عليه مثلما مر علي من مدة زمنية، وكان يتوقع أن لا ينتهي التحقيق بهذه البساطة، لكنهم وعلى غير توقع، أوقفوا التحقيق معه وبعد أيام على ذلك نقلوه من زنازين سجن نابلس المركزي إلى زنازين المسكوبية.

كان يظل يقول أن جولة التحقيق هذه معه كانت شرسةلكنها سريعة، فهو في معظم جولاته السابقة كانت لا تقل مدة الواحدة منها عن ثلاثة شهور سوى أيام عدة، لكنها المرة الأولى التي إختُزلت ودفعة واحدة إلى النصف، وكان هذا الموضوع يشغل تفكيره أحياناً، لكن بشكل لا يخلو من إستغراب، وكنت أصحو من النوم أحياناً لأجده يكتم ضحكات متفجرة يحاول أن يطفئها جاهداً دون نجاح، قبل أن تنتشر في مساحة الزنزانة المغلقة، فتوقظني شظاياها، وكنت أستيقظ بسبب توتري، كما بسبب غبائي، وأحياناً كنت أفتعل النوم وعيناي تحملقان في سقف الزنزانة المضاءة بضوء أصفر باهت، سيؤدي حتماً للتأثير على البصر في قادم السنوات، وأضرب رأسي بأسئلة تزيد حنقي على نفسي، وتكشف لي غبائي المتأصل: “كيف إستطاعو إقناعي، وأنا الطبيب المتعلم، أن إعترافي سينقذ جلدي؟!!! لو لم أكن ضعيفاً لما صدقتهم، لو لم تكن لدي الرغبة بالإعتراف لما إعترفت”، وكنت أخلُص إلى النتيجة التالية في كل مرة، “أنني كنت أبحث عن مخرج لضعفي، عن مبرر أتكئ عليه، يُشكل لي حاملاً أو حتى “عكازاً” ضعيفاً متهلهلاً يحمل تبريراتي، ولو بصورة مؤقتة بين الناس، أتخطى به عجزي وضعفي وأجد بذلك ما يبرر خيانتي لنفسي، ومرات كنت أتساءل: أليس من السهل على مَنْ يخون نفسه أن يخون الآخرين؟” وأصل إلى النتيجة المؤلمة التي طالما هربت منها، “ربما، لو استمروا بضغطهم وتعذيبهم”، وللحق ومن باب الإنصاف، كان الأمر يربكني ويذهلني، فأحاول كبت تفكيري وأوقفه عن الجريان…وكان هو لا ينتبه ولا يعرف ما يدور برأسي، فلديه، في معظم لياليه على الأغلب، ما يضحكه، وبالتالي ما يبعده عن خلايا رأسي وتلافيفه، ولم أزعجه بدوري بسؤاله عما يُضحكه، يضحكه إلى درجة إنفجار ينابيع الدموع، فتتدفق وتكاد تكشف أسرار قلبه، وصار الأمر من طرفي مساومة مع نفسي، “أتركه أنا مع ضحكاته ليتركني هو مع آلامي وهمومي”.

بقي الأمر كذلك، حتى نقلونا سوياً إلى زنازين مدينة رام الله، وهناك، بقينا في الزنزانة رقم خمسة سوياً، مع ثلاثة من المعتقلين، ولما فرغ مكاناً في السجن نتيجة لحركة التنقلات الدائمة، ودعته قبل نزولي الى السجن، وتفاجأت بعد أيام من أحد “القادمين الجدد”، أن “حسّان” قد خرج إلى بيته…

عشرون عاماً مضت، ولا أدري لماذا كان طيفه يمر من فوق رأسي بين حين وآخر، وأنا في البيت أو أثناء دوامي في عيادتي الخاصة، وأحياناً وأنا أتمشى مع زوجتي في شوارع المدينة الفاجرة.

وها هو ينقض عليّ، يعانقني ويقبلني، كأنه رأى أخاً له، وأنا ،من باب رفع العتب، أضرب بكفي على كتفه، فتلك الأيام ماتت منذ زمن، بالنسبة لي على الأقل، ربما لأنني أريد أن أخفي تلك المرحلة من عمري، أن أقبرها وأهيل فوقها التراب، فما زلت أعتقد أن تلك التجربة لم تشرّفني، وأنها مرآة تريني رغم أنفي، هشاشتي وزيفي، والآن صرت متأكداً أن طيفه ظل يلاحقني ليريني أن أنصاف المواقف لا تليق بالرجال.

أصر على إصطحابي إلى مقهى مجاور، حيث تقابلنا لنشرب الشاي، وسألني عن أحوالي وعملي، إن كنت قد تزوجت وعدد أطفالي، ورأيتني أخبره كما في الأيام الخوالي، ونسيت تحفظي عليه أمام نفسي، وإختبائي خلف ضعفي، وصارت الكلمات تسيل من فمي بتأني، كانت تنز بأحرف متقطعة في أول الأمر، وتحدثنا طويلاً، وطلبنا الشاي مرةأخرى، وسألته بدوري، وعلمت أنه أعتقل أكثر من مرة من سلطة “أوسلو”، ومن ثم أعتقل إدارياً، وأن ذلك تم بتنسيق ما بين السلطتين، وقال أننا الآن في زمن آخر، زمن تحالف “إخوة الأمس مع أعداء كل يوم”، وفي هذا الزمن أنت تُراقَب بأربع عيون وليس بإثنتين فط، وتُسجن في سجنين بتحالف من سجَّانَين، وتُقتل برصاصتين، رصاصة من كان لك أخاً ورصاصة عدوكالدائم، وفي النهاية، الخير في “العربان” وزيتهم، الذين يدفعون بسخاء ليغطوا مصاريف الرصاص والسجون والتدجين والعلف…

كنت أعرف كل يقول، أو بالأصح كنت أراه، لكن كل ما خطر في ذهني في تلك اللحظات، شيء آخر مختلف عن كل ما يقول، بل إنني كنت لا أسمع ما يقول وأنا أحاول صياغة سؤالي بطريقة مناسبة، وألبسه بدلة ورباطة عنق كيلا يكون فجاً ومحرجاً، وكي لا أبدو وكأنني كنت أتجسس عل حركاته في تلك الليالي، قلت:

ـ في تلك المرحلة، كما تعلم، كنت أكاد لا أنام

قال:

ـ كنت أحس بك في الكثير من الأيام

قلت:

ـ كانت ضحكاتك تتفجر ينابيعاً، فتذيب الصمت المتوتر من على جوانب أذني، فأسمعها رغم أنفي…

عاد، رأيت ذلك بأم عيني، عاد إلى تلك المرحلة، وسرعان ما بدأ يضحك من جديد، وقال:

ـ هل أزعجتك ضحكاتي؟ هل أقلقت منامك؟

قلت:

ـ بالعكس، كنت أكبت أنفاسي وأعض على كلماتي، وأبقيت فضولي حبيس أدراج صدري كي لا أسألك لماذا تضحك؟

قال متداركاً:

ـ وتريد أن تعرف الآن سر ذلك؟

وأمام إبتسامته، رأيتني أهز رأسي بالإيجاب، فقال:

ـ في تلك الفترة الزمنية، وقبل إعتقالي بشهور، كنت أعمل مع مقاول عربي في الداخل الفلسطيني، وكان لديه عقداً بترميم بضعة بيوت في مدينة “ملبس” الفلسطينية التي أسموها “بتاح تكفا”، وهناك في شارع فرعي بإسم “يافو” كنت أقوم بتركيب الحوائط الجبسية، وكان صاحب البيت يروح ويجيء بين وقت وآخر، يحضر للمقاول ما يحتاجه من مواد البناء.

شرب شيئاً من كاسة شايه، وابتسامته معلقة كمصباح تحت شاربيه وتابع:

ـ حتى هذه اللحظة فالقصة عادية وطبيعية، وفي الأيام الأولى لوجودي في زنازين المسكوبية، كان أحد أفراد مخابراتهم يتعمد ضربي وإهانتي، كان دوره هو دور “الذئب” معي، فكان لا يترك لحظة إلاّ واستغلها في ضربي، خاصة أمام الآخرين، ليثبت لهم حسن أدائه، كما أن الأمر محمود لديهم مادام المتهم عربي، وكان هذا الرجل هو نفسه صاحب البيت الذي عملت فيه، أتتخيل الصدفة؟! لكنه لم يتذكرني، حتى أنه لم يفكر في ذلك، فهؤلاء من الغرور لدرجة لا يقيمون لنا وزناً، كما أنني في تلك الفترة لم أتعامل معه لا من بعيد ولا قريب، ولما كان يضربني في أحد اليام، وكنت مقيداً أمامه في الكرسي من يدي وقدمي، قفزت فكرة أمام عيني وشكلت سؤالاً صار يتفلت من على لساني، وقررت أن أرمي به في وجهه، وتذكرت والدتي عندما كانت ترمي بقتصتها هذه في وجه أيٍ كان في ظروف مشابهة، عندما كانت تُردد وتقول” قال الله للقرد أريد أن أسخطك، فقال القرد: أأكثر من ذلك يالله، إنني قرد وطيزي حمراء”، وقلت في نفسي “نعم …أكثر من القرد لن يخلق الله”، فحملت كلماتي ورميتها في وجهه وقلت:

سكب ما تبقّى من الشاي في حلقه مباشرة، كأنه يرمي بعيداً بما يُربك إكمال قصته وإتمامها، وتابع قائلاً، قلت للضابط بجدية كاملة:

ـ أتعتقد أنني لا أعرفك؟ أتعتقد أنك بعيد عن أيدينا؟ لقد صار إسمك وعنوانك في الخارج أيها الغبي، وقفت عيناه عن التحرك، وتسمرت يمناه، وبالكاد فتح فمه سائلاً:

ـ ماذا تقول؟ أتحادثني أنا؟

ـ أيوجد أحد غيرك في الغرفة معي؟

قلت مؤكداً وتابعت هامساً:

ـ ألست من بتاح تكفا؟ألا تسكن في شارع “يافو” رقم تسعة؟!!!

عادت يده إلى جنبه، تحول لون وجهه إلى لون الموت، كأنه، دفعة واحدة، فقد كل قطرات الدم منه، أو كأن الدم لم يعد قادراً على الصعود بعد أن إغلقت ابواب الشرايين أمامه، ولسانه الذي كان إلى قبل لحظات يتفنن بلسعي وجَلدي بكل ألوان الشتم، قد شل أو أنتزع من مكانه، وصار ينظر حواليه، وقال بصوت هامس راجف جبان:

ـ أرجوك… لدي زوجةوأطفال، إنني أقوم بعملي فقط…أرجوك

كان يتلفت مذهولاً مرعوباً، يقطر الجبن منه كما يرشح الماء من زجاجة مثقوبة، وقال من جديد:

ـ لن أمسك بعد الآن، وأنت إبق على ما أنت عليه، لا تعترف، وسأعمل على أن ينتهي التحقيق معك بأسرع وقت، ثق بي أرجوك…

ودون أن أنطق بكلمة، أكمل:

ـ إعتبر الموضوع منتهياً…

وصار أثناء شبحي يأتي ليخفف من ضغط القيود على يدي، وكان يُغرق زنزانتي بالسجائر، ولم تمر إلا أيام قليلة ورأيت نفسي بينكم في الزنازين، وكان التحقيق قد انتهى كما رأيت…

وأكمل مستغرباً:

ـ لم أكن أتوقع هشاشة هؤلاء الأوباش، لقد قلت ما قلت من باب الإستفزاز والإرباك، لكن للجبن قوانينه، كما للشجاعة قوانينها، ومهما عظمت القوة في يد الجبان وتضخمت، تكون مثل البالون فقط، فعماد القوة الشجاعة، وعماد الشجاعة الإصرار عل نيل الحق…

وتحدثنا وضحكنا، وعبثاً حاولت أن استضيفه في بيتي، لكن وقع كلماتي كان عليه جميل، وصرت أفكر بكلماته وأجلد نفسي، ” كيف استسلمت أمام مثل هؤلاء الجبناء؟ كيف استطاعوا هزيمتي، ولاحقاً دعوت الله ليساعدني في رد إعتباري لنفسي، وكنت متيقناً أن هذا لن يتم إلا بجولة جديدة من التحقيق.

محمد النجار

رأي واحد حول “ألا تسكن في بتاح تكفا؟

أضف تعليق