لم يبق في الخم إلّا ممعوط الذنب

تجهم وجهه فجأة حتى قبل أن أكمل عبارتي، كاد أن يتشنج، وقال:

لا، إنه ليس ممعوط الذنب، بل إن ذنبه يكاد يشبه ذيل البراق، لم أقصد المعنى الحرفي للكلمة كما تعلم…                ويبدو أنه أدرك أنه تورّط بسبب اندفاعه في الحديث، فحاول أن يضبط أعصابه أكثر، غبّ من كوم الهواء المتناثر حواليه، وأعاد صياغة كلماته من جديد

ـ نعم لقد أتحفنا ياسر عبد ربه بذلك الرد الرائع على من أرادوا توريطه بالإستقالة من لجنة منظمة التحرير التنفيذية، لذلك يحقدون عليه ولذلك أسماه البعض “ياسر عبد ياسر”، ونتيجة لعلاقته المميزة مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، أقول المميزة وليس التابعة، وكل ما يُقال حول تبعيته ليس له أي مصداقية، والمصداقية الوحيدة أنه كان ناصحاً مفكراً راسماً للبرامج، التي سرعان ما يتبناها المرحوم لدقتها وشفافيتها وعمق مشروعيتها النضالية. لذلك حقد عليه الحاقدون والمستسلمون الذين وصلوا للقيادة في غفلة من الزمن، حيث كان هو من يستحق القيادة وليس أحد آخر، الأمر الذي يعرفه القاصي والداني والذي ترك المرحوم  ياسر عرفات بها توصية مكتوبة حجبها هؤلاء الخلف الطالح عن الأنظار بشكل متعمد، وأكثر من يعرف بذلك حركة فتح وكوادرها وأعضاؤها وقياداتها الذين أوقفوا العمل بإغنية “أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها” تمهيدا لترئيس ياسر عبد …. “سأترك المكان خالياً كي لا نختلف، وكي لا تقاطعني” أقول لترئيسه للمنظمة وربما لفتح أيضاً، لإدراكهم لأهميته وصلابته وقوة شكيمته. وأمام أسئلتك الخبيثة حول رسالته ولماذا الآن يكشف بعضاً من صفحات أوسلو؟ ويكشف كيف أن السلطة لم تقدم شكوى لمحكمة الجنايات الدولية بسبب إحراق الرضيع علياً وأخوه وأبويه أحياء، بل قدمت مجرد توصيف ومعلومات لا تغني ولا تسمن من جوع، أقول أنه كشف ذلك الآن كونه ظل حريصاً على أسرار المنظمة من جانب وعدم نشر غسيلها المتسخ، كما أنه لم يرد أن يحرجها آملاً ان تصحح مسارها وتتراجع عن أفعالها القذرة من جانب آخر، لكن بعد أن رأى أن لا حياة لمن تنادي، أو على رأي المأثور الشعبي “يا طالب الدبس من ……. النمس”، قرر بأن ينشر شيئا من معلوماته كي تعود القيادة المتنفذة إلى رشدها وتعود عن إقالته، سائلة نفسها سؤالاً بديهياً واحداً: كيف يمكن أن تستقيم لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير خالية من إسم ياسر واحد على الأقل، ألا وهو ياسر عبد…، بعد أن أخذ الله أمانته من رئيس اللجنة التنفيذية ياسر عرفات؟ وكي لا تتعبني أكثر سأسرد لك صفحة واحدة من حياة هذا المناضل الكبير، علّ وعسى أن تفهم ولا تظل تستمع إلى أقوال المغرضين والجاحدين بهذه النعمة الإلهية على شعبنا والمسماة ياسر عبد….، أرجوك لا تنظر إليّ هكذا كي لاأنسى ما أريد قوله أو كي لا أخطىء وأردد أقوال البعض وأقول ياسر عبد ياسر…..

نعم لا تنظر إلي بهذا الإشمئزاز وكأني أسب الذات الإلهية، إنني أفرد أمامك رداً على ما يدور برأسك أنت وغيرك من الأسئلة من خلال صفحة حياته هذه، والتي تشبه إلى حدٍ كبير كلمات أغنية المطرب الشعبي حسن الأسمر التي تقول ” كتاب حياتي ياعين… ما شفت زيُّ كتاب… الفرح فيه سطرين …والباقي كله عذاب”، وتحسدونه “يللي ما تخافوا الله” على بضعة ملايين من الدولارات جمّعها بعرق جبينه أيها الحاقدون الحاسدون.                               اسمع وتعلم أيها المتفلسف، لقد بدأ هذا المغوار النضال منذ نعومة أظفاره، وأول ما قام به في حياته من مهمة نضالية هو المساهمة في شق صف اليسار الفلسطيني، حيث أراد سحب اليساريين من الجبهة الشعبية اليمينية في ذلك الوقت، أثناء وجود أمينها العام المرحوم جورج حبش في السجون السورية في ذلك الوقت، وعندما حرر المرحوم وديع حداد الحكيم من السجن بإحدى عملياته النوعية، كان من المحتجين على ذلك والرافضين لحضور المؤتمر الثاني للتنظيم رافعاً شعار” كان يجب إبلاغنا بتفاصيل العملية قبل البدء بها”، لا … ليس صحيحاً …الأمر يختلف عن مطالبة حكومة لبنان محتجة على حزب الله الذي لم يبلغها عن عملية اسر الجنديين قبل القيام بالعملية، إنه أمر مختلف، على كل حال، ولكي تعرف رصيده الجماهيري والحزبي في ذلك الوقت، أخبرك أنه قد حصل في المؤتمر الذي عقدوه بعد أن جمعوا كادرات الجبهة على أعلى الأصوات، وأعلى من الحكيم نفسه، هذا فقط لتعرف كم كان الجسم التنظيمي ملتفاً حولة!!!، ماذا؟ نعم لم تتم أي إنتخابات قاعدية حينها وأحضروا من يريدون للمشاركة في المؤتمر ، أم تريدهم أن يحضروا من يريد المرحوم وديع حداد و”جماعته”؟!!! وعلى كل حال ليس صحيحاً ما أُشيع بأن هذا هو أحد أسباب إضعاف اليسار الذي كان يوازي اليمين في ذلك الوقت، كما أنه ليس صحيحاً أنه من أوائل من وضع أسس المساومات من خلال النقاط العشرة ولا بموافقته على مؤتمر جنيف ولا بطرح الدولة المستقلة على حساب كامل التراب…. كل ذلك هراء. صحيح أنه فعل كل ما سبق، لكن من باب تثبيت مبدأ  “التكتيك” أيها الجاهل… أفهمت؟

ماذا؟ نعم إنني أؤمن بأن الله يمهل ولا يهمل، لكنني لا أوافقك الرأي أن ما تم في مؤتمر الإنفصال الذي عقده ليخرج من الديمقراطية هو بالشكل الذي يُشاع، الأمر بكل بساطة أنه عند حساب الأصوات في انتخابات المؤتمر كان هناك خطأ، وأن أحدهم كان قد تفوق عليه، الأمر الذي جعله هاج وماج وأرعد وأزبد محقاً، كيف لا وهو ياسر عبد ي…أن لا يحصل على أعلى الأصوات؟ فما كان من بعض رفاقه وجماعته إلّا أن يرفع أعمال المؤتمر، ويعيدون فرز الأصوات أكثر من مرة حتى يأخذ حقه ويعود مؤَيَداً مُسَيَدا للمؤتمر ويحصل على مُراده بأن يكون الحاصل على أعلى الأصوات، وبصراحة”مش معقول رئيس الحزب الجديد ومدبر أمره والصديق الشخصي للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ولا يحصل على أعلى الأصوات، لا إنه ليس تزويراً، إنه مجرد تعديل بالأرقام”، كما أن الأمر ليس محصوراً به، وصحيح أنه لا تجوز للميت غير الرحمة، لكن المرحوم الرئيس ياسر عرفات، في مؤتمر فتح الرابع ألم “يحرد” ويغادر المؤتمر احتجاجاً على نتيجة الإنتخابات القاعدية التي أفرزت الأغلبية للمرحوم أبي جهاد، وظل رافضاً الرجوع حتى عدّل موازين قوى المؤتمر بنفسه من خلال إغراق المؤتمر بمن أسماهم بالفعاليات الفلسطينية المستقلة، الذين كانوا مناصرين له!!! ثم لماذا تتحدث عنه لوحده؟ لقد كان الأمر وما يزال عادة عند القيادة الفلسطينية، ألم تر كيف فعلت القيادة الحالية عندما فازت حماس وما زالت تفعل؟ ألا ترى ماذا تفعل حماس بالمقابل كي تبقى مستأثرة بالقرار في غزة؟ ألم تسمع كم من المؤتمرات النقابية ألغيت نتيجتها لأن هذا أو ذاك من القيادة المتنفذة لم يستأثر بالقرار نتيجة فوز الآخرين؟ فألغوا النتائج كاملة عملاً بالمأثور الشعبي ” علي وعلى أعدائي” أو عملاً بقول الشاعر”إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر”، إذن لماذا، لماذا الإحتجاج عليه وحده؟ وكل ما فعله بالضبط كما يفعل الآخرون حتى لو وصل الأمر إلى “شعار” “شريك الخراء إخسر وخسّره” .

كما أن الأمر الذي لا يعرفه الكثيرون عن صاحبنا أنه هو من صاغ الجانب الإيجابي في أوسلو، أما الجانب السلبي من تنسيق أمني ومن نسيان للأسرى فكان من نصيب أبي مازن، وليس صحيحاً أنهما صاغاه سوياً وقدماه للرئيس عرفات، كما أن ياسر عبد …كان يرغب بعرضه على الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده قبل الموافقة عليه، لكنه تخوف مع الآ خرين من ظهور بعض جوانبه السلبية، الأمر الذي يمكن أن يفهمه الناس بشكل خاطىء، وبالتالي يفسد المشروع برمته.

إن المناضل ياسر أمين سر اللجنة التنفيذية في المنظمة، كان من أوائل من ابتدأوا الإتصالات مع الأمريكان، لكن ليس بأي ثمن ، كما فعلت قيادة المنظمة التي نتيجة إتصالاتها تلك غير المحسوبة، تم اختراق المخابرات لها، حيث تمكنت من  زرع أجهزة التنصت للموساد والcia في مكاتب الرئيس وبعض القيادات الأخرى، ولم يعرفوا أو يريدوا أن يعرفوا من أين أو كيف وصلت إلى مكاتبهم، لكنهم لم يستطيعوا ذلك في حالة ياسر عبد … أليس هذا بحد ذاته إعجازاً يستحق التكبير والتهليل؟ نعم الله أكبر ولله الحمد !!! وليس صحيحاً أنهم لم يكونوا بحاجة إلى معلومات عنه  لهامشية، ولا لأنه يصلهم ما يريدون بطريقة أيسر، ولا لأنهم يعرفون كيف وبماذا يفكر ودون جهود أو مصاريف إضافية، كل ذلك مزايدات رخيصة، لتشويه صورته الناصعة.

نعم، لقد أقام علاقة ندية مع القيادة المتنفذة وليس علاقة التابع بالمتبوع، أما مظاهر الفساد والعهر بالمعنى الحرفي للكلمة، وكذلك الإفساد وسرقة أموال الشعب وآخرها أموال التلفزيون الفلسطيني، فهي دعايات فارغة وكاذبة، وأنني أقسم لك، وليس من باب”قالوا للحرامي إحلف،  قال جاءك الفرج” بل بشكل صادق، أن ما يشاع هو في معظمه ـ كي أكون صادقاً ـ  ليس إلا تغطية على سرقات الآخرين، أم أنك تعتقد أن كل هذه الأملاك من معاشاتهم؟ أما ما يُشاع عن تغطيته على ما يُقال من غسيل الأموال التي يقوم بها رئيس الوزراء السابق الحمدالله، فهذا غير صحيحٍ أيضاً، صحيح أنه تربطه علاقة صداقة بالحمدالله بعد ترأس الأخير للحكومة، لكن نشأت الصداقة لخدمة الشعب ومصالحه، طبعاً أقصد مصالح الشعب وليس مصالح المناضل ياسر أو اخيه رئيس الحكومة، ثم لماذا لم يُعلنوا عن غسيل الأموال هذا إلّا بعد أن ترك الحمدلله رئاسة الحكومة واختلف مع الرئيس عباس؟ لماذا هذا الإستيقاظ المتأخر دائماً؟ إننا لم نعد سذجاً لنصدق كل أكاذيبهم.

ثم لماذا “كل ما دق الكوز في الجرة” يسحبون أحد أسلحتهم المُثلمة؟ أتذكر عندما وضعوا مخدراتٍ لأحد المناضلين على طريقة المخابرات المصرية التي عفا عليها الزمن؟ وهاهم يتهمونه بلقاء محمد الدحلان وكأن الدحلان ليس منهم واللقاء معه تهمة؟ فأنت خير من تعرف أنهم والدحلان كوم أوساخ مقسوماً بخيط، فلا فرق بين حرف الخاء سواء كان في أول الكلمة أو آخرها سوى بطول الذنب، فمثل هذه القيادات لا تستطيع أن تنتج إلاّ أمثال الدحلان أو أمثالهم، ثم ماذا يريد ياسر العبد من الدحلان مثلاً؟ فياسر والحمد لله أعطاه الله ثروة يستطيع العيش بها الف حياة وحياة، وهو ليس بحاجة لأموال الدحلان، والدحلان يستطيع حك جلده بظفرة داخل فتح، أم تعتقد أن المستفيدين من الشق السلبي لأوسلو الذي وقع عليه أبو مازن ولم يوقع عليه ياسر العبد … إنهم لا يفضلون الدحلان على أبي مازن أو العكس، إنهم يُفضلون أي شخص سيبصم بحافره للإسرائيليين مهما كان إسمه، بل ليس لإسمه أية أهمية، لأنهم يريدون أن يوقعوا ويقبضوا الثمن بالجملة وليس بالمفرق كما هو الآن وينتهوا من الأمر برمته، والدحلان هو الأكثر تأهيلاً والأكثر قبولاً اسرائيلياً وأمريكياً الآن كما تعلم، كما أنه بالتالي الأكثر دعماً من النظام الرسمي العربي وعلى رأسه نظام الحكمة، نظام آل سعود، وبرأيهم أن هذا الهرم أبو مازن لن يعيش للأبد، ولقد قام الرجل بدوره، والآن يريدون شخصاً أكثر انبطاحاً وأكثر شباباً وأكثر سمعاً وطاعة، وإن ظلت الأمور كما هي عليه الآن سترى بأم عينك ماذا سيحدث داخل عُش القيادة نفسها….

أما وثيقة التخلي عن حق العودة كما يحلو لك أن تسميها، فهي ليست كذلك، إنها مجرد اقتراح أو مبادرة أو سمها ما شئت، وكون ياسر العبد بقلب طيب، يمكنك القول أنه صدّق كلمات الصهيوني المتغلف بغلاف الحمل “يوسي بيلين”، الذي خدعه وجعله يوقع عليها دون قراءتها، وفي النهاية “جل من لا يُخطىء”، كما أنني أطالبك بأن تتذكر تصريحات الرئيس عباس كما تتذكر وثيقة ياسر  ـ بيلين، الذي أعلن تخليه عن حق العودة من على صفحة التلفاز بكل صفاقة ووقاحة ولم تعلق على ذلك بشيء، وكما ياسر أعلن رفضه لكل أنواع “الشَغَب والعمل المسلح الإرهابي، والإنتفاضات العنيفة”، كذلك أعلنها عباس، ولا أعتقد أن أجداً نسي عبارة “الصواريخ العبثية”لكنك أنت تريد أن تنسى،  وأظن أن الهجوم الذي قاده عباس على المقاومة لم تستطع إسرائيل نفسها القيام به رغم كل أخطبوطها الإعلامي، أليس كذلك؟ أم أنك ستنكر هذا أيضاً؟!!!ودعني أبوح لك بسرٍ يؤكد بأن كل ذلك وكل المواقف والتصرفات كانت دائماً وأبداً بطلب من الرئاسة بشكل مباشر، وأن ياسر” العبد” إن شئت لم يفعل سوى ما أُمر به ياسر “الحر”، زمن الرئيس ياسر عرفات ثم زمن الرئيس عباس، وأبوح لك بما هو أكثر، لو كان ياسر هو “ياسر عبد عباس” مثلاً، لما كان أقاله من لجنته التنفيذية أبداً، لكنه لا يستطيع التعايش مع الأنداد من أمثال ياسر العبد”وأقولها للإختصار فقط، كي لا يذهب ذهنك بعيداً”، والعبد ياسر على كل حال سيحاول جسر الخطوة بينه وبين الرئيس من أجل المصلحة الوطنية ، وليس لأسباب ذاتية وشخصية، وسيظل “العبد ياسر”، أقصد العبد لله ياسر عبد ربه طال الزمن أم قصر ومهما خبأ له القدر رمزاً من رموز الوطن التي تتغنى بإسمه كافة الجماهير…..                                                               وإنني أعلمك وأحذرك في ذات الوقت من مجرد التفكير ، بغير ما أوضحته لك، نحن صحيح ديمقراطيون، لكن لكل شيء حدود ، حتي في طريقة التفكير… أفهمت؟!!!

محمد النجار

أضف تعليق